العدد 232 -

الـوعــي ــ العدد 232 ــ السـنة العشرون ــ جمادى الأولى 1427هــ ــ حزيران 2006م

رياض الجنة: أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدعوة (10)

رياض الجنة:

أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدعوة (10)

دعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) لعَدِيّ بن حاتم (رضي الله عنه)

 

– أخرج أحمد عن عَدِيّ بن حاتم قال: لما بلغني خروج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كرهت خروجه كراهية شديدة، فخرجت حتى وقعت ناحية الروم -وفي رواية حتى قدمت على قيصر- قال: فكرهت مكاني ذلك أشدّ من كراهتي لخروجه، قال: قلت: واللهِ لولا أتيت هذا الرجل فإن كان كاذباً لم يضرّني، وإن كان صادقاً علمت، قال: فقدمت فأتيته. فلما قدمت قال الناس: عديّ بن حاتم، عديّ بن حاتم!! قال: فدخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال لي: «يا عديّ بن حاتم، أسلم تسلم» -ثلاثاً- قال: قلت: إني على دين. قال: «أنا أعلم بدينك منك» فقلت: أنت أعلم بديني مني؟! قال: «نعم، ألست من الرَّكسويَّة(1) وأنت تأكل مرباع(2) قومك؟» قلت بلى، قال: «هذا لا يحلّ لك في دينك» قال: فلم يَعْدُ أن قالها فتواضعت لها، «أما إني أعلم الذي يمنعك من الإسلام، تقول: إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة لهم وقد رمتهم العرب. أتعرف الحيرة؟» قلت لم ارَها، وقد سمعت بها. قال: «فوالذي نفسي بيده ليتمنّ الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد، وليُفتحنَّ كنوز كسرى بن هرمز» قال: قلت: كسرى بن هرمز، قال: «نعم، كسرى بن هرمز، وليُبذلنَّ المال حتى لا يقبله أحد» قال عديّ بن حاتم: فهذه الظعينة تأتي من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى، والذي نفسي بيده لتكوننّ الثالثة؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قالها.

– وأخرج أحمد عنه أيضاً: «… فقال له (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا عديّ بن حاتم، ما أفرّك؟! أفرّك أن يقال: لا إله إلا الله، فهل من إله إلا الله؟! ما أفرّك؟! أفرّك أن يقال: الله أكبر، فهل شيء هو أكبر من الله عز وجل؟!» قال: فأسلمت فرأيت وجهه استبشر وقال: «إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى». قال: ثم سألوه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد، فلكم أيها الناس أن ترضخوا(3) من الفضل، ارتضخ أمرؤ بصاع، ببعض صاع، بقبضة، ببعض قبضة -(قال شعبة: «وأكثر علمي أنه قال: «بتمرة، بشق تمرة»)- وإن أحدكم لاقى الله فقائل ما أقول: ألم أجعلك سميعاً بصيراً؟ ألم أجعل لك مالاً وولداً؟ فماذا قدّمت؟ فينظر من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، فلا يجد شيئاً، فما يتقي النار إلا بوجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوه فبكلمة لينة. إني لا أخشى عليكم الفاقة، لَيَنصُرنّكم الله ولَيُعطِيَنّكم حتى تسير الظعينة بين الحيرة ويثرب أو أكثر، ما تخاف السرق على ظعينتها» قال. هكذا أخرجه البخاري مختصراً.

1- الركسوية: دين بين النصارى والصابئين 2- مرباع: غنيمة 3- ترضخوا: تعطوا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *