العدد 164 -

السنة الخامسة عشرة رمضان 1421هـ – كانون الأول 2000م

هل تضيعُ فلسطينُ بين خيانة الحكّامِ وتقاعُسِ الأمّة ؟

(محاضرة ألقاها شباب حزب التحرير في أستراليا في 10 رجب 1421هـ ـ 08/10/2000م)

          الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

          الإخوة الكرام ،

          قد لا يختلف الناس ـ على اختلاف عقائدهم وأديانهم ومبادئهم ـ في تشخيص أية مشكلة أو وصفها، ولكن اختلاف المبادئ والعقائد يؤدي إلى الاختلاف في الحكم على المشكلة والنظرة إليها وإلى حلها. ولذلك لا بد من التنويه أننا ننطلق من الإسلام عقيدةً وأحكاماً في تناولنا لهذه القضية «قضية فلسطين» كإحدى قضايا الأمة الإسلامية المحورية. وهذا ما يجب أن يكون عليه المسلم في كل قضية يتناولها، كبرت أم صغرت، وفي أي مجال كانت. قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم) وقال: (ما يلفظ من قولٍ إلاّ لديه رقيب عتيد).

==========================================

          والمسلم أينما كان، مطلوب منه أن يكون جندياً من جنود الإسلام، وولاؤه الوحيد والمطلق هو لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. ومطلوب منه دائماً أن يهتم بقضايا المسلمين وأن يبذل جهده في سبيلها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». فكيف بالله عليكم إذا كانت أعضاء الجسد كلها تشكو وتصرخ وتنزف؟ فلكل عضو قضية أو قل قضايا.

          والنظرة الواعية إلى كل قضايا الأمة الإسلامية، سواء احتلال أجزاء من بلادها، أو تجزئتها وإثارة النعرات القومية والوطنية بينها، أو الإفقار ونهب ثرواتها، أو ذبح بعض شعوبها والعالم يتفرج عليها، أو التأخر في كل الميادين: السياسية والاقتصادية والعلمية والعسكرية والصناعية والزراعية… فالنظرة الواعية تقول لنا: إن كل ذلك هو بسبب قضية مصيرية ومركزية واحدةٍ ألا وهي غياب الإسلام كنظام حياةٍ من عند الله تعالى عن الدولة والأمة والمجتمع، ما أفقد الأمة سيادتها وأفقدها مناعتها وفتح المجال على مصراعيه للدول الاستعمارية الكبرى لتفعل بأمتنا وبلادنا وثرواتنا ما تشاء.

          وما لم تدرك الأمة هذه القضية، وتعمل على حلها بإقامة كيانٍ مخلصٍ في بلادها يطبق الإسلام في الحياة والدولة والمجتمع، ويأخذ على عاتقه البدء بحلّ قضايا الأمة كلها، فإن القضايا الفرعية ستزداد وسنبقى نركض من قضية إلى قضية نكتوي بنارها ونبكي منها دون أن نستطيع حلها.

          إخوتي الكرام ،

          لسببين أجد أنه لا بد من التذكير ببعض حقائق قضية فلسطين.

          السبب الأول: هو أن قضية فلسطين هي من أكثر القضايا التي مورس فيها الخداع والتضليل وقلب الحقائق، وتعمُّدُ خلق وقائع وقضايا جديدة وجعلها موضع الاهتمام والبحث والحديث لطمس حقيقة القضية أو فروعٍ منها.

          والسبب الثاني: أن هناك أجيالاً تكاد لا تعرف شيئاً عن هذه القضية إلاّ بما تجود به وسائل الإعلام المسيَّسة والموجَّهة من صانعي القرار الغربيين بعامة والأميركيين بخاصة، ومن التافهين أشباه السياسيين الذين يتبعونهم.

          والآن إلى بعض الحقائق:

          منذ فتح المسلمون بلاد الشام ـ وفلسطين جزء منها ـ زمن الخلفاء الراشدين، ودخل أهل تلك البلاد بجملتهم في الإسلام، وتحولت بلادهم إلى بلاد إسلامية وقُضيَ على الدولة الرومانية النصرانية، منذ تلك اللحظة وعبر العصور حتى هذه اللحظة، لا يريد الغرب أن يُسلِّم بأن الإسلام كسب الحرب في تلك البقعة من الأرض. سواء بالنسبة للناس حيث أصبحوا مسلمين، او بالنسبة للبلاد حيث أصبحت بلاداً إسلامية. ولذلك وفي سياق الصراع العقدي والحضاري بين الإسلام والغرب، كرر الغرب محاولاته لإعادة هيمنته على تلك المنطقة، سواء عبر التبشير والغزو الفكري حتى يترك الناس الإسلام، أم بإعادة احتلال الأرض وسلخها عن البلاد الإسلامية الأخرى. ولعل الحروب الصليبية في القرون الوسطى، والاستعمار الحديث بعد الحرب العالمية الأولى حيث احتلت بريطانيا وفرنسا تلك البلاد، أكبر دليل على ذلك.

          ومن هذه الزاوية، وهي الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب، يجب النظر إلى إقامة دولة يهود في فلسطين. فإن الغرب حريص على أن يكون انتصاره على المسلمين أبدياً. لذلك يحاول أن يركز هيمنته وانتصاره. وإقامة دولة يهود في فلسطين هي إحدى تلك الوسائل حتى يبقى هذا الكيان خنجراً مسموماً في جسد الأمة، يعيث بما حوله الفساد والإفساد، ويكون رأس جسرٍ للغرب في قلب العالم الإسلامي.

          إخوتي الكرام ،

          لقد التقى المخطط الغربي هذا بطموح يهود وأحلامهم في إقامة دولة لهم في فلسطين فحصل هذا الزواج النكد بين المخطط الغربي وطموح يهود، حيث تبنت بريطانيا ـ التي كانت تحتل فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى ـ إقامة هذا الكيان المسخ فأعطت يهود وعد (بلفور) لمنحهم جزءاً من فلسطين ثم مكنتهم فعلياً من اغتصاب الأرض وإقامة دولتهم عبر مساعدتها المباشرة.

          وعند إقامة دولة يهود عام 1948 كانت الدول العربية المحيطة بفلسطين: مصر والأردن تحت النفوذ والاستعمار الإنجليزي، وكانت سوريا ولبنان لم تكادا تنفكان من النفوذ الفرنسي. ولذلك فإن حكام تلك الدول كانوا جزءاً من المخطط التآمري على فلسطين فقاموا بما رُسم لهم من أدوار من قِبل أسيادهم في لندن وباريس لتمكين يهود من أخذ فلسطين. وبعد ذلك سخروا الجيوش وأجهزة الاستخبارات لحماية دولة يهود وأخذ اعتراف أهل المنطقة بها.

          ورغم التحالف الثلاثي بين الغرب، ويهود، وحكام المنطقة؛ إلاّ أن أهل المنطقة بل كل المسلمين في العالم أجمع كان لهم موقف آخر واحد أجمع عليه صغيرهم وكبيرهم، رجالهم ونساؤهم، وهو أن فلسطين هي جزء من أرض المسلمين، وفيها مسرى رسولهم صلى الله عليه وسلم وثالث الحرمين الشريفين، وأن يهود الكفارَ وبرعاية الغرب الصليبي يريدون سلخها عن محيطها وبترها عن جسد الأمة. لذلك كان الكل ينادي بحتميّة تحرير فلسطين وإزالة هذا الكيان السرطاني الغريب المسمّى (إسرائيل) من جذوره، وإنهاء أي أثر لهم في المنطقة كما حصل مع الغزوات الصليبية من قبل، وكان الكل يرفض أية فكرة للاعتراف بتلك الدولة أو إعطائها الشرعية.

          وهنا أيقن السياسيون الغربيون أن (إسرائيل) كدولةٍ ستبقى مشروعاً فاشلاً ينتظر لحظة إنهائه ما دامت الأمة ترفض وجودها. وأيقنوا أيضاً أن اعتراف الحكام بدولة يهود دون الشعوب، لن يعطيها الشرعية المطلوبة. وعرفوا أن آليّة تثبيت يهود في المشرق الإسلامي بأسره وليس في فلسطين فحسب، تكمن في انتهاج سياسةٍ جديدة يتم بموجبها تطويع الشعوب وبخاصة أهل فلسطين.

          لقد تبلورت السياسة الغربية الجديدة تلك في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن المنصرم في عدة محاور هي التالية:

          1ـ أوجدوا مشكلات ووقائع جديدة لتصبح هي محل البحث والاهتمام وتوجُّهُ الأنظار إليها بدلاً من المشكلة الأساسية، فقد سلم الملك حسين بقية فلسطين والمسمى بالضفة الغربية إلى يهود في تمثيلية حرب 1967. وبمسرحيات مماثلة استولت دولة يهود على سيناء والجولان. وبالتالي أصبح هناك واقع جديد واحتلال جديد للفت الأنظار عن الاحتلال القديم لجزءٍ كبير من فلسطين وتصبح المطالبة بالانسحاب من الأراضي التي احتلت مؤخراً فقط.

          ثم ضمّت دولة يهود أجزاءً من الضفة الغربية إليها وأنشأت المستعمرات، واتبعت سياسة القتل والتهجير الجماعي للفلسطينيين بعامة ولأهل القدس بخاصة. وبذلك أوجدت مشاكل ووقائع جديدة على الأرض لتصرف الأنظار إلى معالجتها.

          2ـ حجّموا قضية فلسطين بفصلها عن الإسلام والمسلمين وإعطائها صبغة غير إسلامية وسموها (الصراع العربي الإسرائيلي).

          وقد اتخذت لهذا التحجيم أساليب متعددة وملتوية اشترك فيها الحكام في بلاد المسلمين وإعلامهم وكتّابهم بإطلاق شعاراتهم القومية المضلِّلة وإبعاد ذكر الإسلام عند ذكر فلسطين، ثم الحديث عن مساندة الشعب الفلسطيني والتعاطف معه في قضيته وحصر ذلك باللجان الرسمية لإبعاد الأعمال الشعبية وفض الناس عن هذه القضية، ثم ترديد الإعلام وبعض رموز الأنظمة بأن: «قضية فلسطين كلفت الدول كثيراً، وأخرت التنمية». ثم الإقلال من الحديث عن فلسطين في الإعلام، وإعادة صياغة المناهج التعليمية لتجهيل الأجيال الجديدة بواقع القضية وتنشئتها على قبول الواقع الجديد (دولة إسرائيل).

          أما الفلسطينيون المهجرون في الدول العربية وخصوصاً دول الجوار فقد حيكت لهم المكائد والفتن والصراعات المسلحة بينهم وبين الأنظمة وأحياناً شعوب تلك الدول. وذلك لإيجاد الحقد والكراهية وإبعاد المسلمين عن فكرة تحرير فلسطين. فشهد الأردن وسوريا ولبنان مذابح ودماءً وشهدت الدول الأخرى التضييق والطرد الجماعي.

          3ـ ثم حجّموا القضية أكثر بفصلها عن محيطها العربي وحصرها بالفلسطينيين وحدهم واعتبارها (صراع فلسطيني إسرائيلي).

          4ـ ثم أعادوا تحجيمها أكثر من ذلك بإيجاد قيادة فلسطينية واعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني لتقوم بمهمة التفاوض مع يهود، والتنازل لهم عن فلسطين، وإعطائهم شرعية الوجود.

          وتم ذلك بأسلوب خبيث ظاهره لا يوحي بذلك، وهو إشاعة فكرة أن الفلسطينيين هم أصحاب الحق في التحدث والتصرف في قضية فلسطين. وأصدر مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الرباط سنة 1974 قراراً باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. وبذلك نفض الحكام العرب أيديهم من قضية فلسطين علماً بأنهم هم الذين سلموها وأضاعوها وهم مسئولون عن تحريرها.

          وحتى تغطى الجريمة الفظيعة التي سترتكبها تلك القيادة الفلسطينية من جهة، ولإرضاء طموح أهل فلسطين وإسكاتهم من جهة أخرى، رأت أميركا وجوب إقامة كيان للفلسطينيين يسمونه دولةً وليس له من مواصفات الدولة إلاّ الاسم.

          واتخذت أساليب التضليل في صناعة قيادة أو زعماء من الفلسطينيين يجرؤون على القيام بهذه الخيانة الفظيعة، فقد ابتدأت تلك القيادة بفكرة تحرير فلسطين «كل فلسطين»، والقتال ضد يهود، وتجميع الناس تحت السلاح وإشاعة أجواء الحرب حتى استطاعوا جمع الناس حولهم وأخذ قيادتهم ولكن أعينهم وأعين أسيادهم الذين صنعوهم كانت تتطلع إلى هذا الاستسلام الذي نراه ونشاهده اليوم. وقد اقتضى بناءُ هؤلاء الزعماء الخونة قتلَ وتصفيةَ كلِّ من يُلمس ويُشمُّ منه رائحةُ الإخلاص، وما أكثر ما شهدته تلك المنظمة من قتل وتصفيات جسدية بين عناصرها.

          أما موضوع الكيان أو الدولة الفلسطينية فإن الإسلام لا يقرُّ بكل هذه الحدود التي رسمها الغرب في بلاد المسلمين، ولا يُفرحنا أن يزداد عدد أعضاء جامعة الدول العربية. ولا يجوز أن ينظر إلى هذا الكيان إلا ضمن الترتيبات التي ترافقه والظروف التي يولد فيها والثمن الباهظ الذي سيُدفع له (خسارة فلسطين).

          أيها  الإخوة  الكرام ،

          من هذا الاستعراض الموجز جداً يتضح لنا أن المرحلة الحالية التي وصلت إليها قضية فلسطين كانت ثمرة لذلك المكر وتلك الجهود الحثيثة الخبيثة التي بذلها الغرب وأعوانه الحكام ويهود. وبناءً على ذلك تسقط كل التبريرات التي يؤلفها ويروجها صنّاع الهزيمة ومن يريد بيع بلاد المسلمين ليهود من أن الظروف الدولية وسقوط الاتحاد السوفياتي وتفرد أميركا في السياسة الدولية هو سبب بيعهم واستسلامهم!! وهذا باطل. فما كان الاتحاد السوفياتي يوماً يؤيد تحرير فلسطين، ولا هم بدءوا مساومتهم وخيانتهم بعد سقوط الاتحاد السوفياتي بل منذ وجودهم.

          بعد أن اعترف المجلس الوطني الفلسطيني (بدولة يهود) سنة 1989، قال هاني الحسن (أحد زعماء منظمة التحرير): إنهم اتخذوا قرار الاعتراف (بإسرائيل) سنة 1969، ولكنهم احتاجوا إلى عشرين سنة حتى يعلنوا ذلك لأنه كان عليهم أن يقنعوا الشعب الفلسطيني بالتنازل عن 78% من أرض فلسطين.

          وتسقط مقولة إن الضعف والعجز العربي هو سبب الاستسلام والبيع. فالضعف العربي هم الذين صنعوه ورعوه وهم الذين يحافظون عليه استجابة لأسيادهم الكفار حتى تخضع الأمة لما يخطط لها.

          وتسقط مقولة إن انقسام المسلمين والتشرذم العربي هو سبب استسلامهم وبيعهم. فهم القائمون على انقسام المسلمين ويحاربون عودة الإسلام إلى الحكم وتوحيد بلاد المسلمين تحت لوائه، وهم القائمون على الانقسام حتى إنهم لا يتفقون على عقد مؤتمر قمة إلا إذا أُمروا بعقده ـ مع علمنا بتفاهته ـ.

          وتسقط مقولة إن (إسرائيل) وبالدعم الغربي أقوى من الدول العربية. لأن الأمة قادرة وعندها الإمكانية ليس لتحرير فلسطين فقط بل لطرد النفوذ الغربي من كل بلاد المسلمين، والأمة تتشوق للجهاد في سبيل الله ولكنهم هم الذين يكبّلونها ويقفون حائلاً بينها وبين الجهاد ويحمون أعداءها منها. والأمة الإسلامية التي دحرت الصليبيين وطردتهم من فلسطين، واستوعبت الهجمة التترية والمغولية وقاومت الاستعمار الحديث قادرة على العودة إلى سيرتها الأولى بإذن الله إن هي وعت على الحقائق وتخلَّت في سبيلها عن بعض حطام الدنيا.

          وتسقط مقولة إن الناس قد سئِموا الصراع والحروب فلنتوجه إلى التنمية وتحسين ظروف الناس، وهذا باطل فالمسلمون لم ولن ييأسوا، والجهاد معلوم لصغيرهم كما لكبيرهم أنه فرض من الله وأنه عبادة يتقربون بها إلى الله ولهم فيها إحدى الحسنيين. ولكنهم في هذا العصر لم يخوضوا حرباً فعلية ضد عدوهم لتحرير فلسطين. ولو خُلِّيَ بينهم وبين عدوهم بحرب فعلية لحرروها منذ زمن بعيد ولما كلفتهم عشر ما كلفته خيانة الحكام، والحروب الوهمية والغطرسة والعلو اليهودي والاستسلام ليهود.

          أيها  الإخوة  الكرام ،

          إن فلسطين المسلمة هي أرض إسلامية، بارك الله تعالى فيها وحولها، وفيها قبلة المسلمين الأولى وثالث الحرمين الشريفين وفيها مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحها الصحابة رضي الله عنهم وحافظ عليها المسلمون عبر التاريخ وبذلوا ملايين المهج والأرواح في سبيل هذه الأمانة. وهي أمانة في أعناقنا فلا يجوز أن نفرط فيها، وليس من حق أحد كائناً من كان أو شعب أو جيل أن يتنازل عن أي جزءٍ منها، ومن يفعل ذلك فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، وعليه لعنة الله ورسوله والناس أجمعين.

          أيها  الإخوة  الكرام ،

          السؤال الذي يلح على كل واحد منا هو هل ستنجح ما تسمى بعملية السلام المزعوم اليوم وبالتالي تضيع فلسطين إلى الأبد، وما المطلوب لمنع ذلك؟ حتى لا نسجل مع الخونة أو مع الساكتين عنهم أو المتقاعسين عن واجبهم. ماذا علينا أن نفعل؟

          إننا نرى كما ذكرت في بداية المحاضرة أن الحل الحاسم لكل قضايانا هو إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي تطبق الإسلام، وتعيد توحيد بلاد المسلمين، وتنهي التبعية والهيمنة الغربية ومشاريعها في بلادنا، وتحمل الإسلام إلى العالم بالدعوة والجهاد، ومع عملنا لهذا الفرض يجب أن نظل ملتزمين بالواجبات التالية:

          1ـ أن نقبض على ديننا بالنواجذ كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نحكم بالإسلام في كل ما يعترضنا من مشكلات صغيرة كانت أم كبيرة، فردية كانت أم جماعية، ونجعله المصدر الوحيد لجميع الحلول. قال تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصرْكم ويثبتْ أقدامكم).

          2ـ دوام ربط قضية فلسطين بالإسلام عقيدةً وأحكاماً، لأن سلخها عن الإسلام يعني ضياعها. وربطها بالإسلام يعني الحفاظ عليها وعدم تمكين قوى الكفر أن تملي أي حل غير شرعي للقضية.

          3ـ الوقوف الصلب مع إخواننا هناك في وجه المستسلمين ليهود مع نشر وإظهار جرائم يهود ومكائدهم التي يرتكبونها بحق المسلمين.

          4ـ الثبات على أمر الله في القول والعمل، بأن فلسطين كلها هي التي يجب أن نحررها من النهر إلى البحر مع إبقاء حالة الصراع مع دولة يهود مستمرة حتى يأذن الله تبارك وتعالى بالنصر.

          5ـ عدم قبول المفاوضات مع الغاصب المحتل، أو البحث في أية جزئية معه لأن في ذلك إقراراً عملياً بشرعية وجوده.

          6ـ تضييق الخناق على كل من يشترك في بيع بلاد المسلمين أو التفريط بها ولعنهم على رؤوس الأشهاد، وحث ذويهم أن يتبرءوا منهم ومما يصنعون، وحفظ أسمائهم لليوم الذي ستحاسب فيه الأمة مَن فرط في حقها وتآمر مع عدوها.

          7ـ دوام محاسبة حكام المسلمين وفضح خيانتهم وعدم قبول تمثيليات التبرع بالدم ودعوات الشجب والإنكار التي يطلقونها ضد جرائم يهود، وعدم قبول أي عمل منهم أقل من توجيه الجيوش وحث المسلمين على القتال لتحرير فلسطين قاطبة وإزالة كيان يهود، وإلا فليرحلوا عن صدر هذه الأمة وليخلُّوا بينها وبين عدوها لتحزم أمرها وتسترد حقها وكرامتها وسلطانها بيدها. قال تبارك وتعالى:

          (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لَتُفْسِدُنَّ في الأرض مرتين ولَتَعْلُنَّ عُلُواً كبيراً @ فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأسٍ شديدٍ فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً @ ثم رَدَدْنا لكم الكَرَّةَ عليهم وأمددناكم بأموالٍ وبنينَ وجعلناكم أكثرَ نفيراً @ إنْ أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإنْ أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة لِيَسُوءُوا وجوهَكم وليدخُلوا المسجدَ كما دخلوه أولَ مرةٍ ولِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تتبيراً @ عسى ربُّكم أنْ يرحمكم وإنْ عدتم عُدنا وجعَلنا جهنمَ للكافرين حَصيراً).

          فلنعمل على أن نكون نحن عباد الله المخلصين الذي اختارهم الله ليحقق وعده وننال رضاه ونفوز بعز الدنيا والآخرة. وقال تعالى: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم).

          اللهم إنا نجعلك في نحور الظالمين.

          والله غالب على أمره q

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *