النصرة فرض عظيم… أجره عظيم…
والصدّ عنه صدّ عن إقامة الحكم بما أنزل الله
عبد الله عبد الرحمن (أبو العز)
عضو مجلس الولاية لحزب التحريرفي ولاية السودان
إن الأمة الإسلامية أمة حية ذات رسالة تعيش من أجلها، وهي لن ترضى بالذل والهوان التي هي فيه اليوم. وما أن تبدر بادرة للنصر في أي مكان من العالم إلا ونجد قلوب المسلمين وأنظارهم تتجه صوب المصدر وتدعو الله أن ينصر المسلمين على القوم الكافرين، حتى الفسقة من الأمة إذا قاموا بأي عمل ضد الكافر المستعمر نجد أن الأمة أيضاً تقف معه وتقول لعل الله ينصر هذا الدين بالفاجر! كما حدث عند غزو أميركا للعراق بعد دخول العراق إلى الكويت فإن أنظار الأمة اتجهت نحو العراق وتدعو الله أن ينصر صدام وأهل العراق على التحالف بقيادة أميركا وبريطانيا رغم ما تعرف من ظلمه وإجرامه، وهذا إن دل فإنه يدل على أن كره المسلمين للغرب الكافر لا يعلو عليه كره. وعندما حاربت أميركا أفغانستان والعراق وقفت هي مع مجاهدي أفغانستان والعراق ضد أميركا، ووقفت الأمة أيضاً مع حزب الله في حرب حزيران ضد يهود، وكل ذلك لأن الرأي العام للعقيدة الإسلامية والجهاد موجود عند الأمة، وأضحت تنتظر من ينصر دينها ويهزم أعداءها في ساحات الوغى، لتعيد مجدها السليب وتقتعد ذراه. فأمة الإسلام وحدها من تستحق أن تقتعد هذا المقام، لأمر الله لها بذلك ووعده سبحانه بنصرها، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا) [الفتح 28].
في مقابل هذه المشاعر الإسلامية الطاغية، فإن الشرع قد أمر الأمة أن تنصر دينها، وذلك بجعل السلطان والقوة والمنعة في خدمة تطبيق الإسلام وتنفيذه وحمايته بالجهاد في سبيل الله وحمله كذلك إلى العام رسالة بالدعوة والجهاد. فقد أمر الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يدعو الله أن يهيئ له من ينصره، فقال سبحانه في سورة الإسراء: (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا) [الإسراء 80] قال الإمام ابن كثير في تفسيره وقوله: (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا) قال الحسن البصري في تفسيرها: وعده ربه لينزعنّ ملك فارس وعز فارس وليجعلنَّه له، وملك الروم وعز الروم وليجعلنّه له. وقال قتادة فيها: إن نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علم أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطانًا نصيرًا لكتاب الله، ولحدود الله، ولفرائض الله، ولإقامة دين الله؛ فإن السلطان رحمة من الله جعله بين أظهر عباده، ولولا ذلك لأغار بعضهم على بعض، فأكل شديدهم ضعيفهم.
ولكن مما يندى له الجبين أن التطبيق العملي لهذا الواجب وهو نصر دين الإسلام لتطبيقه وحمله فيه تقصير، من قبل أمة الخير! بل من العجيب أن يُهاجَم بعض أبناء الأمة العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية من أبناء الأمة الصادقين ويعتبرون أن طلب النصرة جريمة منكرة لا يجوز أن يعمل لها؟!
ففي قناة الجزيرة تم بث برنامج في حلقات أطلق عليه اسم (إسلاميون)، تم فيه انتقاد حزب التحريرالذي يعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة ويطلب النصرة ممن بيدهم القوة والمنعة، فذكر ياسر الزعاترة- أحد الذين تمت استضافتهم- بأن حزب التحريرما أن يسمع برئيس جديد إلا ويهرول إليه ليطلب منه النصرة، مما يعرضهم للقتل والسجن، واعتبر الزعاترة إن هذا العمل عمل ساذج؟ وقبله نقدت ما تسمى بـ(الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة)، حيث جاء فيها: «هذا ويأخذ الدارسون على الحزب عدة أمور منها: اعتماد الحزب على عوامل خارجية في الوصول إلى الحكم عن طريق طلب النصرة، والتي قد يكون فيها تورط غير متوقع».
كانت هذه بعض التهم على مسألة طلب النصرة.
والواجب علينا بوصفنا مسلمين ألا نحكم على الأفعال من عند أنفسنا، فالذي يحكم على أفعالنا ويبين الحسن أو القبيح من الأفعال هو الشرع وحده، ولا يجوز لكائن من كان أن يقدم رأيه بين يدي الله ورسوله في التشريع، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات 1].
إن القضية الماثلة الآن هي إقامة دولة الخلافة، وقد اتبع القدوة المهداة رسولنا (صلى الله عليه وآله وسلم) طريقاً معيناً لتمكين هذه الدولة وإقامتها، وقد سار النبي عليه الصلاة والسلام في ثلاث مراحل:
1) التثقيف
2) التفاعل وفيها طلب النصرة،
3) تسلم الحكم،
والذي نحن بصدده في هذه المقالة هو شرعية طلب النصرة، وأنها من صميم ديننا الحنيف. ذلك أن الله سبحانه لم يمدح فقط المهاجرين بل مدح معهم الأنصار رضي الله عنهم أجمعين مخصصاً لهم مقالاً ومقاماً، قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [الأنفال 72].
إن طلب النُصرة يعني العمل على تلمُّس مراكز القوة والجماعات التي تقوم بدورها في حمل الدعوة وحمايتها وإيصالها إلى بر الأمان، وإلى الغاية المنشودة في قيام الدولة.
وقد ابْتُلِيَ المسلمون فيما يتعلق بهذه النقطة بالذات بعدم التفريق بين الوسائل والأساليب والأحكام الشرعية والخلط الشديد بينهما. فالوسائل والأساليب ترجع إلى إبداعات العقل فيما يتعلق بأمور الدُّنيا ويمكن الاستفادة من أي وسيلة أو أسلوب استخدم في العالم، فهي من المباحات، أمَّا الأحكام الشرعية فهي وحيٌّ من الله تعالى ولا يجوز أنْ نأخذ أي أحكام أو قوانين أو معالجات لأي مسألة في واقعنا من غير الوحي. فمثلاً، اعتبر كثير من الناس أنَّ طريقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الوصول إلى الدولة من الوسائل والأساليب. لذلك أطلق بعض أبناء الأمة العنان لأفكارهم فأخذوا يحسِّنون ويقبِّحون كيفما شاؤوا مع أن موضوع الحكم من التشريع، وكيفية إقامة الدولة الإسلامية من التشريع أيضاً. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من أمر دينكم فخذوه، وما أمرتكم به من أمر دنياكم فإنما أنا بشر».
إنَّ عرَضَ النَّبيِّ نَفْسَهُ عَلى القبَائِل ِ كَي يَنصُرُوهُ وَيَمنَعُوهُ لِيُبَلِّغَ رِسَالةَ رَبِّهِ هُوَ أمْرٌ مِنَ اللهِ تعَالى, وَهُو جُزءٌ جَوهَرِيٌ لا يَتجَزَّأ مِنَ الطَّرِيقَةِ الشَّرعِيَّةِ لإقامَةِ دَولَةِ الإسلام ِ.
فهُوَ ليَسَ رَأيا ً رَآهُ رَسُولُ اللهِ أو جَاءَ بهِ مِنْ عِندِهِ , بَلْ هُو أمْرٌ إلهيٌ حَدَّدَهُ الشَّرْع ُ وَجَاءَ بهِ الوَحْيُ مِنَ اللهِ تعَالى, فهُوَ حُكمٌ شَرْعِيٌ يَجبُ الالتزَامُ بهِ كمَا التزَمَ بهِ رَسُولُ اللهِ، وكان ما قام به من عرض نفسه على القبائل وطلب النصرة هي الناحية العملية التي التزمها رسولنا عليه الصلاة والسلام، وهي تتفق مع آية الإسراء التي تأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدعاء ليتحقق النصر فكان العمل المواكب للدعاء، وهو القيام بالعمل الفعلي وهو طلب النصرة.
ولَقَدْ عَرَضَ رَسُولُ اللهِ نَفسَهُ عَلى القبَائِل التَّالِيَةِ:
-
بَني كِندَة. 2. بَني فزَارَة. 3. بَني نَضْر بن هَوَازن 4. بَني كَلب 5.بَني مُرَّة. 6. بَني بَكر بن وَائِل.7. بَني حَنيفَة. 8. بَني سُلَيم. 9. بَني عَمْرو بن عَوف.10. بَني سَلمَة. 11. بَني شَيبانَ. 12. بَني الحَارِثِ بن كَعْب13. بَني هَمَذان. 14. بَني ثعلبَة. 15. بَني عَامِر بن صَعْصَعَة.16. بَني عَبْس. 17. أهل ثقيف. 18. بَني قَيْس بن الحُطيم.19. بَني غَسَّان. 20. بَني عُذرَة. 21. الأوس 22. َالخَزْرَج.23. بني محارب بن خصفة 24. بني نصر 25. بني البكاء 26. والحضارمة.