العدد 167 -

السنة الخامسة عشرة ذو الحجة 1421هـ – آذار 2000م

تنفيس وفشة خلق !

   يكاد لا يمضي يوم إلا ويُرى العلم الأميركي تشتعل منه النار في مكان ما من العالم بعامة والعالم العربي بخاصة.  كما أنه يحصل الشيء نفسه بالنسبة للعلم الإسرائيلي، لكن في بعض الأقطار مثل فلسطين ولبنان والأردن وإيران…

  إن ظاهرة المسيرات الاحتجاجية لها بعض الإيجابيات التي لا تخفى على أحد، لكنها أصبحت هذه الأيام مجرد صراخ في صراخ، وحناجر تصدح كصرخة في وادٍ لا بشر فيه.  ولا يستبعد أن يضحك علينا العالم حينما يرى فيلاً يصرخ من نملة.

  إن المظاهرات المتكررة وحرق الأعلام أصبحت مألوفة للمشاهد وكأن المشهد الذي يحصل أمام ناظريه لا يعدو كونه شريطاً مصوراً لمسرحية شاهدها بقدر ما شاهد الإعلانات المتكررة في التلفزيونات التجارية النشأة والهدف، فيسارع إلى التحول عن هذا المشهد إلى قناة لا إعلانات فيها.

  لو كانت المسيرات وحرق الأعلام تزعج اليهود أو تزعج الأميركيين لأصدروا الأوامر إلى الأنظمة بوقفها وسجن المتطاولين على شرطي العالم وربيبتها إسرائيل.

  إن الأعمال الموجعة لليهود وللولايات المتحدة هي غير ذلك تماماً، ويعلم ذلك جميع أصحاب الشأن بمن فيهم الذين يحرقون الأعلام أنفسهم، ولو أنهم وفروا على أنفسهم هذا الصراخ ووظفوه في الأعمال الموجعة لكانت النتائج غير ذلك تماماً.

  ما ينطبق على المسيرات وحرق الأعلام ينطبق على المؤتمرات والندوات والحوارات والمفاوضات والمقالات والشتائم، فكلها غدت من وسائل تنفيس الشعوب في هذا العصر الذي زوّروا فيه كل فعل وصرفوه عن غايته الأساسية، فبدل أن يحرك الحكام الجيوش لقتال يهود، سمحوا ببعض وسائل التنفيس.

  متى تستفيق هذه الأمة وتطور وسائلها وأساليبها لما يخدم قضيتها المصيرية، ويخدم التغيير الجذري الذي يعيد الحق إلى نصابه، ويعيد العزة للأمة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *