العدد 354-355 -

رجب وشعبان 1437هـ – نيسان / أيار 2016م

الثورة الليبيّة إلى أين؟

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الثورة الليبيّة إلى أين؟

بقلم محمد الصادق

لقد كانت الثورة الليبية واحدة من ثورات الربيع االعربي التي قامت في المنطقة العربية سنة 2011م ضد أنظمة الجور الظلم والفساد والتبعية. ومن المعروف أن هذه الثورات قد انطلقت في بداياتها بشكل سلمي وعفوي،  ودون ترتيب أو تخطيط من قيادات سياسية معينة؛ وذلك لشدة المعاناة والاحتقان السياسي والاجتماعي  الذي كانت تعيشه شعوب هذه المنطقة تحت سيطرة هؤلاء الطغاة أصحاب أنظمة الحكم الجبري؛ ولكن الثورة الليبية ما لبثت أن تحولت بعد فترة صغيرة من قيامها من ثورة سلمية إلى ثورة مسلحة عنيفة بسبب الإجراءات والمواجهات القاسية التي قابل بها نظام القذافي هذه الثورة السلمية والانتفاضة الشعبية.

فشدة معاناة الشعب الليبي لأكثر من أربعة عقود من السنين العجاف تحت حكم ذلك الطاغية المستبد المتألِّه، وشدة مواجهة الانتفاضة الشعبية جعلت أحداث الثورة الليبية تتسارع؛ فسقطت مدن كثيرة في الشرق الليبي في أيام معدودة بل فقد النظام السيطرة بالكامل على شرق ليبيا، وفقد السيطرة على مدن أخرى في غرب ليبيا، وانتشر السلاح في مختلف أنواعه عند الناس في مختلف المناطق، وتمت عسكرة الثورة، وزادت حدة  المواجهات بين النظام وبين هذه المناطق الثائرة.

واستمرّت هذه المواجهات العنيفة والأحداث المؤلمة والقتال الشرس لأكثر من ثمانية أشهر، في جميع أنحاء البلاد، وقد راح ضحية ذلك آلآف الشهداء، وعشرات الآلاف من الجرحى، وآلآف المفقودين، ودمرت مدن وبنى تحتية كثيرة، ودمرت إمكانيات مادية هائلة في المجالات الاقتصادية والعسكرية وغيرها، وخاصة بعد التدخل العسكري الدولي في هذه الثورة.

وكما قلنا، فإن الثورة الليبية قد بدأت عفوية وسلمية، ودون تخطيط أو ترتيب، وهذا يعني أنها لم تكن لها قيادات معروفة تنظم أمورها أو تقودها أثناء الثورة أو بعد الثورة؛ ومن هنا فقد رأينا خلال شهور الثورة، أو قرب سقوط النظام كثيرًا من القيادات العسكرية والأمنية ومن الرموز السياسية من الداخل أو من الخارج، رأيناهم يعلنون انشقاقهم عن النظام السابق، ويعلنون انضمامهم إلى الثورة وإلى الثوار، ورأيناهم وهم يتسابقون إلى ما سمي بالمجلس الانتقالي الذي تشكل بعد الثورة بترتيب وبتشجيع من جهات خارجية ومحلية. لقد رأينا كثيراً من أولئك يتسابقون إلى ذلك المجلس دون أن يختارهم الناس أو يزكوهم، وإنما كانت موجة من الانشقاقات الشكلية، بعضها من أجل التقية خوفًا من الثورة، وبعضها من أجل المناصب والمكاسب والشهرة والجاه.

من هذا المجلس الانتقالي العجيب في تكوينه، وفي نوعية أعضائه ورموزه، وفي طريقة عمله وإدارته للأمور كانت تلك الأخطاء والانحرافات عن مسار الثورة، وكانت هذه النتائج المؤلمة من هذا التخبط السياسي، والانفلات الأمني، والانهيار الاقتصادي. وقد لا نستغرب ما ترتب على ذلك المجلس من أخطاء وكوارث ومشاكل ما تزال تعاني منها البلاد؛ خاصة إذا ما عرفنا أن ذلك المجلس هو من بداياته يكاد يكون امتدادًا للنظام السابق أو هو كذلك!! إذ كان من بين كبار الشخصيات التي كانت تقود ذلك المجلس وزراء سابقون من أركان نظام القذافي كوزير العدل الذي كان رئيسًا للمجلس الانتقالي، ووزير الداخلية الذي عينه المجلس رئيسًا لأركان ما بقى من جيش القذافي، وغيرهما من الشخصيات الأخرى التي كانت مستفيدة من النظام السابق.

وعلى ذكر ما بقى من جيش القذافي نقول إن ليبيا في عهد القذافي لم يكن لها جيش تقليدي كجيوش الدول الأخرى، ومنها دول الجوار التي حصل فيها مثل ما حصل في ليبيا أثناء الثورة، فقد كان للقذافي كتائب خاصة قوية تحميه شخصيًا وتحمي نظامه، وكانت له أجهزة أمنية كثيرة مكملة لدور هذه الكتائب. أما أفراد ما كان يعرف بالجيش الليبي، وهم بعشرات الآلاف من الضباط والجنود، فكانوا مهمشين ويفتقرون إلى التدريب والسلاح والذخيرة، وتلك كانت سياسة القذافي تجاه الجيش حتى لا يكون مصدر خطر عليه، وكان اعتماده على كتائبه الأمنية الخاصة في حماية نظامه واعتماده  عليها فيما بعد في مواجهة  ثورة فبراير.

وعندما انتهى نظام القذافي، وهزمت كتائبه، ودمر سلاحها وعتادها، أو انتقل سلاحها إلى أيدي عامة الناس، وإلى أيدي الثوار، بقي أفراد هذه الكتائب، وهم أيضًا بعشرات الآلاف… بقوا في بيوتهم حتى في أيام الثورة، ولم يشاركوا في القتال؛ وبذلك يمكن القول إن البلاد بعد سقوط القذافي ونهاية نظامه بقيت كذلك بدون جيش نظامي تقليدي متماسك، و قدذكرنا هذا لأهمية وجود الجيش في أي بلد، ومدى تأثيره في مسار الثورات والأحداث سلبًا أو إيجابًا، وبقيت البلاد كذلك بدون أجهزة أمنية فاعلة كما كانت في عهد القذافي، ومن هنا يمكن أن نرى كيف يكون بلد بدون جيش يحميه ويحمي حدوده، وبدون أجهزة أمنية قوية تحفظ الأمن فيه.

وهكذا نرى كيف أن أغلب هذه المظاهر السلبية التي حصلت في البلاد بعد الثورة الليبية هي من أخطاء المجلس الانتقالي؛ إذا كان من أكبر أخطائه أنه قد استعمل في الإعلان عن تحرير البلاد من نظام القذافي، وفي الواقع أنه لم يتم التحرير بشكل كامل، ولم ينجح هذا المجلس في ضبط الأمور، ولم يحسن تسيير شؤون البلاد في مرحلة حساسة من تاريخها. وقد تكررت تلك الأخطاء حتى في عهد الحكومات التي جاءت بعد المجلس الانتقالي، وفي عهد المؤتمر الوطني الذي جاء بديلًا عن المجلس الانتقالي.

ويشكل عرضنا لبعض هذه النقاط والموضوعات بشكل مختصر قدر الإمكان مقدمة وخلفية تساعدنا على فهم المشهد السياسي في ليبيا. ونأتي الآن على عرض هذا المشهد باختصار أيضًا حتى نتجنب الإطالة .

فليبيا بلاد شاسعة، مساحتها تقترب من المليوني كلم مربع، حدودها حوالى ستة آلاف كلم مع دول الجوار الستة، منها دول فاعلة في السياسة الدولية وسياسة المنطقة العربية والأفريقية. شواطئها حوالى ألفي كلم على البحر الأبيض المتوسط، سكانها قليلون لا يتجاوزون سبعة ملايين نسمة. وهي غنية بكل أنواع الثروات الطبيعية من نفط وغاز ومعادن وطاقة شمسية وغيرها. وموقعها يعتبر بوابة أفريقيا على أوروبا. والشكل القبلي في ليبيا له جذور تاريخية، والقذافي طيلة أربعة عقود قد ضرب على هذا الوتر، ورسخ هذا الأمر، واستغله لدعم نظام حكمه من باب «فرق تسد». الشعب في ليبيا لا يعاني من خلافات دينية أو مذهبية أو عرقية إلا أخيرًا، وبعد الثورة، فقد ظهرت الدعوة إلى بعض المكونات العرقية كالامازيغ والطوارق والتبو، وذلك بعد أن دعمت بعض الدول الاستعمارية الكبرى وشجعت هذه الدعوات، وتبنت حمايتها والدفاع عنها في المحافل الدولية؛ ما زاد في تعقيد المشهد السياسي في ليبيا، وعرقل من الحلول السلمية في بعض المناطق في ليبيا.

السلطة السياسة في ليبيا الآن ليست سلطة واحدة، فهناك مجلسان للنواب، وهناك جيشان، وهناك حكومتان، وحكومة ثالثة، ويجري البحث والسعي إلى حكومة رابعة إذا تم التوافق بين النواب. وهناك في المشهد السياسي أيضًا هيئة تأسيسية لصياغة الدستور، وهي ما زالت منذ عامين تراوح مكانها وتتقاذفها التجاذبات السياسية، وتعصف في بعض أفرادها ولجانها الضغوطات الخارجية والمحلية من أجل تأخير صدور هذا الدستور، والتلاعب بمخرجاته لإرضاء أطراف خارجية ومحلية وأطراف جهوية وقبلية؛ خاصةَ بعد ما تضمن في مسودته الأولى النص على اعتماد تطبيق الشريعة الإسلامية التي كانت من مطالب الشعب الليبي المسلم، وهدفًا من أهداف ثورته، ومطلبًا من مطالب الثوار الحقيقيين الذين ثاروا على الظلم والفساد والطغيان. كما أن تضمين تطبيق الشريعة الإسلامية في مسودة الدستور كان ثمرة جهود أناس مخلصين داخل هيئة صياغة الدستور، وثمرة جهود الكثير من العلماء والمشايخ والنخب الفكرية الإسلامية في مختلف المؤسسات  والهيئات والمراكز البحثية الفقهية. ومن هذه الجهود المشكورة ما تم الإعلان عنه مؤخرًا من مراجعة القوانين المدنية، وإحلال القوانين والأحكام الشرعية محلها، ويعتبر ذلك من أعظم إنجازات الثورة. وهناك في المشهد أيضًا مجالس عسكرية في كل المناطق والبلديات، وميليشيات وكتائب مسلحة كثيرة في جميع أنحاء البلاد، منها ما هو كتائب للثوار الحقيقيين الذين ثاروا على القذافي، ومنها ما هو لثوار غير حقيقيين ركبوا موجة الثورة، ومنها ما هو تحت سلطة الحكومات المذكورة، ومنها ما هو خارج أي سلطة!!.

وهناك ملايين من قطع السلاح المنتشر بين عامة المواطنين، أفرادًا وجماعات، غنمها الناس أثناء الثورة من معسكرات وكتائب القذافي. وهذا السلاح يستخدم الآن في خرق الأمن بدل الحفاظ على الأرواح البريئة… وهناك أحزاب سياسية نشأت وظهرت على الساحة الليبية فجأة بعد الثورة حيث لم تكن موجودة من قبل، وكلها يفتقر إلى الخطط والبرامج الواضحة، والتجارب السياسية السابقة في بلا كان لعدة عقود يجرم فيها العمل السياسي والحزبي… وهناك نخب سياسية مختلفة الرؤى والتوجهات يملؤون الفضائيات والساحات خلافًا وانقسامات وخصومات… وهناك خلافات وتنافس قبلي وجهوي ومناطقي يدعمه السلاح الموجود في أيدي الناس، و تحميه الميليشيات والكتائب المسلحة المحسوبة على كل منطقة أو قبيلة أو جهة… وهناك في المشهد أتباع النظام السابق موجودون في جميع أنحاء البلاد، وهم في خارج البلاد يحرضون ويدعمون بالأموال الطائلة التي سرقوها من المال العام كل ما يساعد ومن يساعد على الثورة المضادة… وهناك في المشهد -أيضًا- ما عرف بـ (تنظيم الدولة) والذي يتم التركيز عليه إعلاميًا على مستوى المنطقة كلها، وقد ضُخَم حجمه ودوره بشكل لافت ومقصود ليتخذ ذريع ومبررًا لتدخل الدول الكبرى في ليبيا وفي غيرها… هذه بعض معطيات وتعقيدات المشهد الليبي، وهذا هو مسرح أحداث الصراع الدولي المحموم على ليبيا خاصة، وعلى المنطقة بأسرها.

فأهمية موقع ليبيا الذي تحدثنا عنه، وأهمية الثروات الهائلة التي فيها، جعل الدول الكبرى، وحتى الدول الصغرى، تتسابق إلى التدخل في ليبيا قبل الثورة، وأثناء الثورة، وبعد الثورة، والآن. إن تدخل تلك الدول أثناء الثورة الليبية ومشاركتها في إنهاء نظام القذافي بشكل أو بآخر قد جعلها تتصرف وكأن لها حق التدخل في اقتسام المغانم والمكاسب، وحق الوصاية والمشاركة في اتخاذ القرارات، وهي تستفيد من هذا المشهد، ومن كل هذه التعقيدات والمظاهر السلبية التي تحدثنا عنها، ومن هذا الفراغ السياسي والأمني في البلاد، بل وهذه الحروب والنزاعات والتجاذبات بين كثير من القوى والقبائل والجهات… إن واقع المشهد الليبي يُغري كل دول العالم بالتدخل فضلًا عن الدول الكبرى ذات النفوذ والمصالح، وصاحبة التجارب والتاريخ الأسود في الهيمنة والاستعمار ونهب خيرات الشعوب.

إن هذا التنافس الشديد والصراع المكشوف بين الدول على الفوز بالنفوذ وبالتالي الهيمنة على البلاد ونهب الثروات؛ إنما هو ناتج عن فشل الليبيين في توحيد جهودهم لإنجاح ثورتهم التي قاموا بها من أجل القضاء على الظلم والفساد والطغيان، كما هو ناتج عن فشلهم في توحيد صفوفهم ومواقفهم لمواجهة نفوذ الدول الاستعمارية الكافرة الطامعة في السيطرة على البلاد ونهب الخيرات.

وإن ما جرى ويجري الآن على الساحة الليبية من هذه الحوارات واللقاءات والمشاورات، داخل ليبيا وخارجها، في الصخيرات خارجها، في دول الجوار وفي غيرها، وبرضى الليبيين وبغير رضاهم، وبعلمهم وبغير علمهم، إنما يجري كل ذلك بترتيبٍ و تدبير من هذه الدول المتصارعة على النفوذ. وهذه الدول نفسها لا تخفي أو تنفي هذا التدخل، بل هي تصرح به، وتحرض على القبول بمخرجات هذه الحوارات، وتمارس الضغوطات والتهديدات على كل من يعرقل أو يرفض.

إن هذه الخلافات والانقسامات بين مختلف الأطراف الليبية الفاعلة على الساحة قد زاد من إتاحة الفرصة لهذه الدول للضعط على الأطراف أو لاحتوائها وكسبها إلى صفها ومشاريعها للحل، وهذا ما نراه واضحًا في مخرجات نتائج الحوارات في ليبيا في الصخيرات وغيرها، حيث انقسمت الأطراف السياسية والنخب  والأحزاب في انحيازها إلى كل من المشروعين المطروحين لحل الأزمة الليبية، وهما المشروح الأوروبي والمشروع الأميركي، وهما اللذان يجري حول مضامينهم الحوار، وكذلك يجري الصراع بين تلك القوى الكبرى.

و نود في ختام هذا العرض أن ننبه أهلنا و إخوتنا في ليبيا إلى خطورة ما يجري الإعداد له لبلادنا من هذه المشاريع السياسية المشبوهة، والألاعيب الدولية المفضوحة، وما يبيت من أمرٍ وخططٍ لهيمنة هذه الدول الاستعمارية على بلادنا وعلى البلدان الإسلامية الأخرى، ومحاولتها إجهاض ثورة الأمة التي قامت بها بعض شعوب أمتنا الإسلامية سنة 2011م في المنطقة العربية فيما عرف  بـ «ثورات الربيع العربي». تلك الثورات التي عبرت عن مشاعر و مطالب الأمة في التحرر والانعتاق من قبضة أولئك الحكام الطغاة، والتخلص من أنظمة العمالة والتبعية والكفر، وعبرت هذه الثورات عن مطالب الأمة في وحدتها، وعودتها إلى تطبيق شرع الله وإلى الحكم بالاسلام بين الناس.

و عمّا أحدثته هذه الثورات من أثر وصدى في المنطقة والعالم نورد فقرة من تقرير أصدرته مؤسسة بروكنجز الأميركية عن ثورات الربيع العربي تقول: «ومع بداية الثورات نشأ واقع سياسي جديد أهم عنصر فيه هو إرادة الشعوب  تغيير الأنظمة  وايجاد حكم بالإسلام، واختلطت في بداية الأمر مطالبة الشعوب بالحرية مع المطالبة بالاسلام وتطبيق الشريعة، واختلط ذلك أيضًا مع مطالبات بالديمقراطية، وبخاصة من ركبوا الثورات أو ركّبوها، وأعطتهم الأنظمة القائمة وأجهزة الإعلام فرصًا لذلك، بل ودفعهتم إليه، وانعكس هذا الامر على دراسات وأبحاث ومقالات مراكز الأبحاث والسياسيين».

وختامًا، فإننا ندعو أهلنا في ليبيا، وإخوتنا المسلمين في كل البلاد الإسلامية، إلى العمل لاستئناف الحياة الإسلامية، وعودة أمتنا إلى مصدر عزّها ومجدها وحضارتها، إلى الإسلام العظيم، وإلى إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة كما كانت في عهد الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم وأرضاهم، وكما بشّر بها رسول الله صل الله عليه وسلم. كما ندعو أهلنا وإخوتنا في ليبيا إلى أن يوحدوا صفوفهم وجهودهم للوقوف في وجه هذه الترتيبات والمخططات المشبوهة التي تقوم بها الدول الكبرى و الجهات الدولية للهيمنة على البلاد وإجهاض الثورة التي انهت حكم ذلك المستبد الهالك.

إننا ندعوكم لوقفة صدقٍ مع أنفسكم، وإخلاصٍ لدينكم وأمتكم وبلادكم، وندعوكم إلى أن تتقوا الله في هذه البلاد فلا تضيعوها، ولا تتركوها لقمة سائغة لأعداء الإسلام، فهي أمانة في أعناقكم يحاسبكم الله عليها، وتحاسبكم الأجيال القادمة. إننا ندعو أهلنا في جميع أنحاء ليبيا بكل مكوناتهم وأطيافهم وفعالياتهم، بأن يحذروا من هذه الولاءات المتعددة… كالولاء لهذه الدول الاستعمارية الكبرى الطامعة في السيطرة على بلادنا، والثقة بها أو التعاون والعمل معها في ما يضرّ بلادنا، وكالولاء للقبيلة والمنطقة والجهة، وكالولاء للأشخاص وغير ذلك من الولاءات الممقوتة الضّارة، وليكن ولاؤكم لله ورسوله صادقًا خالصًا، ثم لدينكم وأمتكم، وأن تنكروا وتتبرؤوا من كل ولاء لغير الله، وأن تعلموا أن الإخلاص لله وحده، ولرسوله ولدينه وللمسلمين، والعمل من أجل ذلك هو الذي يخرج وينقذ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من هذه المِحن والأزمات، وهو الذي يوحد أمتنا ويعيد لها دولتها ومجدها وحضارتها  ] وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [. q

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *