العدد 155 -

السنة الرابعة عشرة _ ذو الحجة1420هــ_ آذار 2000م

تسارع انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب !

   دأبت أميركا على تصنيف (فرز) القضايا، فهذه قضية لا تريد لأهلها أن يبحثوها، فتعدُّها دولية، وتنقلها إلى أروقة مجلس الأمن، لإقرار الحل الأميركي بغطاء دولي. وتلك قضية تريد أن تتولاها بنفسها، دون حاجة إلى غطاء دولي، فتغيِّب مجلس الأمن عنها، كما تمنع أصحابها من الاجتماع لبحثها، لأنها من اختصاص أميركا وأتباعها. وقضية أخرى، تعدُّها محلية داخلية، لمصلحة تراها، فيتنادى أهلها لبحثها، مسرعين مجتمعين، وهم من قبلُ، كانوا مترددين متباطئين…

   مسألة فصل تيمور الشرقية عن إندونيسيا، جُعلت مسألة دولية، أرادت أميركا للحل الذي وضعته لها – فصلها – غطاءً دولياً، فانعقد مجلس الأمن لبحثها سريعاً، وأصدر قرارات للتنفيذ فهرولت القوات المتعددة الجنسية لتكريس فصلها عن إندونيسيا.

   لكنّ مسألة الشيشان حُسبت مسألة داخل البيت الواحد ومنع بحثها في قمة إسلامية – مع عدم جدواها -.

   ومسألة العراق لم تحسب  مسألة محلية داخلية. ومنعت الدول العربية من عقد مؤتمر قمة (مع عدم فائدتها) منذ حرب أميركا في الخليج عام 1991م، وأصبحت مسألة العراق تتولاّها أميركا ومن بعدُ بريطانيا بالإغارة الدائمة المتكررة على أهل العراق دون أخذ موافقة مجلس الأمن (الديكور الدولي للنظام الجديد).

   أصبحت اعتداءات اليهود على لبنان، شأناً محلياً تتم تسويته داخل المنطقة العربية بمظلة أميركية فرنسية، وذلك منذ شهر نيسان 1996م أي بعد تشكيل لجنة (تفاهم نيسان)، وأصبح اليهود من الأهل والجيران تبحث اعتداءاتهم ضمن البيت الواحد بعيداً عن الضجيج الإعلامي الدولي ودهاليز مجلس الأمن.

   حينما عجزت لجنة تفاهم نيسان عن لجم اليهود بعد ضرب المنشآت المدنية وحرق محطات توليد الكهرباء خشي (الراعي الأكبر) للمنطقة من تحلل اليهود من التفاهم فلجأ إلى الضغوط عبر الزيارات المبرمجة وأكملها بمؤتمر لتجييش المزيد من الضغوط لتحقيق عدة أهداف. وهكذا تكرس الصراع بين العرب واليهود صراعاً محلياً يتم تداول شؤونه وشجونه داخل البيت الواحد بعيداً عن الأروقة الدولية والمعايير المتعددة.

   إن تسليم قضايا المنطقة لأميركا ويهود أو عرضها على مجلس الأمن والأمم المتحدة، كل ذلك جريمة، وجريمة أخرى، أن لا يستطيع الحكام في بلاد المسلمين، عرباً كانوا أو غير عرب، أن يتخذوا قراراً باجتماعهم، بمعزل عن أميركا والقوى الدولية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *