العدد 290 -

العدد 290 – السنة الخامسة والعشرون – ربيع الأول 1432هـ، الموافق شباط 2011م

رياض الجنة: سر انتصار الصحابة (2)

رياض الجنة:

سر انتصار الصحابة (2)

 

– قال الوليد بن مسلم أخبرني من سمع يحيى بن يحيى الغساني يحدث عن رجلين من قومه، قالا: لما نزل المسلمون بناحية الأردن تحدثنا بيننا أن دمشق ستحاصر، فذهبنا نتسوق منها قبل ذلك، فبينا نحن فيها إذ أرسل إلينا بِطْريقها فجئناه، فقال: أنتما من العرب؟ قلنا: نعم، قال: وعلى النصرانية؟ قلنا: نعم، فقال: ليذهب أحدكما فليتجسس لنا على هؤلاء القوم ورأيهم، وليثبت الآخر على متاع صاحبه، ففعل ذلك أحدنا، فلبث ملياً ثم جاءه، فقال: جئتك من عند رجال دقاق، يركبون خيولاً عتاقاً، أما الليل فرهبان، وأما النهار ففرسان، يريشون النبل ويبرونها ويثقفون القنا، لو حدثت جليسك حديثاً ما فهمه عنك، لما علا من أصواتهم بالقرآن بالذكر، قال: فالتفت إلى أصحابه وقال: أتاكم منهم ما لا طاقة لكم به.

– أخرج ابن جرير عن الرفيل قال: لما نزل رستم النجف، بعث منها عيناً إلى عسكر المسلمين، فانغمس فيهم بالقادسية كبعض من ند منهم، فرآهم يستاكون عند كل صلاة، ثم يصلون فيفترقون إلى مواقفهم، فرجع إليه فأخبره بخبرهم وسيرتهم، حتى سأله: ما طعامهم؟ فقال: مكثت فيهم ليلة لا والله ما رأيت أحداً منهم يأكل شيئاً، إلا أن يمصوا عيداناً لهم حين يمسون وحين ينامون وقبيل أن يصبحوا، فلما سار فنزل بين الحصن والعتيق، وافقهم وقد أذن مؤذن سعد الغداة، فرآهم يتحشحشون (يتحركون للنهوض)، فنادى في أهل فارس أن يركبوا، فقيل له: ولم؟ قال: أما ترون إلى عدوكم قد نودي فيهم، فتحشحشوا لكم، قال عينه ذلك: إنما تحشحشهم هذا للصلاة، فقال بالفارسية وهذا تفسيره بالعربية: أتاني صوت عند الغداة، وإنما هو عمر الذي يكلم الكلاب فيعلمهم العقل. فلما عبروا تواقفوا، وأذن مؤذن سعد للصلاة، فصلى سعد (رضي الله عنه)، وقال رستم: أكل عمر كبدي.

– قال ابن جرير أيضاً: ذكر سيف، عن أبي الزهراء القشيري، عن رجل من بني قشير، قال: لما خرج هرقل نحو القسطنطينية، لحقه رجل من الروم كان أسيراً في أيدي المسلمين، فأفلت، فقال: أخبرني عن هؤلاء القوم؟ فقال: أحدثك كأنك تنظر إليهم: فرسان بالنهار، ورهبان بالليل، ما يأكلون في ذمتهم إلا بثمن، ولا يدخلون إلا بسلام، يقفون على من حاربهم حتى يأتوا عليه، فقال: لئن كنت صدقتني ليرثن ما تحت قدمي هاتين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *