العدد 159 -

السنة الرابعة عشرة _ كانون الثاني 1421هــ _ تموز2000م

القـرار 425 وجنـوب لبنـان

ـ      في ظل جو الهزيمة النفسية الذي خيّم على أهل المنطقة منذ سقوط الخلافة وقيام دولة يهود في فلسطين، يكاد الناس لا يصدّقون أن اليهود يتصفون بمواصفات سلبية، تغاير الصورة التي كرسها الإعلام اليهودي والعربي طوال نصف قرن، عن ذلك (السوبرمان) الذي لا يُقهر.

ـ     صدق الكثير من الناس أن جيش اليهود لا يُهزم، وأن زعماء اليهود لا يسرقون من أموال الناس، وأن أمنهم لا يُخترق، وأن يدهم طويلة، وأن عبقريتهم ليس لها حدود، هذا التصديق جعلهم لا يعترفون بأن خط بارليف تحطّم عام 1973م (بغض النظر عن اللعبة السياسية التي تبعت ذلك)، وجعلهم لا يعترفون بأن طائرات اليهود «تساقطت كالفراش» حسب المراسلين آنذاك.

ـ     لم يصدق بعضُهم قبل ذلك ما حصل لدبابات موشي ديان في معركة الكرامة شرقي الأردن حينما حُرقت العشرات منها ووُجد قائد الدبابة مربوطاً في سلاسل بدبابته كي لا يهرب فاحترق معها وعرضت الدبابات في شوارع عمان فصدق الناس.

ـ     لم يصدق البعض أن أطفال الحجارة أقضّوا مضجع إسحق رابين فقال عن مدينة غزة قبل دخول السلطة إليها: «تمنيت لو أن البحر يبتلع مدينة غزة».

ـ     لم يصدق البعض أن الجندي اليهودي كان يطلق النار على نفسه لكي يصاب بجروح ليستطيع بذلك التهرب من التوجه إلى (الشريط الحدودي) الذي كان قائماً في جنوب لبنان.  أو أن أمهات الجنود يتظاهرن دوماً للمطالبة بسحب أبنائهن من مستنقع لبنان.

ـ     لم يصدق بعضهم أن من أسباب نجاح باراك قبل عام، أنه طرح شعاراً انتخابياً هو التعهد بالانسحاب من جنوب لبنان خلال سنة إذا نجح في الانتخابات، ونجح فعلاً تحت هذا الشعار، ما يدل على أن اليهود كانوا في غالبيتهم يريدون الانسحاب من المستنقع. (بغض النظر عن الملابسات الإقليمية والدولية، ومن يدعم من).

ـ     إسرائيل تجاهلت القرار 425 الصادر عام 1978م حتى تذكرت فجأة عام 2000م بأنه يجب عليها أن تنسحب من لبنان دون قيد أو شرط، ودون فرض شروط أمنية على لبنان أو تبادل السفراء، أو الحصول على بعض المياه، أو منطقة عازلة كما هو الحال في سيناء، أو قطعة أرض مؤجرة لمدة 99 عاماً كما هو حال وادي عربة، فما أجمل هذا الكرم الإسرائيلي دون مقابل إكراماً لسواد عيون أهل لبنان!

ـ     بقي القول أخيراً: لم يصدق بعضهم أن جيش لحد «أكياس الرمل لليهود» سبق الجيش الإسرائيلي إلى المعابر مخلفاً الدبابات والسلاح والذخيرة وكان الجيش اليهودي لا يزال في قلعة الشقيف ومرجعيون والقليعة تحميه الطائرات العسكرية والمروحية حتى آخر لحظة هروب، وكانت إسرائيل تخطط لإبقاء جيش لحد كقنبلة موقوتة تنفجر في حرب أهلية عقب انسحابها، فإذا به يسبقها على المعابر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *