كلمة الوعي: صَـرْخَـةُ الحِـجَـارَةِ … لَعْـنَـةٌ على الحـكّام
2000/11/10م
المقالات, كلمات الأعداد
1,709 زيارة
إن ما جرى ويجري في فلسطين اليوم من شجاعة فائقة للمسلمين بصدورهم وحجارتهم في مواجهة يهود بدباباتها وصواريخها ومدافعها وطائراتها، قد كشف أمرين متلازمين: حقيقة جريمة المفاوضات التي خاضها عرفات وزمرته مع يهود، معترفين بكيانه، ومحاولين التعايش معه بكل ما أوتوا من قوة، ومقرين له بالسلطان والسيادة على معظم فلسطين… ثم إنهم لا يزالون يعدّون (خضوع) اليهود لاستمرار المفاوضات معهم (والانصياع) للقرارات الدولية التي أوجدت كيان يهود، يعدون ذلك مطلباً مهماً وإنجازاً متقدماً… ولم تقنعهم كل تلك المجازر التي حدثت بأن يتجهوا إلى الرشد والصواب، فيعلموا أن فلسطين، كل فلسطين، أرض مباركة رواها المسلمون بدمائهم، وأنها جريمة كبرى أن يفرَّط في شبر منها، أياًّ كان هذا الشبر، في المسجد الأقصى الذي أسرى الله برسوله إليه، أو في أقصى بقعة من فلسطين، جنوبها وغربها وشمالها وشرقها، سواء بسواء.
أما الأمر الثاني الذي كشفته هذه الأحداث، فهو عورات الحكام في بلاد المسلمين، فقد جلسوا في مقاعد المتفرجين على ما يدور ويجري، لا يحركون جيشاً لقتال ولا طائرة لغارة أو هجوماً بقذيفة أو صاروخ، في الوقت الذي يرون فيه دماء المسلمين تسيل من الأطفال والنساء والشيوخ، وهي تسفك صباح مساء بشتى أصناف الآلة العسكرية ليهود.
لقد فقدوا الحياء والإحساس، وجسدوا بمواقفهم تلك مقولة إنهم حماة كيان يهود المسخ، يدفعون عنه الأذى، ويذودون عنه وينافحون، لا يستحيون من الله ولا من عباد الله.
إنها لإحدى الكبر أن لا تكفي الدماء الزكية التي سالت على تراب الأرض المباركة الطهور، أن تعيد لهذين الصنفين من البشر، السلطة والحكام، شيئاً من إحساس أو شيئاً من حياء. ألم تكف هذه الدماء أن تقنع سلطة عرفات أن الاعتراف بكيان يهود جريمة وأن التفاوض معه خيانة؟ أليس من عجائب الدنيا أن تناشد السلطة المجتمع الدولي، وعلى رأسه كلينتون، أن يتدارك الأمر حفاظاً على استمرار (العملية السلمية) وخشية (تعميق الجراح والكراهية) بين الفلسطينيين واليهود؟ ثم متى جاءت مناشدتهم تلك؟ إنها بعد قصف يهود للمدن الفلسطينية بالطائرات والصواريخ!
ثم ألم تكف هذه الدماء الزكية التي سفكت على أيدي قتلة الأنبياء وإخوان القردة والخنازير، أن تحرك شيئاً في الحكام ليفكوا القيود عن جيوش المسلمين الرابضة في مواقعها، فتتحرك لنصرة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين؟ إن الحكام يقولون إنهم لا يستطيعون قتالاً ولا يملكون خياراً إلا هذا السلام المزعوم، ويكتمون حقيقة الأمر التي يعرفها القاصي والداني، أنهم يأتمرون بأمر رؤوس الكفر، فلا تظهر قوتهم وجبروتهم إلا على شعوبهم، عليها يصولون ويجولون، وهم أمام أعداء الله يهود أذلاء خانعون.
إن المسلمين أمة مجاهدة لا تعجزها شراذم يهود، الذين قال الله فيهم: (وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون) الله سبحانه يقول إنهم لا يستطيعون ثباتاً في قتال أمام المسلمين بل يولون الأدبار، وهؤلاء الحكام ينعقون بأنهم لا يستطيعون قتال يهود، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
إن السلطة تدعو إلى لجنة تحقيق لكشف المسئولية في المجازر على من تقع! كأن الأمر مجهول أو مختبئ وراء جدار يحتاج إلى من يكشفه، والحكام يدعون إلى مؤتمر قمة يروحون إليه ويجيئون ويرفعون عقيرتهم بالصياح كفارغ بندق خالٍ من المعنى ولكن يفرقع.
إن الأمر لا يحتاج من السلطة سوى أن تقلع عن اعترافها بكيان يهود وإنهاء مهزلة المفاوضات إلى الأبد. وهو كذلك لا يحتاج من الحكام إلا أن يحركوا جيوش المسلمين للقتال، هذا إن كانوا يسمعون أو يبصرون أو يعقلون. أما تسخين الأجواء لتحسين شروط المفاوضات، والتلاقي في المؤتمرات، وأما اتخاذ تلك الدماء الزكية تكأةً لتنفيذ المؤامرات، فإن هذا كله جريمة وأية جريمة توجب اللعنة على صاحبها والخزي والهوان.
إن جرائم السلطة والحكام قد وصلت حداً فظيعاً لدرجة أنهم يتآمرون ويتواطأون مع أميركا واليهود لسفك الدماء الزكية الطاهرة كطريقة لترويض أهل فلسطين للقبول باتفاقياتهم الخيانية… لقد قادتهم أميركا إلى شرم الشيخ والدماء لم تجف بعد بل لا زالت تسيل، ثم فرضت عليهم التداعي لمؤتمر قمة، بعد أن وضعت لهم جدول أعماله في مؤتمر شرم الشيخ، ليتخذ المؤتمر الإجراءات اللازمة لتنفيذ الاتفاق النهائي مع يهود، بعد أن مهّدوا الطريق لمؤتمراتهم الخيانية بالتسخين الدموي للأجواء، بدل أن تكون هذه الدماء الزكية طريقاً للقضاء على كيان يهود وإعادة فلسطين إلى ديار الإسلام.
إننا نهيب بالجيوش أولي القوة أن يتحركوا لإنقاذ الأمة من تسلط هؤلاء الظلمة المجرمين على رقابها، الذين عطلوا أحكام الإسلام وذروة سنامه، وتآمروا على مسرى نبيه مع أعدائه، وأن يكونوا جيشاً إسلامياً في دولة إسلامية، تعيد العزة للإسلام والمسلمين، فإنهم أهل القوة ومسئوليتهم أعظم من غيرهم، فليكونوا أهل نصرة كما كان الأنصار في المدينة، فالأمر عظيم والخطب جسيم.
إن القوة التي بيد هذه الجيوش إما أن تُبوِّئهم مقعد صدق عند ربهم إن استعملوها في نصرة دين الله، وقتال أعداء الله، وإما أن توردهم مورد التهلكة إن رضوا أن يستمروا حماة لهذه الأنظمة الظالمة أو سكتوا على هذه الأوضاع الفاسدة.
فالله الله في دينكم، يا أهل القوة، الله الله في أمتكم، إنها تتطلع إليكم لإنقاذها من مآسيها، ومن تسلط الظلمة على رقابها سبب بلائها وأس دائها… إنها تدعوكم لتخليصها من تحكم الكفار المستعمرين في مصائرها، ومن اغتصاب اليهود للأرض المباركة ومسرى نبيها.
إن الشدائد محك الرجال، والجنة حفت بالمكاره، فإلى عز الدنيا والآخرة ندعوكم (والله معكم ولن يتركم أعمالكم) .
2000-11-10