حجج واهية للمتبرجات والرد عليها (2)
2004/01/10م
المقالات
1,812 زيارة
حجج واهية للمتبرجات والرد عليها (2)
تنساق كثير من الفتيات وراء أهوائهن، ليتملصن من الالتزام بالمظهر الإسلامي، ويتذرعن بحجج واهية، لا يقرها شرع اللَّه تعالى، وليس لصاحبتها إلا غضب اللَّه وعذابه. إن الفتاة المؤمنة تقبل على أمر ربها، إقبال من لا تجد حرجاً في نفسها، مما قضى اللّه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتسلّم تسليماً.
ومن هذه الحجج:
الحجة الثامنة: من تحتج بعدم التحجب بسبب سوء سلوك بعض المتحجبات:
أما الرد فهو:
إن المتحجبة بشر تخطئ وتصيب، وليس المقصود من الحجاب عصمة صاحبته من الخطأ؛ لأن كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون، وإن كنت أدعو كل متحجبةٍ لأن تبتعد عما تقع فيه الكثيرات من الأخطاء: كالغيبة، والنميمة، وغير ذلك، وأن تجتهد في أن لا يراها مخلوق إلا حيث أمرها اللَّه تعالى، مع اجتناب نواهيه، لأن صورتها في الأذهان تختلف كثيراً عن صورة غيرها من المسلمات غير المتحجبات.
وإنني هنا لا أدافع عن أخطاء بعض المتحجبات أو حتى أهاجمهن، بل أريد أن أوضح أن نظرتنا للمتحجبة؛ يجب أن تكون نظرة موضوعية، فلا نظن أنها بتحجبها تكون قد طبقت جميع أوامر الدين، وأنها أصبحت بمنأى عن الخطأ.
ويجب ألا نصدم لأقل بادرة سيئة عن متحجبة، فنتهم جميع المتحجبات بذلك، أو نرمي جميع أوامر الدين بأنها غير صالحة، لأن من المتحجبات من قد تخطئ في بعض الأمور (وأكثر أخطائهن لسانية: كالغيبة والنميمة مثلاً، فليحذرن من ذلك أشد الحذر).
إن الدين في كتاب اللَّه وسنّة رسوله, وعلى المسلمات التشبه بسيرة أهل بيته، لا سيّما نسائه، (عليهن السلام) لا بفلانة وفلان، المعرضين للخطأ ليلاً ونهاراً، وإن وجدت فتاة مسلمة في البعض قدوة سيئة؛ فإن غيرهن الكثيرات والكثيرات ممن يعتبرن قدوةً صالحة، فيا حبذا لو تحجبْتِ وكنت قدوةً صالحة لغيرك؛ بدلاً من أن تتجمدي على معاصيك، ولا تحاولي تغييرها.
الحجة التاسعة: من تدّعي أن الحجاب يعيقها عن العمل أو التعليم
أما الرد عليها فهو:
نقول هل يعيق النقاب عن عمل عملية جراحية دقيقة جداً، وبالأخص في جراحات المخ والعيون، بالإضافة إلى سائر العمليات الجراحية التي تتطلّب الدقّة والحذر المتناهي في تنفيذها؟
بالطبع لا، فكيف إذن تدّعي المتبرجة أن النقاب يعيقها عن العمل الذي هو أدنى بكثير وبمراحل كبيرة من العمليات الجراحية؟!
إن اللَّه حرّم إظهار ما عدا الوجه والكفين، إلا لضرورةٍ ملحّة: كالشهادة في المحكمة، أو التداوي، وفي هذه الحالات تكشف عن الجزء المطلوب فقط بدون تبرّج.
الحجة العاشرة: من تدّعي أنها لا تطيق الحجاب بحجة الحرارة أو الصداع.
أما الرد عليها فهو:
إذا كنت لا تطيقين الحجاب، فهل ستيطيقين نار جهنم؟ يقول تعالى:( قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)[التوبة/81].
وكذلك من تحتج بأنها تشعر بالصداع لو غطت وجهها ورأسها، أقول لها: لا داعي إذاً لخروجك وتعرّضك للرجال، أو اصبري على طاعة اللَّه، ونفذي أوامره، وتذكري قوله تعالى:( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)[مريم/65].
وكيف لا تصبر هذه على الحجاب، وهو أمرٌ بسيط بجانب ما كان يلقاه المسلمون الأوائل من ضرّ وأذى من المشركين؟ كيف، باللَّه، لو رأت هذه المتبرّجة ما رأوه؟ إذاً لكفرت باللَّه، وارتدت عن الدين، ما دامت لا تصبر على تغطية جسدها حفظاً وإكراماً لها، أتعصي أمر ربها وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأجل ثوبٍ أمرت بارتدائه؟!
إن التي امتلأ قلبها بحب اللَّه ورسوله، والمؤمنين والمؤمنات، وأصرّت بصدق على اتباعهم، تجد كل ما تلقى في سبيل اللَّه هنيئاً، أفلا تكونين كذلك؟
الحجة الحادية عشرة: من تتبرّج لتغري الشباب بخطبتها، أي بهدف الزواج منها.
أما الرد عليها فهو:
ولهذه أقول: إنك أزريت بنفسك، ونالك الكثير من الإثم، بل ارتكبت أمراً من كبائر الذنوب، وهو التبرّج في سبيل هدفٍ قد يتحقّق وقد لا يتحقّق، فإن تحقّق، فاعلمي أن الرجل الذي اختارك زوجةً له من أجل تبرّجك، فإنه سرعان ما سيخونك، أو سيتركك إلى غيرك ليتزوج منها، أو على أقلّ تقدير لن تنالي السعادة المنشودة التي تطلبها كل فتاةٍ بالزواج، وذلك عندما يجد أخريات أجمل منك؛ فإنه سيلهث وراءهن، حيث إن هدفه طلب الجمال فحسب، بل إن الأمر سيتفاقم كلما كبرت في السن، وذهب جمالك شيئاً فشيئاً بسبب الحمل والولادة ومسؤوليتك البيتية، التي لا تعتبر أمراً هيّناً على الإطلاق، وعندها سيشعرك أنك لا تساوين شيئاً، وستذهب نفسك حسرات وأنت ترين زوجك يلاحق الأخريات، لأن من تزوج بمتبرّجة لا يؤمن جانبه، كما أنه من المعروف أن المرأة كلما تقدمت في السن زهد فيها الرجال شيئاً فشيئاً، ولكن الأمر بالعكس بالنسبة للرجل، إذ إنه يجد في جميع مراحل عمره من ترضى بالزواج منه، ويكون في غالبية الأحوال قادراً على الإنجاب.
الحجة الثانية عشرة: من تحتجّ بأن زوجها يدفعها للتبرّج أو تغيير خلق اللَّه.
أما الرد عليها فهو:
إن عليها أن تكلم زوجها بالحسنى، وترشده إلى أنها تخشى عليه من عقاب اللَّه إن هو أصرّ على منعها من التحجّب، وأبى عليها إلا أن تسير متبرّجة؛ ليعرض لحمها على زملائه، ويريهم أنه إنسانٌ عصري متحضّر، بينما لو عقل هذا بعض الشيء، لوجد أن ما يفعله فوضى، وهمجية، وانحلال، وتفسّخ، وبهيمية، ورجعية وردّة إلى عهود ما قبل التاريخ فإن أبى ذلك، وأصرّ على موقفه، لتعلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن إرضاء الزوج لا يكون بارتكاب المعاصي، وإنما بالسمع والطاعة له فيما يأمر بما ليس فيه إثم، بالقيام بواجباته، وتأدية حقوقه كما بيّنها اللَّه تعالى في القرآن والسنّة.
وقد حذرنا اللَّه تعالى من أمثال هؤلاء الأزواج، فقال جلّ شانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)[التغابن/14].
وفي أسوأ الاحتمالات، عند وقوع خلافات بين الزوجين، واستحكام العداء، والخوف من الفرقة، وتعريض الحياة الزوجية للانهيار، إن أصرّ كلٌّ منهما على موقفه، فإن الحل لذلك نتبيّنه من قوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)[النساء/35].
الحجة الثالثة عشرة: من تخجل من الحجاب وتخشى سخرية الناس منها لو أنها تحجبت.
أما الرد عليها فهو:
عجباً لمن تخجل من الحجاب! أتخجل منه، ولا تخجل من نظرات الرجال إلى جسدها؟ ألا تخجل من عرض مفاتنها رخيصةً أمام البر والفاجر؟ أتخجل من الفضيلة والشرف والحياء، ولا تخجل من الوقاحة والاستهتار ومعصية اللَّه؟
إن من يسخر منك يا أختاه! لا تأبهي له، ولا يثنيك عن عزمك على التحجّب، إن هؤلاء أدنى من البهائم كما وصفهم اللّه تعالى في آياتٍ كثيرة، فهل تخجلين من البهائم؟ صُمّي أذنيك عن سماعهم، واستمعي لنداء اللَّه؛ لان فيه سعادتك، ونجاحك في الدنيا والآخرة.
تقول إحدى الأخوات: لقد حدث ان رأتني بحجابي مجموعة من الفتيات، فتعالت ضحكاتهن؛ لأنهن لم يتعوّدن على رؤية الحجاب الشرعي الصحيح، فالتفت إليهن قائلةً ما علمني إياه الحقّ جلّ شأنه: (إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ)[هود/38] اللَّه لقد بهتن جميعاً، ووجمن، ثم أقبلن نحوي بالاعتذرارات المختلفة… وهكذا تكون عزّة الإسلام، أعلميهن أنهن اللاتي في موضع السخرية والاستهزاء، وأنك لم تهتزي أو تتألمي لسخريتهن، فتعود سهامهن المسمومة إلى قلوبهن واصبري يا أختاه! على طاعة اللَّه، وتذكري أن شروط الفلاح أربعة متلازمة بيّنها اللَّه تعالى في سورة العصر بقوله تعالى: (وَالْعَصْرِ @ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ @ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).
الحجة الرابعة عشرة: من تخشى على نفسها من الجنون لو التزمت بأوامر اللَّه.
اما الرد عليها فهو:
إن هذه التهمة الباطلة ألصقها الكفار من قبل برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ لينفّروا الناس من اتباع هديه، فهل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الذي هدى اللَّه على يديه الأمة، وكان أعلم الناس باللَّه، وأخشاهم له، وقاد أمةً بدأت حياتها بالفقر، ورعي الغنم، فرفعها اللَّه بالإسلام، حتى فتحت لها مشارق الأرض ومغاربها، وسطعت لها شمس حضارة لم تغرب إلا عندما ابتعد المسلمون عن دينهم، فهل من فعل ذلك كله يعتبر مجنوناً؟ حاشى للّه، لقد صوّر اللَّه تعالى قولهم هذا بقوله: (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ @ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ)[القلم/51-52].
الحجة الخامسة عشرة: من تحتج بأنها ستتحجب عندما تكبر.
أما الرد عليها فهو:
هل ضمنت هذه العيشَ إلى أجلٍ حددته هي، فأجّلت له الطاعات، وبادرت اليوم بارتكاب الفواحش والمنكرات؟ ألم تري أن الموت لا يفرّق بين صغير وكبير، بل إن هناك من يولد ميتاً قبل أن يرى نور الحياة، فإنما هي آجالنا حسبت، وحددت لنا من قبل اللَّه سبحانه وتعالى القائل جلّ شأنه: (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)[النحل/61].
وحتى لو مدّ اللَّه في أجلها فمتى ستتوب؟ إن من شروط التوبة العمل الصالح الذي يناقض العمل القبيح الذي كانت عليه، وإن عملها القبيح – وهو التبرّج، وترك الحجاب – إنما يعطي تأثيره الضار على المجتمع، من إثارة للفتن والغرائز في فترة محددة من العمر، هي بصفة عامة فترة الشباب، أما في فترة الشيخوخة عندما يذبل جمالها، وتصبح من القواعد من النساء (لو مدّ اللَّه في عمرها)؛ فإن حجابها لا يجدي نفعاً؛ لأنها لن تغري الناظرين إليها، بل إن اللَّه تعالى رخّص لها في هذه السن خلع الجلباب، فكيف باللّّه ستكتمل توبتها، أو حتى يقبلها اللَّه تعالى في زمنٍ لا يؤهلها لذلك، فالشباب ولّى؟… وهيهات أن يعود، بل كيف ستكفّر عن الأيام السالفة من عمرها، وهي بدون الحجاب، وقد بدأ اللَّه يحاسبها منذ البلوغ، خاصة وهي تعلم حرمة ذلك الفعل، ولكنها تصرّ عليه؟!
الحجة السادسة عشرة: من تخشى على نفسها من السجون إن تحجبت.
أما الرد عليها فهو:
اصبري وصابري ورابطي، وسينصرك اللَّه ولو بعد حين، وإياك والانصراف عن الحجاب، ولو قطعت إرباً إرباً، لأن في تمسكك به قياماً لهذا الدين، وبعثاً به حياً من جديد، بعد أن ظنّ أعداء اللَّه أنهم أطفأوا نوره إلى الأبد، واللَّه متمّ نوره ولو كره الكافرون .
2004-01-10