العدد 346 -

السنة الثلاثون ذو القعدة 1436هـ – تموز / آب 2015م

أزمة اليونان تفضح عقم الديمقراطية وتكشف سخافتها

أزمة اليونان تفضح عقم الديمقراطية وتكشف سخافتها

 

أكد شهيد بولسين الكاتب والناشط السياسي الأميركي أن الأزمة الحالية في اليونان أوضح دليل ممكن على أن الديمقراطية قد أصبحت بكاملها ممارسة عقيمة في عصر رأس المال العالمي. وأن المجموعات المناوئة للرأسمالية في جميع أنحاء العالم تحتاج إلى معرفة هذه الحقيقة والإقرار بها وإعادة معايرة استراتيجياتها للمقاومة لتلائم ديناميات القوة والسلطة الجديدة.

وأوضح بولسين في مقال له بهذا الخصوص: لقد فعل حزب سيريزا كل شيء على النحو الصحيح. لقد تلاعب بالقواعد الرسمية للعملية السياسية، فأعدوا حزباً سياسياً، وأطلقوا حملة على المنصة الشعبية مناهضة لسياسات الحكومة، ما أدى إلى نمو قاعدة دعمهم، وشاركوا في الانتخابات وفازوا بها. في الواقع فازوا بأغلبية ساحقة، الأمر الذي من شأنه (وفقاً لقواعد السياسة الرسمية) إعطاء حزب سيريزا التفويض القوي لمتابعة أهدافه الاقتصادية والسياسية المعارضة التي كانت السبب في فوزه الساحق.

بالإضافة إلى ذلك، فقد عقد سيريزا استفتاء تاريخياً على عرض الاتحاد الأوروبي بالمساعدة المالية المشروطة بشروط صارمة طالباً منهم رفضه؛ ما سمح للشعب اليوناني بالمشاركة الديمقراطية في سياسة دولتهم وقرارات السياسة الاقتصادية؛ وجاءت نتيجة الاستفتاء لتعكس التكرار المـُدوي لدعم الشعب اليوناني لحزب سيريزا في أجندته الأصلية المضادة للتقشف، وللدفاع عن رفض عرض الاتحاد الأوروبي الاستغلالي والمتوحش.

بعبارة أخرى، تلقى سيريزا عرضاً ساحقاً للدعم الشعبي خلال عمليتين ديمقراطيتين منفصلتين، بالالتزام المعلن تجاه مقاومة التقشف. لكن ماذا كانت النتيجة؟ برنامج تقشف ذا تدابير أكثر صرامة على نحو كبير. أي أن نجاح سيريزا في كل من الانتخابات والاستفتاء، منحاه «الشرعية» للانقضاض على مطالب الناس المطالبة بإيقاف مشاريع التقشف!

وأضاف بوليسن، إن هناك أيضاً أحد الجوانب الأخرى التي يتم تجاهلها على نحو كبير في المناقشات بشأن اليونان والاتحاد الأوروبي؛ وهي حقيقة أن الاتحاد الأوروبي مستعبد للشركات أيضاً؛.حيث يتم الآن إجبار اليونان على قبول تدابير التقشف الوحشية لرد ديونه من المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي. فقد تم تقديم هذه الديون إلى اليونان بعد عام 2010م مع الإلزام الصارم بأن يتم استخدام هذه الديون حصرياً لدفع ديون اليونان للبنوك الخاصة الأوروبية؛ أي أنه عوض أن يتم استخدام الديون لإعادة تأهيل الاقتصاد اليوناني فقد تم تسديد مستحقات البنوك الأوروبية!

ماذا يعني ذلك؟ يعني ببساطة، أن رؤساء دول الاتحاد الأوروبي، من أمثال أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي السابق نيكولاس ساركوزي، قد رتبا لمنح الديون من المفوضية الأوروبية، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، ليس لإنقاذ اليونان، ولكن لإنقاذ البنوك الأوروبية الخاصة التي كانت تخاف من إعسار اليونان في سداد ديونها لها. أي في الأساس، قاموا بشراء ديون اليونان للتخفيف على دائني اليونان من القطاع الخاص، وبذلك تحمل الاتحاد الأوروبي المسؤولية عن تحصيل هذه الديون. هذا السيناريو واضح للغاية؛ ما يعني أن سياسات هذه الدول يتم توجيهها وتعبئتها من خلال الشركات الخاصة وأن القواعد الرسمية بشأن «الديمقراطية» وما إلى ذلك، لم يعد لها أي ملاءمة فعلية لإجراء أي تغيير بحسب الطريقة المتبعة حالياً، والتي يتم بها إدارة القوة والسلطة الحقيقية في العالم، إذ إنها تقع في يد شركات القطاع الخاص.

الوعي: باختصار، إن الرأسمالية تخضع الشعوب لمصالح الشركات الكبرى، فهي صاحبة السلطة الحقيقية، ولا صوت يعلو صوتها مهما بلغت أعداد المصوتين في صناديق الاقتراع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *