العدد 287-288 -

العدد 287-288، السنة الخامسة والعشرون، ذو الحجة 1431هـ، محرم 1432هـ، الموافق تشرين الثاني وكانون الأول 2010م

إغلاق دور تحفيظ القرآن الكريم

إغلاق دور تحفيظ القرآن الكريم

 

أصدر أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل قراراً يغلق بموجبه حلقات تحفيظ القرآن الكريم بحجة السعودة، وقد شكل الأمير إثر ذلك لجنة من الجوازات والإمارة وغيرهما لملاحقة الحلقات والتأكد من خلوها من غير السعوديين، وتسفير من يثبت بحقه القيام بتحفيظ القرآن الكريم!

وبسبب هذا القرار تم حرمان 28 ألف طالب من حفظ القرآن الكريم في حلقاتهم في جدة، وهي واحدة من تسع محافظات بمنطقة مكة المكرمة، وتبع ذلك أيضاً إغلاق قدر كبير من حلقات التحفيظ النسائية بحجة أن المعلمين والمعلمات غير سعوديين، وبعد ذلك بأسبوع نفذ القرار في مكة المكرمة وانطفأ دوي الحلقات في المسجد الحرام، وسائر المساجد، وحرم إثر ذلك أكثر من 25 ألف طالب من حفظ القرآن الكريم، ثم بعد ذلك لحق القرار مدينة الطائف وبقية المحافظات، علماً بأن عدد المعلمين في حلقات التحفيظ من السعوديين قليل جداً، وذلك بسبب ضعف الأجور، حيث إن الراتب الشهري للمدرس في حلقة التحفيظ لا يتجاوز 500 ريال شهرياً، والغالب في السعوديين عدم أخذها لأنهم يعلمون أنها من الصدقات والزكوات.

وقد نشرت هذه الأخبار عددٌ من الصحف ومنها المدينة والوطن، وأفادت صحيفة الوطن نقلاً عن وزارة الشؤون الإسلامية أن عدد معلمي الحلقات من غير السعودين يبلغ 8500 معلماً، ويدرِّس كلُ معلمٍ 25 طالباً، وهذا يعني أنه لو طبق هذا القرار في جميع مناطق المملكة لمنع 212500 طالب من حفظ كتاب الله تعالى.

هذا الخبر نشرته الصحف في السعودية، ولقد ورد السؤال التالي وجوابه على الإنترنت حول هذا الموضوع، وأحبت الوعي نشره والتعليق عليه:

شيخنا أحسن الله إليك:

ما رأي فضيلتكم في هذا القرار؟ وما الواجب الشرعي تجاهه؟

الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فإن إغلاق حلقات تحفيظ القرآن الكريم هو من الصد عن سبيل الله، وظلم أبناء المسلمين، ومنع الخير عنهم، قال نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» أخرجه البخاري من حديث عثمان (رضي الله عنه)، وقال أيضاً: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدراسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه).

أما الاحتجاج بالسعودة فهي حجة مكشوفة، وأوهى من أن يرد عليها، ولا أراها إلا ضمن سلسلة التحولات الخطيرة في منطقة مكة المكرمة والتي بدأت بجلب الحفلات الغنائية، ومنع المخيمات الدعوية، وإحياء سوق عكاظ الجاهلي، وإشاعة الاختلاط المحرم وتطبيعه بين الناس، ونمر الآن بمنع الحلقات ولا ندري ما الذي سيأتي بعدها، وقد استمعت بنفسي إلى كلام الأمير خالد الفيصل في إحدى القنوات الفضائية العربية الذي أظهر فيه موقفه العدائي من المناشط الدعوية في المخيمات والمدارس والمستشفيات، مع أنها مقرة رسمياً من وزارة الشؤون الإسلامية.

وإن كنا صادقين في سعودة وظائف تحفيظ القرآن فلتكن وظائف رسمية لاتقل رواتبها عن أربعة آلاف ريال شهرياً، وحينها ستتم السعودة في أقل من يوم واحد، ويتم توظيف أكثر من ثلاثين ألف رجل وامرأة بدلاً من استغلال فقر المرأة السعودية في وظائف جذب الزبائن (كاشير) التي أشغلوا بها البلاد والعباد مع أنها وظائف محدودة. والدولة لا يضرها تعيين هذا العدد من معلمي كتاب الله تعالى، فهي أغنى دولة في العالم بالنفط، وفائض الميزانية سنوياً بمئات المليارات ولله الحمد والفضل من قبل ومن بعد.

ولا أعد غلق الحلقات باسم السعودة إلا الكارثة الثانية في منطقة مكة بعد سيول جدة، وقد شاهدنا بعده احتقان الناس ضد الدولة، وتغليب سوء الظن في المسؤولين، ولذا فإني أناشد خادم الحرمين الشريفين وفقه الله أن يتدخل عاجلاً في هذه الكارثة كما تدخل في كارثة سيول جدة برفع هذا الظلم العظيم عن أبناء شعبه.

أسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا بالإسلام، والحمد لله رب العالمين.

قاله وكتبه: د. يوسف بن عبد الله الأحمد. عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام.

الأربعاء 19 من ذي القعدة 1431هـ.

الوعي: هناك كثير من المنكرات التي تقوم بها الدولة السعودية، وأولها الحكم بغير ما أنزل الله، ومظاهرة الغرب في كثير من القضايا التي تخدمه وتضرب المسلمين، والسير في ركابه والخضوع لإرادته في تعديل المناهج الدينية وتطوير الخطاب الديني، وتعاملها بالربا في علاقاتها التجارية الخارجية، واستئثارها بما جعله الله سبحانه وتعالى ملكية عامة كالنفط، وهي أغنى دولة نفطية في العالم، وحرمان المسلمين كل المسلمين من حقهم فيه، وجعل همها الأكبر الحفاظ على كرسي الحكم وهي ترى أن مفتاحه بيد الغرب…

إن حق الإسلام عليكم أيها العلماء  الأجلاء في السعودية أن تنظروا بعمق إلى واقعكم، وبصدق إلى العودة بشرع الله إلى الحكم، وأن لا تقيسوا أنفسكم إلى غيركم بل إلى ما يطلبه الله منكم، وشتان ما بين الأمرين… أيها العلماء اقرؤوا تاريخ آل سعود تفهموا حاضرهم وحاضركم، واقرؤوا وعد الله سبحانه ورسوله بعودة الخلافة تعوا مستقبلكم، جعلكم الله سبحانه وتعالى من أهلها.

وأخيراً نرى أن مناشدة خادم الحرمين الشريفين لكي ينقذ الموقف كمن يريد أن يدواي الداء بالداء، بينما المطلوب استئصال الداء بدواء الإسلام النقي، بدواء الحكم بما أنزل الله، بدواء إقامة الخلافة الراشدة الثانية الموعودة التي ينبغي أن يكون لها الحظ الأوفر في علمكم وعملكم، فهلا أزحتم عن أفهامكم تأثير آل سعود عليكم وقمتم بحق الله عليكم بإقامة الدين كما كان زمن الرعيل الأول، زمن السلف الصالح المشهود لهم بالخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *