العدد 183 -

السنة السادسة عشرة – ربيع الثاني 1423هـ – حزيران 2002م

أجوبة أسئلة صحفية

أجوبة أسئلة صحفية

نشرت صحيفة “الوطن” السودانية بتاريخ 07/05، العدد 527، على الصفحة الأولى عشرة أسئلة موجَّهة إلى حزب التحرير طالبة جواباً عليها، وقد برّرت توجيهها للحزب عبر صفحاتها بكونها لا تعرف عنواناً للحزب ترسل الأسئلة إليه.

وقد قام الناطق الرسمي للحزب بالسودان بتوجيه خطاب إلى الصحيفة المذكورة مرفقاً به أجوبة الأسئلة العشرة، وطالباً نشرها، فنشرتها الصحيفة بتاريخ 20/05/2002م، العدد 540.

         و«الوعي» تنشر هذه الأجوبة مع خطاب الناطق الرسمي الموجه للصحيفة الذي أرفقت الأجوبة به.

======================================

خطاب الناطق الرسمي

         السيد/ رئيس تحرير صحيفة الوطن المحترم ،

         السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ،

         بالإشارة للموضوع المنشور بصدر الصفحة الأولى بصحيفتكم بتاريخ الثلاثاء 25 صفر 1423هـ الموافق 7 مايو 2002م العدد رقم (527) والمشار إليه بالعنوان البارز:

(10) أسئلة موجَّهة لحزب التحرير

 

         فإننا نرفق إليكم ردودنا على هذه الأسئلة طالبين منكم نشرها في صدر الصفحة الأولى مكان الأسئلة المنشورة مع الإشارة لذلك بالعنوان البارز.

         ولكم منا جزيل الشكر.

   علي سعيد علي (أبو الحسن)

الناطق الرسمي لحزب التحرير

     في السودان


الأجوبة

 

         الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ،

         قبل الجواب على الأسئلة المذكورة، فإننا نذكر الملاحظتين التاليتين:

         الملاحظة الأولى: إنّ صاحب الأسئلة يقول (… هذا الحزب الذي لو كان معروف له مقراً أو مكاناً أو عنواناً لأرسلنا له أسئلتنا هذه، ولكن لا بأس والأمر كذلك أن نطرحها عليه عبر الرأي العام…) ننقلها بنصها كما هي.

         فهل حقاً لا يعرف صاحب الأسئلة عنوان الحزب في السودان؟!

         إن حزب التحرير في السودان له ناطق رسمي معلن اسمه وعنوانه، وله مكتب رسمي وهو مقر معروف له، كما أنه يصدر بيانات صحفية تتعلق بالأحداث الجارية، ومثبت على هذه البيانات عنوانه الكامل، وهذه البيانات ترسل إلى وسائل الإعلام والصحف، فهل لم يصل صاحب الأسئلة شيء منها؟ ثم إنّ الناطق الرسمي أعلن قبل بضعة أشهر عن عقد مؤتمر صحفي، وعيَّن المكان والزمان، ونشر إعلاناً بذلك في الصحف، وقد اعتقل الناطق قبيل انعقاده، وقد ذكرت ذلك صحف داخل السودان وخارجه، فهل لم يعلم صاحب الأسئلة بذلك؟

         على كلٍّ إنَّ جهل صاحب الأسئلة بالعنوان أو تجاهله له لا يضرنا بشيء، فحزب التحرير معروف داخل السودان وخارجه، كل ما هنالك أنّ هذا سيعطي جواباً لتساؤله في السؤال رقم (6) عن مسؤول حزب التحرير في السودان، أهو تحت الأرض أم فوقها، كما يقول صاحب الأسئلة، فلعل عنوان الناطق الرسمي المعروف المشهور بالغ الدلالة في أن حزب التحرير هو فوق الأرض، وأنّ صاحب الأسئلة تحت الأرض لا يدري ما يحدث فوقها.

         أما الملاحظة الثانية: فهي أنّ عدداً من الأسئلة المعروضة عجيب غريب، ولولا خُلُق الإسلام لقلنا إنّ أصل الأسئلة معدّ بلغة أجنبية، وإنّ صاحب الأسئلة ترجمها إلى اللغة العربية. فمن هذه الأسئلة ما هو أشبه بالمعاكسات التلفونية التي يقصد منها إزعاج صاحب البيت وليس الاستفسار عن حاله ووضعه. فمثلاً صاحب الأسئلة يسأل في السؤال رقم (1) عن معنى الكلمة الواردة في اسم حزب التحرير وهي كلمة (التحرير)، ويقول ما صلتها بكلمة (التحرير) الواردة في حركة قرنق؟ وإلى أي تحرير يهدف حزب التحرير، كما يقول؟ والسائل يعلم قطعاً أنّ هذه غير تلك وأن لا صلة ولا علاقة، وأن لا موقع للسؤال هنا ولا موضع. ومثلاً يقول صاحب الأسئلة في السؤال رقم (3) إن الحزب يدعو لإعادة الخلافة العثمانية التركية ويضيف وتركيا الآن فيها دولة علمانية بعيدة عن العودة للخلافة التركية! هكذا يحشر كلمتي (تركية) و(علمانية)، وهو لا شك يعلم أن لا صلة بين الخلافة والتركية والعلمانية. ومثلاً يقول في السؤال العاشر: هل للحزب نشاطات تجارية رأسمالها خارجي وهدفها تمويل أنشطة الحزب، وما هو العائد على الطرف الأجنبي – إن وجد – من وراء هذا النشاط؟ فهو يعطي صفة الحياد في السؤال بذكره – إن وجد – ليغطي بذلك سوء القصد في بداية السؤال. ويُلحظ مثل هذا في سؤاله الخامس عندما يقول (… أو تأتيه، أي الحزب، التوجيهات والتعليمات والتمويلات من الخارج)، وهكذا يتساءل بما يفيد الإثارة وليس الاستنارة.

         ومع ذلك فإننا سنأخذ الجملة التي ذكرها صاحب الأسئلة، في خاتمة أسئلته، وهي جملة: (والله من وراء القصد)، نأخذها على ظاهرها، ونفترض حسن النية عند صاحب الأسئلة وأنه يريد معرفة الحقيقة كما قال، ونجيبه قائلين:

         l جواب السؤال الأول:

         حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام، وغايته استئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة التي تطبق الإسلام كاملاً في الحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع وكل شؤون الحياة، والتي توحد بلاد المسلمين في دولة واحدة في ظل راية واحدة، وخليفة واحد لتعود الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس، وتكون الدولة الإسلامية الدولة الأولى في العالم، تحمل الإسلام إليه بالدعوة والجهاد، فتنشر الحق في ربوعه وتقيم العدل في أرجائه.

         أما مدلول كلمة (التحرير) التي اتخذها سمة له فهي تحرير البلاد والعباد من قيادة الكافر المستعمر الفكرية، واجتثاث جذوره الثقافية والسياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها من تربة البلاد الإسلامية. ولأن الدولة لا تكون دولة إسلامية بالمعنى الشرعي حتى لو طبقت الإسلام إلا إذا كان أمانها بأمان الإسلام، أي أن يكون السلطان الفعلي هو للإسلام، فلا نفوذ فيها للكافر المستعمر من أي شكل كان، عليه فإنَّ الحزب ركز على كون (التحرير) صفة ملازمة له لا تنفك عنه، ولذلك كان كشف خطط الدول الكافرة وعملائها من حكام المسلمين التي تحاك ضد الأمة والعمل الجاد لإحباطها والقضاء عليها هو من الأعمال المهمة للحزب المذكورة في قانونه الإداري، بالإضافة للتثقيف بالإسلام وتبني مصالح الأمة حسب أحكام الشرع.

         أما كلمة (تحرير) الواردة في حركة قرنق فهي تعني تحرير السودان، البلد المسلم، من سلطان الإسلام فيه، وجعله يدور في فلك الكفار المستعمرين، تابعاً لهم، وعميلاً منفذاً لخططهم، ومحققاً لمصالحهم.

         ومن الواضح أن لا صلة بين الأمرين، وكان من الممكن أن لا نجيبك على الفرق بينهما لولا أننا ألقينا جانباً الدافع للسؤال، وافترضنا حسن النية كما أسلفنا.

         l جواب السؤال الثاني:

         نشأ الحزب في القدس عام 1372هـ – 1953م على يد مؤسسه الجليل الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله، وخلفه بعد وفاته الشيخ عبد القديم زلوم وهو أمير الحزب الحالي.

         والحزب غير مرخص لا في فلسطين ولا في الأردن ولا في غيرها من بلاد المسلمين، فهو يدعو إلى إحلال نظام الخلافة محل النظم الوضعية الحالية. والخلافة تحاربها الدول الكافرة المستعمرة ويحاربها كذلك عملاؤها من الحكام في بلاد المسلمين. وهي تقض مضاجع الكفار وعملائهم لأنها تجعل للمسلمين قوة وعزة ومنعة، وهذا يغيظ أعداء الإسلام، فلا يرخّصون الحزب.

         أما عن فلسطين فهي بلد إسلامي احتله الكفار (اليهود) وأنشأوا كياناً على أرضه، والحكم الشرعي في هذه الحالة أن تُتخذ حالة الحرب الفعلية مع يهود إلى أن يقضى على كيانهم وتعود فلسطين كاملةً إلى ديار الإسلام. وعلى جيوش المسلمين أن تتحرك للقضاء على كيان يهود ونصرة فلسطين. وكل حاكم لا يحرك الجيش لقتال يهود يكون مرتكباً جريمةً كبرى، كما أن كل حاكم ينهي حالة الحرب الفعلية مع يهود، ويوجد أية علاقة سلمية معهم كأن يعترف بهم أو يعقد أية اتفاقية تجارية أو اقتصادية أو أي شكل من أشكال التطبيع، أو يفاوضهم وأشباه ذلك، يكون بذلك خائناً لله ولرسوله والمؤمنين.

         وعلى الأمة، ونحن منها وفي مقدمتها، أن تعمل على استمرار حالة الحرب الفعلية حتى يقضى على كيان يهود في فلسطين (دولة إسرائيل) وتعود فلسطين من نهرها إلى بحرها كاملةً إلى ديار الإسلام.

         l جواب السؤال الثالث:

         إن الحزب يعمل لعودة الخلافة الراشدة التي تحكم بالإسلام، وتحمله للعالم بالدعوة والجهاد، فتقيم العدل، وتنشر الخير في ربوع العالم.

         وقولك إن الحزب يريد إعادة الخلافة التركية فهو قول مغلوط، ولعل مبعث السؤال جاءك من أن آخر دولة خلافة إسلامية قضي عليها أوائل القرن الماضي كانت الخلافة العثمانية، وعاصمتها كانت استانبول، فأطْلقت (التركية) بدل (العثمانية)، والفرق كبير. فالتركيَّة: تشير إلى القومية، والإسلام لا قومية فيه بالمعنى المعروف فالله سبحانه يقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [الحجرات/13]، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى». أما ما أطلق على الدولة الإسلامية في عصورها مثل: الأمويين، والعباسيين، والعثمانيين، فكان ذلك للدلالة على من كانوا خلفاء ذلك الوقت، وأما الحكم فقد كان على أساس الإسلام، وليس على الأساس القومي، حيث كان في الدولة الإسلامية في كل عصورها العربي، والعجمي الفارسي والتركي…الخ.

         وأما حشر (تركيا العلمانية) الحالية في موضوع الخلافة فهو مغلوط كذلك، فتركيا العلمانية قائمة على أساس قومي، يفصل الدين عن الحياة. والخلافة قائمة على أساس الحكم بالإسلام للرعية وليس على أساس قومي، فهي ليست لقوم مخصوصين. وكذلك فإنَّ الخلافة تحكِّم الدين في كل شئون الحياة، أي تحكِّم الإسلام في علاقة الإنسان بربه، وبنفسه، وبغيره من الناس.

         أما قولك إن الخلافة شكل متخلف لا يناسب العصر فهو أشد غلطاً، وأعظم منكراً، ويكفيك جواباً على ذلك أن نظام الخلافة قائم على الحكم بالإسلام الذي أنزله الله سبحانه رحمةً للعالمين. فالخالق هو الذي يعرف ما يصلح مخلوقاته، ويعالج مشاكلهم العلاج الصحيح. والاحتكام إلى الإسلام فرض فرضه الله سبحانه، وآيات الحكم بالإسلام كثيرة مستفيضة، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته في ذلك، وسيرة الخلفاء الراشدين من بعده، كل ذلك لا يجعل مجالاً لمسلم يؤمن بالله ورسوله أن يرى أو يقول إن نظاماً وضعياً خير من نظام الإسلام.

         ولقد كانت الدولة الإسلامية في كل عصورها منذ أن أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة إلى أن قضي عليها أوائل القرن الماضي، كانت الدولة الأولى في العالم، قوية بربها، عظيمة بدينها، عادلة في حكمها تنشر الخير حيث حلَّت، إلا في فترات متفرقة لا تقاس في عمر الأمم، مثل ما حدث زمن الصليبيين والتتار، وأواخر الدولة العثمانية حيث ظهرت القوميات وضعف الاجتهاد فسهل القضاء عليها، وما عدا ذلك فقد كان المسلمون مطمئنين في عيشهم، يحترمهم الصديق، ويخافهم العدو، بلادهم مصونة، وجيشهم حارس للثغور، يجاهد في سبيل الله، ويفتح الفتوح ويقيم العدل حيث حلّ. لقد كانت عصور الإسلام زاهرة مضيئة بالعلم والفكر والفقه والخير، لا يشهد بذلك المسلمون فحسب بل من الأعداء من شهد بذلك، وهو مثبت معروف في كتب التاريخ المعتبرة. أما الذين يعتمدون في معلوماتهم وأقوالهم على ألف ليلة وليلة وديوان أبي نواس والأغاني لأبي فرج الأصفهاني فإنهم يجهلون ذلك.

         أما لماذا يصر حزب التحرير على العمل لإيجاد الخلافة والحكم بالإسلام، فذلك لأن الله سبحانه أوجب ذلك في آيات كثيرة منها (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) [المائدة/49] وقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء]. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «… ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةً جاهلية» والبيعة في الإسلام لها مدلول شرعي وهو بيعة الخليفة، فمن لم يبايع خليفة إن وجد، أو لم يعمل لإيجاد الخلافة في حال عدم وجودها، فميتته جاهلية للدلالة على عظم فرض الخلافة حتى إن الفقهاء يطلقون عليها تاج الفروض لأن بها تقام الأحكام وتحفظ بيضة الإسلام، وهذا ما سار عليه الصحابة رضوان الله عليهم، فقد باشروا بانتخاب الخليفة في سقيفة بني ساعدة قبل أن يدفنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفنوا الرسول صلى الله عليه وسلم بعد بيعة أبي بكر رضي الله عنه خليفة للمسلمين. فالقرآن والسنة وإجماع الصحابة يؤكد هذا الفرض العظيم: إقامة الحكم بما أنزل الله بإيجاد دولة الخلافة التي تنفذه وتحميه.

         لهذا كله يعمل حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية بإعادة دولة الخلافة الراشدة وعمله هذا ليس ترفاً فكرياً لمجرد العمل، بل إنَّ الحزب مطمئن بعودة الخلافة الراشدة كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الإمام أحمد «أول دينكم نبوة ورحمة ثم خلافة على منهاج النبوة فيرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله لها أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تعود خلافة راشدة».

         أما قولك أن لا مجال لحكم الفرد باسم الدين والدنيا بل تواضع الناس على حكم الشورى والديمقراطية والجماعة، فإن هذا القول يدل على أنَّ التباساً حدث عندك بين الحكم والشورى. فالحاكم (الرئيس الذي يتخذ القرار) هو واحد في النظم الإسلامية وغير الإسلامية، فلا تتعدد صلاحية اتخاذ القرار والقيادة. أما الشورى فهي غير الحكم بل إعطاء الرأي في جميع الحالات الملزم منها وغير الملزم حسب أحكام الشرع. والشورى أمر عظيم في الإسلام، وجدت قبل أن يفكر الغرب فيها، فالله قد أمر بها (وأمرهم شورى بينهم) [الشورى/38]، (وشاورهم في الأمر) [آل عمران/159]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد استشار الصحابة، وسار على ذلك الصحابة الكرام والخلفاء من بعدهم.

         أما ذكرك للديمقراطية مع الشورى، فهو خلط للحابل بالنابل، فالديمقراطية ليست فقط أن ينتخب الناس حاكمهم كما يُروَّج لذلك في بلاد المسلمين لتضليلهم عن حقيقتها بل كذلك، وهو الأهم فيها، أن يضع الشعب قوانينه ويحتكم إلى أنظمة وضعية ما أنزل الله بها من سلطان تفسد أكثر مما تصلح، ويكون هذا احتكاماً إلى أنظمة كفر لم يشرعها الله سبحانه، لأن الحكم والتشريع لله (إن الحكم إلا لله) [يوسف/40]، فالديمقراطية تجعل التشريع للبشر والإسلام يجعل التشريع لرب البشر (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) [النساء/65] فالديمقراطية تشرع من دون الله وهي نظام كفر بهذا المعنى، وقد حاول المضبوعون بثقافة الغرب أن يسوِّقوها في بلادنا على اعتبار أنها انتخاب الحاكم ومحاسبته وأخفوْا الأمر الأهم فيها وهو التشريع من دون الله.

         أما في الإسلام فالأمر جلي واضح: السلطان للأمة فهي التي تنتخب حاكمها وتبايعه بالرضا والاختيار ولكن السيادة للشرع، فالدستور والقوانين تؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه وليس من وضع البشر.

         l جواب السؤال الرابع:

         إن حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام، فهو ليس تنظيماً عسكرياً يقوم بالأعمال المادية. ومن المعروف أن التنظيمات العسكرية والأعمال المادية هي التي تتطلب أموالاً باهظة. أما حزب التحرير فحزب سياسي، يدعو إلى الإسلام، ويقوم بالصراع الفكري والكفاح السياسي، وهذه الأعمال لا تتطلب أموالاً كبيرة، بل إن تبرعات شباب الحزب، التي هي المصدر الوحيد لأمواله، تغطي الأعمال السياسية التي يقوم بها الحزب. كما أنّ الحزب وشبابه لا يعيشون الحياة التي تتطلب نفقات عالية. ولو تتبعت أعمال الحزب السياسية، وحياة الحزب وشبابه لكفاك ذلك عناء السؤال عن أموال الحزب.

         l جواب السؤال الخامس:

         سنضرب صفحاً عن دوافع السؤال ونجيب: حزب التحرير حزب واحد وله فروع في البلاد الإسلامية، وله قانون إداري ينظم أعماله الإدارية، وتشكيلاته الحزبية، واتخاذ القرارات وكيفية انتخاب أمير الحزب ومجالس الفروع. والحزب يتبع الأحكام الشرعية المتعلقة بأمور القيادة الفردية والشورى الجماعية، والقانون الإداري للحزب خالٍ من التعقيد، وهو سهل بسيط.

         l جواب السؤال السادس:

         حزب التحرير يعمل في الأمة ومن خلالها، فهو ليس معزولاً عنها. وهو يتصل بكل شرائحها: الجماعات والأفراد، فاتصاله حي بالجماعات السياسية والجامعات وأساتذتها والمدرسين والطلاب والمفكرين والمثقفين والمؤثرين وجميع القطاعات ما وسعه إلى ذلك من سبيل. لكنه لا يتحالف مع أية جماعة لا تلتزم بالإسلام في كل نشاطاتها، كما أنه لا يقر أنظمة الحكم الحالية، ولا الأحزاب المشتركة في الحكم بغير ما أنزل الله. وهو حزب سياسي قائم على السياسة والفكر طبقاً لمبدأ الإسلام، يحاسب الحكام ويدعو للإسلام، ويناقش كل حركة إسلامية بالحسنى لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، حارساً للإسلام، ومبيناً للأمة مؤامرات الكفار المستعمرين وعملائهم، وعاملاً مع الأمة ومن خلالها للوقوف في وجه مؤامرات الكفار وعملائهم، والمتابع لأعمال الحزب يدرك ذلك إدراكاً واضحاً.

         l جواب السؤال السابع:

         للحزب ناطق رسمي في السودان معروف اسمه وعنوانه ومكتبه، وكل ذلك مثبت على البيانات الصحفية التي يصدرها، فإن كان صاحب الأسئلة فوق الأرض فسيجد الناطق، أما إن كان صاحب الأسئلة تحت الأرض فإنّه لن يجد الناطق هناك.

         l جواب السؤال الثامن:

         حزب التحرير حزب سياسي مبدؤه الإسلام، الرجال والنساء فيه سواء، فالمرأة مكلفة بالأعمال السياسية من أمر بمعروف ونهي عن منكر، ومحاسبة للحاكم، وتَنْتخب وتُنْتَخب في مجلس الشورى كالرجل. والأحكام الشرعية تنتظم الاثنين إلا ما خَصَّ الشرع الرجل والمرأة ببعض الأحكام الشرعية المناسبة لخِلْقتهما. وما عدا ذلك فهم أمام الأحكام الشرعية سواء، فالتعليم حق للمرأة كما هو حق للرجل، ولها شخصيتها المالية المستقلة، تُنمّيها بالبيع والشراء والشركات وسائر العقود كالرجل حسب الأحكام الشرعية.

         أما سؤالك عن طالبان فإن لها تنظيمها الخاص وطريقتها للعمل، وحزب التحرير له تنظيمه الخاص وطريقته للعمل التي فهمها من طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم المتضمنة عدم استعمال الأعمال المادية في حمل الدعوة الإسلامية لإقامة الدولة.

         فطالبان شيء وحزب التحرير شيء آخر.

         l جواب السؤال التاسع:

         حزب التحرير يرى أن الناس مسلمون لا يحتاجون إلى قوة لإدخالهم في الإسلام فهم مسلمون، ولكنهم يحتاجون إلى أن يحكموا بالإسلام بإقامة دولة الخلافة بالطريقة التي أقام بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الدولةَ الإسلامية في المدينة، أي إقامة الدولة الإسلامية عن طريق الأمة بطلب نصرة أهل القوة فيها، فالحزب يطلب أن تنصره الأمة لا أن يقاتلها وينتصر عليها.

         أما لفظ المجتمع فهو اصطلاح له مدلول متعلق بالنظام المطبق والأفكار والمشاعر السائدة فيه، فإن كان النظام المطبق رأسمالياً وكانت الأفكار والمشاعر السائدة رأسمالية كان المجتمع رأسمالياً، وإن كان النظام المطبق هو نظام الإسلام وكانت الأفكار والمشاعر السائدة إسلامية كان المجتمع مجتمعاً إسلامياً وهكذا وبناءً على هذا المعنى الاصطلاحي فإن المجتمعات الحالية في البلاد الإسلامية لا لون واحد لها، فالناس مسلمون ولكن أنظمة الحكم المطبقة عليهم ليست إسلامية فهو مجتمع ألوانه متداخلة، لكنّه لا يطلق عليه مجتمع كافر لأن الناس فيه مسلمون.

         ونحن نعمل جاهدين، وعلى كل مسلم أن يعمل، لجعل المجتمع في بلاد المسلمين نقياً صافياً تطبق عليه أحكام الإسلام وتسوده الأفكار والمشاعر الإسلامية، ليكون مجتمعاً إسلامياً، منارةً للهدى، وعنواناً للتقوى، وملاذاً للمظلوم يؤخذ له الحق، وحرباً على الظالم يؤخذ الحق منه.

         l جواب السؤال العاشر:

         نكرر افتراض حسن النية ونقول: لا توجد للحزب أية نشاطات تجارية لا داخلية ولا خارجية فهو لا يقوم بأي عمل إلا حمل الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة بالطريقة التي أقام بها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الدولةَ الإسلامية في المدينة، أي دون استعمال الأعمال المادية أثناء حمل الدعوة بل بالصراع الفكري والكفاح السياسي وطلب النصرة على أساس الإسلام حتى يحقق غايته بإذن الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *