العدد 306-307-308 -

العدد 306-307-308 ، السنة السابعة والعشرون، رجب وشعبان ورمضان 1433هـ

مؤتمر حزب التحرير العالمي: «ثورة الأمة: مخططات الإجهاض وحتمية المشروع الإسلامي»

مؤتمر حزب التحرير العالمي:

«ثورة الأمة: مخططات الإجهاض وحتمية المشروع الإسلامي»

 

مقدمة

تراكمت عشرات من سني الاستعباد والظلم الشديد على شعوب العالم الإسلامي من قبل حكام جائرين خانوا الله ورسوله ووالَوا أعداءه وعطلوا شريعته وضيعوا ثروات الأمة وحافظوا على مصالح دول الاستعمار… ووصل بهم الأمر إلى الاستهانة بشعوبهم وظنوهم في عداد الموتى لا صوت لهم يُسمع ولا حراك لهم يُرى، وحسبوا أجهزتهم الأمنية مانعتهم من نقمة شعوبهم وانتفاضتهم، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وكانت المفاجآت تتوالى، كل واحدة أكبر من أختها.

فاندلعت ثورة مباركة وعارمة بوجه نظام فاسد طالما ظنه الغرب وأزلامه في حصن حصين؛ حيث جسَّد فكره وحضارته في كل المجالات والمؤسسات ونشر الرذيلة والفساد والمنكرات… وحسب أنه محا الإسلام من النفوس فإذا بتونس الفاتحين تونس عقبة بن نافع وموسى بن نصير تثور ثورة عز وكرامة يفضل أهلها الموت في طاعة وعز على حياة في معصية وذل، وأبَوا إلا القضاء على الظلم وأهله، وإذا بصيحات الله أكبر تملأ الشوارع، وإذا بالساحات تتحول إلى مساجد وصلوات يذكر فيها اسم الله، وإذا بيوم الجمعة يصبح كابوساً ينغص عيش الظالمين ويزلزل عرش (شين الهاربين)، ففر مسرعاً ولم يلوِ على أثر؛ وظن الغرب أنها فورة شعب لا تلبث أن تخمد، وإذا بها تشتد يوماً بعد يوم وتنتشر انتشار النار في الهشيم في ليبيا واليمن ثم مصر وسوريا، ولا يزال لهيبها يأكل الأخضر واليابس من ركام الظلم المكدس، ولم يستطع الغرب ولا عملاؤه من الحكام بكل قواهم إخمادها، ولن يهدأ لهيبها بإذن الله -الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء- إلا بنور الإسلام وتطبيق أحكامه في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.

وبعد أن يئس الغرب وأزلامه من محاولات إخماد الثورات المباركة والمحافظة على أزلامه قام بمحاولات جديدة في حرفها عن مسارها وسرقتها وتضليل الناس، من خلال ترويج أهداف زائفة ومنقوصة كالإطاحة برأس النظام فقط وإجراء انتخابات ينجح فيها العلمانيون الجدد “الإسلاميون المعتدلون” بعد أن طمأنوه إلى محافظتهم على مصالحه وعدم تطبيق شرع الله…

وإزاء هذه المحاولات الخبيثة والحثيثة كان لا بد أن يقوم حزب التحرير رائد هذه الأمة إن شاء الله تعالى وحامل مشروع نهضتها والساعي لتحكيم شريعتها، بكشف تلك المحاولات وإفشالها وتوجيه الناس لمشروع يرضي الله ورسوله ويصل بالأمة إلى بر الأمان ولا سيما وأن الناس قد افتقدوا لمشروع إسلامي واضح ومفصل.

فكان أحد أعماله الراقية ضمن هذا الإطار مؤتمر بعنوان: “ثورة الأمة: مخططات الإجهاض، وحتمية المشروع الإسلامي”

إن حوادث التاريخ تسجَّل، وإن بعضها لم تأخذ حقها في وقت حدوثها، ولكن مع مرور الوقت يفطن إليها الناس، ولقد كان هذا المؤتمر وغيره من الأعمال المهمة التي قام بها حزب التحرير في نهضة الأمة وتوعيتها وتوجيهها… والتي سيفطن الناس إلى قيمتها ولو بعد حين.

بفضل الله تعالى استطاع المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير من خلال هذا المؤتمر أن يحقق ما يلي:

  • توضيح السبب المباشر لهذه الثورات

  • كشف العدو الحقيقي لهذه الأمة

  • بيان حرص الغرب على الحكام واستمرارهم بالحكم

  • كشف حرص الغرب على سرقة الثورة وإضاعة تضحيات الأمة

  • توجيه الثورات والثوار وتنبيههم إلى عدم وجود رؤية إستراتجية واضحة للثوار

  • بيان دور الإعلام الموجه والممسوك من الغرب وعملائه وتضليله ومشاركته الخطيرة في حرف الثورات وإجهاضها  لمصلحة الغرب

  • إعادة الأمل لهذه الأمة بعودة الحكم بالإسلام.

دعوة المؤتمر

برنامج المؤتمر

عنوان المؤتمر:

ثورة الأمة: مخططات الإجهاض وحتمية المشروع الإسلامي

الزمان: الثلاثاء 1/5/2012

المكان: طرابلس – لبنان

الساعة

النشاط

الجهة المعنية

9:00

فتح الأبواب

لجنة الاستقبال

9:30 إلى 10:30

المؤتمر الصحافي

مندوبو حزب التحرير

الإعلاميون

10:35 إلى 10:40

ترحيب بالضيوف وتقديم

للمؤتمر

عريف المؤتمر الشيخ عدنان

مزيان

10:45 إلى 10:50

آيات عطرة من القرآن الكريم

الأستاذ ربيع حداد

10:55 إلى 11:15

كلمة الافتتاح

أمير حزب التحرير

العالم الجليل عطاء بن خليل أبو

الرشتة

المحور الأول: “ثورات العالم العربي: أسبابها، واقعها، تطلعاتها”

11:15 إلى 11:20

الفيلم الوثائقي: أسباب اندلاع الثورات

11:20 إلى 11:25

تقديم المحور الأول

عريف المؤتمر الشيخ عدنان مزيان

11:25 إلى 11:40

ثورة الشام أم الثورات

عضو المكتب الإعلامي المركزي

المهندس هشام البابا- سوريا

11:45 إلى 11:55

كلمة لشيخ ثورة الشام

العالم المجاهد أحمد الصياصني

12:00 إلى 12:10

سنة الله ضد الظالمين

مندوب حزب التحرير من تونس

الأستاذ يوسف  يعقوب

12:15 إلى 12:25

الحصاد المر للحكم

الجبري

ناشط الحراك السياسي في الأردن

الأستاذ محمد خلف الحديد

12:30 إلى 12:40

إنجازات وآفاق الثورات في

العالم العربي

رئيس المكتب الإعلامي في مصر

الأستاذ شريف زايد

12:45 إلى 12:55

برنامج الثوار المفقود

المناضل السياسي الأستاذ

محمد الترهوني – ليبيا

1:00 إلى 1:30

فترة المداخلات

1:30 إلى 2:30

استراحة الغداء وصلاة الظهر

المحور الثاني: “مخططات الإجهاض والحرف لمسار الثورة”

2:35 إلى 2:40

فيلم وثائقي: مخططات إجهاض وحرف الثورة

2:40 إلى 2:45

تقديم المحور الثاني

عريف المؤتمر

2:50 إلى 3:00

كيف تعامل الغرب

والحكام مع الثورات؟

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – اليمن

المهندس شفيق خميس

3:05 إلى 3:15

محاولات اختطاف الثورة

رئيس لجنة الاتصالات

المركزية لحزب التحرير –

الأردن الأستاذ علي الصمادي

3:20 إلى 3:30

الأقليات في ظلّ الحكم

الإسلامي

رئيس الهيئة الإدارية لحزب

التحرير – لبنان

الدكتور محمد جابر

3:35 إلى 3:45

مستقبل الثورة في مصر

الكاتب والمفكر السياسي

الدكتور ياسر صابر- مصر

3:50 إلى 4:00

الدعوة للدولة المدنية والحماية الدولية انتحار سياسي

المفكر السياسي

الدكتور يوسف حاج يوسف – سوريا

4:05 إلى 4:45

فترة المداخلات

4:45 إلى 5:15

استراحة صلاة العصر

المحور الثالث: “حتمية المشروع الإسلامي الخلافة”

5:20 إلى 5:25

فيلم وثائقي: الأمة عرفت طريق الخلاص

5:25 إلى 5:35

تقديم المحور الثالث

عريف المؤتمر

5:40 إلى6:00

الثورات وتصدع الهيمنة الغربية

رئيس المكتب الإعلامي

 لحزب التحرير- لبنان

الأستاذ أحمد القصص

6:00 إلى 6:10

مشروع الخلافة العظيم

مدير المكتب الإعلامي

المركزي لحزب التحرير

المهندس عثمان بخاش

6:10 إلى 6:40

فترة المداخلات

6:40 إلى 7:00

كلمة الختام (رسالة المؤتمر وتوصياته)

فعاليات المؤتمر

تميَّز المؤتمر كعادة أعمال الحزب بالانضباط والتنظيم وحسن الاستقبال، كما تميز بنوعية الحضور إذ اقتصر على الفعاليات من أهل لبنان والبلاد العربية وسائر العالم الإسلامي وعند الساعة 9:30 صباحاً بتوقيت بيروت وقبل بدء فعاليات المؤتمر عقد المكتب الإعلامي المركزي مؤتمراً صحافياً بحضور:

المهندس عثمان بخاش/ مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ أحمد القصص/ رئيس المكتب الإعلامي  لحزب التحرير- لبنان

المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا

الأستاذ يوسف  يعقوب/ مندوب حزب التحرير من تونس

الأستاذ شريف زايد/ رئيس المكتب الإعلامي في مصر

المهندس شفيق خميس/ رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – اليمن

الأستاذ ممدوح أبو سوا/ رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – الأردن

بالإضافة للإعلاميين والمراسلين المحليين والدوليين ولفيف من الفعاليات.

افتتاح المؤتمر

    افتتح المؤتمر الصحافي المهندس عثمان بخاش ببيان صحفي مُرحّباً بالضيوف ومُعرّفاً بحزب التحرير وسبب وجوده وموجزاً تاريخ تأسيسه وسيره وتضحياته في نهضة الأمة ومواجهته للفكر والنفوذ الغربي وحكام المسلمين الطغاة ومجال عمله وأماكن انتشاره… ثم عرّج على أهمية الثورات وتأثيرها على شعوب العالم بأسره وما حققته من إنجازات حتى الآن وما تحتاج إليه حتى اكتمالها، وبيَّن سبب انعقاد المؤتمر وأهدافه وما سيتعرض له من مواضيع ذاكراً دور الغرب في هدم الخلافة واستعمار بلادنا ونهب ثرواتنا وتنصيب حكام عملاء لهم يحكمون بأنظمة وضعية غربية غريبة عن ديننا وأعمالهم الفاسدة ومحاربتهم لله ورسوله والمؤمنين، وكيف أوصلوا الأمة في الفترة الماضية إلى اليأس من التغيير والنهوض، وكيف ساعدوا الغرب في زرع كيان يهود في قلب العالم  الإسلامي وحمايته، وكيف كرسوا تقسيم هذه الأمة…

        ثم بعد ذلك بيَّن كيف انتفضت الأمة على هؤلاء الحكام بثورة عارمة انطلقت من المساجد… ثم عرج على كيفية تعامل الغرب مع الثورات، وكيف حاول مساعدة الحكام وإجهاض الثورة، وبرز ذلك جلياً في سوريا أكثر من غيرها… ثم تحدث عن ضرورة ما يجب أن تؤول إليه الثورة حتى تكون ناجحة، كالتحرر من الهيمنة الغربية والتبعية لهم ووجوب توحيد بلدان العالم الإسلامي.

    وقد أعقب ذلك أسئلة من قبل الصحافيين، حول مختلف أحداث الثورة، وما هي نظرة الإسلام لتلك الأحداث، وعن الكيفيات اللازمة لمعالجة المشكلات التي تعصف بالمنطقة، وتوزعت الإجابات بين رؤساء المكاتب الإعلامية للحزب في العالم وأبرز ما ورد من أسئلة وإجابات:

س: التصريحات التركية منذ بداية الثورة السورية كانت لافتة ولكنها أقوال لم تقرن بالأفعال؟ فما حقيقة الدور التركي في الثورة السورية؟

ج: أجاب الأستاذ: المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا:

 الثورة السورية في مسيرتها تنتقل من صفحة عز إلى أخرى، وقد كشفت هذه الثورة العملاء وأظهرت حقيقتهم كأدوات للغرب، ومن هؤلاء العملاء حكام تركيا الذين عملوا على استيعاب الثوار والثورة والالتفاف عليهم تحقيقاً لرغبة الأميركيين، وقد كشف الثوار وأهل سوريا حقيقة الدور التركي ولم يعودوا يعوِّلون إلا على الله ثم قواهم الداخلية فراحوا يوحدون قواهم وصفوفهم، ولا دور لتركيا الآن معوَّل عليه بالنسبة لأهل سوريا.

س: منذ البداية دعم الحزب الثورة فما الذي يريده الحزب من الناس والحكومة اللبنانية؟

ج:  المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا:

الثائرون على الأرض هم أصحاب الكلمة، والمظاهرات تثبت أن التوجه إلى الأمة الإسلامية دون الغرب أو عملاءه، والثوار يتوجهون إلى الأمة حتى تتحرك بمجموعها مناصرة ومؤيدة لها، والكل يدرك أن الحكومات ومنها الحكومة اللبنانية لا تريد نجاحاً للثورة وتعمل على إجهاضها.

وعقب الأستاذ أحد القصص / رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان:

وأبرز ما قاله: الحكومة اللبنانية عليها واجبات سلبية وايجابية، أما السلبية فعلى الحكومة أن تكف يد بعض الأجهزة الأمنية عن ملاحقة أنصار الثورة وأبناءها، وعدم إذلال أهل سورية المهجرين من قبل النظام المجرم. وأما الإيجابية: فأن تكون حقيقة مع المظلوم ضد الظالم، ولئن كانت حجة بعض من يناصر النظام الأسدي أنه نظام ممانعة ومقاومة وهذا تضليل وخداع، فالكل يعلم ضبط النظام للحدود مع الكيان الصهيوني فلم تطلق رصاصة واحدة عليه منذ حكم نظام البعث في سوريا، ولم يقم بأي محاولة لاسترداد الجولان المحتل.

س: سمعنا اسم حزب التحرير في مصر يطلق على أكثر من جماعة ومن ذلك حزب التحرير الشيعي وحزب التحرير الصوفي، فما علاقة الحزب بها؟

ج: الأستاذ شريف زايد/ رئيس المكتب الإعلامي في مصر:

 بعد الإطاحة برأس النظام في مصر طرح أكثر من اسم حزب جديد تحت التأسيس باسم حزب التحرير، الأول شيعي والثاني صوفي، فشكَّل الحزب وفداً إليهما ودعوناهما بداية أن ينضموا إلينا ويعملوا معنا في نهضة الأمة وتحريرها حقيقة من الاستعمار والانحطاط وإقامة الخلافة الراشدة، فهذا واجب كل المسلمين، وإن أبيتم العمل معنا فعليكم أن تختاروا غير هذا الاسم.

والدولة الآن رخصت لحزب التحرير الصوفي، والقصد من ذلك تشويه صورة الحزب والتشويش على أعمالنا، ونشير هنا إلى أن هذه الأحزاب التي تعمل الدولة على الترخيص لها، مقراتها خاوية على عروشها ولا وجود لها على الأرض وبين الناس.

س: الحكومة اللبنانية رفعت شعار النأي بالنفس وهذا ما يفضله عامة الناس، وقد جنَّب هذا الموقف لبنان مشاكل كثيرة خاصة مع هذا الانقسام الحاصل تجاه الثورة السورية، فلماذا ترفضون موقف الحكومة هذا؟

ج: الأستاذ أحمد القصص/ رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية لبنان:

لا نرى أن موقف الحكومة هو موقف عموم الناس، فالغالبية مع الثورة ضد الطاغية. والذين يتكلمون بالنأي بالنفس لطالما رددوا مقولة شعب واحد في دولتين ومسار واحد ووحدة المصير، فلماذا تخلَّوا عن مقولاتهم الآن، ولطالما قلنا: لن ننأى بأنفسنا عن فلسطين، أليست المجزرة التي ترتكب في سوريا أعظم؟! وهذا لا يقره خلق ولا دين.

والأصل أن نكون مع أهل سوريا ولاسيما النازحين، ثم نسأل هنا: لماذا النازحون من الطاغية الأسدي إلى الشمال معترف بهم بعكس النازحين إلى البقاع؟ هذا التمييز لا يقره أي اعتبار ولا أي قيمة لا إنسانية ولا خلقية

وعقب المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا:

سياسة النأي بالنفس مرفوضة والتلاحم والتداخل بين لبنان وسوريا معروف، وحقيقة هذا النأي أنه أكذوبة للتخلي عن الشعب السوري في محنته. وكلنا يرى زعيم إحدى الجماعات الكبرى في لبنان تؤيد علانية النظام بينما يمنع من يساعد النظام ونرى بعض السياسيين في لبنان يتحدثون باسم النظام السوري أكثر من النظام نفسه.

س: شاهدنا بالأمس فيلماً لإعدام أحد المشايخ، وكذلك نرى الكثير من أفراد الجيش السوري يقتلون. ألا تعتقدون أن في سوريا مجموعات مسلحة، وقد أصدرتم بياناً بعدم علاقتكم بالعمل المسلح، وقد قرأت بياناً أخر لكم اعتبرتم فيه أنكم في صلب الثورة السورية، وأن لكم تأثيراً يمتد 40 سنة؟

ج: المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا:

الحقيقة المسلِّم بها أن الثورة بدأت سلمية وجوبهت بالقتل العنيف، وما رأيناه من إجرام إن هو إلا نذر يسير، وما لم نره ولم نعلمه أعظم بكثير، والنظام المجرم في سوريا أعد مخططاً منذ الثورة المصرية للقضاء على أي تحرك ضده، والقتل الممنهج في سوريا يقوم به النظام وشبيحته. وبالنسبة للمجموعات المسلحة، نعم يوجد مجموعات مسلحة وهي التي تقتل وتشبح، وهي نفسها اليد التي قتلت بالأمس أهل لبنان. فالعصابات المسلحة موجودة وهي تابعة للنظام المجرم. وأما الإعدامات في الشوارع فقد اختلط فيها الحابل بالنابل ومعظمها في الدفاع عن الأعراض؛ لأن أغلى ما عند المسلم في سوريا عرضه، والدفاع عن العرض والنفس والمال شرعه الله.

وعقب القصص: نحن موجودون في صلب الثورة ولا نخجل بذلك، ولا نستخدم العمل المسلح، ومنذ عشرات السنين لم نستخدم العمل المسلح وليس لنا أي نشاط عسكري ولو كان غير ذلك لما تأخرت الأجهزة الأمنية بكشف ذلك وملاحقتنا خاصة وأنها تعاملت معنا بلؤم وقسوة. ولدينا ثأر مع النظام السوري بسبب أعماله والرسول r قال عن الذين آذوا المؤمنين وحاربوا دين الله «اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة». وأهل سوريا لن يترددوا في محاسبة المجرمين، وأمة لا تحاسب عدوها فيما ارتكبه واقترفه بحقها لا تستحق الحياة.

س: الحزب يؤيد الجيش السوري الحر الذي يرزح تحت إمرة المجلس الوطني وهم يقاتلون لأجل الديموقراطية، وقد صرحوا بذلك أكثر من مرة، كيف يتفق ذلك مع دعوة الحزب وأفكاره؟

ج: المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا:

إن شعارات وتصريحات قيادات الجيش الحر والمجلس الوطني وحتى الإعلام العربي هي لإرضاء الغرب ولتنفيذ مخطط معين، وهذه التصريحات مفصولة عن الثورة، فأين المظاهرات التي تنادي بالديموقراطية؟! لقد ألبست الثورة المطالبة بالديموقراطية وهذا كان أحد أدوار الإعلام السيئ، وحقيقة ما هو موجود على الأرض نداءات ومطالبات لإعادة أحكام الإسلام إلى الحياة.

لقد عانى الجميع من هذا النظام، ووصل به الأمر أن منعنا من الصلاة وأقفل الكثير من المساجد، والمصلون كانوا يلاحقون ويطردون من أعمالهم، فالشعب لا يريد إلا ما يرضي الله، وهو واع أن القضية حرب على كل المستويات، ومطلب الثوار هو الإسلام كحل لمشاكلهم، والغرب وعملاؤه يريدون عكس ذلك. وبالنسبة هل نؤيد الجيش الحر أم لا نقول: نحن مع الدفاع عن النفس والعرض والمال… والجيش الحر لم يقل إنه يقاتل لأجل الديموقراطية، ومن قال ذلك هم بعض من أبرزوا على أنهم قادة له، وهذا التصريح لمسايرة الغرب وهو بخلاف الواقع، وتسمية كتائب الجيش الحر بأسماء الصحابة وأسماء إسلامية دليل على أن التوجه في سوريا الشام إسلامي ليس غير. ولا بد أن نفرق بين الجيش الحر على الأرض وقيادته في الخارج.

وعقب الأستاذ عثمان البخاش: المجلس الوطني لا يمثل شيئاً على الأرض في سوريا، لا يمثل الثورة ولا الثوار.

وتابع المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا:

س: هل الثورات في غير سوريا كان قادتها البارزين عملاء؟

ج: الأستاذ يوسف  يعقوب/ مندوب حزب التحرير من تونس:

السلطة تؤخذ من الشعب، وما هو موجود في عالمنا العربي أن جميع القيادات مرتبطون بالغرب، وحتى ما بعد الثورات الكل يحاول ترسيخ ما كان من عهد دكتاتوري ومصالح الغرب.

س: بخصوص الساحة اليمنية، هل يخشى الغرب من انهيار النظام اليمني، ولذلك عمل على مبادرة لترسيخ النظام والترويج بتغيير الرأس؟

ج: المهندس شفيق خميس/ رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – اليمن:

ما جرى في اليمن هو إزالة لرأس النظام علي صالح فقط وتسليم نائبه منصور عبد ربه الرئاسة حتى يكمل المسيرة في المحافظة على النفوذ الغربي، وبالتحديد البريطاني الذي لا يزال ماسكاً بالوسط السياسي في اليمن وإن كانت أميركا تحاول أن يكون لها موطئ قدم حتى يحل نفوذها مكان النفوذ البريطاني في اليمن.

س: التحركات في الأردن شعبية ولكن تحت ظل الملك، ولا تطالب بالتغيير الشامل، وتُنفَّس بإطلاق سراح مساجين أو تغيير وزارة… فمتى يصل الشارع الأردني إلى اقتلاع النظام من جذوره؟

ج: الأستاذ ممدوح أبو سوا/ رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – الأردن:

الشعب الأردني جزء من الثورات، ومتى يقوم برفع سقفه هذا في علم الله، وهناك مؤشرات ذات سقوف عالية في الجنوب حيث كانت شعارات الحراك تطالب بالمحاسبة والمحاكمة في الأردن لرأس النظام، وكان فيه نوع من التحدي العالي، فقد تكون الجنوب بؤرة جيدة للثورة، أما الإصلاحات الجزئية فللتنفيس…

س: ما هو دور الحزب في الأردن وبالنسبة لسوريا أليس من الواجب إيصال السلاح للثوار هناك؟

ج: الأستاذ ممدوح أبو سوا/ رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – الأردن

دور الحزب في الحراك داخل الأردن معروف حيث نقوم بالاتصال بالفعاليات وعلى رأسهم زعماء العشائر الأردنية والمؤثرين، ونقوم بإعادة توجيه الحراك نحو مطالب تنسجم مع الأحكام الشرعية وتطلعات الحزب، ولنا أعمال وستظهر في القريب العاجل إن شاء الله تعالى.

ثم ألقى رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير المهندس عثمان بخاش كلمة ختامية للمؤتمر الصحفي تمحورت حول تاريخ تأسيس الحزب والهدف من وجوده وأنه ما زال يعمل منذ تأسيسه على نهضة الأمة وتخليصها من الانحطاط الذي وصلت إليه.

    بعد ذلك تم افتتاح أعمال المؤتمر بقراءة آي من الذكر الحكيم أعقبها كلمة مسجلة لأمير حزب التحرير: العالم الرباني المهندس عطاء أبو الرشتا وهذا نصها:

الأخوة الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.

يقول الله سبحانه: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)) ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102)). أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.

ولقد ضرب الله سبحانه لنا مثلاً عن الطغاة الأولين بفرعون، فقد طغى وبغى، وتجبر وتكبر، وقال أنا ربكم الأعلى، (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25)).

لقد كان يكمٍّم الأفواه، ويمنع كلمة الحق أن تقال، ولا يرضى قولاً إلا أن يأذن به ويكون كما يرى فرعون (قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى) وليس هذا فحسب بل إن أي شبهة احتجاج ضده حتى وإن قل، فإنه كان يتهمه بأنه تمَّ دون إذنه، وأنه مؤامرة عليه من فعل أياد أجنبية لتخريب البلد (قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) .)

لكن فرعون في النهاية أصبح أثراً بعد عين، وترك ما أُترِف فيه، وما تنعَّم به، ولم يبكه أحد في السماء ولا في الأرض وكان مذموماً مدحوراً (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29)).

أيها الأخوة الكرام: لقد أخذ طغاة اليوم من فرعون الموبقةَ الأولى والثانية، ولكنهم لم يعتبروا بنهاية فرعون:

فهم يكممون الأفواه، ولا يسمحون بقول إلا إن كان تسبيحاً بحمدهم ونفاقاً، وتمجيداً لهم وتصفيقاً وذلك لكل ما يخرج من أفواههم من غث وسمين، بل قد فقدوا كل سمين أو شبه سمين، وأحاط بهم غثهم من كل شمال ويمين…

ووصفوا كل احتجاج حتى وإن قل، وصفوه بأنه لم يأخذ ترخيصاً وإذناً، وأنه مؤامرة وفق أجندة خارجية، والكل يعلم أنهم هم نتاج الأجندة الخارجية، ليحاربوا الله ورسوله والمؤمنين، وليحققوا مصالح يهود والكفار المستعمرين.

لقد أخذوا هاتين الموبقتين عن فرعون، وسلكوا دربه فيهما، وفرحوا بهما، ولكنهم لم يتعظوا بالنهاية التي أصابت فرعون، فذاق وبال أمره وأصبح نسياً منسياً إلا من لعنةٍ لظى تحل عليه في الدنيا والآخرة..

لم يتعظوا بعاقبة كل طاغية ظالم، بل استمروا في غَيِّهم سادرين:

ذاك فرّ شريداً طريداً، مذعوراً مدحورا، تحلق به طائرته في الجو باحثاً عن مكان يستقبله، فيُرفض من هذا وذاك، حتى وجد طاغية آخر يوفر له النفقة والسكنى!

وذاك يتنقل بين المحاكم محمولاً على آلة حدباء، لا حول له ولا قوة، يُجيب في ذل وخنوع “نعم أفندم”! وهو الذي كان يشير بإصبعه في عنفوان سلطانه فيأتيه ما يريد!

وثالثٌ لم يكن يظن أن فوقه أحدا، يقتل الناس بالظِّنة حتى دون تهمة، لا يكتفي بقتل الأخيار الأبرار، بل يربطهم، قبل أن يلفظوا أنفاسهم، بسيارة “الجيب” تجرهم على الأرض الخشنة ليموتوا بعد أن تقطع أجسادهم! ذلك الطاغية انتهى به المطاف إلى جحر ضبٍّ يختبئ فيه، فلم يجد قبل أن يَهْلِك إلا أنابيب المجاري تؤويه، وهو الذي كان يصف الناس بالجرذان، فوقع فيما وصف الناس!

ورابع كان يأمر وينهى، فأصبح يُؤمر ويُنهى، يمكث في بلده يوماً ثم في نجد يومين، وأخيراً يجوب البلاد باحثاً عن عزاء يعزي به نفسه، أو يندب به حظه، فيحط في عُمان ثم يعرِّج على أسياده في بريطانيا، ومن ثم إلى محطة العلاج البدني والنفسي في واشنطن! وذلك قبل أن يعودَ إلى ملكِه الذي ضاع لممارسة الفساد والإفساد شبراً بشبر وذراعاً بذراع!

وخامس فاقد للبصر والبصيرة، يرى الطغاة حوله ماذا أصابهم، ومع ذلك لا يرتوي من الولوغ في دماء الأبرياء، الذين انتفضوا على طغيانه، فيقتل ويقتل ويقتل… لعله يطفئ الشعلة التي أضاءها أولئك المنتفضون، ناسياً أو متناسياً أن شعلة الحق التي أضيئت بإذن الله لن تنطفئ حتى تذيقه وبال أمره، وتهوي به في مكان سحيق، مذموماً مدحوراً كأشياعه من قبل، وتزيل نظامه الجائر الظالم، وتعيد الشام إلى مسارها الصحيح الذي وصفها به صلوات الله وسلامه عليه: «أَلَا إِنَّ عُقْرَ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ» أخرجه أحمد، «عُقْرُ دَارِ الْإِسْلَامِ بِالشَّامِ» أخرجه الطبراني في الكبير.

أيها الأخوة الكرام:

إنكم ترون رأي العين وتسمعون سماع الأذن كيف أن طغاةً ما كان يتوقع أحد أن يزولوا هكذا… ثم زالوا، وإنكم ترون رأي العين وتسمعون سماع الأذن كيف أن حاجزَ الخوفِ الضخمَ الكثيفَ الذي لم يكن يظن أحد أن ينهار هكذا… ثم انهار، وفي هذا بيان لكل من كان له قلب أو ألقى السمع  وهو شهيد، أن الأيام دول، وأن زوال الظلمة والظلام ليس بالأمر البعيد حتى وإن كان دونه القتل والنار والحديد!

إن انهيار حاجز الخوف من الحكام الطغاة يجعل هناك مجالاً للخير أوسع، يجدر بنا أن نبذل الوسع لإشاعة الخير فيه، فتقوم الأمة بالأعمال اللافتة للنظر القوية الحكيمة… وتعالج الأمة ما اعتراها من تضليل واختراق حتى أصاب الثمارَ المرجوةَ شيءٌ من الاختلاط! فإن التحركاتِ و“الثورات” التي نرى، وإن كانت قد بدأت ذاتيةً بحادثة الحرق للبوعزيزي ثم انتشرت انتشار النار في الهشيم… إلا أن القوى الدولية التي فوجئت بتوقيتها، ولم تستطع المحافظة على عملائها أمام زحف تلك “الثورات”، أخذت تعمل دون كلل ولا ملل لينحصر التغيير في إزالة الطاغية دون اختراق أسس النظام نفسه، وهي إذ رأت أن انطلاق الناس هو من المساجد، وأنهم يُصَلُّون في الساحات بالآلاف، فقد خشيتْ أن تُهدم بنيةُ النظام ويحلَّ مكانها حكمُ الإسلام، لهذا عمدت إلى أمرين بذلت الوسع فيهما، ولا زالت:

الأول: عمدت إلى تنفيس هذه المشاعر الإسلامية بالتضليل بواسطة من سموهم “المسلمين المعتدلين” الذين لا يتميزون عن العلمانيين الأقحاح إلا بما يُدخلونه من صفة الإسلام على مسماهم، ولولا ذلك لتهاووا بين زحام العلمانيين ودونما علامةٍ فارقة… فهم ينادون بالدولة المدنية والديمقراطية العلمانية  كما أولئك ينادون!

الثاني: عمدت إلى الوقوف بقوة وبشتى أصناف المضايقة والأذى، مباشرةً أحياناً، وعن طريق عملائهم أحياناً أخرى، في وجه العاملين بصدق لتطبيق الإسلام على وجهه بإقامة الخلافة، كما أمر الله سبحانه وسار عليه رسول الله r ثم الخلفاء الراشدون من بعده.

هذا ما يعْمِدون إليه، أما نحن فإن الواجب علينا أن نبذلَ الوسع لتوعية الناس، وبخاصة القائمون على هذه التحركات الشعبية، وتبصرتِهم بخطر السموم التي تبثها الدول الكافرةُ المستعمرة وعملاؤها بينهم، وبخطر التضليل الذي يحمله إليهم من يسمَّون “المسلمين المعتدلين” من دولةٍ مدنيةٍ وديمقراطية علمانية… حتى لا تتمكنَ منهم فتجعلَ تضحياتِهم تكون عبثاً، ودماءهم تضيع سدى!

ثم تبذل الأمة الوسعَ في الاستعانة بأهل القوة، الجند المخلصين من أبنائها، وذلك في خطٍ متواز مع توجيه تلك التحركات وجهةَ التغيير الصحيح، التغييرِ الذي يُزيل بنيةَ الأنظمة الوضعية الأساسية الخاضعةِ للغرب، أفكاراً وأحكاماً، التغييرِ الذي تصل الأمة به إلى وضع الإسلام موضعَ التطبيق، في دولة إسلامية واحدة، دولة الخلافة الراشدة التي يرضى الله عنها ورسوله والمؤمنون.

إن العملَ في الأمة وجيشِها هو الكفيلُ بإحداث التغيير الصحيح، وأما الاستعانة بالمنظمات الدولية والدول الاستعمارية، أو خطط الجامعة العربية، أو خطط عنان وغيره من أزلام الدول الاستعمارية، وبخاصة أمريكا، أو إرسال مراقبين يتدحرجون على مدى تسعين يوماً كما جاء في قرار مجلس الأمن ألفين وثلاثة وأربعين في 21/4/2012م، وهم أضعف عدةً وأقل عدداً من مراقبي كرة القدم في مباراة ذات شأن أو نصف شأن! وكذلك فإن التضليل الذي قام به وزير الدفاع الأمريكي أمام الكونغرس في 20/4/2012م بقوله “إن الرئيس السوري لا يزال يتمتع بشعبية وموالاة كبيرة في صفوف الجيش السوري”… كل ذلك يقع في باب المهل والتشجيع للنظام لمزيد من القتل والبطش، إلى أن تجد أمريكا، عميلاً جديداً بديلاً لعميلها الحالي بشار بعد أن أصبح منبوذاً من السوريين، فتخشى أمريكا أن لا يستطيع تنفيذ مصالحها…

كلُّ هذه الخُططِ لا تُسمِنُ ولا تُغني من جوع، بل هي السمُّ الزُّعاف الذي لا يُحدِثُ تغييراً صحيحاً، بل تغييراً قاتلاً فظيعاً، فظاهرُهُ فيه الرحمةُ وباطنه من قِبَلِهِ العذاب، فهو يفترضُ حواراً مع نظام جزارٍ لم يرتوِ من الولوغ في الدماء الطاهرة الزكية، فكيف يكون حوارٌ مع نظامٍ جزار؟! إن أمريكا والغرب لا يُريدون خيراً لهذه الأمة، فهم الذين تآمروا على دولة المسلمين، دولة الخلافة، ومزَّقوا من بعدُ بلادَ المسلمين، وقطَّعوا أوصالَها، وجعلوا التنقلَ بين البلادِ الواحدةِ دونَهُ خَرْطُ القَتادِ، كما أنهم هم الذين أنشأوا هذه الأنظمةَ الطاغيةَ، فعلى الأمةِ أن تعتمدَ على قُواها، وأن تَحذَرَ هذه الدول وعملاءها ومخططاتهم، فإنهم كما قال سبحانه (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4)).

وفي الختام فإني أفتتحُ مؤتمرَكم العتيدَ “ثورةَ الأمة: مخططاتِ الإجهاضِ وحتميةَ المشروع الإسلامي بإذن الله” سائلاً اللهَ سبحانه لكم النجاحَ والتوفيقَ، وأن يُثْمِرَ ثَمَراً طيباً مباركاً يَسُرُّ الناظرين، وآخِرُ دَعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِ العالمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعدها مباشرة تم عرض برنامج المؤتمر من قبل الشيخ عدنان مزيان الذي أدار المؤتمر بمحاوره الثلاثة.

المحور الأول:

((ثورات العالم العربي: أسبابها، واقعها، تطلعاتها))

بدأ المحور الأول بعرض فيلم وثائقي أعده المكتب الإعلامي لحزب التحرير وكان بعنوان: أسباب اندلاع الثورات في العالم العربي. ثم تتالت بعدها الكلمات:

الكلمة الأولى كانت بعنوان: “ثورة الشام أم الثورات” ألقاها المهندس هشام البابا/ عضو المكتب الإعلامي المركزي – سوريا: وقد تضمنت بعد حمد الله والثناء عليه: لمحة تاريخية عن فتح بلاد الشام منذ أن عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين اللواء لجيش أسامة ثم ذكر المدن والمناطق التي كانت ولاية الشام تضمها وتشمل سوريا ولبنان والأردن وفلسطين بالإضافة إلى قبرص وسيناء، وعرج على أن دمشق أصبحت لعشرات السنين عاصمة دولة الخلافة وكانت مركز القرارات الدولية وحكم العالم، ثم ذكر النصوص في فضل الشام وأهلها، فكل القلوب تهفو إلى الشام وتحبها حتى الطيور والماء والسماء والصحابة والتابعين والعلماء الذين عاشوا فيها، وذكر أنه لا يتصور خلافة بدون الشام.

ولأجل أهمية الشام اشتدت وكثرت عليها المؤامرات حتى استطاع الغرب بعد إسقاط الخلافة أن يقسمها وزرع فيها كيان يهود في بيت المقدس.

ومع انطلاق الثورات ووصولها إلى قلب الشام عمل الغرب على إجهاضها ودعم النظام المجرم، ولكن أهل الشام، وهم أحفاد الصحابة والتابعون، لازالوا في ثورتهم حتى يسقطوا الأسد وعملاء الغرب بإذن الله… وذكر أن الثورة في الشام لها حس متميز،. هذا التميز جعل الثورة السورية هي أم الثورات بحق في هذا الربيع… ونبَّه إلى أن على أهل الشام أن يعوا مكر الغرب وخداعه فهو لا يريد لنا خيراً، وكل ما يهمه هو مصالحه واستعمارنا وإبعادنا عن ديننا… ودعا أهل الشام أن لا يمكنوا أميركا ولا أوروبا ولا عملاءهما من قطف ثمار الثورة وتضييع تضحياتهم وأنهم قادرون على التغيير الحقيقي… ودعاهم كذلك إلى الصبر والمصابرة و والمرابطة في سبيل الله، فما النصر إلا صبر ساعة… وبشَّر أن الشام ستعود بإذن الله كما كانت منطلق الفتح والنصر في الأرض… ثم توجه إلى أهل الشام أن ثورتكم إسلامية من أول يوم أعلنتم فيها “لن نركع إلا لله” و”الموت ولا المذلة” و”دين محمد كله عز” و”يا خالد يا ابن الوليد الخلافة بدنا نعيد”… وبذلك كانت ثورتكم أم الثورات.

بعد ذلك تم عرض كلمة مسجلة بالصوت والصورة للشيخ المجاهد أحمد الصياصنة إمام وخطيب المسجد العمري في درعا وأبرز ما ورد فيها: كنت أتمنى أن أكون بينكم ولكن الظروف الصحية وغيرها حالت بيني وبين ذلك… وأتمنى لمؤتمركم تحقيق أهدافه التي يتمناها كل مسلم على وجه الأرض… ثم دعا للشهداء والجرحى وأن يفرج الله عن الأسرى والمعتقلين ويثبت الناس في وجه نظام بشار وحزب البعث الجائر الذي حارب الله ورسوله والإسلام والذي أعلن منذ البدء أنه لا يؤمن بالأديان السماوية، وكان دوماً يسعى لمحاربة أي كلمة في أي مسجد، فشدد الرقابة على المساجد وخنق الناس وكتم أنفاسهم وحارب الله في مناهج التعليم والخطب والدروس. وخلع زبانيته الحجاب عن رؤوس الفتيات، أليست هذه حرباً على الله؟!. ألم يعلنوا أنهم علمانيون وأنه لا تعلو كلمة فوق الاشتراكية، فهذه هي حربهم.

ولقد وجد شعبنا أن لا مناص من الثورة على الظلم رغم الكبت والإرهاب، فخرج في 18 آذار ينادي بالحرية والعزة والكرامة، فجن جنونهم فأرسلوا الأمن والشبيحة ليطلقوا النار عليهم ويقولوا القوة والرصاص والمدفع بأيدينا… وكل ذلك لم يفت من عضد شعبنا. وقد اقتحموا المسجد العمري وداسوا على المصاحف وكتبوا بالفارسية ومما كتبوه لا تسجدوا لله واسجدوا لبشار، وقتلوا وشردوا وظنوا أننا سنقول لهم سمعنا وأطعنا، فقلنا بأعلى صوتنا: إننا مع الله، ندافع عن دين الله والإيمان والإسلام، ولن نرضى أن تكون للكفر والإلحاد كلمة في بلاد الشام، فهذه البلاد مدحها الله تعالى وقال الرسول r: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين على من ناوأهم وهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتي أمر الله وهم كذلك قلنا يا رسول الله وأين هم؟ قال: في أكناف بيت المقدس»

    الشام ثارت ولم تطلب العون من أميركا ولا من أوروبا ولا من أي أحد إلا من الله، وقد سلطوا عليها الصواريخ ودمروا المساجد والمقدسات وقال زعيمهم: “إن أرادوا المعركة فنحن لها” فأجبناه “ونحن لها” وبالرغم من أننا لا نملك السلاح ولكننا نملك ما هو أقوى من السلاح، نملك الإسلام والعقيدة والإيمان، ووقفنا بوجههم رغم آلة القتل والتدمير ورغم السرقة للممتلكات والاعتداءات، رغم كل السلاح الروسي والإيراني، ورغم تآمر حزب الله والصدر والمهدي وغيرهم من قوى الأرض علينا، فإننا ماضون في الثورة حتى النهاية وحتى النصر، وما النصر إلا من عند الله.

أما سمعتم قول شعبنا “يا الله ما لنا غيرك يا الله” ونحن نعلن الإيمان المطلق بالله، وسيكتب الله لنا النصر، ولن يكون لأحد يد علينا فيه، فثورتنا ثورة شعب مؤمن، وستتحقق أهدافها، وستكون منطلقاً لتحرير الأقصى والقدس رغم أنف أميركا والعالم الذي يتكالب علينا… أعلناها ثورة إيمان مبنية على العقيدة التي لا تتزعزع، فلنا النصر بإذن الله تعالى على الطواغيت قال تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)).

الكلمة الثانية كانت بعنوان: “سنة الله ضد الظالمين”. قدمها الأستاذ يوسف  يعقوب/ مندوب حزب التحرير من تونس، وأبرز ما تضمنته: إن من لا يدرك قدرة الله وإرادته في التاريخ هو جاهل وسطحي التفكير؛ فهو يتوهّم الإحاطة بما يضمن حتمية النتائج ويقينيّة فرعون وهامان وسائر الطغاة، ولكن ثغرات يدّخرها الله في التاريخ للمستضعفين لا يراها المستكبرون إلا وقد تهاوت عليهم بما يشبه الزلزال أو الصيحة أو الطوفان…

هذه المقدمة النظرية لازمةٌ لتُحدث الاطمئنان عند المؤمن من كونه غير متروك، لا هو ولا أمته، لمهبّ الأحداث وأهواء الشياطين من الإنس والجن، وإنما هي دورات ابتلاء وتمحيص (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).

وما حدث في تونس على سبيل المثال أنّ النظام ظن منذ الاستقلال أن المكر كافٍ لخلق سنن دائمة قاهرة (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29))؛ فبورقيبة سمّى الشعب أمة.. وسمى العمالة جهاداً.. والفساد والإفساد صلاحاً وإصلاحاً (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11))، وظن أنه قادر على تحويل وجهة الأمة تحويلاً نهائياً نحو فصل الدين عن الحياة في انتظار إلغائه إن أمكن!… وظن بورقيبة أن مكره كافٍ لإبطال سنّةٍ وخلْق سنّة، فكان القمع والقهر، وكان التغريب وكانت سياسة الأمر الواقع… حتى إذا ظن أنه يقدر، جاءه الضدّ مما كسبت يداه: رجل ربّاه على عين بصيرة لينقلب على سيده… بأسلوب بورقيبة نفسه وهو الغدر بوليِّ النعمة وتوهُّم أن المكر وحده كاف لتغيير المسارات… إنما هي سنة زحزحت مكراً كبّاراً تألَّه أو كاد… ولأن سقوط ذلك الطاغية كان فرصة للمخلصين ليتداركوا ما تعذر عليهم أو ما توهموه متعذراً… ولأنهم لم يركبوا السنّة التاريخية بما هي فرض تكليفي بالتغيير الصحيح فقد تحكمت فيهم سنة أخرى بتفريطهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حكم الله، فذاق الشعب وبال أمره وتحكم فيه الطاغية بن علي الذي كان مقياسه في الطغيان والتحكم (كل ممكن يُفعل).

ولكن التاريخ الذي تحكمه سنة الله ليس هو الظاهر السائر فحسب، وإنما أيضاً الكامن الذي يجب على الواعين أن يقدروه ويتمثلوه… والكامن في الناس المكظوم كان إحساساً بالتذمر وعدم الرضى والشعور بأن هذا الإذلال لا يليق بهذه الأمة ولا سيما أن مصاب أهلنا في تونس كان في دينها رأساً؛ لذا كان طبيعياً أن يتجمع الإحساس ويتربص الفرصة والإذن من رب التاريخ لتكون الثورة والدفع، وكانت فعلاً طبيعياً غير مستغرب لأن عكسه هو الغريب، فحالة الحكام في بلاد الإسلام استثناء وشذوذ وأمر مؤقت وغير طبيعي.

ولما انكسر القيد وشعر الناس أنهم قادرون على المزيد وأن التاريخ يواتيهم هذه المرة بدأ المكر الدولي والمحلي يستجمع قواه ليمنع هذه الثورة من ثمارها الطبيعية… أمة تستعيد رشدها، ومن تمام رشدها قيامها بالإسلام وعليه.

لذا وجب على المخلصين تمثُّل سنّة أخرى من سنن الله تكون دوماً قبل النصر… وهي الصبر على الأمريْن: الأمر الواقع بمرارته وابتلائه، والأمر الرباني بما فيه من حق وبشارة تدعونا إلى لقاء فيه استظلال لإرادتنا بإرادة الله عند ميقات معلوم «…ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ» لتبدأ سنن أخرى: تحرر نهائي وجهاد… بإذن الله.

وأخيراً ليعلم المسلمون عموماً والمخلصون تحديداً أن أحكام الله هي في ذاتها تخلق سنن التاريخ وتخرق فيه خرقاً، فلا يجب أن يستهينوا بجهدهم مستعينين بالله ومتوكلين عليه، (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) فأحكام الله بجذرها الإيماني طاقة جبارة أَذِنَ الله لها أن تكون مِهاداً ووِطاءً لنصره. (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) و(إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

الكلمة الثالثة كانت بعنوان: “الحصاد المر للحكم الجبري” قدمها الناشط الأردني محمد خلف الحبيب، وأبرز ما تضمنته: تعريف الحكم الجبري أنه الحكم القائم على الاستبداد والقهر، وعلى إلغاء الحكم بالإسلام، ثم ذكر أن الاستعمار لبلاد المسلمين أوجد أنظمة ترضي الغرب وتسرق أموالنا وتقوم بأعمال تعجز عن مثلها الشياطين. ثم ذكر أن هؤلاء الطغاة جعلوا من أنفسهم آلهة، وأثقلوا كاهل الأمة بحروب ضد نفسها وفيما بين أبنائها. فجمال عبد الناصر حارب في اليمن خمس سنوات، بينما لم يصمد أمام (إسرائيل) خمس دقائق في حرب 1967م. لقد ألـَّهوه وجعلوه مخلص البشرية وبطل العروبة، بينما لم نرَ منه إلا الهزائم. وكذلك صدام حسين… إن هؤلاء الحكام ربوا جنودهم على طاعتهم وحربهم لشعوبهم، لا على حرب أعدائهم، فهؤلاء حين يحاربون شعوبهم يستبسلون، وحين يحاربون الأميركيين واليهود يولون هاربين… لقد جعلوا بلادنا بلاداً وظيفية لخدمة اليهود والأميركيين، حيث باعوا البترول بثمن بخس، من أجل أن يبقوا في الحكم… ثم هناك عدة دساتير وضعية وضعوها، ومنها بالأردن، نضرب لكم مثالاً، إن من يشتم الله في الأردن لا عقوبة عليه، بينما من يشتم الملك عقوبته 3 سنوات. ومن يحرق صورة الملك يعاقب 3 سنوات، بينما من يحرق القرآن الكريم فلا عقوبة عليه. ويدعون أنهم أشراف مقربون من نسب الرسول e. فمن ينتسب إلى الرسول e يحكم بما أنزل الله.

ثم عرج على ذكر علماء السلاطين وسوء علمهم حيث اعتبرهم أنهم خطر كبير في تضليل الأمة. بعد ذلك ذكر أن دولة الخلافة قد أذلت الأعداء وهزمت الصليبيين وحافظت على المسجد الأقصى 500 عاماً، بينما تنازل الملك فيصل عام 1919م عن فلسطين والمسجد الأقصى لليهود إلى هرتزل مقابل أن يصبح ملكاً على سوريا، وهذا موثق وموجود في أرشيف التاريخ… إن الأمة تنبض وتقول إنه لا ينقصها إلا تطبيق الشريعة، ومتى طبقنا الشريعة فإن الدساتير الوضعية سوف تزول، فهي من صنعهم، وشرع الله لا تبديل عليه… ومن الغريب العجيب أنه في عدد من الدول العربية، قاموا بتشريعات جديدة قبل أسابيع، وخلال أسبوع واحد فقط، أقروا أنهم لا يريدون تشكيل أحزاب دينية، ففي ليبيا أقروا أنهم لن يسمحوا بتأسيس أحزاب على أساسي ديني، وكذلك تونس ثم الأردن ومصر وسوريا والمغرب وغيرها. لماذا هذا التوقيت الخبيث؟ إنهم لا يريدون شرع الله، ولا يريدون أن يكون القرآن مصدر تشريعنا. فلا بد أن نعلم أنهم يريدون احتواء هذه الثورات من أجل معصية الله ومعصية الرسول e.

ثم ختم بقوله: ما أخافُه الآن هو أن بعض الدعاة يتحاورون مع الغرب الذين يريدون الإسلام الناعم لتسليمهم الحكم. فهؤلاء يريدون دولة مدنية، بينما الحق أن لا دولة مدنية في الإسلام، بل تطبيق شرع الله، والحكم بما أنزل الله…

لقد أثبتت ثورات الأمة للعالم أن شعوبنا شعوب مسلمة، وتأبى إلا أن تقول “لا إله إلا الله” ولا بديل عن الإسلام، ولا بديل عن شرع الله، وهي تسعى لاستعادة طاقاتها الجبارة المسلوبة من قبل الأنظمة الكرتونية التي تحارب الإسلام، وأن الخير في ثناياها، وسيكون لها النصر والتمكين بإذن الله تعالى.

الكلمة الرابعة كانت بعنوان: “انجازات وآفاق الثورات في العالم العربي” قدمها الأستاذ شريف زايد رئيس المكتب الإعلامي – ولاية مصر. وأبرز ما تضمنته: لقد ثارت الشعوب في العالم العربي على أنظمة الظلم والفساد والتبعية للغرب الكافر، وقدمت أروع الصور في التضحية والإقدام والثبات للتخلص من تلك الطغمة الحاكمة التي جثمت على صدورها لعقود طويلة. ويظهر من سياق تلك الثورات المباركة في بلاد المسلمين أن هناك إصراراً من أميركا والغرب لسرقة هذه الثورات لتتوَّج بوصول ما يسمى بالإسلام المعتدل أو الوسطي أو حتى الإسلام الليبرالي، وذلك لقطع الطريق أمام الأمة لإحداث أي تغيير حقيقي وجذري على أساس الإسلام.

لقد تم إبراز دعاة المنهج الوسطي الإصلاحي بشكل لافت للنظر منذ فترة طويلة زادت على المائة عام، ويقوم أصحاب هذا المنهج بدورهم في هذه اللحظة المفصلية في تاريخ الأمة اليوم، ذلك أن الغرب قد أُسقط في يده، فها هو يرى أن جهوده طوال تلك الفترة السابقة تذهب سدى، فلم تفلح تلك الجهود في إبعاد الأمة عن دينها، ولم تستطع أن تجعل الأمة ترضخ لما خطط لها.

وذكر أن هذه الثورات المباركة لن تتوقف حتى تسفر عن تغيير حقيقي يرضى عنه الله ورسوله أولاً، وترضى عنه الأمة الإسلامية ثانياً، يدفعنا إلى القول بذلك عدة أمور أهمها ما يلي:

1- الأمة اليوم أكثر وعياً على إسلامها.

2- الأمة اليوم تتشوق إلى الحكم بالإسلام.

3- الأمة اليوم تعرف من هو عدوها.

4- الأمة اليوم تريد الوحدة، وترفض الفرقة والتشرذم.

5- الأمة اليوم كسرت حاجز الخوف.

إنّ أفق الثورات في بلاد المسلمين يبشر بالخير العميم، وإننا واثقون بأن الأمة قادرة بإذن الله على إفشال مخططات أميركا والغرب الكافر لإفشال تلك الثورات وحرفها عن مسارها الطبيعي الذي سيتوَّج بإذن الله بعودة الخلافة على منهاج النبوة، وما هي إلا مسألة وقت لتهب الأمة لمبايعة خليفة يقودها بكتاب الله وسنة رسوله، وما ذلك على الله بعزيز. قال تعالى (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)).

اللهم إنا نسألك خلافة راشدة على منهاج النبوة، يعز بها الإسلام وأهله، ويذل بها الكفر والنفاق وأهله، واجعلنا فيها من الداعين إلى دينك، ومن القادة إلى سبيلك، من الداعين إلى الخير والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

الكلمة الخامسة كانت بعنوان: “برنامج الثوار المفقود” قدمها المناضل السياسي الأستاذ محمد الترهوني – ليبيا. وأبرز ما تضمنته: لقد طفح الكيل بالمسلمين وهم يرون أنفسهم من حال سيئ إلى حال أسوأ… فشرعوا يسعون إلى الخلاص ممّا هم فيه من العنت والشّقاء، وعادوا يحنّون إلى مصدر قوّتهم وعزّهم، وسبيل وحدتهم وحرّيّتهم، وهو الإسلام العظيم بعدله وإنصافه ورحمته. وانتشر الوعي وبات النّاس يعرفون مثلاً أنّ العلمانية هي غير الإسلام، ولو أسقطوا عليها اسم الإسلام المعتدل الموافق للعصر، ويعرفون أنّ الدّولة المدنيّة هي غير الدّولة الإسلاميّة ولو حاولوا انتحال التّضليلات لذلك. واتّسعت دائرة الصّحوة الإسلاميّة في كلّ مكان، وبدأ الحراك الفكريّ والسياسيّ لدى الأمّة الإسلاميّة يزداد يوماً بعد يوم، وأصبح الأمل في وحدة الأمّة واستئناف الحياة الإسلاميّة بإقامة الدّولة الإسلاميّة هدفاً ليس بعيد المنال.

بيد أنّ الإصلاح والتّغيير إلى الأفضل لا يأتي بمجرد الإطاحة بحاكم أو برموز نظامه، وإنما يكون بوجود منهج بديل لكلّ تلك الأنظمة.. منهج فكريّ صحيح نابع من عقيدة هذه الأمّة، هذه العقيدة الّتي ينبثق عنها نظام شامل ينظّم جميع أمور حياة الإنسان كإنسان في كلّ زمان.. في أمور الحكم والسّياسة، وفي شؤون الاقتصاد والاجتماع، وفي علاقات الإنسان بربّه وبنفسه وبغيره من بني البشر، وغياب هذا المنهج الفكري هو ما أدى إلى ما نراه اليوم من فوضى وارتباك في البلدان الّتي شهدت هذه الثّورات، ومن فراغ أمنيّ وسّياسيّ فيها ترك المجال واسعاً للصّراعات الفكريّة والسّياسيّة بين الأحزاب والتّنظيمات، وبين القبائل والأقلّيّات والجهات، وبين الثّوار والأنظمة السّابقة.. وترك المجال لهذا الفراغ الأمنيّ الخطير وهذا التّنافس الشّديد المستميت بين الدّول الكبرى على التّدخل في المنطقة، والسّيطرة عليها من جديد.

لقد خرجت جماهير أمّتنا في كثير من البلاد الإسلاميّة ومنها منطقتنا العربيّة.. خرجت بعد هذه الثّورات تطالب بتطبيق الشّريعة الإسلاميّة وبسنّ دستور إسلاميّ وقوانين إسلاميّة، بل ذهبت في مطالباتها في أحد هذه الأقطار بإقامة الدّولة الإسلاميّة وإقامة الخلافة.

وختم بقوله: أيها الإخوة: لقد قدّمت أمّتنا خلال هذه الثّورات والانتفاضات العديد العديد من التّضحيات والضّحايا من أجل توحيد الأمّة وإعلاء كلمة الله، وتطبيق شرع الله، لا من أجل الدّيمقراطيّة وسيادة أنظمة الكفر وسيطرة أعداء الإسلام على مقدّرات الأمة وخيرات وثروات المسلمين. فلا تجعلوا تلك التّضحيات تذهب هباء أو تضيع هدراً، ولا تفرّطوا في دينكم وعقيدتكم، أو تفرّطوا في حقّ أمّتكم عليكم وحقّ المسلمين جميعاً في أن يعيشوا في عزّة وكرامة وإباء، وفي أن يسعوا إلى إقامة دولتهم، وتوحيد أمّتهم، وأن يصنعوا مجدهم وحضارتهم من جديد في ظلّ نظام الإسلام العظيم.. نظام العدل والإنصاف، والحريّة والكرامة لكلّ النّاس.

بعد ذلك تم الانتقال إلى فترة المداخلات وكان أبرزها رسالة من أحد شباب حزب التحرير (أبو مصطفى) من داخل أحد السجون في سوريا، وهذا نصها:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، الحمد لله الذي هدانا للإسلام وأكرمنا بمحمد خير الأنام، وجعلنا من جنود الخلافة والإسلام.

أما بعد إخواني، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)) ويقول الرسول e: «من مات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم»، إخواني في الله، إني في سجني مكبل في قيودي، مثقل بأغلالي، أكتوي بنار الظالمين، أذوب لوعة على ما يجري للمسلمين… إخواني، وأنا في سجني ليس لي حيلة إلا التضرع إلى الله بأن يثبتكم وينصركم على أعداء الله ورسوله والمؤمنين. لا أستطيع أن أصف لكم شعوري وشعور إخواني هنا، على ما نسمع لأعراض المسلمين من اغتصاب ومهانة، وللأطفال من قتل وتشريد، وللرجال من اعتقال وإذلال وغيره من مآسٍ لا يستطيع عقل أن يتخيلها. كل هذا يجري على مسامعنا، ونكاد ننفجر من شدة الغيظ. هذا حالنا، فكيف بكم وأنتم تسمعون الصراخ والآلام من الصغار والأطفال والنساء على الحقيقة؟ ألا يدعوكم هذا إلى العمل الجاد المبرئ للذمة أمام الله وأمام إخوانكم؟ كيف يهنأ لكم العيش مع هذا، تذكروا قول الله: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)).

إخواني، هذه فرصتكم، فأروا الله ما تصنعون، ولا تخذلوا إخوانكم. إن المرحلة اليوم مرحلة فاصلة، فإياكم والتراخي عن نصرة إخوانكم، فإن تراخيتم وتخاذلتم، فانتظروا أمر الله فيكم. إخواني أعلم مدى حرصكم على دينكم وأمتكم، ولكن لا بد من التذكر، فلقد وصلتنا أخباركم، ورأينا بعض أعمالكم، فجزاكم الله عنا كل خير، ووفقكم ونصركم، وسلمكم الله.

 المداخلة الثانية كانت كلمة مسجلة من أحد الثوار من الشام الأخ عمر التلاوي:

قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)).

أيها الأخوة الكرام، في هذا المؤتمر الطيب المبارك، أحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لا أضيف جديداً لو تحدثت لكم عن جرائم النظام وحقده الدفين، ولن أضيف جديداً لو تحدثت لكم عن يقيننا أن كل دول العالم معه في حربه تلك، ولكن ما أود أن أحدثكم عنه، هو ما يجول في خاطر الثوار، وبماذا يفكرون به، وعلى ماذا تنعقد الآمال عليه. إن الثوار يرون اصطفاف الباطل مع الباطل، ونصرة الظلاَّم للظلاَّم، وتآمر العملاء مع العملاء، ومع ذلك  يزدادون إيماناً، وتزداد عزائمهم صلابة في وجه هذا العدوان وهذا التآمر وهذا الخذلان. ولكن ما يجول في خاطرهم فسؤال أتوجه به من خلال مؤتمركم هذا للمسلمين في العالم، أين نصرة الحق للحق؟! أين اصطفاف المظلومين مع المظلومين؟! أين تكاتف الأمة بعضها مع بعض كالجسد الواحد؟! إن الثوار يفكرون بالقدس وتحرير بيت المقدس، فهم يفكرون بإنجاز تاريخي تنعم به الأمة من إندونيسيا إلى المغرب، عزاً ورفعة ونصراً. أما الآمال فهي تنعقد بعد نصرة الله وتوفيقه على أبناء الأمة المخلصين ومن صدق الله منهم، ولا نزكي على الله أحداً، وذلك بأن يقيموا شرع الله في أرض الشام المباركة. وأقول لكم ما قاله نبينا محمد e: «… ثم تكون خلافة على منهاج النبوة». هذا ما يجول في خاطرنا وهذه أسئلتنا وهذه آمالنا، ونسأل الله عز وجل الذي بيده كل شيء أن يعجل نصره، وينتقم من القوم المجرمين. اللهم لا تجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً. تقبل الله منا ومنكم وبارك الله بكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المداخلة الثالثة: كلمة أبو بلال الحمصي:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نحيّي جمعكم المبارك هذا في عاصمة نصر ثورة الشام طرابلس الشام، فبارك الله بمؤتمركم هذا. إني أتحدث إليكم من مدينة حمص البطولة، من مدينة سيف الله المسلول خالد بن الوليد، من المدينة التي ضم ترابها العطر أجساد الصحابة الطاهرة، أكلمكم وقلوبنا تعتصر ألماً لما حل بحمصنا الذبيحة من دمار وخراب. ولما سالت بها من دماء. ماذا أقول لكم؟ هل أحدثكم عن المجازر والانتهاكات والجرائم القذرة، التي يقترفها هذا النظام المجرم وزبانيته، أم أحدثكم عن باب عمرو البطولة أم عن كرم الزيتون المنكوبة، أم عن مذابح العدوية والخالدية والبياضة؟ أم عن الدمار في القصور والقرابيس وجورة الشياح، أم عن التخريب والسرقة في الإنشاءات وفي كل مكان. أحدثكم وكل هذا يحدث أمام أعين العالم وأمام أعين المسلمين، ولا أحد يحرك ساكناً.

إخوتي في الله، نحن لنا الله، ونحن نرضى بما قضاه لنا الله، ولئن متنا في طاعته في هذه الثورة خير لنا من الحياة في معصيته، ولكننا نحملكم أمانة الله في دينه، لأن بشار ومن معه لا يحاربون ثورة وثواراً فحسب، بل هم يحاربون أمة في دينها ومعتقداتها ومقدساتها. كيف ترضى أمة الإسلام أن يُفتن المسلمون عن شهادة الحق “لا إله إلا الله” ليقول لا إله إلا بشار؟! استغفر الله. كيف ترضى أمة الإسلام أن تُمنع الجمعة والصلاة والآذان في بلاد الشام بلاد المسلمين؟! كيف ترضى أمة الإسلام أن تنتهك أعراض الحرائر المحصنات؟! كيف ترضى أمة الإسلام أن تدنس المصاحف وتهان؟! كيف لا تغضب أمة الإسلام عندما يدنس دستور دولتها القرآن الكريم؟! ألا يا أمة الإسلام نصرة لدين الله، نصرة للحرائر العفيفات، نصرة للمصاحف والمساجد المدنسة، نصرة للأطفال اليتامى والنساء الثكالى والشيوخ الضعفاء. اللهم نسألك أن تحرك أفئدة جند الإسلام والضباط وأهل القوة لنصرة دينك، ونصرة الحق وأهله، اللهم أنت مولانا، ونعم المولى ونعم المصير. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12)). صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد ذلك قدم الأستاذ سيف الحق قصيدة من وحي المناسبة:

مِنْ وَحْيِ ثَوْرَةِ الشَام

تلا ذلك أسئلة من داخل القاعة أجاب عنها المحاضرون

يا شامُ مَوْعِدُنا الخِلافَةُ قدْ دَنا

فَتزيَّني كَيْ تَلبَسيْ ثوْبَ الهنَا

بُشراكِ يا عُقرَ الخِلافَةِ فَاسْمَعِيْ

مَا قَالَ عَنْكِ رَسُولُنا وَنبيُّنا

يا شامُ يا أرضَ الأمانِ إذا فُتنْــ

ـنَـا في الحياةِ وضلَّ عنَّا رُشدُنا

يا عُقْرَ دَارِ الْمُؤمِنِيْنِ وَمَنْبَتًا

لِلْقَائِمِيْنَ عَلىْ عَقيدةِ دِينِنَا

طوبىْ لِمَنْ سَكنَ الشآمَ يَحُفُّها

ظلُّ الملائِكِ، فيِ كَفَالَةِ رَبِّنَا

يا شامُ يَحفَظُكِ العَزيزُ بِعَيْنِهِ

يَا صَفْوةَ اللهِ التي ثَبَتَتْ هُنَا

أرضُ الرِّبَاطِ رَوَىْ ثَرَاكِ دَمٌ جَرَىْ

مِنْ خَيْرِ خَلْقِ اللهِ صَحْبِ رَسُوْلِنَا

يا شامُ أنتِ العزُّ، أنتِ المجدُ، أنـ

ـتِ الفخرُ، أنتِ الدارُ تجمعُ شَمْلَنا

قوميْ اصرُخيْ فيْ وجهِ منْ ظلمُوا ومنْ

فَسَقوا وَعَاثوا وَاستَباحُوا عِرضَنَا

قوميْ ابْصُقيْ فيْ وجهِ منْ قتَلوا ومَنْ

فتَنَوا وَمَنْ فيْ الليلِ رَوَّعَ أمْنَنَا

قوميْ اْخلعِيْ ثوبَ الهوانِ فإنَّ شعْـ

ـبَكِ يَا دِمشقُ لغيرِ ربِّكِ ما انْحَنَى

قوميْ اْنبِذِيْ عَنْكِ النَّجَاسَةَ والدَنَا

سَةَ، طهِّريْ بِالدَّمِّ تالدَ مَجْدِنَا

قُوميْ الْعَنيْهِمْ والْعَنِيْ أشيَاعَهُمْ

لا تَتْرُكِيْ كَلبًا يُدنِّسُ أَرْضَنَا

يا شامُ هَذا البَعْثُ حِزْبُ جَرَائِمٍ

مُذْ جَاءَ يَهْدِمُ بِالْمَعَاوِلِ صَرْحَنَا

يَسْتَهْدِفُ الأَحْيَاءَ يَقذِفُ حِقْدَهُ

بِمَدَافِعٍ وَقَنَابِلٍ فَتَكَتْ بِنَا

بشَّارُ هَذا الكلبُ ألَّبَ جَيْشَهُ

فعلَ المغولِ يُحَرِّقُوْنَ بُيُوْتَنَا

مِثْلَ الذِئابِ جُنُودُهُمْ وَحُشُودُهُمْ

شَبِّيْحَةٌ كَانُوا أَرَاذِلَ قَوْمِنَا

بشَّارُ هَذا الوَغْدُ حَضَّ كِلَابَهُ

وجِرَاءهُ حَتّى تُمَزِق لَحْمَنَا

أَنْصَارُهُ دُوَلُ النَّصارىْ وَاليَهُوْ

دُ تآمَرُوا حَتَّىْ تَفَرَّقَ جَمْعُنَا

رَبَّاهُ إنَّ الرُّوْمَ قَدْ غَدَرُوا بِنَا

وَالفُرْسُ تَرْدُفُهُمْ وَتُهْلِكَ حَرْثَنَا

حَتَّىْ الذِيْنَ نَظُنُهُمْ إخْوَانَنَا

وَلَّوْا لَنَا أدْبَارَهُمْ وَوَشَوْا بِنَا

لَمْ يَبْقَ إلا أنْتَ نَلجَأ عِنْدَهُ

لَبَّيْكَ يَا أللهُ غَيْرُكَ مَا لَنَا

هيَ ثَوْرَةٌ للهِ، يَعلوْ صَوْتُهَا

لَبَّيْكَ يا أللهُ جِئْنَا كُلُّنَا

جِئْنَا مَلايينٌ لِنَفْدِيْ دِيْنَنَا

وَلِجَنَّةِ الفِرْدَوْسِ تَاقَتْ رُوْحُنَا

لَبَّيْكَ يَا أللهُ إنَّ حَيَاتَنَا

هَانَتْ لِنُرْجَعَ مِنْ جَدِيْدٍ عِزَّنَا

لَبَّيْكَ يَا أللهُ، إنَّ نُحُوْرَنا

رَهْنُ اْنْتِصَارِ الحَقِّ فَاقْبَلْ رَهْنَنَا

لَبَّيْكَ مَا خُنَّا وَلا عَنْ حَقِّنَا

يَوْمًا سَنَرْجِعُ أوْ نُلاقِيْ حَتْفَنَا

إمَّا الشهَادَةَ صَادِقِيْنَ نَنَالُها

أَوْ نَنْتَصِرْ، حَقٌّ عَلَيْهِ يَقِيْنُنَا

يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ هَانَتْ جِرَا

حُ الشَّامِ إذْ نَزَفَتْ، أَلَيْسَتْ جُرْحَنَا؟!

يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ هَانَتْ نِسَا

ءُ الشَّامِ يَغْصِبْهُنَّ وَغْدٌ بَيْنَنَا؟!

يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هَلْ هَانَتْ نِدَا

ءَاتُ الثَّكَالَىْ يَسْتَغِثْنَ بِجُنْدِنَا؟!

يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ هلْ يُرْضِيْكِ هَـ

ـذَا الصَّمْتُ أَطْبَقَ مِثْلَ صَمْتِ قُبُوْرِنَا

يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ يُرْضِيْكُمُ

هَذا السَّفِيْهُ يَقُوْدُنَا وَيَسُوْدُنَا؟!

يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ مِنْ نَخْوَةٍ

تَسْرِيْ بِكُمْ تَحْمِيْ بَقَيَّة أَرْضِنَا!

يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ مِنْ مُخْلِصٍ

مِنْكُمْ رَشِيْدٍ يَنْتَصِرْ لِشُيُوْخِنَا

يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هَلْ فيكم غيو

ر ينتفض حتى يحرر شَاْمَنَا!

يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ أيْنَ وَلاؤكُمْ؟!

للهِ أمْ لِلبَعْثِ صِنْوِ عَدُوِّنَا!

يَا أَيُّهَا الأَحْرَارُ هُبُّوْا وَاجْمَعُوْا

رَايَاتِكُمْ تَحْتَ اللِّوَاءِ يَقُوْدُنَا

أللهُ أكبَرُ يَوْمَ صاحَ رِجَالُنَا

بَشَّارُ وَيلَكَ إنَّ حَتْفَكَ هَهُنَا

يَا شَامُ لَنْ نَركَعْ لِغَيْرِ اللهِ مَهْـ

ـمَا دَمَّرُوْا  أوْ قَتَّلُوْا مِنْ أهْلِنَا

يَا شَامُ عَهْدَ اللهِ لَنْ نَخْضَعْ وَلا

نَرْضَىْ الهَوانَ وَلا نُهَادِنُ مَنْ جَنَىْ

يَا شَامُ لَوْ طَالَ الحِصَارُ وَشَدَّدُوْا

طَوْقَ الخِنَاقِ فَإنَّ نَصْرَكِ قَدْ دَنَا

رُغْمَ الأُنُوْفِ، نَرَاهُ يُشْرِقُ سَاطِعًا

نُوْرًا بَدا فَوْقَ الْمَدَائِنِ حَوْلَنَا

وَبَشَائِرُ الفَجْرِ الْمُضِيءِ أُحِسُّهَا

تَسْرِيْ بِأَرْوِقَةِ الشَّآمِ تَحُفُّنَا

يَا شامُ ثَوْرَتُكِ العَظِيْمَةُ قُدْوَةٌ

لِرَبِيْعِ أُمَّتِنَا التِيْ ثَارَتْ هُنَا

يا شامُ أنتِ النُّورُ، أنْتِ النَّارُ، أنْـ

ـتِ البِشْرُ، أنْتِ الفَجْرُ أسْفَرَ مُعْلِنَا

لِيَقُولَ إنَّ اللهَ أنْجَزَ وَعْدَهُ

لِنَبِيِّهِ، فَتْحًا أَتَىْ بَعْدَ الضَّنَا

كُوْنِيْ القِيَادَةَ وَالرِّيَادَةَ إِنَّنَا

نَسْتَشْرِفُ الخَيْرَ العَمِيْمَ لِدِيْنِنَا

أَطْفَالُنَا قَبَرُوْا الهَوَانَ وَقَدَّمُوْا

صُوَرَ الفِدَاءِ فَألَّفُوْا مَا بَيْنَنَا

وَشَبَابُنَا خَطُّوْا البُطُوْلَةَ مِنْ كَلا

مِ اللهِ يَبْعَثُ فِيْ الجَوَانِحِ مَأْمَنَا

وَنِسَاؤنَا يَغْزِلْنَ ألوانَ الكَرَا

مَةِ وَالشَّهَامَةِ مِنْ شَذَىْ تَارِيْخِنَا

وَتَعَاهَدُوْا أنْ لَنْ يَعُوْدُوْا للوَرَا

حَتَّىْ يَقُوْمَ العَدْلُ فَوْقَ رُبُوْعِنَا

هِيَ ثَوْرَةٌ للهِ، إنَّ اللهَ بَا

لِغُ أمْرِه، وَاللهُ كَانَ نَصِيْرَنَا

هَذِيْ بَشَائِرُ عِزِّنَا لاحَتْ عَلىْ

جُدْرَانِ دِرْعَا سَوْفَ تَبْعَثُ فَجرَنَا

هَذِيْ بَشَائِرُ قُوَّةٍ ظَهَرَتْ عَلىْ

أَبْوابِ حِمْصٍ سَوْفَ تُحْيِيْ شَعْبَنَا

هَذِيْ بَشَائِرُ نُصْرَةٍ حُمِلَتْ عَلىْ

أَكْتَافِ أَحْرَارِ الأشَاوِسِ جَيْشِنَا

هَذِيْ بِشَارَةُ أَحْمَدٍ نُنْهِيْ بِهَا

حُكْمَ الجَبَابِرَةِ الطُّغَاةِ يَسُوْدُنَا

ونُمَزِّقُ اللَّيلَ البَهيمَ بِنُورِهِ

ونُزيلُ أقَذَارَ العَمَالَةِ وَالْخَنَا

أشْلاءَ بَشَّارٍ وَنَبْحَ كِلابِهِ

لِنُطَهرَ الدُّنْيَا وَنُسِمِعَ صَوْتَنَا

وَنَرُدَّ لِلشَعْبِ الكَرِيْمِ وَقَارَهُ

وَنُقِيْمَ عَدْلاً فِي الْمَدَائِنِ حَوْلَنَا

وَنُعِيْدَ أمْجَادًا وَنَرفَعَ رَايَةً

نَزْدَادُ فَخْرًا مِنْ مَنَابِعِ عِزِّنَا

وَتُوَحِّدُ الأَمَصَارَ دَوْلَةُ رَاشِدٍ

وَخَلِيْفَةٌ عَدْلٌ يُرَصِّصُ صَفَّنَا

إنَّا عَزَمْنَا أَنْ نُجَدِّدَ عَهْدَنَا

بِخِلافَةٍ تُنْهِيْ مُصِيْبَةَ قَوْمِنَا

وَنُعَمِّرَ الدُّنْيَا وَنَنْشُرَ فَوْقَهَا

رَايَاتِنَا سُوْدًا وَنَجْمَعَ شَمْلَنَا

وَتُرَفْرِفُ الرَّايَاتُ تُعْلِيْ دِيْنَنَا

وَنُقِيْمَ عَدْلاً مِنْ عَطَائِكَ رَبَّنَا

رَبَّاهُ إنَّ صُدُوْرَنَا مَفْتُوْحَةٌ

وَظُهُوْرَنَا مَكْشُوْفَةٌ فَتَوَلَنَا

يَا رَبِّ إنَّ شُيُوْخَنَا هَانُوْا عَلىْ

أَعَدَائِنَا فَارْحَمْ إِلَهيْ ضَعْفَنَا

يَا رَبِّ إنَّ نِسَاءَنَا اْسْتُضْعِفْنَ مِنْ

وَغْدٍ لَئِيْمِ الطَّبْعِ هَتَّكَ عِرْضَنَا

يَا رَبِّ أنْتَ قَصَمْتَ كُلَّ مُكَابِرٍ

فَاقْصِمْ بِعِزِّكَ وَاقْتَلِعْ فِرْعَوْنَنَا

يَا رَبِّ لَمْ يُعْجِزْكَ طَاغُوْتٌ وَلا

النَّمْرُوْدُ، لَنْ يُعْجِزْكَ مِسْخَةُ قِرْدِنَا

فَامْلأْ إِلهِيْ بَيْتَهُ نَارًا وَلا

تُبْقِيْ لَهُ أَثَرًا يُنَكِّدُ عَيْشَنَا

وَاجْعَلْهُ رَبِّيْ عِبْرَةً لِمَنْ اقْتَدَىْ

بِفُجُوْرِهِ مِمَّنْ تَوَلَّوْا أَمْرَنَا

يَا رَبِّ مَنْ إلَّاكَ يَنْصُرُ أمَّةً

قَامَتْ لِتَرْفَعَ فِيْ السَّمَاءِ عُقَابَنَا

يَا رَبِّ نَصْرَكَ مَا لَنَا إِلَّاكَ يَا

رَبَّ العِبَادِ وَمَنْ سِوَاكَ يُقِيْلُنَا

يَا رَبِّ إنَّ جِبَاهَنَا خَضَعَتْ لِوَجْـ

ـهِكَ يَا كَريمُ فَمَنْ سِوَاكَ يُعِزُّنَا

يَا رَبِّ جِئْنَا حَامِلِيْنَ ذُنُوْبَنَا

فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْ فَأَنْتَ وَلِيُّنَا

وأثناء الاستراحة للغداء والصلاة ألقى مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير البيان الختامي للمؤتمر، وقد اشتمل على التوصيات التالية:

  1- إن الثورة الحقيقية يجب أن تقطع كل صلة مع الوضع الذي فرضه الغرب على الأمة الإسلامية على مستوى السياسة والاقتصاد والثقافة، وما لم يتم هذا فهذا يعني استمرارية الهيمنة الغربية تحت أشكال جديدة وشعارات براقة تخلط السم بالدسم. وقد اشتهرت السياسة الغربية بالميكيافيلية، ولا مانع عند قادتها من التلون الخدّاع والظهور بمظهر الناصح بينما هم العدو بحق الذي يمكر بالأمة ليل نهار، وها هو كيان يهود وجرائمه التي لا تنقطع خيرُ شاهد على صداقة قادة الغرب، فضلاً عن دعمهم للحكام الظلمة المجرمين.

2- إن اللهاث وراء مرضاة عواصم الغرب تحت حجج العبء الاقتصادي والحاجة إلى المعونات هو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين؛ فقد حبا الله الأمة بالخيرات والثروات ما يجعلها موضع غبطة الناس فيما لو أُديرت بحسب أحكام الإسلام وليس بحسب شهوات الحكام المتسلطين عليها عنوة وبهتاناً.

3- إن الثورات يجب أن تتوحّد لتكون ثورةً واحدة تهدف إلى استئناف الحياة الإسلامية التي تتجسد بتطبيق أحكام الإسلام كافة، والتي تفرض أن المسلمين أمة واحدة من دون الناس، كما تفرض نبذ ورفض الرايات الملحدة من وطنية وديمقراطية وغير ذلك من فلسفات وضعية لا تمتّ للإسلام بصلة، فالآصرة الإسلامية هي التي تجمع شمل الأمة، بينما الرابطة العلمانية المادية هي التي تفرق الأمة وتحكم عليها بالعبودية.

4- هذه الوحدة تتجسد سياسياً بمبايعة خليفة واحد للأمة جمعاء يسهر على رعايتها بتطبيق أحكام الشرع فيها، فيحنو على الضعيف فيها، وينصر المظلوم، ويعمل على نشر قيم العدل والبر والمعروف، ويقمع أعمال المنكر والفجور.

5- لقد بين الحزب للأمة من أول يوم قام فيه البرنامج العملي في التغيير الذي ترسم خطى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت الأحداث الأخيرة لتثبت صواب ما ذهب إليه الحزب من أن التغيير الحقيقي يقتضي كسب ولاء أهل النصرة ليكون لله ولرسوله وللأمة وليس لعواصم الدول الكافرة. وأن التغيير سيبقى شكلياً ترقيعياً ما دامت قيادات الجيوش ترنو بأبصارها إلى عواصم الغرب بدل أن تنحاز إلى الأمة في معركتها التحررية الكبرى.

6- يتوجه الحزب إلى عامة أبناء الأمة بأن يتسلحوا بصدق الإيمان بربهم، وأن يتسلحوا بالوعي على أحكام دينهم، وألاّ يقبلوا الدنية في دينهم، فيكون همُّهم الفوزَ برضوان الله وليس إرضاء قادة الغرب. وهذا يعني أن على أبناء الأمة أن يأخذوا على يد المنحرفين أو الجهلة ممن يلهثون وراء الغرب، كما أن عليهم أن يشدوا على أيدي المخلصين من حملة الدعوة الذين لا يساومون على دين الله ولا يداهنون فيه.

كما يتوجه الحزب إلى أهل القوة والنصرة في الجيوش بأن فجر الخلافة قد انفجر وبانت ملامحه، فلا تراهنوا على التبعية للغرب، بل راهنوا على مرضاة ربكم فتعملوا مع المخلصين من أبناء الأمة لنصرة هذا الدين وإعلاء كلمة الله.

المحور الثاني:

مخططات الإجهاض والحرف لمسار الثورة.

بدأ هذا المحور بفيلم وثائقي مؤثر، أعده المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير، برز فيه تعامل الطغاة مع الثورة بنفس العقلية والطرق والأساليب، بدءاً من التهديد والوعيد وتوجيه الاتهامات الباطلة للثوار ونعتهم بأوصاف غير لائقة، ثم الاعتراف بحقوقهم والسير في خط التنازلات من خلال تخفيض أسعار المواد الغذائية والوعود بإصلاحات وإطلاق بعض السجناء، ثم إقالة الحكومات إلى الوعود بعدم الرغبة في الاستمرار بالحكم حتى إزالة الحكام، فهرب الأول وقتل الثاني وسجن الثالث وأقيل الرابع، والخامس بشار لاحق بهم عما قريب.

بعد ذلك ألقى رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – اليمن، المهندس شفيق خميس الكلمة الأولى والتي كانت بعنوان: “كيف تعامل الغرب والحكام مع الثورات؟” وأبرز ما تضمنته الحديث عن صراع الغرب مع الإسلام واستعماره لبلادنا وتقسيمها على أنقاض دولة الخلافة وتنصيبه حكام عملاء له خانوا أمتهم ووالوا أعداءهم، وذكر أن الأشياء التي اجتمع عليها الحكام في البلاد التي قامت فيها الثورات هي استخدامهم للقبضة الأمنية استخداماً وحشياً، وخطاب الترغيب والترهيب لردع الناس عن المطالبة بخلعهم عن كراسي الحكم، وأفصحوا للغرب بأنهم حراس أمناء لكيان يهود وأن رحيلهم عن كراسي الحكم سيعرّض أمن يهود للخطر، كما اشتركوا في تخلي الغرب عنهم لما استنفدوا أدوارهم، ومن ثَمَّ رميهم في مزبلة التاريخ.

مواقف الدول الغربية:

   سارعت دول الغرب الرأسمالي إلى الحفاظ على نفوذها السياسي ومصالحها الاقتصادية والعسكرية في البلاد التي تدور فيها الثورات، وإلى زعزعة نفوذ غيرها من الدول، وانقسم الغرب في مواقفه تجاه الثورات إلى قسمين: الأول هو موقف أميركا التي وقفت مؤيدة للتغيير في كل من تونس وليبيا واليمن ولم ترده في مصر وسوريا.

    فقد سارعت أميركا إلى الإعلان بوضوح عن موقفها المؤيد لإزاحة بن علي وأوفدت وزيرة خارجيتها إلى تونس. وفي ليبيا وافقت على إزاحة القذافي ورحبت بتشكيل المجلس الانتقالي الليبي. وفي اليمن وضعت أميركا خطة لإزاحة علي عبد الله صالح عن كرسي الرئاسة، وضغطت عليه ليوقع على المبادرة برفع ملف اليمن إلى مجلس الأم.

    لكن موقف أمريكا من مصر كان مختلفاً، فكانت التصريحات اليومية لأوباما ووزيرة خارجيته عن مصر تتوالى تباعاً بشكل يومي للإبقاء على نفوذها، وحين أحست أميركا بأن مصر قد تضيع من بين يديها، وأن مبارك غير قادر على البقاء وتحقيق مصالحها تخلت عنه لتجعل السلطة بيد العسكر الذين هم العمود الفقري للنفوذ الأميركي، وأحكمت خطتها معهم لكي لا يصل إلى الحكم في مصر غيرها.

    أما موقف أمريكا من سوريا، فإن نظام بشار وأبيه هو صنيعتها، وقد خدم الاثنان مصالح أميركا ومصالح دولة يهود عشرات السنين… ولكنها الآن أصبحت تدرك أن بشار غير قادر على الاستمرار كحاكم له القوة والنفوذ لخدمة مصالحها نظراً للمعارضة الشديدة من خلال الثورة في سوريا، ولحجم الدماء الهائل الذي ولغ فيه، ولذلك فهي تحاول صناعة البديل الجديد من خلال المعارضة السورية الخارجية في المجلس الوطني وملحقاته… غير أن أهل الشام قوم أباة كرام لن يرضوا عن الإسلام بديلاً بإذن الله تعالى.

   في المقابل تقف بريطانيا صاحبة النفوذ القديم في سوريا ومعها أوروبا ضد بشار الأسد ونظامه، بالدعوة إلى تنحي بشار الأسد عن كرسي الحكم وتدويل الملف السوري ورفعه إلى مجلس الأمن وقيام الاتحاد الأوروبي بعقوبات اقتصادية وسياسية ضد بشار ونظامه، ما جعله يرد عليها بأن الاتحاد الأوروبي يريد العودة إلى المنطقة كمستعمر. وكذلك  في مصر كان موقف بريطانيا ومعها أوروبا داعياً إلى تنحية حسني مبارك، فيما وقفتا إلى جانب المجلس الانتقالي الليبي ولعب الطيران الأوروبي وخاصة الفرنسي دوراً رئيسياً في الضربات الجوية في ليبيا ضمن حلف الناتو، وما زالت الشركات البريطانية تمسك بخيوط كثيرة من النفط الليبي…

   وهكذا، فإن الإنجليز الذين كانوا يهاجمون حسني مبارك في مصر، كانوا في المقابل داعمين  لصالح في اليمن فقد هرع وزير الخارجية البريطاني وليم هيج لزيارة اليمن في 9 شباط/فبراير محذراً  صالح وداعماً له من ثورة وشيكة ضده،ثم تبعته عضو مجلس اللوردات إيما نيكلسون في 19شباط/فبراير لتقول للصحافة في اليمن بأن علي عبد الله صالح رئيس منتخب، ومعهم وزير المستعمرات البريطانية المستر برت.

    وفي خضم الصراع الإنجلو أميركي تدخل النظام السعودي ليخمد الثورة في البحرين بالقوة لصالح الإنجليز في مواجهة المد الأميركي في الجانب الغربي من الخليج.

    كما تصرفت دول الغرب برغبة شديدة واضحة في الإطباق على الثورات في البلاد من خلال السيطرة الاقتصادية وتحديد ملامح الأنظمة الحاكمة بعد الثورات، فخصصت لهذا الغرض 20 مليار دولار ثم رفعته إلى 38مليار دولار! وسارع البنك الدولي بالفعل في تقديم القروض لتونس ومن بعدها مصر واليمن، موهماً أن عدم تدفقها إليها يعني انهياراً اقتصادياً مباشراً لها.

وفي ختام هذه الكلمة حذر القائمين على الثورات في بلادنا من أن يركنوا إلى المستعمرين أنَّى كانوا، لإيجاد حلٍ لمشاكلهم، فإن هذه الدول المستعمرة هي التي أنتجت هذه المشاكل…

وكذلك حذرهم من أن يركنوا إلى المنظمات الدولية فهي لا تقدم لنا حلاً بل سُمّاً… فالحل هو فقط في كتاب الله سبحانه وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فلنتمسك بهما ولنثبت عليهما، ولننصر الله سبحانه لنكون ممن يستحقون نصره، قال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)(.

بعد ذلك قدم الكلمة الثانية من المحور الثاني رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير الأردن الأستاذ علي الصمادي وكانت بعنوان: “محاولات خطف الثورات”.

وأبرز ما تضمنته: لقد دخل الثورات ربيعَها الثاني وقد تحققت أمور هامة في زمن قياسي، ولكن الأهم لم يتحقق بعد، فهي:

أولاً: لم تقطع رأس الأفعى، فقد بقيت دول الكفر أميركا وبريطانيا وفرنسا تتدخل في شؤون المسلمين وترسم السياسات وتحيك المؤامرات لتظل بلاد المسلمين ترزح تحت ربقتهم.

ثانياً: لم تقطع يد العملاء من أبناء جلدتنا ممن كانوا وما زالوا يقومون بتنفيذ المؤامرات الغربية.

ثالثاً: وهو الأهم، لم تتخذ الشعوب العربية والإسلامية الإجراء المصيريّ في الثورة من أجل تطبيق حكم الله في الأرض واستئناف الحياة الإسلامية لتخليص أنفسهم والعالم كله من شقاء الرأسمالية التي تسيطر عليه…

إن محاولات خطف الثورات ليست خافية على الواعين المخلصين، وهي ظاهرة للعيان في البلاد التي حدثت فيها الثورة، ففي المغرب العربي تم تعديل بعض القوانين، وجرت انتخابات تقدَّم فيها الإسلاميون، لمحاولة حفظ النظام الملكي الرأسمالي في المغرب. وفي تونس فقد تقدم عجائز “الحزب الحر الدستوري الجديد” (حزب بورقيبة) لقيادة المرحلة القادمة بحماية الجيش، وأُفسح المجال في الانتخابات لحزب النهضة وغيره ممن يسمَّون بالحركات الإسلامية المعتدلة لقيادة الشارع للمحافظة على النظام الرأسمالي القائم بترقيعات إسلامية. وأما في ليبيا فقد حل السياسيون القدامى الذين كانوا حول الطاغية القذافي ليقودوا المرحلة القادمة. وفي مصر، فقد تقدم المجلس العسكري لقيادة المرحلة القادمة، وسيقوم المجلس العسكري بترتيب أوراقه لتبقى العمالة في مصر لأميركا. وفي اليمن تقدمت دول الخليج لتحافظ على النظام هناك وقدمت انتصارات شكلية للثائرين. وأما في سوريا فإن الفرصة تلو الفرصة تُعطى لحكام سوريا لقتل المزيد المزيد من شعبهم تحت سمع العالم وبصره، ليُصنع البديل السياسي على عين أميركا وبمساعدة حكام تركيا. وفي الأردن وغيرها من الدول التي لم تتحرك فيها ثورات دموية تحاول الأنظمة أيضاً كسب الوقت بتعديل للقوانين ومحاكمة للفاسدين للحفاظ على رؤوس الحكم ونظام الكفر الرأسمالي…

وفي الختام قدم سلسلة نصائح: الأولى للحركات الإسلامية المعتدلة فنقول لهم: إن أمتكم تتطلع إلى الخلاص من أنظمة الكفر التي جلبت عليها الفقر والذل والقهر والعنت، ولن يكون بإمكانكم تحقيق ذلك بالترقيع وأنصاف الحلول، والأهم من كل هذا أنكم ستلاقون ربكم وهو سائلكم عما استرعاكم (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)(. وأما الثانية فهي إلى الجيوش العربية والإسلامية فنقول لهم: لقد اختُزل دوْرُكم في الدفاع عن الحكام وعائلاتهم ومكتسباتهم بدل أن تكونوا حماة للعقيدة الإسلامية وللمسلمين ولبلاد الإسلام، وقد أذلكم الحكام أمام كيان يهود وأميركا وغيرها من دول الكفر، وإنكم ستُسألون أمام شعوبكم وأمام الله، فأين أنتم من سعد بن معاذ أو خالد بن الوليد أو أبو عبيدة وصلاح الدين من قادة المسلمين العظام، إننا ندعوكم وبكل إخلاص إلى أن تعودوا إلى دوركم الذي يرضاه الله لكم بنصرة الإسلام والمسلمين وبنصرة المخلصين العاملين باستئناف الحياة الإسلامية. وأما الثالثة فهي إلى العاملين المخلصين للخلافة الإسلامية فنقول: إن القادم من الأيام هو لكم إن شاء الله تعالى، وإن الله ناصرُكم ما تمسّكتم بكتاب الله وسنة رسوله، وإن هذا الدين لا خوف عليه لأنه محفوظ بحفظ الله (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8))، فعليكم بالعمل الجاد المخلص لإقامة الخلافة الإسلامية.

بعد ذلك قدم الكلمة الثالثة رئيس الهيئة الإدارية لحزب التحرير – لبنان الدكتور محمد جابر وكانت بعنوان: “الأقليات في ظلّ الحكم الإسلامي”. وأبرز ما تضمنته أن هناك توجهاً قوياً عند المسلمين وتَوْقاً شديداً إلى حكم الإسلام برز ذلك في الانتخابات الأخيرة التي أُجرِيَتْ بِحُرية في البلاد الإسلامية، إذ أقبل الناس على انتخاب من يرفعون شعاراتٍ إسلاميةً.

هذا التوجه العام عند المسلمين لإعادة الحكم بالإسلام أوجد التخوُّف عند معظم غير المسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية. ففي مصر الآن وفي سوريا هناك تخوّف عند بعض غير المسلمين، وامتدّ إلى لبنان. وقال كثيرون: لقد رأينا الاضطهاد الذي حصل لنصارى العراق وأدّى إلى تهجير أكثرهم. ونسوا أن نصارى العراق بدأ اضطهادهم في ظل حكم أميركا التي احتلت العراق سنة 2003م، ولم يكن قبل ذلك.

نعم البلاد الإسلامية مقبلة على إعادة الحكم بالإسلام بإقامة الخـلافة التي تطبق الإسلام كاملاً بعون الله وتوفيقه؛ ولذلك نريد نحن في حزب التحرير أن نُطَمْئِنَ غير المسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية أن الشـرع الإسلامي يحافظ عليهم: على أرواحهم وعلى أموالهم وعلى معابدهم وعلى كرامتهم وعلى جميع حقوقهم، والقاعدة الشرعية تقول: إن “لهم ما لنا من الإنصاف وعليهم ما علينا من الانتصاف”.

فالإسلام خاطب الناس، جميعَ الناس، فلا فرق بين عربي وأعجمي، ولا فرق بين أبيض وأسود، وقد جعل الله عز وجل ذلك قاعدة دستورية عليا محكمةً بنص القرآن، عندما قال في سورة الحجرات (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)). هذه الآية العظيمة تصلح دستوراً للبشرية جميعاً لأنها جاءت تخاطب كل الناس، بصفتهم الإنسانية بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ…).

هذه الآية تنفي كل أنواع التمييز القائم على اللون أو العرق أو الجنس وذلك بتقرير وحدة الأصل الإنساني. ولذلك فإن المشاكل العرقية في الأمة الإسلامية ستذوب وتزول ولا تبقى هناك أقليات تسعى للانفصال أو الحكم الذاتي أو الفيدرالي بدافع العرق أو اللون أو التهميش.

والواقع التاريخي يؤكد هذا، فإن هذه الأقليات عاشت تحت الحكم الإسلامي قروناً عديدة، وأُعطِيتْ الحرية الكاملة في اختيار الدين وممارسة العبادة ولو كانت شركاً وكفراً، فقد عاش النصارى يتعـبدون في كنائسهم ويعتقدون عقائدهم.

وهذا التسامح الإسلامي في معاملة غير المسلمين استغلته الدول الأجنبية بشكل كبير لتسخيرهم في العمل معها ضد وطنهم ودولتهم. فعن طريق الأقليات أشاع الاستعمار النزاع بين المسلمين والنصارى، وبين العرب والأكراد، وبين العرب والأمازيغ، وبين العرب والفرس، وبين السنة والشيعة، … ليس هذا فَحَسْب، بل عند رحيل الاستعمار، حاول تسليمَ الحكم لبعض الأقليات من أجل إبقاء جرح الفُرقة والنزعة التقسيمية مفتوحاً ونازفاً ومؤلماً.

ونختم هذه الكلمة بالتركيز على أننا في “حـزب التحـرير” نعمل بجد وعزيمة قوية لإيجاد الدولة الإسلامية الكبرى (الخـلافة) التي ترعى شؤون جميع رعاياها: مسلمين وغير مسلمين دون تمييز في تطبيق الأحكام العامة وأمام القضاء، وتترك لغير المسلمين أمور عقائدهم وعباداتهم وأحوالهم الشخصية كل حسب دينه.

ويتيح الإسلام لغير المسلمين في نظام حكمه أن يكون لهم ممثلون نواباً عنهم في مجلس الأمة ليحاسبوا الحكام، بمن فيهم رئيس الدولة (الخليفة)، إذا وقع عليهم ظلم، أو إذا أسيء تطبيق القوانين عليهم. ولا تبقى للأقليات حجة كي يتعاونوا مع دول أجنبية ويخونوا دولتهم الإسلامية التي يحملون تابعيتها والتي تحميهم وتؤمّن لهم جميع ما تؤمنه لجميع المواطنين.

وندعو الجميع لدراسة هذا الأمر مع أهله، وأخذ الموقف الصحيح منه. ونخص بالدعوة الزعماء والقادة الحقيقيين وأصحاب الفكر والأحزاب والإعلاميين. ونحن مستعدون للتحاور معهم وسماع اقتراحاتهم ونصائحهم.

بعد ذلك كانت الكلمة الرابعة من المحور الثاني قدمها الكاتب والمفكر السياسي الدكتور ياسر صابر- مصر، وكانت بعنوان: “مستقبل الثورة في مصر” وأبرز ما تضمنته أنها قد كانت أياماً عصيبةً تلك التي خرجتْ فيها الملايينُ في شوارعِ مصرَ وميادينِها مطالبةً بإسقاط النظام، ولم تكن عصيبةً على الثوارِ فحسب، بل على الغربِ وعلى رأسِه أميركا، وهي حتى اليوم مازالت عصيبةً. والسؤالُ الكبيرُ الذي يَطرحُ نفسَه: لماذا وصلَتِ الثورةُ في مصرَ إلى ما وصلت إليه؟

إنَّ الخطأَ القاتلَ الذي وقعَ فيه الثوارُ منذُ اليومِ الأوِّلِ هو ابتلاعُهم للطُّعمِ الأميركي بِضرورةِ إبعادِ الإسلام عن شعاراتِهم حتى لا تكونَ طائفية، وفى الوقتِ الذي انشغلَ الثوارُ بمطالبَ ثانويةٍ عكفَ الأميركيون على وضعَ خطَّتِهم الشيطانية، فأعطَوُا الضوءَ الأخضرَ لمبارك للقضاءِ على الثورةِ، وحينَ فشلَ سلَّمَتِ الرايةَ إلى المجلسِ العسكريِّ الذي نفَّذَ الخطةَ الشيطانيةَ بإتقانٍ شديد، ساعدَه على ذلكَ غيابُ الوعيِ السياسيِ عندَ قادةِ الحركاتِ الإسلاميّةِ وعدمِ إدراكِهِم لحقيقةِ الصراعِ، فظنّوا أنَّ المجلسَ العسكريَّ سوفَ يُسلِّمُهمُ الحكمَ لذلكَ منحوه ثقةً في غيرِ محلِّها، وتحولَتِ الانتخاباتُ عندَ قادةِ الحركاتِ الإسلاميةِ إلى غايةٍ، واستطاعَ المجلسُ العسكريُّ بتضليلِه لقادةِ الحركاتِ الإسلاميةِ أنْ يُبعدَهم عن الميدانِ بحجةِ أن هناك مندسينَ لا يريدونَ للبلدِ أيَّ خير، ثمَ بدأَ بتنفيذِ الجزءِ الثاني من الخطةِ الشيطانيةِ بالانقضاضِ على شبابِ الثوارِ الذين لا يَنْضوون تحتَ أيِّ جماعات، فشوهتْ صورتـَهم وعمدتْ إلى استعداءِ الآخرين عليهم. وفى الوقتِ الذي كانت تُعرَّى فيه الحرائرُ في ميدانِ التحرير، كانتْ قياداتُ الجماعاتِ تجلسُ في بيوتِها ولم تدرِكْ أنها بسكوتِها يتمُّ تعريتُها منْ قبلِ المجلسِ العسكريُّ، وبالتالي تفقدُ شعبيتَها. وبالفعلِ فقد كانَ ماكانَ، فتمَّ ضربُ القوى الثوريةِ فى مصرَ بعضِها ببعض، وتمَّ تشويهُ أصحابِ الاتجاهِ الإسلاميِّ بأنَّهم أصحابُ سلطةٍ وبالتالي فقدوا دعماً شعبياً كبيراً. وقد ساعدَ الصراعُ على المرشحِ الرئاسيِّ بينَ الحركاتِ الإسلاميّةِ على ترسيخِ هذا المفهومِ عندَ الناس.

وهذا الأسلوب الخبيثُ الذي عمدتْ إليه أميركا قد اتّخذَتْه منْ أجلِ أن تنجوَ من الموجةِ الثوريةِ الهائجةِ فى مصرَ، ويبدو أنّها حققتْ إلى الآنَ كثيراً مما خطّطتْ له، وها هي الآنَ تُعيدُ إنتاجَ النظامِ السابق.

إن هذا النفقَ الذي دخلته القوى الثوريةُ ليسَ له مخرجٌ إلا أن تدركَ حقيقةَ الصراعِ وبأنَّ الطرفَ الآخرَ فيه هو أميركا. وإذا كانَ طرفُ الصراعِ هو أميركا، فإنَّ الحلَّ لا يكونُ بالبرلمانِ الذي أولُ خطوةٍ فيه أنْ يُقسِمَ أعضاؤُه على احترامِ الدستورِ الذي وضعَه النظامُ نفسُه، ولا يكونُ بالدخولِ فى انتخاباتٍ رئاسيةٍ تحكمُها قوانينُ النظامِ نفسِه، فكيفَ نختصمُ مع عدوٍّ ونحتكمُ إليه فى نفسِ الوقت؟

إنَّ تنحيةَ الإسلامِ ومقاييسِه عنِ الصراعِ يُعتبرُ انتحاراً سياسياً، لأن طرفَيِ الصراعِ هما الغربُ بقيادةِ أميركا مقابلَ الإسلام. الطرفَ الأولَ فى الصراعِ يحتضرُ وخسرَ كلَّ أوراقِ اللعبةِ وانكشفَ عملاؤُه، فى حينِ أنَّ الطرفَ الآخرَ فى الصراعِ وهو الإسلامُ يقفُ شامخاً يَتَحدَّى الغربَ وأفكارَه، بقدرتِهِ على حلِّ مشكلاتِ البشرِ فى أيِّ زمانٍ ومكان، وتحملُه أمةٌ مستعدةً لأَنْ تموتَ من أجلِ تطبيقِه؛ لهذا لن تَحسمَ القوى السياسيةُ هذا الصراعَ إلا بأن تكونَ من جنسِ الأمةِ وتكونَ ثورتُها ثورةً إسلاميةً تقتلعُ بها النظامَ العلمانيَّ وتنتزعَ سلطانَ الأمةِ منْ براثنِ أميركا. وهذهِ المَهمةُ لا يستطيعُ القيامَ بها إلا القائدُ الحقيقيُّ للأمة الذي يقودُها بالإسلام…

الكلمة الخامسة كانت بعنوان: “الانتحار السياسي هو الدعوة للدولة المدنية والحماية الدولية”.

قدمها: المفكر السياسي الدكتور يوسف حاج يوسف – سوريا وأبرز ما تضمنته: إن الغرب الكافر يدرك أن الأمة الثائرة قد تحررت من الخوف وامتلكت إرادة التغيير على أساس عقيدتها، والتي من شأنها أن تعيد لها شخصيتها، ويدرك أنها قريبة من تحقيق ذلك بإقامة الخلافة، فهو يعمل بكل طاقته لمنع عودتها، وقد أعدّ لهذه المنازلة في حربه ضد الإسلام خطة متكاملة تمكِّنه من الحفاظ على نفوذه وهيمنته. ويمكن إجمال أهداف خطته هذه بنقطتين أساسيتين هما: إقصاء الإسلام عن واقع الحياة باستبعاد قيام دولة إسلامية، واستمرار هيمنته على خيرات البلاد الاقتصادية وثرواتها الخيالية.

فالغرب الذي ساند تلك الأنظمة القمعية في تثبيت عروشها ردحًا من الزمن وساندته هي في حربه على الإسلام بدعوى الحرب على الإرهاب، تراه دونما خجل يأمر هذا الحاكم بالتنحي ويأمر ذاك بالإصلاح، وينصِّب نفسه وصيًّا على هذه الثورات، يحدِّد لها مساراتها ومحطاتِّها، ويرسم لها مستقبلاً واحداً في نظام ديمقراطي مسخ أوكل لتسويقه وترويجه رجالاتٍ جرى إبرازهم وصنعهم لهذه المرحلة من أمثال رجب طيب أردوغان. وقد رأى العالم كله كيف تواضع الغرب في زمن الثورات ليقبل أن يتولى الحُكمَ أبناءُ (الحركات الإسلامية) ذات الفكر الوسطي المعتدل، طالما أنهم ملتزمون بالتعددية والديمقراطية.

وهكذا برزت في خضم هذه الثورات بعض الأفكار والمفاهيم التي أراد منها الغرب أن تكون عناوين التغيير للمرحلة القادمة وحرص على أن لا تخرج عملية التغيير عن إطارها. ولعل أبرزها الدعوة إلى الدولة المدنية، والدعوة إلى الحماية الدولية.

أما الدعوة إلى الدولة المدنية، فلقد صرح بها كل (الإسلاميين) الذين نجحوا في الانتخابات، سواء في البلدان الثائرة كمصر وتونس أم في البلدان التي تفادت الثورة بإصلاحات كالمغرب. أفلا يتساءل العاقلون في تلك الحركات: أهُم بحاجة أميركا والغرب أم الغرب من هو بحاجتهم لكسب جولة من الصراع مع أمتنا الإسلامية وعقيدتنا وحضارتنا؟ ولن ينفع جواب “تلاقي المصالح” بعد ما أفرزه “تلاقي المصالح” سابقًا في حرب أفغانستان وغيرها من النكبات. والحقيقة أن هذا النهج السياسي لهذه الحركات هو جريمة في ميزان الشرع الذي يحتم على المسلمين العمل لإقامة شرع الله، وجريمة في حق الشعوب، إذ تفرز لهم دولاً فاشلة عميلة خانعة كما في لبنان والعراق وأفغانستان.

أما الدعوة إلى الحماية الدولية، فهي دعوة ماكرة ترهن قضايا المسلمين للدول الكبرى، عن طريق مؤسسات دولية تأخذ طابع الشرعية الدولية، وتكون قراراتها ملزمة في بعض القضايا، وتفتح مجال التدخل العسكري في بلاد المسلمين. وهذه المؤسسات هي من مثل: هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومحكمة الجنايات الدولية، ومحكمة العدل الدولية، ومجلس حقوق الإنسان… ومعلوم أن المطالبة بالحماية الدولية هي قبل كل شيء حرام شرعاً، لأن فيها تحاكمًا لغير الإسلام، ولأنها تجعل للكفار سبيلاً على المسلمين، وتضيّع قضاياهم وتقطع الطريق على العاملين المخلصين الواعين للإسلام، وفيها مَنح صك لاحتلال بلاد المسلمين، وتتم فيها مساعدة المسلمين لدول الكفر لاحتلال بلاد المسلمين كما تفعل تركيا في مشاركتها الناتو في احتلال أفغانستان.

إنه من المعلوم أن الدولة الإسلامية هي مصدر القوة الوحيد للمسلمين، والتي بها يطبَّق الإسلام ويحافَظ عليه ويُنشر في أرجاء العالم حتى تصبح دولته هي الدولة الأولى في العالم، دولة جامعة تجمع المسلمين كل المسلمين، وكل بلادهم تحت حكم خليفة يحكمهم بما أنزل الله تعالى.

إن حزب التحرير يدعو المسلمين عامة وأهل سوريا خاصة، ولا سيما المخلصين الواعين منهم الذين لا يرون حلاً لمشكلاتهم إلا بدولة الخلافة الإسلامية، وهم كثر الآن، أن ينضموا للعمل معه لتوحيد الجهود وتقريب المسافات، خاصة وأن الحزب قد أعد للأمر عُدّته: دستورًا إسلاميًّا ورجالَ دولة وفهمًا للواقع الدولي وفهمًا منضبطًا للشرع بحسب طريقة الإسلام الصحيحة في الاجتهاد، وامتلك خبرة تمكِّنه من أن يقود المرحلة القادمة بنجاح ويحقِّقَ بشرى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بإقامة الخلافة في آخر الزمان.

بعد ذلك قدم عدة مداخلات من داخل القاعة أبرزها: للشيخ أبي الحسن الأنصاري من الكويت حيث ركز فيها على محاولات الغرب وعلى رأسه أميركا اجهاض الثورات عن طريق الحركات الإسلامية المعتدلة. والمداخلة الثانية كانت للشيخ أبي ضياء من صيدا حيث ركز على أن الثورات والمؤتمرات من إندونيسيا إلى لبنان مؤشر اقتراب تحقيق وعد الله وبشرى النبي بإقامة الخلافة الراشدة بإذن الله تعالى.

بعدها وجهت أسئلة من داخل القاعة أجاب عنها المحاضرون.

المحور الثالث والأخير:

“حتمية المشروع الإسلام “الخلافة””

الكلمة الأولى كانت بعنوان: “الثورات وتصدع الهيمنة الغربية” قدمها رئيس المكتب الإعلامي  لحزب التحرير- لبنان الأستاذ أحمد القصص. وأبرز ما تضمنته: أن المنطقة العربية من العالم الإسلامي أعلنت العام 2011م بداية كسر الأغلال والانقضاض على السجّانين العرب وكلاء الإمبراطورية الغربية، وفاتحة حراكاً سياسياً يعلو فيه صوت الأمة فوق كلّ الأصوات بعد مضي عقود من الاستعباد والقهر وتكميم الأفواه وتغييب إرادة الأمّة لصالح الهيمنة الغربية. ولتكون الثورة التي تتوالى فصولها من تونس إلى الشام دليلاً إضافيًّا على بداية أفول عصر الهيمنة الغربية…

إنّ ثورة المنطقة العربية من العالم الإسلامي تأتي في لحظة من لحظات التاريخ النادرة، إذ تتزامن مع تساقط مقوِّمات القوّة والهيمنة التي بها أحكم الغرب – وعلى رأسه الولايات المتحدة – قبضته على العالم، ما أدّى إلى تراخٍ واضح لهذه القبضة. ما يعني أنها اللحظة السانحة للأمّة الإسلامية المرشّحة الوحيدة لوراثة الحضارة الغربية، بما تمتلك من مشروع حضاري متكامل، فضلاً عن مقوِّمات القوّة المادّية التي من شأنها – لو انتظم عقدها في دولة ذات شأن – أن تجعل هذه الأمّة بأقصى سرعة الدولة الأولى في العالم. فما الذي نعنيه بتساقط مقوِّمات القوّة والهيمنة الغربية على العالم؟ الجواب بكلّ وضوح يأتي بعد تعداد هذه المقوِّمات، وهي: الغلبة الحضارية، والقوّة الاقتصادية، والقدرة العسكرية، والنفوذ السياسي والدولي.

الكلمة الثانية كانت بعنوان: “مشروع الخلافة العظيم” قدمها مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير المهندس عثمان بخاش. وأبرز ما تضمنته قوله إننا نغتنم هذه الفرصة لنخاطب أهلنا وإخواننا في الأمة الإسلامية، ونخص بذلك البقاع التي شهدت الانتفاضات التي هزت عروش الطغاة في مصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا، نناشدهم، وعبرهم بقية الأمة، ألا يكتفوا من كفاحهم بحلول ترقيعية تجدّد من عمر النظام البائد تحت وجوه جديدة، ويجب أن يدركوا أن أس البلاء لا يأتي من هؤلاء الأفراد الطغاة ومن سار في ركبهم من الجند والأعوان بل أس الداء يكمن في تحكّم الدول الغربية في بلادنا، وما هؤلاء الأفراد إلا أدوات لها. فلا يصح في هذا الحال الاكتفاء باستبدال أشخاص بأشخاص آخرين يقومون على تطبيق النهج العلماني المستورد من الغرب، كما لا ينفع وضع مسحة من الإسلام الشكلي على العلمانية المستوردة ولو سموها “مدنية” في محاولة مفضوحة لذر الرماد في العيون.

وكذلك قوله: لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية وعادت البشرية إلى مثل الموقف الذي كانت فيه يوم تنزّل هذا القرآن على رسول الله e ويوم جاءها الإسلام مبنياً على قاعدته الكبرى “شهادة أن لا إله إلا الله”.. وقد نوَّه أن مشروع الخلافة الإسلامية العظيم يقوم على التالي:

1- إن الأمة الإسلامية أمة واحدة من دون الناس؛ فالإسلام يوجب هدم الحدود والكيانات المصطنعة التي أوجدها الغرب لحماية مصالحه، كما يوجب وحدة الأمة تحت راية إمام واحد، فالخلافة هي رئاسة عامة لجميع المسلمين، وليست لقطر دون آخر.

2- إن دولة الخلافة إنما هي كيان تنفيذي يقوم على تنفيذ أحكام الشريعة المستنبطة من الأدلة الفقهية العملية التفصيلية، لا المستوردة والمترجمة من القوانين والدساتير الوضعية، فتشريع أفراد لغيرهم هو استعباد لهم، وتحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله هو شرك بالله وإعراض عن سبيله.

3- تقوم دولة الخلافة برعاية شؤون الناس كلهم بأحكام الإسلام، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، مسلمين كانوا أم غير ذلك؛ فتقوم الدولة بضمان تمكين الرعية كلها من إشباع حاجاتهم الأساسية من مأكل وملبس ومسكن واستشفاء، وإذا لزم الأمر أخذت الدولة من فضول أموال الأغنياء لتسد حاجة الفقراء.

4- حدد الإسلام الملكية العامة وملكية الدولة والملكية الفردية بحيث يتمكن الأفراد من السعي في عمارة الأرض ضمن هذه الأحكام الربانية التي وازنت بين مصلحة الفرد والجماعة دون أن تطغى جهة على أخرى.

وفي الختام، ذكر بعض مواد دستور الخلافة الذي أعده حزب التحرير استناداً إلى الأدلة الشرعية، وذلك في نظام الحكم، والنظام الاقتصادي، والنظام الاجتماعي، وسياسة التعليم، وفي السياسة الخارجية والعلاقات الدولية.

بعد ذلك تم عرض مداخلتين مصورتين. الأولى لفضيلة العلامة الدكتور محمد المسعري وأبرز ما تضمنته أن هناك تحديات لا يستهان بها، هو حماية الشعب السوري من حمام الدم الجاري، وما يجري في ليبيا من تدخل الغرب.

وفي مصر حيث تكمن المشكلة في المجلس العسكري العميل، وهناك مشكلة إضافية هي قيادة “الأخوان المسلمون”، الذين يشتركون في هذا الأمر، لكني لا أقصد كل شباب الأخوان، بل القيادات ذات العقلية الانتهازية، التي ظنت أنها من خلال الجلوس بحضن المجلس العسكري، ستحصل على السلطة كاملة، فدخلت في مساومات وصفقات خبيثة حول السلطة، تكاد تهدد الثورة بخطر…

أما الوضع في سوريا، فهناك تعقيدات متداخلة، والجانب الطائفي تم إبرازه من قبل دول خليجية، ولا سيما الدور السعودي…

وجرى اتفاق دولي مع روسيا أن تضع الفيتو، لقاء مصالح مع الغرب، بينما تقوم أميركا ببكاء التماسيح. فالشعب السوري وإن بدا أن وضعه في مأزق، ولكن ذلك ليس بمأزق، لأن تدخل هؤلاء ما كان يوماً لصالح المسلمين، وهم من قتلوا المسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين، فتدخلهم سيفسد الحرث والنسل. والتحدي هو من خلال انشقاق الجيش، وأخذ زمام الأمور، وسحق هذا النظام الفاجر الفاسق.

هناك تحدي للإسلاميين والحركات الإسلامية، حيث أن كبرى الحركات الإسلامية تعاني من الجمود الفكري، وعدم تطوير أفكارها، فلا يوجد لديها أي مشروع كامل، ولا دستور إسلامي، وهو إما لعجزهم، أو للتلاعب على الحبال، والمراهنة على اختلاف الفقهاء. وإذا تكلموا تكلموا هجراً، كأن تقرأ لأحدهم “الديمقراطية قبل الإسلام، إذاً علينا تبيان عوار الدول الديمقراطية، وعلينا أن نفصّل ما هو الإسلام ونظامه، من آلية تعيين وانتخاب الحاكم، وكيفية محاسبته ومن ثم عزله، وغيرها من القضايا التي تجلي صورة الحكم الإسلامي، لتكون أهم محاور المؤتمر الذي هو مؤتمر فكري طبعاً.

المداخلة الثانية: كانت للشيخ صبري العاروري من بيت المقدس. وأبرز ما تضمنته:

منذ أن انهارت الخلافة الإسلامية، غزا الكافر المستعمر بلادنا واحتلها احتلالاً عسكرياً وفكرياً، وأوجد له عملاء نواطير، يحرسون له نظامه وأفكاره وسياسته في هذه البلاد، حيث تجبروا فيها، وظلموا ظلماً لم يعهده التاريخ أبداً لصالح الكفر ولصالح الاستعمار. ولكن الشعوب بعد أن ملّت هذا الظلم وهذا الطغيان نهضت في ثورة شعبية عارمة فتحت الأبواب على مصراعيها لمن  يريد أن يصلح ويغير وكسرت حاجز الخوف واندفعت تعمل للتصحيح والإصلاح. ولكن اندفاع الأمة كان بلا قيادة سياسية، والذي دفعها إنما هو ظلم الحكام، والفساد الذي ضربها، والذي عم حتى البيوت والأفراد. وبالتالي اندفعت هذه الثورات دون أن تحدد لها هدفاً.

وحين راحت الثورة تتمدد، شعر الغرب بالخوف والخطر يهدده؛ فأخذ يعمل بكل ما أوتي من قوة، وبكل وسيلة متاحة، مادية أو معنوية أو عسكرية، لإحباط الثورات، ولإحباط عودة الخلافة الإسلامية.

لقد اشتعلت الشرارة وستعم بلاد المسلمين بإذن الله، وستقوم الخلافة، وتطبق نظام الإسلام كاملاً، ثم تحمل الإسلام إلى العالم، لإنقاذه من جور الكافرين الظالمين الطغاة البغاة، الذين يرتجفون خوفاً الآن.

بعد ذلك أجاب المحاضرون على أسئلة الحضور.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *