العدد 205 -

السنة الثامنة عشرة صفر 1425هـ – نيسان 2004م

المعارضة المصنّعة

المعارضة المصنّعة

تسود العالم «موضة» تكاد تتكرر في العديد من الدول، وهي موضة المعارضات المصنّعة تصنيعاً. ففي بعض الأحيان يقوم النظام الحاكم بتوزيع الأدوار على أنصاره فيفرز بعضهم ويضعه في صف المعارضة، ويضع البعض الآخر في صف الموالاة، لكي يظهر أمام الناس في الداخل والخارج بأنه «ديمقراطي» ويسمح بما يسمى (التعددية السياسية). وفي أحيان أخرى تقوم أميركا بتصنيع المعارضة، لكي تمتطيها وتستعملها أداة لتنفيذ مآربها، لإسقاط النظام، أو للضغط عليه، بحيث يستسلم لمطالبها، ويسلمها البلد بكل ما فيه.

أغلب بلدان العالم تعاني من هذا المرض، ويجهل الكثير من الناس هذه المسرحية لأنهم يصدّقون الشعارات البراقة، فينخرطون في المعارضة، أملاً في نيل مكاسب سياسية أو مالية من النظام القائم، فتتعقد عليهم اللعبة، ويضيعون جهودهم في المكان الخطأ، ولو أنهم بذلوا هذه الجهود في الطريق الصحيح للتغيير، لنجحوا في اقتلاع الأنظمة الفاسدة من جذورها في أقصر وقت، وبأقل تكلفة وتضحية.

متى تعي الأمة على الألاعيب السياسية التي تمارس بحقها، فتميز بين الخبيث وبين الطيب؟ ومتى تعرف الوجوه المقنَّعة فتكشف الأقنعة عنها، لكي تحذر الناس من شرورها؟

إن نسبة المضلَّلين بالمسرحيات السياسية والعسكرية والانتخابية كُثْر، وإذا ما خوطِبوا فإن بعضهم يُصرُّ على جهله، وعناده، فينطبق عليه المثل القائل: «عنزة ولو طارت»، وذلك لأن الجهة التي يتبعها برمجت عقله، برمجة دقيقة، بحيث أصبح كالآلة لا يتغير ولا يتحول مهما قُدِّم له من حجج وبراهين، فهو لا يبحث عن الحق، وإنما يبحث عن رأي ينسجم مع البرمجة المسبقة التي تمّت قولبته فيها، وهو شبَّ على هذا الشيء وسوف يشيب عليه، إلا من رحم ربي، وهذا يدل على خطورة تعليب المعارضة تعليباً مسبقاً، ووضعها في أُطر جامدة لا تتغير ولا تتحول .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *