العدد 85 -

السنة الثامنة ذو الحجة 1414هـ, أيار 1994م

السلطة في مصر تفقد أعصابها

الأزمة بين نقابة المحامين والسلطة في مصر تشتد بسبب وفاة المحامي عبد الحارث مدني أثناء اعتقاله. في 24/04/94 اعتقلت السلطة المحامي مدني وفي 27/04/94 توفي، ولم تخبر السلطة ذويه بوفاته إلا في 05/05/94.

وقد تحرّك ذووه ووجهوا اتهاماً للسلطة أنها قتلته تحت التعذيب. وتحركت نقابة المحامين تطالب بالكشف عن ملابسات موته.

وادّعت السلطة أنها اعتقلته لأنه يساعد «الإرهابيين» وأنه لم يمت تحت التعذيب بل بسبب أزمة ربو.

وقال بيان لنقابة المحامين إن وميل النيابة أثبت وجود إصابات في جثة المحامي، وطالبت النقابة بإعادة فحص الجثة وتشريحها ولكن السلطة رفضت.

ومن الشواهد التي قدمتها ضد السلطة:

1- المحامي مدني كان يمتّع بصحة جيدة ولم يعان أمراضاً مزمنة ولم يَشْكُ من مرض الربو.

2- إن تعتيماً تمّ على وفاته من يوم 27/04/94 إلى 05/05/94.

3- وكيل النيابة بعد معاينة الجثة أثبت وجود إصابات ظاهرة في أماكن مختلفة من الجسم.

4- وكلاء مدني ونقابة المحامين قدموا طلباً لإعادة تشريح الجثة بمعرفة لجنة طبية، ورُفض الطلب.

وكانت نقابة المحامين قد نفذت إضراباً يوم 15/05/94، وقامت بمسيرة يوم 17/05/94 من مقرّ النقابة وسط القاهرة إلى قصر عابدين لتقديم احتجاج إلى حسني مبارك. ولكن يبدو أن السلطة فاقدة لأعصابها فحاولت منع مسيرة المحامين واشتبك رجال الأمن مع المحامين بالأيدي وأطلقت القنابل المسيلة للدموع ما أصاب عدداً كبيراً من المحامين بالاختناق وأطلقت عليهم النار فجرحت عدة محامين واعتقلت ما يزيد على ثلاثين محامياً. وقد اشترك في المسيرة ما يزيد على خمسة آلاف محام. وقد ردد المحامون في المسيرة هتافات تناولت حسني مبارك نفسه بالاتهام منها: «قولي يا مريم لو سألوك.. حسني مبارك قاتل أبوك» ومريم هي ابنة المحامي الذي مات بعد اعتقاله بيوم. وقد قررت نقابة المحامين الإضراب احتجاجاً على تصرفات السلطة. والأزمة ما زالت مستمرة في التفاعل.

وبهذا الصدام المباشر بين السلطة ونقابة المحامين دخلت مصر مرحلة جديدة من عدم الاستقرار. لا تستطيع السلطة اتهام المحامين «بالإرهاب» كما تتهم غيرهم، ولا تستطيع وصفهم بالغوغائية أو العبثية، ولا تستطيع اتهامهم بأنهم مأجورون لجهة خارجية، وإن فعلت فلن يصدقها أحد داخل مصر أو خارج مصر. ويبدو أن نقابات أخرى وتيارات شعبية ستتضامن مع المحامين. ويبدو أن العدّ التنازلي قد بدأ لانهيار النظام.    

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *