العدد 182 -

السنة السادسة عشرة – ربيع الأول 1423هـ – أيار وحزيران 2002م

كوارث مؤتمرات القمة

كوارث مؤتمرات القمة

    تصاب الأمم والبلاد بالكوارث والزلازل، فتصيب منها مقتلاً، فيقضي أناس، وتهدم مبانٍ، وتغلق مصالح.

    أما بلاد المسلمين فتصيبها كوارث من نوع جديد، وزلازل من طراز غريب.

    لقد ابتليت بحكام لا يعرفون لله مقاماً، ولا لرسوله إكراماً، ولا لعباد الله أمناً وأماناً.

    اعتاد الناس إذا اجتمعوا أن يكون في اجتماعهم قوة، وإذا اتفقوا كان في اتفاقهم عزّة:

تَأْبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّراً               وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّـرَتْ آحَـادا

     إلا هؤلاء الحكام:  إذا اجتمعوا ضعفوا وخانوا، وإذا اتفقوا ذلوا وهانوا.

    بالأمس اجتمعوا في بيروت في قمة تمخضت عن شر مستطير، وجاءت بإفك كبير، فأقرّت مبادرة تعلن بيع معظم فلسطين بيعاً صراحاً، تستجدي يهود في جزء من الأرض المباركة استجداء تعدّه نضالاً وكفاحاً، ومع ذلك ترفض يهود استسلامهم هذا وتطالبهم بالمزيد، وتقابلهم بالمجازر تلو المجازر واغتيال الشهيد تلو الشهيد.

    ثم كان اجتماعهم أمس في شرم الشيخ، دول الطوق بل التصدي والصمود!، فزادوا الجريمة جريمة، وما أخفوه من قبل أعلنوه من بعد، فجعلوا العمليات الاستشهادية عمليات انتحارية، وجعلوا مقاومة الاحتلال عدواناً وإثماً، ورَفْض كيان يهود صار عندهم رجعية وظلماً.

    ومع ذلك لم يستحيوا من الله ولا من عباد الله، بل قالوا إن ما فعلوه فتح مبين، وأشاروا بأصابعهم علامة النصر العظيم، قلبوا الحقائقَ: فكان الكذب والخيانة عندهم صدقاً وأمانةً، والذل والاستسلام شجاعةً وسلاماً «يأتي على الناس سنوات خدَّاعات يؤتمن فيها الخائن ويُخَوّن فيها الأمين، ويُصَدّق فيها الكاذب ويُكَذّب فيها الصادق، وينطق في الناس الرُّويْبضة قالوا وما الرُّوَيبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتحدث في أمر العامة». نعم إنهم رويبضات خونة ظلمة (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [الشعراء] .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *