العدد 156 -

السنة الرابعة عشرة _ محرم 1421هــ _ نيسان 2000م

مفهـوم الثقـة

          الثقة تعني في اللغة الائتمان، جاء في لسان العرب “وثق به ائتمنه، وفي القاموس وثق به كوَرِث ثقةً وموثقاً ائتمنه، وهي غير الوَثاق أو (وثاق) بمنـزلة الرباط، والميثاق العهد”.

          والثقة في واقعها تعني القناعة المتكررة بصحة الشيء وصدقه، وهي تأتي من تكرار ثبوت صحة الشيء وصدقه، وتذهب وتنعدم من تكرار ثبوت عدم صحته وصدقه، سواء في ذلك الثقة بشخص ما أم جماعة أم قيادة أم مبدأ، فحتى تتحقق الثقة بمفهومها الصحيح، لا بد من أمور ثلاثة، وهذه الأمور: الواثق والموثوق به، والأمر الثالث تكرار ثبوت الصدق والصحة بالبرهان على الموثوق به. ولا يكفي مجرد الشعور بالصدق والصحة، كأن يُجعل الهوى والمزاج والمحبة والمشاعر الدافع لمتابعة  الموثوق به ويجعل الكره والمزاج حائلا بينه وبين الموثوق به، كما هو حال الكثير من أتباع الحركات والمنظمات العاملة في الساحة، وكذلك ثقة الأبناء بالآباء فهي مبنية على الشعور فقط، بل لا بد من تكرار ثبوت الصدق والصحة بالبرهان إلى أن تصل إلى درجة البداهة، فإذا وصلت إلى هذا الحد فإنها تحصل الثقة التي يصعب زعزعتها رغم أجواء الشك والتشكيك وذلك لكونها بنيت على البراهين العقلية إضافة إلى الشعور، هذا هو الذي يجعل الثقة بعيدة عن مهب الريح، ويحافظ ويحمي الكيان من التفكك والخلل.

          ومفهوم الثقة أمر ضروري في حياة الفرد والدولة والأمة والأحزاب والحركات في سيرها ونهضتها والحفاظ على كيانها ووحدتها، وذلك أن الثقة تعزز مفهوم الطاعة والانضباط والوحدة، وزعزعة الثقة تؤدي إلى الخلل في كيان الأمة والدولة والمجتمع، ويؤدي إلى الانقسام والتشرذم والتفكك فيها ويسير بها إلى الهاوية وخطر الفناء.

          والداء الذي أصاب الأمة الإسلامية هو زعزعة الثقة بأفكار وأحكام الإسلام ووصل الحال بالأمة إلى هاوية الفناء. فزعزعة الثقة أدى إلى الانقسام في الدولة والأمة والتشرذم في المسلمين والتفكك في ربوعها وأقطارها.

          وما لم يع المسلمون الآن وخاصة حملة الدعوة على هذا الداء ويعملوا بجد ودأب متواصل في القضاء عليه بإعادة الثقة بأفكار الإسلام وأحكامه باعتبارها أفكاراً وأحكاماً إسلامية وباعتبارها وحدها الصالحة، وما لم يجعلوا الوقائع والحوادث تنطق بصحة أفكار الإسلام وأحكامه وصدقها على الأساس السياسي فإن خطر الفناء سيشرف على الأمة، علاوة على ما هي فيه من تفكك وتشرذم وانقسام.

          هذا هو الواقع الصحيح لمفهوم الثقة، وهذه هي آثاره التي تجعل الأمة في مأمن من الانقسام وهو ثقتها بمبدئها وقيادتها المخلصة، وتبقيها في حصن حصين رغم أجواء الشك والتشكيك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *