العدد 214 -

السنة التاسعة عشرة ذو القعدة 1425هـ – كانون الأول 2004م

كلمة الوعي: أثر فوز بوش بالانتخابات على المسلمين

كلمة الوعي: أثر فوز بوش بالانتخابات على المسلمين

فوز بوش بفترة انتخابية ثانية يعني استمرار سياسة تصعيد العداء ضد العالم الإسلامي، ويعني تكريس الشعارات العدوانية والشعارات الاستعلائية من مثل: «من ليس معنا فهو ضدنا» ومثل: «إعلان الحرب الصليبية على الإرهاب» أي على الإسلام. وفوز بوش يعني أيضاً استمرار حالة الهيمنة ومحاولة التفرد في الموقف العالمي، وتكريس حالة البلطجة التي استمرأتها الحكومة الأميركية مع الآخرين، وتجاهل القوى الكبرى، والاستخفاف بالقوى الصغرى.
ولكن هذا الفوز ما كان ليتحقق لولا وقوف جهات ذات مصالح كبرى وراءه، فمن هي هذه الجهات يا ترى؟؟
من المعلوم أن الشعب الأميركي لا يستطيع أن ينتخب رئيسه بلا قوى فاعلة تدفعه للاختيار، وتحمل الشعب على انتخاب من تريده تلك القوى. فالشعب الأميركي كغيره من الشعوب تُفرض عليه الخيارات من قبل مجموعات من اللوبيات والقوى، ولا يستطيع إلا أن ينساق مع أحد تلك الخيارات ويتجاوب معها، ولا يملك الخروج عنها. وقد وقفت إلى جانب بوش في الانتخابات الأميركية الأخيرة القوى التالية:
أولاً: الشركات النفطية وشركات الغاز، ووقوفها إلى جانب بوش كان بسبب ما جنته وما تجنيه تلك الشركات من أموال طائلة، وذلك عائد إلى وضع يديها على أكثر من 3 ملايين برميل نفط عراقي يُضخ يومياً، وعائد أيضاً إلى ارتفاع سعر البرميل إلى ما يزيد عن الخمسين دولاراً، وإلى زيادة الإنتاج النفطي عن الحدود المعقولة بكثير، فمثلاً زادت السعودية إنتاجها من 7 أو 8 مليون برميل إلى حوالي 11 مليون برميل يومياً، وهذه الزيادة تدر أرباحاً هائلة وخيالية تجنيها تلك الشركات، مما جعل هذه الشركات تتمسك بانتخاب بوش تمسكاً شديداً.
ثانياً: هناك أربعة من خمسة مجموعات مالية في الوول ستريت انتخبت جورج بوش، ودعت أتباعها وأنصارها إلى انتخابه، ودعمته بأكثر من 17 مليون دولار في تمويل حملته الانتخابية، وذلك بسبب إجراءات تقليص الضرائب عن هذه الأسواق المالية التي اتخذتها إدارة بوش بحقها.
ثالثاً: المؤسسة العسكرية الأميركية والتي انتعشت مالياً ووجاهياً وزاد نفوذها، واستفاد الجنود من كثرة الإغراءات والامتيازات التي قدَّمتها لهم إدارة بوش.
رابعاً: المجموعات الدينية سواء أكانت إنجيلية متطرفة أم كانت مجموعات دينية تقليدية كأتباع المذاهب البروتستنتية والكاثوليكية على حد سواء، وإنه وبالرغم من أن بوش بروتستنتي وكيري كاثوليكي إلا أن كلاً من البروتستانت والكاثوليك وقف بقوة إلى جانب بوش الذي استطاع بخطابه الديني أن يكسب الكنائس بمختلف توجهاتها إلى جانبه.
هذه هي المجموعات الأربعة التي حسمت الانتخابات لصالح بوش، وقد اعترف كيري بأنه لم يكن بمقدوره أن يفوز على بوش، وأن ما أنجزه يعتبر أمراً عظيماً، وأنه لم يكن يتوقع أبداً أن يهزم بوش.
فأهم القوى التي تحرك الشارع الأميركي وقفت كلها مع بوش، لأن مصالحها تم تأمينها من قبل إدارته.
أما القوى التي وقفت ضد بوش فهي:
1- اليهود حيث صوَّت حوالي 75% منهم لصالح كيري.
2- بعض الشركات المالية والصناعية وبعض رجال الأعمال والأغنياء كمايكروسفت وجورج سوروس، ولكن هذه القوى الاقتصادية لم تستطع أن تقاوم ثقل المجموعات النفطية والعسكرية والسوق المالية التي مالت جميعها إلى جانب بوش.
3- القوى اليسارية، والأقليات المختلفة، وهي الأكثر ضعفاً وتأثيراً في المجتمع الأميركي.
وبذلك استطاع بوش وإدارته أن يجند قوى أكبر دولة في العالم لصالح سياسات طائشة ومتهورة وعدوانية تجلب أحقاد الكثيرين ضدها وضد الشعب الأميركي.
إن عدوانية إدارة بوش ضد العالم، وبالذات ضد المسلمين، تميط اللثام عن الحكام الخونة الذين يأتمرون بأوامر إدارة بوش، وتكشف عن دور الحكومات العميلة في حبك المؤامرات الأميركية ضد الشعوب.
وقد يظن بعض المسلمين أن هذا العداء الذي خلفته هذه الإدارة الأميركية اللعينة فيه ضرر للمسلمين، لكن الحقيقة تبين أن الله سبحانه ربما أراد أن يجعل من الأمة الإسلامية أمة متحركة تثأر لكرامتها المباحة عن طريق استعداء بوش لها.
فالله عز وجل وكأنه سخَّر بوش لاستثارة همم المسلمين من أجل أن يسارعوا في العمل لإقامة الخلافة، وجهاد أميركا ومن شايعها، وردعها عن غيها، ووضع حدٍ لعنجهيتها.
فالمسلمون عليهم أن لا يبتئسوا لانتخاب بوش، بل هو أفضل من أعلن حالة العداء والحرب ضد المسلمين، والمسلمون أحرى بهم بعد استعداء بوش لهم أن يعيدوا حساباتهم، ويعملوا بجد واجتهاد لإعادة الأمور إلى نصابها، ويثأرون لكرامة الأمة التي أُصيبت في مقتل، بعد احتلال أميركا لأفغانستان والعراق، وبعد تكريس احتلال اليهود لفلسطين.
على الأمة أن تستفيد من هذه الحرب العلنية التي شنها بوش على المسلمين، وذلك بالسعي لقطع كل صلة مع الأميركيين سياسياً، واقتصادياً، وعسكرياً، وثقافياً، عليهم أن يسقطوا كل حاكم من حكامهم يتواطأ مع أميركا، وأن يحاربوه ويسقطوه بوصفه أداة من أدواتها، فبانتخاب بوش مرة ثانية تميز الأعداء بشكل واضح. وعلى الأمة أن تنحاز لمصالحها التي تحددها العقيدة الإسلامية. وعليها أن تسير بأقصى سرعة، وأقصى طاقة، في طريقها الموصل إلى تحقيق هدفها، وهو في هذه الحالة ثبات الموقف أمام المؤامرات الأميركية، وحشد الطاقات أمام المواجهة الشاملة مع هذا العدو المستكبر.
والله سبحانه نسأل أن يمكننا من تجهيز الجيوش، ورفع الرايات، وتحصين الأمة، والتفافها حول إمام يقودها إلى الفوز، والظفر، وقهر الأعداء، وإظهار هذا الدين على كافة الأديان الأخرى ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾[التوبة]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *