العدد 282 - 283 -

العدد 282 – 283 ، السنة الرابعة والعشرون، رجب وشعبان 1431هـ، الموافق تموز وآب 2010م

حزب التحرير والخلافة في نظر الغرب

حزب التحرير والخلافة في نظر الغرب

 

أبو مصعب الشمال

لا يكاد يمر وقت قصير حتى يكون ذكر الإسلام، الخلافة، حزب التحرير على ألسنة السياسيين والمفكرين والكتاب ومراكز الأبحاث في الغرب، نذكر منها:

1– نشرت مجلة يوراسيا ريفيو للأخبار والتحليل مقالاً للكاتب إمانيويل كراغيانيس بعنوان: الإسلام السياسي في آسيا الوسطى والدور الذي يلعبه حزب التحرير.

والكاتب إمانيويل كاراغيانيس هو بروفيسور مساعد في السياسة الروسية والاتحاد السوفياتي سابقاً، في جامعة مقدونيا في سالونيك في اليونان، ويعمل أيضاً كمفتش في جامعة ميريلاند في مركز ستارت، ألف كتاباً جديداً عن حزب التحرير في آسيا الوسطى، وأسماه الإسلام السياسي في آسيا الوسطى والتحدي الذي يشكله حزب التحرير. أهم ما جاء في المقال:

يُعتبر حزب التحرير واحداً من أسرع الأحزاب الإسلامية السُنية نمواً في العالم،غالباً لا يتم تناوله من قبل المراقبين بالتحليل والتمحيص الدقيقين، بسبب عدم استخدام الحزب العنف للوصول إلى التغيير السياسي، ونتيجة لذلك فإنّه غير مدرج على اللائحة الأميركية للمنظمات الإرهابية، مع أنّ حزب التحرير يتّبع أجندة تتعارض مع مصلحة الغرب، وبالتالي فإنّ الحزب يمكن أن يشكل تهديداً فعلياً للولايات المتحدة وحلفائها.

إنّ معرفة حزب التحرير أمر في غاية الأهمية، لأنّ الحزب يُعتبر واحداً من أكثر الأحزاب الإسلامية شعبية، وعدد أعضائه يساوي عشرات الآلاف. صحيح أنّ الحزب يرفض استخدام العنف في هذا الوقت، إلا أنّه ترك باب الجهاد مفتوحاً في حال إقامة دولة إسلامية.

يتّبع حزب التحرير أجندة لجعل المجتمع أقرب إلى الإسلام من أجل إقامة الدولة الإسلامية بطريقة سلمية، إلا أنّ الحزب ذهب إلى تبني استراتيجية تسمى النصرة، والتي تعني أنّ الحزب يمكن أن يدعم انقلاباً تقوم به قوات مسلحة إذا كانت تلك القوات تتبع أجندة إسلامية.

2– كتب”جاي تولسون” وهو أحد الكتَّاب الأميركيين البارزين في شؤون الثَّقافة والفكر والدين، يكتب حاليًّا في مجلة U.S. News & World Report. كان رئيسًا لتحرير The Wilson Quarterly وكتب في عدة صحف ومجلات أخرى، أبرزها “الواشنطن بوست” و “وول ستريت جورنال”.

تخرَّج في جامعة برنستون، وألَّف كتابين، وحصل على جائزتَين بصفته أحد الكتَّاب البارزين في الدراسات الأدبيَّة.

في الثاني من يناير من عام 2008 كتب “تولسون” مقالاً، حاوَلَ فيه الوقوف على الدَّافع وراءَ جهود العديد من الإسلاميِّين المعاصرين لاستعادة هذه المؤسَّسة الإسلاميَّة القديمة، التي ألغاها “كمال أتاتورك” في عام 1924م، وأعلن بعدها تركيا دولةً علمانيَّة حديثة، هذه المؤسسة هي “دولة الخلافة الإسلامية”.

“الخلافة” كما يراها “تولسون” ببساطة هي: “نظام لقيادة دينيَّة – سياسيَّة يرجع جذورُه إلى الخليفة الأوَّل للنَّبي محمَّد -(صلى الله عليه وآله وسلم)- في أوائل القرن السَّابع الميلادي”.

يقول “تولسون”: “إنَّ التَّنظيمات الجهاديَّة تكرِّر دومًا أنَّ هدفها الأساس هو استِعادة الخلافة الإسلاميَّة، والواقع أنَّ هذه التنظيمات الجهاديَّة ليست هي الوحيدة على السَّاحة الَّتي تسعى لتحقيق هذا الهدف، هناك تنظيمات أُخرى عديدة، ولكنَّها تنظيمات سلميَّة يغلب على بعضها الطَّابع الفكري وليس الجهادي”.

يرى “تولسون” أنَّ الغرب قد أساء فهْم فكرة “الخلافة” واعتبرها مفهومًا غامضًا مهدِّدًا له، في حين أنَّها عميقة الجذور في الذَّاكرة الثقافيَّة للعالم الإسلامي، ووجدت في أشكال مختلفة على مدى ألف وثلاثمائة عام تقريبًا، وامتدت سلطة الخلافة عبر ثلاث قارات من هذه البلاد، التي تُعْرَف الآن بباكستان إلى منطقة الشَّرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى ما يعرف الآن بإسبانيا والبرتغال، كما أنَّ معظم تاريخ المسلمين كان تحت ظلّ دولة الخلافة، وما يؤكد ذلك هو أن هذه الاستبيانات التي أُجْرِيت على شعوب أرْبع (دول) إسلاميَّة، كشفت أنَّ ثلُثي هذه الشعوب يؤيِّدون توحيد البلاد الإسلاميَّة في دولة واحدة أو خلافة واحدة.

تساءل “تومسون”: ماذا تعني “الخلافة” بالنسبة لمناصريها وأعدائها، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين؟ وهل تتضمَّن هذه الخلافة برنامجًا سياسيًّا صالحًا للتَّطبيق؟ أم أنَّها مجرد مصطلح بلاغي من النَّاحية السياسية، مريح من النَّاحية النفسيَّة؟ أم أنَّها صرخة حرب تحشد وراءَها كلَّ هؤلاء الذين يبحثون عن القوَّة للإسلام، أو يسعون إلى مجرد إحداث تغيير؟

يجيب “تولسون” عن السؤال قائلاً: “إنَّ معظم الدَّارسين والمحلِّلين يروْن أنَّ السبب الأخير هو الصَّحيح، لكنَّهم يتَّفقون في نفس الوقت على أنَّ الجدل حول “الخلافة” يكمن في هذه الأزْمة الحالية التي يعيشها العالم الإسلامى وقياداته، وما يزيد في تعقيد هذه الأزْمة هو نظرة الكثيرين من المسلمين – والإسلاميِّين منهم بصفة خاصة – إلى أنَّ السلطتَين الدينيَّة والسياسيَّة لا تنفصلان في الإسلام”.

3– في 11/1/2010م كتب “جون شيا” الصحفي الأميركي البارز، ورئيس تحرير مجلة American Reporter بالمجلد السادس عشر برقم 3851 – مقالاً بعنوان: “الحرب ضدَّ الخلافة”، تضمَّن المقال رسالة موجهة إلى الرَّئيس “أوباما” تتعلَّق بما أسماه “دولة الخلافة الخامسة”.

بدأ “شيا” مقاله بالإشارة إلى اجتماع الرئيس “أوباما” بِمُستشاريه من أعلى القيادات العسكريَّة والمدنيَّة لمناقشة مسألة إرْسال قوَّات إضافيَّة إلى أفغانستان، يقول “شيا”:

ليسمح لي سيادة الرئيس “أوباما” أن أُبدي إليه بعض الملاحظات الهامَّة.

سيدي الرَّئيس:

إنَّ المعركة بين الإسلام والغرْب معركة حتميَّة لا يمكن تجنُّبها، وهي ذاتُ تاريخ قديم، ولا بدَّ أن نضعَ حدًّا لهذا الصراع، وليس أمامنا إلاَّ أن ندخل في مفاوضات سلام مع الإسلام.

إني أتوقَّع أن يخبرَك البعض بأنَّه من المستبعد تمامًا أن ندخُل في مفاوضات مع عدوّ متخيَّل اسمه “الخلافة الخامسة”، لكنَّه يجِب عليك كقائد عسكري وأنت تصوغ سياستك في التعامل مع الإسلام أن تعترِف بسخافة الادِّعاء بأنَّ الإسلام منقسم على نفسه، وأن تعترف كذلك بأن توحيد بلاد الإسلام تحت إمرة قائد كارزمي أمر محتمل.

سيادة الرئيس:

علينا ألاَّ نخاف من قيام حكومة أمينة أيًّا كانت صفتها، إنَّ الَّذي علينا أن نَخافه هو قيادات تخون مبادئها الأساسيَّة.

4– قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليبند إن بلاده ستعقد اتفاقاً في أفغانستان لتدارك (الآثار) المدمرة للاحتلال. وإن بريطانيا يمكن أن تقبل بجمهورية “الشريعة” الإسلامية. أما الخلافة فلا مطلقاً.

ففي مقابلة مع الـ(بي بي سي) في برنامج (آي إم) في 24/1/2010م، سأل مقدم البرنامج أندرو مار «… فيما لو انتهى كل ذلك إلى تشكيل طالبان حكومة في كابل ملتزمة بنظام الخلافة الذي يحكم بالشريعة، ولكن دون أي تدخل للقاعدة.. هل سيكون ذلك مقبولاً؟» أجاب ميليبند: «لا، لأنك إذا ما قلت “الخلافة” فأنت تتحدث عن القاعدة. الشريعة أمر مختلف. إنها جمهورية أفغانستان الإسلامية. وستبقى كذلك».

5– حلقات بحثية حول الخلافة الإسلامية:

حصلت جامعة “كينغز كوليدج” بلندن على منحة من مؤسسة العلوم الأوروبية لتمويل ورش عمل بحثية بعنوان “إزالة الغموض حول الخلافة الإسلامية، دعاة الخلافة وخصومها وتداعياتها (تأثيرها) على أوروبا” في إطار خطة تهدف إلى فتح توجهات جديدة في مجال البحوث والدراسات المتعلقة بالتطورات المحتملة ذات التأثير في العالم. وقد حاز المقترح المقدم من قبل أكاديميي جامعة كينغز كوليدج على أعلى درجات التقدير (5/5) ونجح بذلك ضمن 53 مشروعاً مقترحاً من أصل 261 قدموا للحصول على التمويل لإجراء البحوث اللازمة. وسينظر هذا المشروع في قضايا أساسية تمس الجدل التاريخي حول الخلافة:

– التباينات (بشأن الخلافة) بين كل من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

– الخلافة في آسيا

– النهضة (الصحوة الإسلامية) المعاصرة بين مسلمي الشتات في أوروبا.

6– الخلافة تؤرق المفكرين الروس:

مرة أخرى يعود شبح عودة “الخلافة” ليؤرق الغرب، وفي هذا المقال ينضم السياسيون والمفكرون الروس إلى السياسيين والمفكرين الغربيين للتحذير من هذا المشروع الذي يعتبرونه مشروعاً يهدد الحضارة الغربية من أساسها. ومن هذا الباب ما كتبه المفكر أحمد إبراهيم خضر مقالاً نشره على موقع “الألوكة” بعنوان: «الروس وشبح عودة دولة الخلافة» ومما جاء فيه:

في 17/9/2009م بعث الكاتب الروسي “جيرمان سادولييف” من “سان بطرسبرج” بمقالة خاصَّة لموقع “بارجووتش دوج”، بعنوان “دولة الخلافة الروسية”،… وماذا يفعل الغرب للحيلولة دون قيام دولة الخِلافة ثانية؟

يقول “سادولييف”: “إنَّ دولة الخِلافة قد ماتتْ رسميًّا، لكنَّها لم تَمُت فعليًّا، إنها توسَّعت، لا تزال دولة الخِلافة حيَّة، ليس فقط كفِكرة، وإنما كواقع، تظهر حينًا، وتختبئ حينًا آخر، وإذا كان هناك شبح يهدِّد أوروبا اليوم، فإنه شبح عودة دولة الخلافة الإسلامية…. لم يكن الاتِّحاد السوفياتي بمبادئه الشيوعيَّة -كسلاح أيديولوجي فعَّال- يخاف من دولة الخِلافة الإسلاميَّة؛ لأنَّه كان يمثِّل دولة خلافة مِن نوع خاصّ، تتنازع مع دولة الخِلافة الإسلامية على الجنة الموعودة، ولكن على الأرض وليس في السماء.

7– ما جاء في مؤلف “ميخائيل يورييف”: “روسيا.. إمبراطورية ثالثة” مِن أنَّ دولة الخلافة الإسلامية ستكون واحدةً من خمس دول عالميَّة رئيسة بحلول عام 2020م، وما جاء به “نوح فيلدمان” أستاذ القانون بجامعة هارفارد، بعنوان: “سقوط وصعود الدولة الإسلامية”، الذي يؤكِّد فيه وجودَ تأييد جماهيري لتطبيق الشريعة الإسلامية مرَّة أخرى في العصْر الحالي، والذي -حسب تقديره- يمكن أن يؤدِّي إلى وجود خلافة إسلامية ناجحة.

8– حزب التحرير في باكستان في دائرة الاهتمام البريطاني

نشرت مجلة مشروع تقرير الأمن الإنساني بتاريخ 19/2/2010م ملخص ورقة علمية أعدتها وحدة أبحاث الأمن الباكستاني التابعة لقسم دراسات السلام في جامعة برادفورد في بريطانيا بعنوان “تقييم خطر حزب التحرير”، ركّزت على تقييم خطر الحزب في باكستان. ومما جاء في الملخص:

يشير الخبراء إلى أن حزب التحرير يمثل تهديداً جاداً لأمن النظام في باكستان، وأنه بالرغم من حظر حزب التحرير في باكستان إلا أن الحزب ينشط بقوه في ذلك البلد. حيث يروج إلى التغيير السياسي والاجتماعي ويدعو لإقامة الدولة الإسلامية التي تحكم بالشريعة.

كما وينتقد التقرير سياسة الانقلابات العسكرية التي يدعو لها الحزب في غالبية البلاد الإسلامية.

ويضيف التقرير: “حزب التحرير يدّعي رسمياً بأنه لا يستخدم العنف ويصف الاتهامات المثارة ضده بأنها لا تعدو أن تكون مزيجاً من التلفيقات, والمواد المجمعة من مواقع متطرفة وخزانات التفكير لدى المحافظين الجدد في أميركا, ومواد مجتزأة من نصوص الحزب، لتدعم الدعاية ضد الإسلام. ويقول التقرير إن حزب التحرير يدعي أنه يعمل بالعلن وليس لديه أهداف مخفية.

وقد ركزت الورقة البحثية حول حزب التحرير على أهداف تتعلق بالمفاهيم والمعتقدات التي يحملها حزب التحرير, خصوصاً أدبياته حول الخلافة, ونظرته العدائية تجاه الغرب وخصوصاً أميركا, بالإضافة إلى انتقاده للحكومة والجيش الباكستاني.

9– نشرت مجلة الفورين بوليسي مقالاً للكاتب كريستيان كيريل، في 22/12/2009م يتحدث فيه عن حزب التحرير وعدم إمكانية حظر الغرب له في الوقت الذي يشكل فيه تهديداً حقيقياً لهم ولمصالحهم.

بدأ الكاتب مقاله بالسؤال: هل يشكل حزب التحرير الإسلامي تهديداً للمجتمعات الغربية؟ ويجيب قائلاً: يمكن أن يكون الجواب نعم، لكن هذا لا يعني وجوب حظر الحزب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *