العدد 217 -

السنة التاسعة عشرة صفر 1426هـ – آذار 2005م

بلا خلافة: واحدٌ وثمانون عاما من الذل

بلا خلافة: واحدٌ وثمانون عاما من الذل


            في الثامن والعشرين من رجب سنة 1342هـ الموافق للثالث من آذار سنة 1924م هدمت الخلافة الإسلامية في “إسلامبول” على يد المجرم اليهودي مصطفى كمال “أتاتورك” بمعونة أعداء الأمة الإسلامية “الإنجليز”. واحد وثمانون عاماً من الذل والهوان مرت على هذه الأمة الكريمة فذاقت خلالها لباس الخوف والجوع والتخلف في ظل أنظمة وضعية ترعاها دول علمانية كافرة عميلة للغرب الكافر. وهذا نداء للمسلمين ليشدوا العزم والهمة، فيضعوا أيديهم بأيدي المخلصين العاملين؛ لإعادة هذه الخـلافة للوجود مرة أخرى؛ ليعز بها الإسلام وأهله، ويذل بها الكفر والنفاق وأهله.

                أيها المسلمون:

أين أنتم من العمل الجاد الذي يقوم به المخلصون؛ لإعادة العزة والكرامة للأمة، باستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخـلافة الإسلامية التي تطبق الإسلام في الداخل، وتحمله إلى العالم بالدعوة والجهاد؟ أيها المسلمون، ألم تسأموا من هذا الذل الذي عشتم فيه طوال واحد وثمانين عاماً من غياب الإسلام من واقع الحكم والسياسة.

لقد مر واحد وثمانون عاماً على هدم الخلافة الإسلامية التي تآمر الغرب بقضه وقضيضه للإجهاز عليها، وإقامة تلك الدويلات المصطنعة بديلة عنها… تلك الدويلات الهزيلة التي على رأس كل واحدة منها عميل مخلص للاستعمار، ولفكره، ولحضارته المنحطة، متنكراً لحضارة وعقيدة وفكر أمته. لقد عشتم واحداً وثمانين عاماً في ظل هؤلاء الحكام، فماذا جنيتم من ورائهم غير الذل والهوان، فكنتم كالأيتام على مآدبة اللئام.

في ظل هكذا أنظمة انظروا ماذا حل بكم:

1 ـ ضاعت فلسطين واغتصب بنو يهود أبناء القردة والخنازير، قتلة الأنبياء، وأذل شعوب الأرض- اغتصبوا مسرى نبيكم r، وقتلوا وطردوا وشردوا أبناء أمتكم من ديارهم في فلسطين، وهدموا البيوت وقطعوا الأشجار وفعلوا الأفاعيل. إن فلسطين قد ضاعت منكم ليس لقوة عدوكم -اليهود ومن وقف وراءهم- بل بسبب خيانة حكامكم العملاء، وضياع الكيان السياسي الذي يمثل الإسلام، قبل ذلك بأربع وعشرين سنة. إن اليهود لم يستطيعوا اغتصاب فلسطين في ظل دولة الخـلافة العثمانية التي، على ضعفها الشديد في أواخر أيامها، استطاعت أن تقف سداً منيعاً أمام تنفيذ مخططات الغرب والصهيونية في فلسطين، وآخر من وقف وقفة الرجال من خلفاء بني عثمان السلطان عبد الحميد الذي قال مقولته الشهيرة: «… فإني لن أتخلى عن شبر من أرض فلسطين، فهي ليست ملك يميني، بل ملك للأمة الإسلامية، لقد دافع آبائي عن فلسطين وروَوْها بدمائهم, والله إن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة».

2 ـ استطاع شتات الأرض -بنو يهود- أن يجتاحوا بلداً عربياً -لبنان- سنة 1982م، أمام سمع وبصر باقي الدول العربية والإسلامية، دون أن يحركوا ساكناً، سوى الشجب والتنديد والمطالبة بتحرك المجتمع الدولي، وما إلى ذلك من تلك التصريحات الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وها هم -اليهود- مازالوا يحتلون أرضاً عربية أخرى في سوريا ما يقارب الأربعين عاماً. فهل تحرك أحد من هؤلاء الخونة تحركاً جدياً يهدف من ورائه لاسترجاع ما سلب من الأمة.

3 ـ في ظل غياب الكيان السياسي -الخلافة الإسلامية- تجرأ من لم يكن ليجرؤ -لو كانت الخلافة الإسلامية قائمة اليوم- على المسلمين، فرأينا الصرب يقومون بحرب إبادة للمسلمين في البوسنة وفي ألبانيا. ورأينا الهندوس يتجرؤون على المسلمين في الهند وكشمير. ورأينا الروس يضربون المسلمين في الشيشان، ومن قبل في أفغانستان وغيرها. ثم رأينا أميركا لا تحسب أي حساب للمسلمين عندما تحركت بجيوشها لضرب المسلمين في أفغانستان ثم في العراق، وها هي تبحث عن ثالث ورابع…

4 ـ أصبحتم أفقر شعوب الأرض برغم كل ما حباكم الله به من ثروات من أراضيكم. لقد ابتليتم بدول لا تمثلكم بما تحملونه من عقيدة، فبعد أن كانت الدولة دولتكم، ووظيفتها رعاية شؤونكم بالإسلام، ويقوم نظامها الاقتصادي على إشباع الحاجات الأساسية لكل فرد إشباعاً تاماً، وتمكينه من إشباع حاجاته الكمالية، صرتم إلى دول لا تمثلكم، ويقوم نظامها الاقتصادي على نهب ثرواتكم، وتمكين الكفار منها ليتكدس المال في أيديهم وأيدي أزلامهم من الطبقة الحاكمة ومن والاهم، بينما تزداد الأمة فاقة وفقراً. لقد كان خليفة المسلمين عمر بن عبد العزيز لا يجد في الأرض المترامية الأطراف التي يحكمها فقيراً واحداً يستحق الزكاة، فأين أنتم من هذا اليوم.

5 ـ تخلفتم وأصبحتم في ذيل الأمم من الناحية العلمية والتكنولوجيا، بعد أن كنتم وكانت دولتكم منارة العلم والتقدم لأكثر من ألف عام. وها أنتم قد رأيتم بأم أعينكم كيف أهدرت دولكم الأموال الطائلة على برامج التسلح، ثم بين عشية وضحاها قامت بوضعها بكل سهولة في يد أميركا تتصرف بها كيف تشاء. رأيتم كيف أُهدرت أموال الأمة في بناء القصور الفخمة، والمسابح، والتماثيل، ودور اللهو والتسلية، بدل من أن تنفق هذه الأموال في بناء المصانع، والمختبرات العلمية لترفع الأمة إلى مصاف الأمم المتقدمة من هذه الناحية العلمية.

6 ـ وُجد في الأمة من يعلن بدون خوف أو تردد عدم إيمانه بقدرة الإسلام على سياسة هذه الدنيا، وأن الإسلام دين كهنوتي لا يملك نظاماً سياسياً، وهو غير قادر على مواكبة هذه الحياة. وُجد في الأمة من يعلن بكل صلف ووقاحة كفره بالإسلام، واستهزاءه بأحكامه وتشريعاته دون أن ترده دولة أو نظام من هذه الدول وتلك النظم بحجة “حرية الرأي”. بل أكثر من ذلك أصبح هؤلاء العلمانيون نجوم المؤتمرات والندوات التي تعقد في بلدانكم، وواجهة الفضائيات التي يفسح لهم المجال لينالوا من دينكم ومن أحكامه. بينما المخلصون حملة الدعوة الحقة الذين نذروا أنفسهم وأموالهم في سبيل الله ونصرة دينه لا مكان لهم سوى المعتقلات وسجون الظالمين.

أليس من الحري بكم أن تدركوا أن الوقت قد حان لتقفوا صفاً واحداً مع هؤلاء المخلصين في وجه هؤلاء الطغاة، فتزيلوهم عن سدة الحكم، وتنصروا دين ربكم، فتكونوا من المؤمنين حقاً، قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [الأنفال].

أيـّها المسلمون:

سارعوا إلى جنة عرضها كعرض السموات والأرض، فإن الوقت قد حان لتقتعدوا المكانة اللائقة بكم، والتي اختارها لكم ربكم “خير أمة أخرجت للناس” فهلموا إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولا معروف أعظم من إقامة الخـلافة الإسلامية، ولا منكر أكبر من تحكيم غير شرع الله في حياتكم، واعلموا أن الله ناصركم ومذل الكفر والكافرين إن أنتم قمتم بأمره، قال تعالى: ( وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) [يوسف] .

شريف عبد الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *