العدد 152 -

السنة الرابعة عشرة _رمضان1420هــ _ كانون الثاني 2000م

صرخة الإيمان من آسيا الوسطى

          هذه صرخة شاب مؤمن، من آسيا الوسطى، تكشف لنا بعض معاناة حملة الدعوة الإسلامية هناك وخاصة في أوزبيكستان، وتبرز بعض مظاهر الصمود التي يتصف بها الرجال والنساء في مواجهة الهجمة الحاقدة على كل مظاهر التدين، وعلى كل فكر إسلامي أصيل، والتي يقودها حاكمها الكافر إسلام كريموف. ننشرها كما وردت، وذلك أقل ما يجب علينا تجاه إخوتنا المسلمين، ونشد على أيديهم، أن الله معهم وأن أمتهم الإسلامية معهم، وترنو إليهم بإعجاب، وتدعو لهم بالثبات والثواب والنصر والفرج لهم ولأمة محمد عليه الصلاة والسلام.

         (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) آل عمران 173.

          نحن أبناء البخاري والترمذي، ومن تلك الأمة الكريمة التي حملت مسؤولية الإسلام منذ فجر الإسلام، فتاريخنا بالعز والسؤدد طويل وبطول عمر الخلافة الراشدة وما بعدها. ولكن دولة الحق، دولة الخلافة، غاب نورها عن بلادنا، كما غاب عن بلاد المسلمين بالتدريج، حتى زال نورها عن الأرض سنة 1924، ودخلت آسيا الوسطى بعدها في دياجير الظلم والظلام. ظلمات بعضها فوق بعض، وفتن يرقق بعضها بعضاً. وهكذا حطت الشيوعية السوداء في بلادنا، وحكمت حكم استبداد واستئصال وقهر، وحافظ كبار السن وبعض الشباب في أوزبيكستان ووادي فرغانة خاصة، حافظوا على دينهم وعقيدتهم، كما حافظت الأمة أيضاً على العقيدة، ولكن الجهل كان مفروضاً علينا قسراً، وظل ذلك حتى زال ظلام الاتحاد السوفياتي في بداية التسعينيات.

          وبدأنا نتلمس النور والحقيقة، فوجدنا أن الإسلام وصلنا مع جيوش الخلافة الإسلامية، وازددنا يقيناً أنه لن يعود نور الإسلام إلا بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. نعم إن من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور هذا هو الإسلام كما تركه رسولنا على المحجة البيضاء … وما هي إلا أيام فإذا بالإسلام النقي يدب بجرانه، فيشعل بيوتنا ومجتمعنا نوراً وهاجاً، وأصبحت الأفكار والمفاهيم الإسلامية تشعل عقول شباب الأمة في آسيا الوسطى حماساً: هذا هو الواقع الذي أغضب الدكتاتور الطاغوت اليهودي عدو الإسلام «إسلام كريموف» ومن يقف خلفه.

          أفاق الطاغوت من سكرته فوجد المجتمع والرأي العام مع الخلافة، فأعد جيوشاً من اليهود والمرتزقة والظلاميين الحاقدين، وأشعل حرباً على الإسلام والأمة، فكان ذلك بمساعدة دولة يهود، ما يسمّى «إسرائيل»، وأراد حرباً تكسر فيها عظام الأمة، فتخلغ دينها من قلبها.

          هذه الحرب ألفت فيها المقالات والكتب حتى إن رئيس لجنة حقوق الإنسان في آسيا الوسطى الروسي أفتالي بانومارف ألف كتاباً من 63 صفحة أسماه «إسلام كريموف ضد حزب التحرير» وصف فيه همجية النظام الحاكم وصمود شباب الخلافة أمام هذه الهمجية وأبرز نشرات الحزب وكذب الـنـظـام. نعـم إنه الـحقـد الذي لا يشـبـهـه إلا مجازر محاكم التفتيش في الأندلس وحرب الاستئصال في الجزائر.

          وأما عن النتائج فما هي إلا ساعة فيخيب ظن الطاغوت في إمكانية أن ينزع الإسلام من قلوب الأمة. حرب حقيقية تهاجم فيها البيوت، وتنتهك المساجد، وتفتح فيها السجون، وتستخدم فيها عصارة أذهان الحاقدين، في التعذيب، ولكن السحر ينقلب على الساحر، فيزداد إقبال الأمة على الفكر الإسلامي وتَـمسّـك الأمة بقرآنها وسنة نبيها عليه السلام.

          نعم أن تقوم شابة مسلمة بتوزيع النشرات في أكبر مؤسسات الدولة عدة مرات، وتعتقل مراراً ناهيك عن الشباب والشابات مثيلاتها، هذا هَـدَّم ظنون الطاغوت في كسر شوكة الإسلام. نعم ذلك الشاب الصغير يقف في المحكمة معتقلاً يقول للقاضي كنت مدمناً على المخدرات لم تسجنوني، والآن اهتديت تسجنونني. ويقول لأحد المحكومين قل لي الآية التي تحض على التزام الحزب ويقصد آية (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) ويطلب ذلك الشاب الصغير من المسؤول في الشباب أن يحزّبه، واضعاً تحت قدميه قوانين وعقوبات الطواغيت، فتأتي موافقة المسؤول، لأنه رأى الشاب يتخذ من الإسلام قضية مصيرية فيقسم ذلك الشاب قسم الحزب أمام المحكمة والقاضي. إحدى الإذاعات الغربية يتصل بمركزه يقول لهم أصبح القسم في قاعة المحكمة.

          نعم تلك المرأة التي حُكم على ابنها  17 عاماً سجناً تأتي بحفيدها الصغير الرضيع وعمره عدة أشهر تأتي به للمسؤول من الشباب فتقول له حزّبه.. حزّب الصغير حتى يعمل للإسلام لحين خروج والده.

          نعم الرجل صاحب 70 سنة يوزع النشرات ويعتقل وعندما يخرج من السجن يهنئه الناس كأنما هو عائد من أداء فريضة الحج … هذه وقائع، ومثلها الكثير مما يذكرنا بقصص الصحابة والصالحين في الجيل الأول فما أشبه اليوم بالأمس. وما أشبه عملنا وموقفنا بموقفهم لأن آخر الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله … هذا هو الصمود رغم ازدياد ظلم وهمجية الطاغوت ورغم إعداده لسجن في جزيرة في بحيرة آرال، هذا المكان كان مقبرة للنفايات النووية اسم هذا السجن بالأوزبكية والمنطقة قديماً وحديثاً «بارسة كلماز» أي الذي يذهب لا يرجع. هذا السجن يبعثون إليه شباب الإسلام ولا يعرف أحد أخبارهم بعد ذلك.

          والذي يريد أن يعرف سبب صمود المسلمين في أوزبكستان أمام دولة الإرهاب والتعذيب، عليه أن يطّلع بإخلاص على الإسلام فإنه من يعرف الإسلام يتخذه قضية مصيرية: حياة أو موت، والنصر يكون مع الصبر، ولهذا ندعوكم أيها المسلمون أن تحملوا دعوة الإسلام وأن تقفوا آخر كل صلاة تدعون على هذا الظالم الطاغوت وعلى كل الطواغيت أن ينزل الله عليهم بأسه الشديد ويجعل يوم الخلاص منهم قريباً. وندعوكم يا شباب الأمة إلى الالتزام بالإخلاص الخالص لله تعالى، مبرّءاً من كل عيب وخوف وجبن، لعل الله يجعل لنا في الإخلاص والثبات نصراً وتمكيناً. فالله يريد أن يتميز رجاله وجنده. فاتخذوا من الكافرين والعملاء موقفاً إيمانياً صلباً، واجعلوا الدعوة همّكم وحياتكم، واصدقوا الله ينجز لكم النصر. فإن حمل الدعوة فعل وليس مجرد ادعاء. فما أحوجنا إلى النصر، ولكن ذلك لا يكون إلا مع الجدية والإخلاص والوعي والتضحية، ولعل الله بعد ذلك ينزل علينا نصره ويشفي صدور قوم مؤمنين، والله نسأل وإليه نبتهل أن يجعل فتنة المسلمين في أوزبكستان آخر عهد لتسلّط الكفار على المسلمين، وأول عهد بالخلافة الراشدة، على منهاج النبوة اللهم آمين

                                                                        أبو فرخاد

آسيا الوسطى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *