بيان علماء الحجاز والرد عليه
26 عالماً سعودياً يوجهون خطاباً مفتوحاً للشعب العراقي
وجه نحو 26 داعيةً سعودياً، يوم الجمعة22/9/1425 هـ الموافق 5/11/2004م، خطاباً مفتوحاً للشعب العراقي، دعوهم فيه إلى الوحدة، والتآزر، ومقاومة المحتلين، ووقف الاحتراب الداخلي، مؤكدين في خطابهم على مشروعية المقاومة، وأن على الشعب العراقي الدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه، وأفتوا بحرمة التعامل مع المحتلين ضد أعمال المقاومة. وهاكم نص الخطاب.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه الأمين، وبعد:
فقد دعا إلى تدوين هذا الخطاب الحالُ الاستثنائية التي يمر بها أهلنا في العراق، والتي توجب التناصر، والتضافر، وتبادل الرأي، والمشورة، والنصيحة التي هي من حق المسلم على أخيه.
ولن نألو جهداً فيما نراه صواباً ومصلحة لإخواننا المسلمين في هذا البلد العريق الذي يتعرض لحرب خطيرة على الأصعدة كلها، خاصة والبلد مفتوح على كافة الاحتمالات بغير استثناء، من حرب داخلية، إلى تفكك وانقسام، إلى قيام حكومة مهيمنة تابعة للمحتل. ونوجز رؤيتنا فيما يلي:
-
وأعظم نصيحة هي الإخلاص لله وإرادة وجهه، والتخلي عن المطامع الدنيوية، والمصالح الشخصية والحزبية والفئوية، قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾[القصص]، فليعلم الله في قلوبكم جميعاً يا أهل العراق -وخصوصاً من له رتبة، أو جاه، أو تأثير مادي أو معنوي- التوجه الصادق والنية الصالحة، والتخلي عن حظوظ النفس، واقتفاء سنة محمد عليه الصلاة والسلام، كما قال سبحانه: ﴿إِنْ يَعْلَمْ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنفال].
وليكن من أول ذلك التعاون وإمضاء العدل والإنصاف فيما بينكم، ورفق بعضكم ببعض، وتجنب أسباب الفتن وموجباتها التي تطل برأسها في هذه المرحلة الحرجة. ومن أعظم أسباب الفتن التعاند وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وأن يظن بنفسه الصدق والصواب، وبالآخرين الريبة وسوء النية. وهذا يمهد للحرب التي ينتظرها الكثيرون من خصوم الأمة، ويسعدهم أن تقع بأيدينا لا بأيديهم.
-
ثم إن شروط النجاح فهم الظرف والمرحلة والواقع الذي يعيشه الإنسان فهماً جيداً؛ فإن أي طموح أو تطلع لا يعتد بالرؤية الواقعية، ولا يقرأ الخارطة وتناقضاتها وألوانها، فإنه يؤدي إلى الفشل، وإذا كان الله تعالى قال:﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال60]
فإن أعظم القوة هي قوة العقل والنظر والرؤية الاستراتيجية.
وأكثر الإشكالات تأتي من جهة اختلاف الرؤية للواقع، وعدم تمثله بشكل صحيح، أو من النظر إليه من زاوية واحدة، أو من التعويل على صناعة المستقبل دون اعتداد بالحاضر، أو إدراك لصعوباته. وهذا شأن يعز إدراكه على الكثيرين، ويحتاج إلى رؤية جماعية ذات معايشة، وفهم، ودراية، ودربة، وتعقل، وتجربة.
-
ولا شك أن جهاد المحتلين واجب على ذوي القدرة، وهو من جهاد الدفع، وبابه دفع الصائل، ولا يشترط له ما يشترط لجهاد المبادأة والطلب، ولا يلزم له وجود قيادة عامة، وإنما يعمل في ذلك بقدر المستطاع، كما قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن16].
وهؤلاء المحتلون هم -ولا شك- من المحاربين المعتدين الذين اتفقت الشرائع على قتالهم حتى يخرجوا أذلة صاغرين بإذن الله، كما أن القوانين الأرضية تضمنت الاعتراف بحق الشعوب في مقاومتهم.
وأصل الإذن بالجهاد هو لمثل هذا، كما قال سبحانه: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾[ الحج]. وقد قرر سبحانه سنة التدافع التي بها حفظ الحياة، وإقامة العدل، وضبط الشريعة، فقال: ﴿وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج].
فالمقاومة إذاً حق مشروع، بل واجب شرعي يلزم الشعب العراقي الدفاع عن نفسه، وعرضه، وأرضه، ونفطه، وحاضره، ومستقبله، ضد التحالف الاستعماري، كما قاوم الاستعمار البريطاني من قبل.
-
ولا يجوز لمسلم أن يؤذي أحداً من رجال المقاومة، ولا أن يدل عليهم فضلاً عن أن يؤذي أحداً من أهلهم وأبنائهم، بل تجب نصرتهم وحمايتهم.