العدد 287-288 -

العدد 287-288، السنة الخامسة والعشرون، ذو الحجة 1431هـ، محرم 1432هـ، الموافق تشرين الثاني وكانون الأول 2010م

رياض الجنة: في أسباب غلبة الصحابة (رضي الله عنهم)

رياض الجنة:

في أسباب غلبة الصحابة (رضي الله عنهم)

 

– أخرج الطبراني عن عمرو بن العاص (رضي الله عنه) قال: خرج جيش من المسلمين أنا أميرهم حتى نزلنا الإسكندرية، فقال صاحبها: أخرجوا إلي رجلاً منكم أكلمه ويكلمني، فقلت: لا يخرج إليه غيري، فخرجت ومعي ترجمان ومعه ترجمان، حتى وضع لنا منبران، فقال: من أنتم؟ فقلنا: نحن العرب، ونحن أهل الشوك والقرظ (ورق السلم يدبغ فيه) ونحن أهل بيت الله، كنا أضيق الناس أرضاً، وأشده عيشاً، نأكل الميتة، ويغير بعضنا على بعض، بشر عيش عاش به الناس، حتى خرج فينا رجل ليس بأعظمنا يومئذٍ شرفاً، ولا أكثرنا مالاً، فقال: أنا رسول الله، يأمرنا بما لا نعرف، وينهانا عما كنا عليه وكانت عليه آباؤنا، فشنفنا له (أبغضناه) وكذبناه، ورددنا عليه مقالته، حتى خرج إليه قوم من غيرنا، فقالوا: نحن نصدقك، ونؤمن بك، ونتبعك، ونقاتل من قاتلك، فخرج إليهم وخرجنا إليه، فقاتلناه فقتلنا، وظهر علينا وغلبنا، وتناول من يليه من العرب، فقاتلهم حتى ظهر عليهم، فلو يعلم من ورائي ما أنتم فيه من العيش لم يبقَ أحد إلا جاءكم حتى يشرككم فيما أنتم فيه من العيش، فضحك ثم قال: إن رسولكم قد صدق، قد جاءتنا رسلنا بمثل الذي جاءكم به رسولكم، فكنا عليه حتى ظهر فينا ملوك، فجعلوا يعملون فينا بأهوائهم، ويتركون أمر الأنبياء، فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم لم يقاتلكم أحد إلا غلبتموه، ولم يتناولكم أحد إلا ظهرتم عليه، فإذا فعلتم مثل الذي فعلنا، وتركتم أمر الأنبياء، وعملتم مثل الذي عملوا بأهوائهم، خلّى بيننا وبينكم، فلم تكونوا أكثر منا عدداً، ولا أشد منا قوة. قال عمرو بن العاص: فما كلمت رجلاً أَذْكَرَ منه (أي أكثر ذكورة ويقصد رجولة).

– أخرج أحمد بن مروان بن المالكي في المجالسة عن أبي إسحاق قال: كان أصحاب رسول الله (رضي الله عنه) لا يثبت لهم العدو فُواق ناقة عند اللقاء (قدرها ما بين الحلبتين من الناقة لأجل الراحة). فقال هرقل، وهو على أنطاكية، لما قدمت منهزمةُ الروم: ويلكم!! أخبروني عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونكم، أليسوا بشراً مثلكم؟! قالوا: بلى، قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافاً في كل موطن. قال: فما بالكم تنهزمون؟! فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم، ومن أجل أنا نشرب الخمر، ونزني ونركب الحرام، وننقض العهد، ونغصب، ونظلم، ونأمر بالسخط، وننهى عما يرضي الله، ونفسد في الأرض، فقال: أنت صدقتني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *