العدد 162 -

السنة الرابعة عشرة رجب 1421هـ – تشرين الأول 2000م

رؤيـة فرنسـية جديدة للعـلاقات الدولية

          صدر قبل نحو شهر تقريباً كتاب جديد لوزير خارجية فرنسا «هوبير فيدرين» بعنوان «رهانات فرنسا في زمن العولمة» وُصِفَ بأنه «خطاب في المنهج» على طريقة الفيلسوف الشهير ديكارت ولكن في مجال السياسة الخارجية الفرنسية فهو يؤسس سياسة خارجية تمزج بين «الأخلاقي والواقعي» وجاء فيه: “إن هذه القوة الوحيدة (أميركا) التي تهيمن على كل المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية والنقدية واللغوية والثقافية حالة غير مسبوقة في التاريخ”، وقال: “فأميركا سمكة كبيرة تسبح في حرية وتسيطر ـ كسيد ـ على مياه العولمة”، ويقول بأن: “مواقع القوة داخل المجتمع الأميركي كثيرة منها البنتاجون واللغة الإنجليزية وهوليود وشبكة CNN والإنترنت”. ويضع فيدرين تصنيفاً خاصاً للدول من حيث القوة والنفوذ فيذكر أن الولايات المتحدة تمثل المرتبة الأولى في العالم بلا منازع، ويأتي بعدها في الصف الثاني سبع دول ذات نفوذ عالمي هي فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين واليابان والهند «شريطة أن تشرع في توسيع رؤيتها التي لا تزال إقليمية»، ويقول بأن معايير هذا التصنيف كثيرة ومنها الدخل القومي والمستوى التكنولوجي والسلاح النووي ثم المستوى الكمي والكيفي للأسلحة والارتباط بمنظمات وتشكيلات دولية مثل مجلس الأمن ومجموعة ألـ 8 أو الاتحاد الأوروبي، ثم ترويج اللغة والتأثير الثقافي الموروث من الماضي. ويقول: “بحسب تثمين معيار المساحة الأرضية والسكان والقوة النووية وعضوية مجلس الأمن أو الدخل القومي، فإن فرنسا تأتي في المرتبة الرابعة بعد أميركا واليابان وألمانيا”.

          وفي إطار التصنيف للدول الأخرى يرى فيدرين أن دولاً تمثل قوى بالمعنى المحدد للقوة مثل مصر واستراليا وإندونيسيا والبرازيل والمكسيك وجنوب إفريقيا ونيجيريا وإيران وتركيا وإسرائيل وإيطاليا وإسبانيا وبولونيا. وتأتي بعدها دول ليس لديها في واقع الأمر قوة ولا وسائل نفوذ، فهي دول عادية بمعنى ما. لكنها تعتمد دائماً على دول أخرى. وفي آخر التصنيف تأتي دول يسميها بالدول الوهمية أو المستعارة أو غير القادرة على ممارسة سيادتها الرسمية وهي تعيش بالمساعدات الدولية وهي في الأغلب تكون غنيمة للقوى الدولية الأخرى، دول صغيرة جداً «ميكرو دول» لكنها موجودة. وبذلك يشتمل التصنيف على أربع فئات هي: دول عظيمة وهي أميركا، ودول ذات قوة ونفوذ عالمي، ودول تستحق الوجود، ودول وهمية «أشباه دول». [عن جريدة القدس في 21/8/2000 بتصرف] 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *