العدد 306-307-308 -

العدد 306-307-308 ، السنة السابعة والعشرون، رجب وشعبان ورمضان 1433هـ

سنة الله في التغيير ماضية… ولن يوقفها مكر ولا إجرام

سنة الله في التغيير ماضية… ولن يوقفها مكر ولا إجرام

 

لقد مر حوالي العام ونصف على بدء الثورات في بلاد المسلمين العرب، وهي لم تحقق أهدافها بعد، ويمكن اعتبار ما حققته له مكملاته. فالأمة تريد تغييراً حقيقياً تعيش فيه ضمن قناعاتها من العيش الكريم بحسب دينها الحنيف… هي تريد ذلك ولكنها لا تتحسن التعبير عنه ولا طريقة الوصول إليه. وهي في عملية التغيير هذه تقاد ولا تقود. والأصل في الثلة الواعية المخلصة من أبناء دينها أن تكون هي عينها الساهرة ولسانها المعبر عنها بإخلاص. بيد أن الغرب الذي ما زال قابضاً على زمام الأمور في بلاد المسلمين حال دون ذلك؛ فسخَّر أدواته لحرف هذه الثورات عن مسارها وإيصالها إلى شاطئه، معتمداً على ما يمتلك من أساليب ووسائل وخبرة ومكر، وهو يمتلك من ذلك الكثير. فهو حاول ابتداء أن يبقى الحكام المخلوعين على كراسيهم بعد أن فاجأته الثورات ولكنه لم يستطع، فراح بعدها يفتش عن بدلاء لهم يكونون عملاء له، وسخر وسائل إعلامه لحرف الثورات وتوجيهها نحو المطالبة بالدولة المدنية وبالحريات وبالتعددية والديمقراطية، وسوَّق لحركات إسلامية معتدلة لتقود المرحلة المقبلة تحت إشرافه، واستخدم القوى العسكرية العملية له لضمان عدم وصول من لا يريد، وجعل الإعلام يصب على تغيير شخص الحاكم وبعض المقربين منه والابتعاد عن التركيز على تغيير أنظمة الحكم… لهذا ولغيره لم يحصل التغيير الصحيح؛ لأن الذي قاد عملية التغيير هو عدوُّها من دول الغرب وأذنابه صنائعه.

إن ما حدث من تغيير حتى اليوم لا يغير الواقع السيئ الذي ثار المسلمون عليه، وسيفشل المسلمون المعتدلون في الحكم، وسيصبحون أحد أطراف لعبة الغرب في الحكم، يكونون أحياناً في الحكم وأحياناً في المعارضة. بهذا خطط الغرب لكسب معركته مع الأمة ولإيهامها أن دينها لم ينفعها في شيء. ولكن ماكينة الغرب هذه والتي أنتجت تغييراً على طريقته في كل من مصر وليبيا وتونس واليمن تعطلت في سوريا؛ حيث ساهم التآمر الدولي الذي تقوده أمريكا لمصلحة النظام السوري، والخطة الجهنمية التي اتبعها هذا النظام في تقتيل شعبه وتحديهم ونكايتهم في دينهم… في عودة حميدة للناس إلى دينهم؛ ما جعل ثورتهم إسلامية تريد جعل بلاد الشام عقر دار الإسلام.

إن ما يحدث في سوريا أثَّر ويؤثِّر على الأمة الإسلامية جمعاء، وهو ساهم ويساهم في تصويب البصلة نحو قبلة ربها، سواء في البلاد التي حدثت فيها ثورات غير مكتملة أم تلك المرشّحة لذلك. هذا ويكفي أن يحدث التغيير الحقيقي في بلد إسلامي واحد حتى تكرَّ سبَّحته في سائر بلاد المسلمين، قال تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *