العدد 228 -

السنة العشرون محرم 1427هـ – شباط 2006م

الحملة الرأسمالية على المرأة المسلمة (3) الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة في خدمة الغزو الأميركي للمرأة المسلمة…

الحملة الرأسمالية على المرأة المسلمة (3)

الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة في خدمة الغزو الأميركي للمرأة المسلمة…

أخذت الولايات المتحدة الأميركية، زعيمة الغرب الكافر، تدعم أفكار تحرير المرأة المسلمة من قيودها، ومساواتها بالرجل سواء بسواء، بكل ما أوتيت من قوة ونفوذ، وبكل ما تملك من وسائل ترغيب وترهيب، باسم رعاية الحرية والديمقراطية. وقد اعتمدت على جهتين تقاسمتا العمل في الاهتمام بشؤون المرأة المسلمة وهاتان الجهتان هما:

الأمم المتحدة ومنظماتها المتعددة.

الولايات المتحدة الأميركية نفسها، حاملة لواء العولمة والديمقراطية.

=================================================================

l أما الأمم المتحدة: فإن اهتمامها بقضايا المرأة المسلمة في العصر الحديث والمعاصر فقد ظهر جلياً مع منتصف القرن الفائت، فقد تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة إقامة عدة مؤتمرات تتعلق بالمرأة إلى جانب العديد من الاتفاقيات والإعلانات الدولية مثل (الاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة عام 1952م). (والإعلان الخاص بالقضاء على التمييز ضد المرأة عام 1967 م)، (وإعلان طهران لحقوق المرأة عام 1968م)، وتواصلت الجهود لعقد المؤتمرات الدولية لهذا الغرض، فكان المؤتمر الأول عام 1975م المسمى (عام المرأة الدولي) وهو مؤتمر مكسيكو الذي دعا إلى المساواة والتنمية والسلم. ثم مؤتمر كوبنهاجن للمرأة عام 1980 م، ومؤتمر نيروبي عام 1985 م، ثم المؤتمر الرابع المعني بالمرأة وهو مؤتمر بكين الذي عقد عام 1995 م، وتلاه مؤتمر القاهرة ثم مؤتمر عمان. فكانت هذه المؤتمرات بما أتفق عليه فيها من أخطر الأمور المتعلقة بالمرأة لأمرين أثنين هما:

الأمر الأول: لأنّها تعتبر الدين شكلاً من أشكال التحيز للرجل ضد المرأة، فتدعو إلى التنصل منه.

الأمر الثاني: لأنها ترسم للمرأة المسلمة نمط عيش المرأة الغربية، فعليها أن تسلكه حتى تتحرر من تحيز الدين للرجل، وتأخذ حريتها الكاملة والمساواة المطلقة بالرجل.

وقد كان من التوصيات أن تتولى قيادة هذه المؤتمرات وترعاها قرينات الملوك والرؤساء من كل بلد؛ وذلك لإبراز الجدية فيما يجري بحثه، ومن ثم تنفيذ قراراتها؛ لأنهن في مراكز قريبة من مراكز صنع القرار.

 وقد انبثق عن هذه المؤتمرات مؤتمرات إقليمية يناقش في كل منها مواضيع خاصة بالمرأة مثل: المرأة والإعلام، المرأة والتعليم، والمرأة والتنمية… إلخ، وغير ذلك من الموضوعات الرامية إلى تضليل المرأة وبخاصة المرأة المسلمة؛ للأخذ بالحضارة الغربية الداعية إلى المساواة المطلقة بين الجنسين، وإلى التحرر الجنسي، وإباحة الإجهاض. وما مصطلح (الجندر) الذي ظهر في مؤتمر بكين إلا دعوة صريحة إلى المثلية الجنسية. وقد بذلت جهود كثيرة لنشر هذه المفاهيم في بلاد المسلمين بالطرق المختلفة، وذلك للقبول بالشذوذ الجنسي، وإدماج الشواذ جنسياً في المجتمع، وعدم اعتبارهم منبوذين. وهذا ما نصت عليه كثير من قوانين الدول الغربية.

أما المنظمات التابعة للأمم المتحدة فقد لعبت دوراً كبيراً في هذا المجال, فإن صندوق الأمم المتحدة الإغاثي للمرأة (اليونيفيم) قد قام بالتعاون مع منظمات نسائية في بعض البلاد العربية بعقد ورش عمل؛ لتعريف المشاركين والمشاركات بمفهوم (الجندر)، وإدخاله إلى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بأساليب متنوعة تزيد من الاختلاط بين الجنسين، وإظهار مفاتن المرأة وتعريها، والتهوين من جريمة ممارستها للفاحشة، والمقصود بـ(الجندر) هو المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، وإلغاء كل الفوارق الخَلقية بينهما، حتى البيولوجية منها كالحمل والإرضاع.

وكذلك المنظمة الدولية لرعاية الطفولة (اليونيسيف) فقد اختارت عرض قضية ضرر الزواج المبكر -التي هي من توصيات تلك المؤتمرات- لحضّ الشباب على العزوف عن الزواج المبكر، والحدّ من الإنجاب، وتناول حبوب منع الحمل للمراهقات، وإباحة الإجهاض… إلخ، ما أدى إلى ارتفاع معدل سن الزواج في كثير من البلاد. وقد تم فتح مراكز كثيرة تقوم على رعايتها منظمات أجنبية متطوعة توزع حبوب منع الحمل للمراهقات والمتزوجات مجاناً، وتعمل على نشر التوعية الإنجابية الداعية إلى تحديد وتقليل النسل. وكذلك فإن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة العفو الدولية لها تدخلاتها في شؤون المرأة لتشجيع تلك السلوكيات، فهي التي تتولى الإنفاق على كثير من المؤتمرات والاتفاقيات، وعلى مراكز إيواء الزانيات ورعاية أبناء الزنا. والجهود المبذولة والأموال في هذا السبيل كثيرة.

l وأما الولايات المتحدة: فقد اتخذت من أحداث 11/9/2001م، وما تلاها من تداعيات، ذريعة للقيام بتغييرات واسعة من النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية في البلاد الإسلامية، وبخاصة العربية منها، بحجة محاربة الإرهاب. إلا أنها لم تكتف بهذه المجالات، بل أضافت لها مجالاً مهماً ألا وهو ما يتعلق بالمرأة، فأنشأت لذلك مكتباً خاصاً في وزارة الخارجية، وعينت لرئاسته كبيرة منسقين لقضايا المرأة الدولية، بدأت نشاطها بالطواف في البلاد الإسلامية لإلقاء المحاضرات. وكان أولها المحاضرة التي ألقيت في إستانبول، والتي حددت فيها الأهداف التي ترمي إليها الولايات المتحدة وتسعى لتحقيقها في بلاد المسلمين وهي:

دفع عجلة مفهوم حقوق المرأة، وتمكين النساء من المشاركة في الحياة السياسية.

تشجيع المرأة على المطالبة الحثيثة بنيل حريتها الشخصية التي أقرها لها النظام الرأسمالي.

إنشاء شركات وتحالفات مع الحكومات الأخرى والمؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية للتعرف على ما عند الآخرين من أمور تتعلق بالمرأة للاستفادة منها.

وإضافة إلى توضيحها للأهداف فقد وضعت برنامجاً للعمل، وحددت الوسائل لتنفيذ هذه الأهداف، وذكرت أن حكومتها رصدت لهذا الغرض (29) مليون دولار.

ومن الاهتمامات الأميركية بالمرأة المسلمة، ما جاء على لسان نائب مستشارة (بوش) للأمن القومي حيث قال: «إن الرئيس بوش أعاد تأكيد وقوف الولايات المتحدة إلى جانب ما أسماه (مطالب الكرامة الإنسانية) غير القابلة للمساومة، وهي حكم القانون، والمساواة أمام القضاء، واحترام المرأة…»، وقال: «هناك بدايات واعدة بالإصلاح والانفتاح في العالمين العربي والإسلامي، وبشكل خاص في البحرين، والأردن، والمغرب، وقطر، وأفغانستان».

وقد أدت هذه الجهود جميعها إلى إحداث بعض التغيرات في مجالات تخص المرأة، تتعلق بالمشاركة السياسية، والأحوال الشخصية، وغيرها.

ففي مجال المشاركة السياسية، حصلت المرأة على حق الترشيح والانتخاب والمشاركة في الحكم في عدد من الدول، إلى جانب تقلد بعض المناصب الهامة.

وأما في مجال الأحوال الشخصية، فإن بعض الدول مثل مصر والمغرب بدأت بالسعي لتغيير وتعديل بعض الأحكام الشرعية المتعلقة بالمرأة، فقد نوقش في مصر قانون الأحوال الشخصية في مجلس الشعب منذ عام 2000م لإجراء التعديلات المتعلقة بالخُلع، والنـزاع حول سفر المرأة، والطلاق من الزواج العرفي، وإنشاء محكمة مدنية للأسرة، إلى جانب أمور أخرى يراد تعديلها.

وأما في المغرب، فكان أبرز ما تم بخصوص ما يسعى إليه الغرب من أهداف بشأن المرأة المسلمة ما سمي (بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية)، وهذه الخطة جزء من مخطط دولي يهدف إلى فرض النموذج الغربي العلماني على الأسرة المسلمة. وتم في هذه الخطة ما يلي:

l رفع سن الزواج لدى الفتيات من 15سنة إلى 18 سنة.

l تقاسم الممتلكات بين الزوجين بعد الطلاق.

l إلغاء تعدد الزوجات صراحة.

l تولي الزوجين الإنفاق المشترك على الأسرة كل حسب إسهامه.

l تمكين المرأة من حق طلب الطلاق.

l إعطاء المرأة الحق في تزويج نفسها دون موافقة الولي.

l تساوي الزوجين في الحقوق والواجبات.

وأما في الأردن، والنظام فيه من السباقين دوماً إلى كل ما يرضي الغرب، فإن الجهود حثيثة ومتوالية للاهتمام بالمرأة وشؤونها، والسعي لإسماع صوتها ومشاركتها في مناحي الحياة كافة، لا فرق بينها وبين الرجل، أي الدعوة إلى المساواة التامة بينهما. وبهذا الصدد, إرضاءً لأميركا والكفار، تم اتخاذ إجراءات لتنفيذ سياسة تحديد النسل منها:

l استحداث تخصص جديد في الجامعة الهاشمية بكلية التمريض هو (التمريض والصحة الإنجابية)، والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة مصطلحان أطلقا ليمارس من ورائهما تحديد النسل.

l إتاحة المجال أمام الهيئات والجمعيات والمنظمات الدولية لتنفيذ برامج تتعلق بمنع الحمل، مثل مؤسسة (هوبكنـز) الأميركية، التي استطاعت عبر تقديم منح مالية من تنظيم فتيات للترويج لأهدافها، وقد أصدرت هذه المؤسسة كتاباً بعنوان (أساسيات تكنولوجيا وسائل منع الحمل – دليل العاملين في العيادات)، ويتم تدريس هذا الكتاب للعاملات اللواتي استخدمن لجمع المعلومات عن نساء الأردن، وتجميع المعلومات السكانية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

l إيجاد المجلس الأعلى للسكان، والهدف منه الحد من التوالد والتناسل بتحديد النسل، والعقم. (بحجة تحسين الأوضاع الاقتصادية للسكان).

l إيجاد محكمة العنف الأسري، وتتكون من قاض وطبيب ومدعي عام.

l تشكيل وإقامة العديد من المؤتمرات واللجان النسائية والندوات الخاصة بالصحة الإنجابية.

l فتح العيادات، ورصد الأموال، وتشكيل الوفود النسائية المدربة للقيام بزيارات متكررة للنساء في بيوتهن، وحثهن على تحديد النسل باستعمال حبوب منع الحمل وغيرها من الوسائل، (ومعظم ذلك بتمويل خارجي هادف).

l ربط التنمية الاقتصادية بالنمو السكاني، وربط الفقر والبطالة بالنمو الأسري؛ لتحقيق ما يسمونه التوازن بين نسبة الدخل مع عدد أفراد الأسر. مع العلم أن الإحصاءات الرسمية تدحض هذه الادعاءات، فقد صدر تقرير رسمي بتاريخ 17/3/2004 يشير إلى أن النسبة الإنجابية بلغت عام 1976 م (7.4) ثم وصلت مؤخرا إلى(2.1). فما دام الانخفاض حصل بهذه النسبة العالية، فالأصل أن تكون هذه المشكلة قد عولجت، وتم حسم الأمر، وبدأ التقدم المضطرد في ارتفاع نسبة التنمية الاقتصادية، إلا أنَّ البطالة والفقر وعجز الموازنة السنوية في ازدياد.

l المشاركة بالمؤتمرات الدولية، واستضافة المؤتمرات الخاصة بالمرأة، والتي تصدر عنها قرارات تدعو إلى تمكين المرأة، وإعطائها حقها في حرية الفكر والضمير والدين والمعتقد، والتحكم في الأمور المتعلقة بصحتها، وبخاصة تلك المتعلقة بخصوبتها وتحسين الصحة الإنجابية، بحجة أن لها الحق أن تتمتع بحريتها الشخصية.

إنَّ حملة الكفار على المرأة المسلمة بزعامة أميركا تصب كلها في تحقيق أهداف منها: إبعاد المرأة المسلمة عن دينها، وإخراجها من بيتها، للقضاء على الأسرة المسلمة وتربية الأطفال، ثم تشجيعها على الإجهاض وتناول حبوب منع الحمل انتهاء إلى العقم، لتحديد النسل عند المسلمين.

هذه الأمور تريدها أميركا لنا، أما المفكرون على أرضها فهم يريدون غير ذلك. فقد نصحت دراسة أجرتها جامعة “هارفارد” (إحدى أعرق الجامعات الأميركية)، نصحت النساء في الولايات المتحدة «بالإقتداء بالمرأة المسلمة في احتشامها وأخلاقها، داعية جميع النساء الأميركيات إلى محاولة تقليد المسلمات في سلوكهن كسبيل وحيد لإنقاذ المجتمع الأميركي من الانحدار في طريق اللاعودة، بسبب التدهور الأخلاقي وانتشار الأمراض التي أفرزتها العلاقات غير الشرعية بين الرجال والنساء فيه». وقام المعهد الوطني لبحوث العناية الصحية في ولاية”ميريلاند” بإجراء دراسة خاصة عن الإسلام وشعائره، أثبتت أنّ شعائر الإسلام إذا حرص المسلم على أدائها تؤدي به إلى أن يصبح شخصاً سليماً، نفسياً وطبياً، ويمارس حياته بصفاء نفسي رائع، ولا يتعرض لأية أزمات نفسية، وذلك على عكس المسلم الذي لا يحرص على أداء الشعائر الإسلامية أو غير المسلم.

[يتبع]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *