مسلمة تصدع بكلمة حق
2000/01/07م
المقالات
1,938 زيارة
وصلت للوعي هذه الكلمة من قارئة مسلمة، تبيِّـن فيها كيد الكفار وعملائهم للإسلام والمسلمين، وكيف أنَّـهم يخططون ليل نهار، من خلال مؤتمرات خبيثة، وقوانين فاجرة، تحمي الرذيلة وتزيِّن السوء، كل ذلك لضرب هذه الأمة في قيمها الإسلامية التي تصون العرض وتنشر الفضيلة في المجتمع.
إنها كلمة معبرة مؤثرة تنشرها (الوعي) على صفحاتها لعلها تحرك عقول الأمة وتهز مشاعرها، فتتنبه إلى ما يحاك ضدها، فتقضي عليه قبل أن يستفحل، وإلا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
… فإلى كلمة القارئة المسلمة :
لا أريد أن أتوغل في الماضي ولكن أبدأ من مؤتمر المرأة في بكين ومؤتمر السكان في القاهرة وقد سبقهما مؤتمرات للنساء في بلدان أخرى، ركزوا فيها على النمو السكاني والصحة الإنجابية والإجهاض والحرية الشخصية والعنف ضد المرأة واتخذوا قرارات وتوصيات وقعت عليها معظم دول العالم ومنها دول العالم العربي والإسلامي رغم مخالفة قراراتها لأفكار الإسلام وأحكامه.
ومنذ أن رجعت المشاركات في المؤتمر بدأ تنفيذ قرارات الكفر بحذافيرها، واستخدم في ذلك وزارة الإعلام ووزارة الأوقاف ووزارة التربية والتعليم ليقنعوا الناس بعدم الإنجاب ويعلموهم كيفية استخدام وسائل منع الحمل بحجة المحافظة على صحة المرأة وجمالها، والقدرة على تعليم الأولاد وتربيتهم التربية السليمة، ناسين أو متناسين ما تسببه هذه الوسائل من مشاكل صحية ونفسية للمرأة، وقد أدت هذه الوسائل في كثير من الأحيان إلى إحداث نزيف مستمر في رحم المرأة، وقد دفع ذلك بالبعض إلى إزالة الرحم نهائياً حتى يتخلصن من النزيف الدائم.
وقد تزامن ذلك مع الحملة الإعلامية الواسعة التي تدعو الطفل والمرأة إلى التوجه إلى المراكز الأمنية لطلب الحماية ضد المعتدي، ومع إيماننا بأن هناك حالات كثيرة يمارس فيها الضرب للنساء والأطفال ببشاعة وظلم شديدين، إلا أن هذه الحالات يمكن علاجها بوضع تشريع خاص لها، أما أن تستغل لوضع تشريع يمنع الأب من تأديب ابنه أو ابنته، ويعمم ذلك على كل الحالات فإن هذا ينقلنا إلى الحياة الأميركية، وهنا تجد الفتاة المراهقة منفذاً لتخرج من بيتها وتتمتع بصحبة من تشاء بجرأة وقوة وتحت حماية القانون، ولا يجد الأب قدرة أو سلطة لمنعها أو ردعها إذا ما سلكت سلوكاً شائناً، ويجد الشاب المراهق منفذاً ليخرج مع رفاق السوء من معاقري الخمر وضاربي الأمواس والشفرات ومدمني المخدرات… هذا عدا عن الوسائل والأساليب الكثيرة التي تعتمد في إثارة غريزة النوع لدى الجنسين من اختلاط وتبرج وإبداء الزينة للرجال الأجانب وممارسة الرياضات المختلطة كما جرى مؤخراً في دورة الحسين التي خلعت برقع الحياء عن وجه المجتمع الأردني وأظهرته بأبشع صور الخلاعة والفجور والمجون.
إضافة إلى قيام الإعلام بمناقشة موضوع الإجهاض لإقناع الناس بشرعيته تمهيداً لإباحته قانونياً، وهذا يعني تمكين المرأة التي لوثت عرضها وشرفها وعرض وشرف عائلتها من أن تتخـلـص من عارهـا بكل بساطة وسهولة ودون أي مسـاءلة قانونية، ما يؤدي إلى انتشار الفاحشة في المجتمع.
أضف إلى ذلك السماح بإجراء مسابقات جمال لنساء البلد مع ما في هذه المسابقات من تَـعَـر وتفحص لكل جزء من جسم المرأة من قبل لجنة من الرجال وقد تم الإعلان عن إجراء هذه المسابقة قبل سنوات، إلا أنها تعرضت لنقد شديد أدى إلى تأجيلها، ثم عادوا في هذا العام ليعلنوا عنها من جديد فكان الاستنكار أقل حدة من ذي قبل، بل وزاد الأمر سوءاً تقدمُ مجموعة من النساء للاشتراك بهذه المسابقة، وهكذا يتم تجريع الأمة كأس العهر والخلاعة جرعة جرعة حتى لا تشعر بقذارة الطعم ومرارته، وحتى يتم امتصاص آخر قدرة على استنكار هذه الجريمة، وبعد ذلك تبدأ الخالعات والعاهرات بأعمالهن المشينة تحت سمع وبصر المجتمع الذي يكون قد فقد الإحساس بالكرامة، ولم يعد لديه شيء من الإيمان حتى ولا أضعفه.
وقد كلل ذلك كله بإلغاء مادة 340 من قانون العقوبات الأردني والتي تنص على:
1ـ يستفيد من العذر المخفف، من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه حال التلبس بالزنا مع شخص آخر وأقدم على قتلهما أو جرحهما أو إيذائهما كليهما أو أحدهما.
2ـ يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الإيذاء من العذر المخفف إذا فاجأ زوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو إخوانه على فراش غير مشروع.
إن إلغاء هذه المادة على علاتها لا يعني إلا شيئاً واحداً هو تمكين النساء الفاجرات من الاستمرار بفعل جريمتهن واتخاذها مصدراً للدخل، وأن يمشي أخوها أو أبوها مطأطئ الرأس، لا يستطيع فتح فمه مع أي إنسان في أي موضوع، لأن أول ما يقال له أبو فلانة! أخو فلانة! وتصبح سبة الدهر في جبينهم، هذا إذا خاف من عقوبة السجن أو الإعدام ولم يقتلها. أما إذا ثار لشرفه وعرضه وقتلها، فيقتل هو أيضاً أو يسجن سجناً طويلاً يقضي به على حياته ومستقبله وحياة من تركهم خلفه، من تيتم للأطفال وترميل للنساء وفقدانهم لمعيلهم، وهذا بدوره يدفعهم إلى أصناف أخرى من الرذيلة.
زد على ذلك ما جرى مؤخراً في وزارة التربية والتعليم من توزيع استبيان يطرح مشاهد وأسئلة حول قصة غرامية بين طلاب مدرسة، الطالبة عمرها 15 سنة والطالب عمره 17 سنة، علماً بأن هذه المشاهد مثلت من قبل الطلبة في مخيم كشفي في دبين، وتصور ما يحلو لك التصور عندما تمثل مشاهد الحب والغرام والحمل غير الشرعي في منطقة كمنطقة دبين، منطقة أحراش بعيدة عن رقابة الأهل وضغوطهم، ومن الذي يمثل هذه الأدوار إنهم شباب وفتيات في أخطر مرحلة من مراحل العمر، عمر المراهقة التي يصل فيها المرء إلى القمة في شهوته ومشاعره الحساسة المرهفة والتي تستجيب لأقل إثارة.
وبعد ذلك عمم الاستبيان على المدارس للفئات العمرية (14ـ15) (16ـ17). والمطلع على هذا الاستبيان يجد أنه يعلم الشاب والفتاة خطوة خطوة كيف يقيمان علاقة غرامية بينهما، وكيف تتحايل الفتاة على أهلها للخروج لموعدها الغرامي، وكيف يحلان العقبات التي تواجههما في سبيل حبهما، وكيف تتصرف إذا ما حدث حمل.
ألهذا الحد يستخف بعقول هذا الشعب وتحتقر مشاعره؟ ألهذا الحد يصل بوزارة التربية والتعليم خيانة الأمانة؟ بعث الأهل بأولادهم إلى المدارس لتعلمهم الأدب وحسن الخلق، لا لتعلمهم قلة الحياء.
هذه هي إفرازات مؤتمري بكين والقاهرة، وهذه هي نتائج قراراتهما التي أخذت طريقها إلى التطبيق العملي، فماذا يقول الإسلاميون الذين سمحوا لنسائهم بالمشاركة في تلك المؤتمرات، ما هو الفكر الإسلامي والقيم الإسلامية التي فرضوها على المؤتمر، هل استطاعوا أن يحولوا المؤتمر من مؤتمر خادم لثقافة الغرب وناشر لحضارته إلى مؤتمر خادم للإسلام حام لحماه؟
وإذا علمنا أن الميل الجنسي لا يثار داخلياً كالحاجة العضوية وإنما يثار خارجياً بوجود الواقع المادي أو التفكير ومنه تداعي المعاني في الذهن، عرفنا إلى ماذا تؤدي هذه الوسائل والأساليب وما الغرض منها؟
إن إثارة الميل الجنسي لدى الجنسين في المدارس والجامعات والأماكن العامة وغيرها بما تشرعه الدولة من قوانين الاختلاط والسفور وقوانين تلغي آخر ما تبقى للإنسان من غيرة على العرض والشرف، وما تبثه وسائل الإعلام من قصص وأفلام ومسلسلات مثيرة، مع إطالة سنوات الدراسة وتأخير سن الزواج، وإغلاق سبل العيش الكريم في وجه الشباب والتضييق عليهم اقتصادياً حتى لا يجد ما يتزوج به فيضطر للجوء إلى الحرام لسهولة الوصول إليه وحماية القانون له، كل ذلك من أجل القضاء على بقية من عفاف احتفظ بها الناس بعد أن مورست ضدهم كل ألوان القهر والذل، وكأني بمن يشرع ويخطط وينفذ هذه الأساليب الشيطانية يتساءل: أبعد كل هذا الترويض يجد الناس لديهم قدرة على الدفاع عن أعراضهم وشرفهم؟ أبعد كل هذا القهر والذل والتجويع الذي نجرعهم إياه جرعة جرعة يبقى لديهم طاقة تدفعهم لقتل من يلطخ شرفهم بالطين؟ أين ذهبت برامج غسيل الدماغ التي مورست ضدهم؟
ونسي هؤلاء أن الدين ما زال قوياً في نفوس هذه الأمة، وأنها تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قتل دون عرضه فهو شهيد» وقوله صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة ديوث» والديوث هو الذي يرى السوء على أهله ويسكت عنهم.
ماذا يريد هؤلاء؟ أيريدون أن يصبح الرجل ديوثاً؟ أن يجعلوا منه ذليلاً مقهوراً؟ يرى زوجته تخرج مع من شاءت من الرجال فيسكت، ويرى ابنته وقد دخلت عليه بصحبة ال (بوي فرند) ويسكت، يرى أخته وقد حملت بالحرام فيسكت، ولا يحير جواباً.
أيها المسلمون الغيورون على أعراض نسائهم، إن سكوتكم عما يجري سيحول المجتمع إلى مستنقع للرذيلة والفساد. إن سكوتكم عما يجري سيحولكم إلى ديوثين، ترضون بالسوء في بيوتكم وأهليكم ثم تعجزون عن تحريك ساكن أو الدفاع عن عرض أو شرف. إن سكوتكم عما يجري سيحولكم إلى خنازير فقدت الشعور بالغيرة على الأعراض، تتهارج تهارج الحمير في الطرقات.
ماذا تنتظرون؟ حتى يدب الفساد وتكتوون بنيران عاره في الدنيا ونيران عذابه في الآخرة.
ماذا تنتظرون؟ حتى يجد أحدكم نفسه أمام خيار صعب لا يقوى على تبعاته، أيختار السلامة مع الذل أو الكرامة مع الموت؟
ولماذا تنتظرون حتى تأتي هذه اللحظة؟
لماذا لا تغلقون الباب في وجهها وتقضون على أسبابها وهي في المهد قبل أن تكبر وتستفحل وتصبح غولاً يبتلعكم؟
إن القضاء على الفساد لا يكون بإصلاح جزئي في بعض التشريعات والقوانين ولا بترقيع هنا أو هناك ولا بالحلول الوسطية، إنما الجذري الشامل الذي يقلب الدستور من دستور رأسمالي علماني إلى دستور إسلامي، ويقلب المجتمع من مجتمع رأسمالي في نظامه وديمقراطي في مشاعره إلى مجتمع إسلامي في مفاهيمه ومقاييسه وقناعاته وميوله، مجتمع يسوده نظام إسلامي يمنع كل وسائل الإثارة ويعاقب المجرم حسب شرع الله، بدلاً من أن يتحمل ذلك الأفراد حسب اجتهاداتهم، ثم يدفعون حياتهم ومستقبلهم ثمناً لذلك.
اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
2000-01-07