العدد 229 -

السنة العشرون صفر 1427هـ – آذار 2006م

هل هناك أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومن مصطفى كمال؟

هل هناك أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومن مصطفى كمال؟

إننا حين نتكلم عن موقع المجرمين الذين أجرموا بحق الأمة الإسلامية، فإننا نجد خونة العرب والترك الذين تعاونوا مع الكفار المستعمرين بزعامة بريطانيا للقضاء على دولة الخلافة الإسلامية في المقدمة، وإذا تكلمنا عن مجرم العصر فإننا نجد مصطفى كمال هو ذلك المجرم ويقع على رأس الهرم في الإجرام والخيانة، حين تعاون مع الكفار المستعمرين بزعامة بريطانيا آنذاك، وأعلن إلغاء الخلافة الإسلامية في إستانبول، وحاصر الخليفة وأخرجه من الآستانة، (إستانبول)، عاصمة الخلافة الإسلامية التي كانت رمز وحدة الأمة الإسلامية، وكان ذلك ثمناً أمرته بريطانيا بتقديمه، ومن ثم تنصيبه مقابل ذلك رئيساً سقيماً للجمهورية التركية العلمانية.

=================================================================

والآن وبعد القضاء على دولة الإسلام وإلغاء الخلافة الإسلامية، يرد هذا السؤال: هل هناك من هُم أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومن مصطفى كمال، الذين هدموا البناء الذي أقامه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصحبه الأخيار؟

الجواب… نعم… فإن قيل: ومن هم؟

الجواب… كُلُ من يقف من المسلمين في وجه حملة الدعوة الذين يعملون لإعادة هذا البناء محاربين ومعادين هُم أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومصطفى كمال.

 وكل من نذروا أنفسهم بالتثبيط والتحريض والحسد والإستهزاء والسخرية من حملة الدعوة هُم أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومصطفى كمال.

 وكل من عملوا ويعملون على هدم وتخريب الجماعة أو الحزب أو الكتلة، التي تعمل لإعادة بناء دولة الخلافة واستئناف الحياة الإسلامية ومبايعة إمام يحكم بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، هُم كذلك أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومصطفى كمال.

ويرد هنا سؤال: ما هي أوصاف هؤلاء؟ وما أصنافهم؟

من أصناف هؤلاء في أيامنا… الأنظمة الموجودة في بلاد المسلمين من حكام ووزراء وأعوانهم وزبانيتهم ومخابراتهم وجواسيسهم وأبواقهم من علماء سلطان ومفكرين وكُتاب وإعلاميين وعملاء فكريين للكفار وغيرهم ممن يؤازرونهم ويقفون بجانبهم.

وكذلك… الأحزاب العلمانية والوطنية والديموقراطية والشيوعية وأضرابهم وأشياعهم ممن يريدون ويعملون لإيجاد أحكام غير أحكام الإسلام في واقع الحياة.

 فإن قيل كيف يكون هؤلاء أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومصطفى كمال؟

أقول وبالله أستعين… إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قد بين لنا في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وغيره فقال: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون مُلكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت».

يتبين من الحديث ما يلي:

1- أن النبوة قد انقضت ورفعت، وهي نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونحن لا نعمل لنأتي بدولة إسلامية يحكمها نبي… لأنه لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)… فهو خاتم النبيين… والدولة الإسلامية التي حكمها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لن تتكرر بمعنى أن يأتي نبي بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ويحكمها، وهذا كما بين الجزء الأول من الحديث وهو «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها».

2- أن الخلافة على منهاج النبوة هي خلافة الخلفاء الراشدين، وهي التي جاءت بعد رفع النبوة، وهي خلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وهي خلافة محمودة لأنها على منهاج النبوة في السير والتطبيق والتأسي بالمصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا بنص الجزء الثاني من الحديث «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها».

3- أن الملك العاض، هو حكم بالإسلام، ولكن فيه إساءة في تطبيق الإسلام، كالاستخلاف وولاية العهد في الحكم مثلاً،  لكن على الرعية الطاعة في غير معصية، ويحرم على المسلمين الخروج على الحاكم في هذا الملك العاض ما دام يحكم بالإسلام، وإن كان هناك إساءة في التطبيق من ظلم وجلد للظهر وأكل المال والإستخلاف وولاية العهد، ولا أدل على الملك العاض من ملك بني أمية ثم ما تلاه من عهد العباسيين والعثمانيين… وهذا يدل عليه الجزء الثالث من الحديث «ثم تكون مُلكاً عاضاً فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها».

4- أن الملك الجبري هو ملك يغتصب فيه الحكم اغتصاباً، ويحكم فيه بالحديد والنار، ولا يحكم فيه بالإسلام، كما فعل مصطفى كمال مجرم العصر الذي اغتصب الحكم وألغى الخلافة ، ولم يحكّـم الإسلام، بل حوّل الدولة العثمانية إلى جمهورية علمانية، وبالتالي حلت عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ومن الملك الجبري كذلك الخونة والعملاء الذين يتسَـمَّـونَ الآن حكاماً للمسلمين، الذين نُصبوا على رقاب الأمة من قبل أسيادهم الكفار من أميركيين وإنجليز وفرنسيين وغيرهم من الكفار هم كذلك، وهذه حال الأمة الإسلامية الآن، فلا يوجد دولة إسلامية مطلقاً تحكم بالإسلام في هذه الأيام، وهذا يدل عليه الجزء الرابع من الحديث «ثم تكون مُلكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها».

5- أن الخلافة على منهاج النبوة، والتي ذكرها النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للمرة الثانية «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت» هي البشرى لهذه الأمة الكريمة، وهذا هو أمل الأمة التي يجب عليها أن تتشبث به، وتعمل له بجد ونشاط، وتبذل وتضحي بالغالي والنفيس، وتبذل كل طاقتها لإيجاده، وتعيد البناء الذي بناه النبي عليه الصلاة والسلام والذي هدمه خونة العرب والترك ومجرم العصر مصطفى كمال، ومتى أوجدته عليها أن تعض عليه بالنواجذ، وهذا هو الجزء الخامس في الحديث حيث قال «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت». ولا ننسى ما وعد الله سبحانه بالاستخلاف والتمكين لهذه الأمة، حيث قال تعالى: ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) [النور55].

6- إن سكوت الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بعد أن تكلم بكل هذا، وهو الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، يدل على أن الله سبحانه وتعالى سيظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون، وهذا ما دل عليه الحديث في الجزء السادس منه «ثم سـكت»… ولا ننســى ما قــال الله تعـالى: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [الصف 9]. وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الصادق المصدوق: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر» (مسند أحمد).

بعد هذا التفصيل، يتبين أن نجم الخلافة الثانية على منهاج النبوة قد لاح بالأفق، وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الصادق المصدوق: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر» (مسند أحمد). وهذا لا يكون إلا بالعمل، وهناك من يعمل لإيجادها، فالخلافة لا تأتي دون أن يُعمل لإيجادها، ولن تستأنف الحياة الإسلامية من دون من يعمل لاستئنافها، والعمل لها فرض، بل هو من أوجب الفروض، ولا يصح العمل لإيجاد خلافة كخلافة الأمويين أو العباسيين أو العثمانيين؛ لأن المخالفات الشرعية كانت موجودة فيها من حيث الإساءة في تطبيق أحكام، لكنها كانت دولة إسلامية تطبق أحكام الإسلام، إنما يجب العمل لدولة خلافة على غرار الخلافة الراشدة الأولى على منهاج النبوة كخلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

ونقول لجميع الكفار ومن تبعهم من المنافقين: لن يطول فألكم، ولن تبقى عروشكم التي بنيتموها على جماجم وأشلاء شعوبكم بالقهر والحديد، ومهما كِدتم وتآمرتم ومكرتم فإن مكركم إلى بوار، وإن الخلافة الإسلامية -على منهاج النبوة- قادمة وكائنة بإذن الله، فها هو نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يُبشرنا بها، ونحن به مؤمنون مصدقون وبه مقتدون. ونحن على أبوابها إن شاء الله كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحديث المذكور…

والآن نجيب ونقول لمن يسأل: هل هناك من هُم أعظم جرماً من خونة العرب والترك ومجرم العصر مصطفى كمال؟ الجواب نعم…

فخونة العرب والترك مجرمون، ومصطفى كمال مجرم، بل مجرم العصر، وهم عملوا وهدموا وألغوا الخلافة الإسلامية، ولهم عذاب عظيم، فهم قد هدموا ملكاً عاضاً (الخلافة العثمانية)، وهو حكم بالإسلام ولا ريب، أما من يقف في وجه الكتلة أو الحزب الذي يعمل لهذه الخلافة على منهاج النبوة محارباً ومعادياً أو مستهزئاً أو ساخراً أو مثبطاً أو هادماً أو مخرباً أو محرضاً على حملة الدعوة لها، فهو أعظم جرماً من هؤلاء؛ لأنهم يمنعون ويحاربون حكماً وخلافة على منهاج النبوة، وأولئك حاربوا ملكاً عاضاً، فالذي حارب ملكاً عاضاً مجرم، والذي يحارب خلافة على منهاج النبوة أعظم جرماً.

أبومحمد عيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *