العدد 220 -

السنة التاسعة عشرة جمادى الأولى 1426هـ – حزيران 2005م

تعليق على مقال «لا حقوق ديمقراطية للمسلمين»

تعليق على مقال «لا حقوق ديمقراطية للمسلمين»

كتب (أوكاي) ممثل حـزب التحـرير في هولندا، رداً على مقال الصحفي فان إيزندرون في جريدة «خرون أمستردام» في 21/3/2005م، الذي يتهجم فيه على الإسلام وعلى حـزب التحـرير… ونحن بدورنا نعرض الرد على صفحات مجلتنا للإفادة، وليطلع القراء الكرام على بعض الأقلام الحاقدة على الإسلام والمسلمين.

==========================================================

السيد فان أيزندرون

نكتب إليك بعد اطلاعنا على مقالك المنشور في جريدة “خرون أمستردام” بتاريخ 11/3/2005م. ونريد هنا أن نلفت انتباهك إلى أن معظم ما ورد في مقالك حول المسلمين بصفة عامة، وحول حـزب التحـرير بصفة خاصة، لا أساس له من الصحة.

إننا ندرك واقع كونك تستعمل “حقك الديمقراطي” للتعبير عن رأيك، وندرك أنك تحمل مفاهيم محددة عن المسلمين تتبناها وتدعو إليها. وهذا أمر يعود إليك، فهو اختيارك، وقضيتك. والحقيقة، بالرغم من أن رأيك لا يعنينا كثيراً، إلا أننا كنا تنوقع منك، ومن غيرك، مراعاة الموضوعية في الكتابة. فالمصداقية المبنية على عرض موضوعي مهمة جداً، خصوصاً بالنسبة لك كصحفي. ومع الأسف، فإننا لم نعثر على أي أثر للموضوعية في مقالك.

لقد جئت بمعلومات مغلوطة، وسعيت بناء عليها إلى رسم صورة سلبية قاتمة عن المسلمين عامة، وحـزب التحـرير خاصة. فعندما تصف أعضاء الحزب بقولك: «إن واقعهم يطابق تمام المطابقة الصورة التي حددتها المخابرات كمقياس للمسلمين الإرهابيين»، فأنت بهذه المطابقة توحي للقارئ بأن حـزب التحـرير يعتمد العمل المادي في كفاحه، بل تتهمه بذلك صراحة، وبكل بساطة، ومن دون أي دليل.

اعلم، أنه إذا كان من حقك أن تعبر عن رأيك، فليس من حقك أن تعبر عن رأي بنيته على خيال وكذب. واعلم أيضاً، أن ما عرضته من رأي لا يؤثر في الحزب بقدر ما يؤثر في مصداقيتك سلباً. ولقد كان من الواجب عليك، أن تدقق في معلوماتك قبل نشرها. نعم، إن التدقيق يكلفك وقتاً، ولكنه في المقابل سيجعلنا نحترم موضوعيتك، ومهنيتك، ومصداقيتك.

إننا على قناعة بأنك تعرف جيداً واقع حـزب التحـرير، وأنه لا يتبنى العمل المادي. وهي حقيقة يعلمها الجميع ممن اطلع على ثقافة الحزب. فقد عرف عن الحزب، منذ نشأته سنة 1953م، اعتماده الكفاح السياسي والصراع الفكري كمنهج من أجل إقامة الدولة الإسلامية؛ لأنه يتبنى حرمة الأعمال المادية. والحزب الذي يعمل في البلاد الإسلامية، وليس في البلاد الغربية، لا يتبنى العمل المادي كمنهج، خوفاً من الله تعالى، وليس خوفاً من البشر. فهو يتبنى منهج الكفاح السياسي والصراع الفكري اقتداء بالرسول r ولهذا فلن يغير الحزب طريقته.

أما بالنسبة لسعي الحزب إلى تحكيم الشريعة الإسلامية، فقد أصبت في هذه النقطة. إلا أن ذكرك لهذه المسألة كما فهم من سياق الحديث عنها، جاء لإبراز سلبية من سلبيات الحزب في نظرك؛ لذلك نحب أن نقول لك: مثلما تعتز أنت بقناعاتك الديمقراطية، فإننا مثلك، بل أكثر منك اعتزازاً بالإسلام، بعقيدته وأنظمته. فمحاولتك تشويه صورتنا بادعاء سعينا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، محاولة فاشلة؛ لأن الإسلام بالنسبة لنا هو مصدر اعتزازنا الوحيد.

إننا نسألك كيف ترى ردة فعل قراء مقالك إذا لاحظوا التناقض بين أفكارك ومشاعرك؟ فأنت تقدم نفسك كمدافع عن الحقوق الديمقراطية والحرية، وتعتبر حقك التعبير عن رأيك بحرية، ولكنك في الوقت ذاته، تعتبر ما قامت به الفتاة (بيغوم) من الدفاع عن حقها بجرأة عبثاً وعملاً بلا معنى. ولا ندري على وجه التحديد ما الذي تعنيه بقولك «عبثاً وبلا معنى»، هل تقصد بذلك أن النظام الديمقراطي عبثي بلا معنى؟ أم تقصد بذلك أن من العبث السعي إلى إقناع المسلمين بلزوم حسن تعاملهم مع الغربيين؟ أم ماذا؟

إنك عندما تصل إلى نتيجة غير مبنية على واقع مفادها أن الفتاة (بيغوم) «لا تريد أن تكون كالهندوس، والسيخ، والمسلمات المتحررات، ناهيك عن البيض من رفيقاتها»، فإنك تعبر عن وجهة نظر عنصرية تحملها، دفعتك إلى تخيل موقف الفتاة المسلمة وفقها. فما أدراك أن الفتاة تفكر وفق نمطك الذي يقسم الناس إلى بيض وسود؟ ومن الواضح أنك ترفض قبول فكرة أن البشر يختلفون في ثقافاتهم وحضاراتهم، وأن لكل منهم خصوصيته.

السيد فان أيزندورن،

بالنسبة إلينا، إن موقف هذه الفتاة (بيغوم) يستحق الاحترام. ولو نسج الجميع على منوالها، أي لو التزم الجميع بالإسلام، فلن تنشأ أي مشكلة في المجتمع.

ختاماً نقول لك، قد حاولت أن تشوه صورة المسلمين عامة، وحـزب التحـرير خاصة، ولكنك لم تنجح في ذلك، بل على العكس فقد أبرزت نفسك كمدافع عن الليبرالية الديمقراطية، إلا أنك كنت أول من خالفها ولم يعمل بها. وما يمكن لقرائك استناجه هو: إما أنك ترى الديمقراطية فاشلة وليست العلاج الأمثل لمشاكل الإنسان في الحياة، أو أنك ترى المعالجات الديمقراطية لغير المسلمين فقط.

على كل حال فقد عبرتَ عن رأينا في هذه النقطة بوضوح تُشكر عليه.

ممثل حـزب التحـرير هولندا

(أوكاي)

21/3/2005م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *