دور المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية في نشر النسوية وثقافة الشذوذ
2024/05/20م
المقالات
1,021 زيارة
أيمن صلاح – الأرض المباركة فلسطين
ترجع الانطلاقة الأولى لظهور المنظمات الدولية إلى فكرة المؤتمرات الدولية التي استخدمتها الدول الكبرى كوسيلة للاستعمار، والمنظمات الدولية ليست سوى امتداد لهذه المؤتمرات بعد إعطائها عنصر الدوام وتحصُّلها على الإرادة الذاتية والمستقلة عن الدول.
وأول استخدام لمصطلح المنظمات الدولية كان في معاهدة فرساي 1919م، والتي تضمنت أول مرة هذا المصطلح للتعبير عن هيئة تنسيق ما بين الحكومات. ثم استخدم مصطلح المنظمات الدولية في ميثاق عصبة الأمم ودستور منظمة العدل الدولية وتضمنه النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولي. ثم ورثت الأمم المتحدة مصطلح المنظمات الدولية على اعتبار أن الأمم المتحدة نفسها هي أعلى منظمة دولية وجدت بعد الحرب العالمية الثانية. وكذلك وجدت منظمات دولية كثيرة بعضها حكومية وبعضها غير حكومية، وكذلك وجدت منظمات دولية غير حكومية ومنظمات محلية غير حكومية. وحيث إن للأمم المتحدة أهدافًا متعلقة بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية (يراجع مقال «الأمم المتحدة تدعو إلى دين عالمي جديد» في العدد الخاص 438-439-440، السنة 37، رجب وشعبان ورمضان 1444هـ) فقد أنشأت عددًا كبيرًا من الوكالات المتخصصة لتحقيق هذه الأهداف وتؤدي وظائف مختلفة نيابة عن الأمم المتحدة.
تعريف بالمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية
ويمكن إعطاء وصف مختصر لأهم أنواع هذه المنظمات كما يلي:
المنظمات الدولية الحكومية: هي التي يكون أعضاؤها من الدول التي تعترف بها الأمم المتحدة فقط. والأمم المتحدة نفسها هي منظمة دولية حكومية، ويتبع للأمم المتحدة عدد كبير من المنظمات الدولية الحكومية المتخصصة والمنظمات الدولية غير الحكومية.
وكالات الأمم المتحدة المتخصصة: هي منظمات تعمل مع الأمم المتحدة ومع بعضها البعض من خلال آلية التنسيق التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة على المستوى الحكومي الدولي، ومن خلال مجلس الرؤساء التنفيذيين للتنسيق على مستوى الأمانات المشتركة. ومن أمثلتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وصندوق النقد الدولي ومنظمة الصحة العالمية وغيرها.
المنظمات الدولية غير الحكومية: يكون أعضاؤها هيئات غير حكومية مثل منظمات المجتمع المدني المحلية (النقابات والجمعيات الخيرية) والأفراد والجماعات. فأعضاؤها ليسوا دولًا ذات سيادة، ويتم إنشاؤها بغرض الاهتمام بالمصالح الخاصة. وقد تحصل بعض المنظمات على الصفة الاستشارية لدى المنظمات الحكومية كمنظمة العفو الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وأطباء بلا حدود والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر وغيرها.
المنظمات غير الحكومية أو منظمات المجتمع المدني (NGOs): وهي المنظمات التطوعية غير الحكومية وغير الربحية التي تعمل في جانب من المصالح العامة بشكل مستقل عن الحكومات، وقد تتعاون أو تتلقى مساعدات وتمويلات من الحكومات؛ ولكنها تتأسس وتنشط دون رقابة من الحكومات الوطنية. ويمكن للمنظمات غير الحكومية أن يكون تدخلها على المستوى الدولي، رغم أن العلاقات القانونية الدولية تتم في العادة بين الحكومات الممثلة للدول، ويمكن أن يكون لمنظمات المجتمع المدني فروع في عدة دول.
وترتبط المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني بشبكة علاقات تجعلها كلها محكومة بأهداف الأمم المتحدة وتنفذ مخططاتها. وقد أصبحت هذه المنظمات تشكل أحد أهم وسائل العمل الدولي وآلية من آليات التنظيم والتعاون الدولي الحديث في شتى مجالات الحياة الدولية والحياة الاجتماعية. ولتوضيح ارتباط منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية ببعضها وتطبيقها لبرامج واحدة نأخذ مثالًا لذلك من إحدى المنظمات التي تعنى بقضايا المرأة والنسوية والجندر، وهو «الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة» (International Planned Parenthood Federation)، فهذه منظمة دولية غير حكومية، أعضاؤها منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا المرأة الموجودة في 142 دولة، وهي موجودة في معظم الدول العربية كإحدى منظمات المجتمع المدني (NGOs) وتتخذ أسماء متشابهة مثل جمعية تنظيم الأسرة أو جمعية تنظيم وحماية الأسرة، ولها فروع في معظم المدن، وجميع فروعها تلتزم برؤية وأهداف «الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة» التي هي جزء من رؤى الأمم المتحدة وأهدافها. وتنسق الفروع المختلفة مع بعضها وتنسق مع الفروع المختلفة في الأقطار الأخرى، وتقوم بنشاطات للترويج للنسوية ومفاهيم الجندر والنوع الاجتماعي، وتمويل نشاطاتها من وكالات الأمم المتحدة، وأحيانًا من بعض الوكالات التابعة للدول الاستعمارية الكبرى الأخرى مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).
دور الأمم المتحدة في نشر النسوية وثقافة الشذوذ
هناك عدد كبير من الأجهزة والهيئات التابعة للأمم المتحدة معنية بالمرأة وتساهم في نشر النسوية وثقافة الشذوذ وتشارك في الإعداد والتجهيز للمؤتمرات والاتفاقيات الدولية في هذا المجال، وأهم هذه الهيئات: لجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة، وصندوق الأمم المتحدة للسكان، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمعهد الدولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة، وجامعة الأمم المتحدة، ومعهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية، واللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «منظمة اليونسكو».
وقد حرصت منظمة الأمم المتحدة على إدراج مصطلح الجندر ضمن مواثيقها وقرارات الجمعية العامة التابعة لها، وكان ذلك عن طريق عقد المؤتمرات العالمية للنظر في الاستراتيجيات الممكن تطبيقها لفرض هذا المصطلح وما يحمله من معانٍ على جميع الدول المشاركة. كما أنَّ لهيئة الأمم المتحدة برنامجًا مضبوطًا للسهر على تطبيق ما تخرج به هذه المؤتمرات من تقارير؛ بحيث تعقد كلَّ سنة مع الأطراف الحكومية والمنظمات غير الحكومية مؤتمرات، وتعقد جلسات للجمعية العامة للأمم المتحدة عقب كل مؤتمر دولي للنظر في مدى التزام الدول الأطراف بتطبيق وثيقة ذاك المؤتمر، وفي حالة عدم الالتزام تُسلَّط على تلك الدول منظمات المجتمع المدني للضغط على الدول لتنفيذ تلك القرارات، ثم يلوَّح للدول الرافضة أو المترددة بالعقوبات، وبالمقابل تمنح معونات أو قروضًا ونحو ذلك للدول الملتزمة.
وتستخدم الأممُ المتحدة والمنظماتُ التابعة ومنظماتُ المجتمع المدني المعنية بقضايا المرأة عدةَ مداخل لنشر الثقافة النسوية ومفاهيم الجندر والنوع الاجتماعي، وأهم هذه المداخل:
حقوق الإنسان والحريات الأساسية: يستخدم لإدخال مفاهيم المساواة الجندرية، ومحاربة قوامة الرجل، وحرية إقامة العلاقات كالزنا والشذوذ.
قضايا العنف ضد المرأة: ويستخدم هذا المدخل لتمرير مفاهيم ومصطلحات للتنفير من الزواج الشرعي والزواج المبكر، ولتمرير مصطلح الاغتصاب الزوجي والتحرُّش.
الصحة والوقاية من الأمراض وخاصة الإيدز لتمرير المساواة الجندرية ومفاهيم الصحة الجنسية والإنجابية وتطبيع الزنا والدعارة والشذوذ الجنسي داخل المجتمعات.
بالإضافة إلى المداخل الأخرى مثل الإسكان والتنمية الحضرية والتنمية المستدامة وحق المرأة في السكن اللائق والعمل الإنساني والإغاثي في الكوارث والحروب والنزاعات وحق المرأة في العمل.
وقد عقدت الأمم المتحدة العديد من المؤتمرات في قضايا المرأة للتأكيد على الأفكار النسوية والجندر، وأهم هذه المؤتمرات:
المؤتمر العالمي للسنة الدولية للمرأة في المكسيك عام 1975م: وهو أول مؤتمر للأمم المتحدة خاص بقضايا بالمرأة، وكان شعاره المساواة والتنمية والسلم، وحضرته 133 دولة. واعتمدت فيه أول خطة عالمية متعلقة بوضع المرأة على المستوى الحكومي وغير الحكومي في المجالات السياسية والاجتماعية. وقد جاء في تقرير هذا المؤتمر[1] دعوة إلى الأفكار النسوية والجندر، وبناء على توصيات هذا المؤتمر أُعلن عِقْدُ الأمم المتحدة للمرأة (1976- 1985)م بعد خمسة أشهر، وأَطلق المؤتمر حقبة جديدة من الجهود العالمية لتعزيز النهوض بالمرأة من خلال فتح حوار عالمي بشأن المساواة بين الجنسين. وتم تحديد ثلاثة أهداف فيما يتعلق بالمساواة والسلام والتنمية للعقد:
المساواة الكاملة بين الجنسين والقضاء على التمييز بين الجنسين.
إدماج المرأة ومشاركتها الكاملة في التنمية.
مساهمة متزايدة من جانب المرأة في تعزيز السلام العالمي.
وحثَّ المؤتمر الحكومات على صياغة استراتيجيات وأهداف وأولويات وطنية تنسجم مع مقررات المؤتمر. وقد أدى ذلك إلى إنشاء المعهد الدولي للبحث والتدريب من أجل النهوض بالمرأة وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة، تم دمجهما لاحقًا إلى جانب كيانين آخرين من كيانات الأمم المتحدة في عام 2010م، لتكوين هيئة الأمم المتحدة للمرأة.
مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة لإقرار اتفاقية سيداو عام 1979م: أقر المؤتمرون اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) سيئة الذكر. وهذه الاتفاقية مخالفة لأحكام الإسلام جملة وتفصيلًا، ومخالفة للفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها. وهي مطروحة كبديل للأحكام الشرعية التي تنظم علاقة الرجل بالمرأة وما ينتج عن هذه العلاقة من مشكلات، فهي أحكام كفر لأنها ليست من الإسلام ولا يجوز التحاكم لها. وقد صدرت عدة دراسات وفتاوى عن مخالفاتها لأحكام الشريعة.
المؤتمر العالمي لعِقْد الأمم المتحدة للمرأة في عام ١٩٨٠م في كوبنهاجن: وهو المؤتمر الثاني الخاص بالمرأة؛ وعقد لاستعراض وتقويم التقدم المحرز في تنفيذ توصيات المؤتمر العالمي الأول للسنة الدولية للمرأة الذي عقد عام ١٩٧٥م في المكسيك، ولتعديل البرامج المتعلقة بالنصف الثاني من العقد الأممي للمرأة. ودعا الى اتخاذ تدابير وطنية أقوى لضمان ملكية المرأة وسيطرتها على الممتلكات، وكذلك تحسينات في حماية حقوق المرأة في المساواة في الميراث وحضانة الأطفال والجنسية.
المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عِقْد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة والتنمية والسلم في عام ١٩٨٥م: عقد في نيروبي، وهو المؤتمر الثالث الخاص بالمرأة والذي عرف باسم: استراتيجيات نيروبي المرتقبة للنهوض بالمرأة، وذلك من عام ١٩٨٦م حتى عام ٢٠٠٠م. وأكد على مقررات مؤتمري المكسيك وكوبنهاغن، وناقش المؤتمرون الحاجة إلى اتخاذ تدابير ملموسة للتغلب على العقبات التي تعترض سبيل إنجاز المقررات أثناء الفترة (١٩٨٦-٢٠٠٠)م.
المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بكين في عام ١٩٩٥م: وقد دعت الأمم المتحدة فيه إلى مضاعفة الجهود والإجراءات الرامية إلى تحقيق أهداف استراتيجيات نيروبي للنهوض بالمرأة بنهاية القرن العشرين. وتميَّز هذا المؤتمر بصراحة وبوضوح الدعوة إلى العديد من الأمور المخالفة للشريعة الإسلامية والمخالفة للفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها. مثل: الدعوة إلى الحرية والمساواة – بمفهومهما المخالف للإسلام والقضاء التام على أي فوارق بين الرجل والمرأة، دون النظر فيما قررته الشرائع السماوية، واقتضته الفطرة، وحتَّمته طبيعة المرأة وتكوينها. وكذلك الدعوة إلى فتح باب العلاقات الجنسية المحرَّمة شرعًا؛ والسماح بحرية الجنس، والتنفير من الزواج المبكر، والعمل على نشر وسائل منع الحمل، والحد من خصوبة الرجال، وتحديد النسل، والسماح بالإجهاض الآمن، والتركيز على التعليم المختلط بين الجنسين وتطويره، وكذلك التركيز على تقديم الثقافة الجنسية للجنسين بسن مبكرة، وتسخير الإعلام لتحقيق هذه الأهداف. وكان في هذا المؤتمر إعلان للإباحية، وسلب لولاية الآباء على الأبناء، وقوامة الرجال على النساء.
مؤتمر الأمم المتحدة للمرأة عام ٢٠٠٠م – المساواة والتنمية والسلام في القرن الحادي والعشرين في نيويورك: وقد وردت فيه جميع أفكار اتفاقية سيداو والأفكار الواردة في المؤتمرات السابقة، وأوجدوا مسمًى جديدًا للداعرات وهو: (عاملات الجنس)، وتشجيع المرأة على رفض الأعمال المنزلية بحجة أنها أعمال ليست ذات أجر، وطالبوا الحكومات بإنشاء محاكم أسرية من أجل محاكمة الزوج بتهمة اغتصاب زوجته، ودعا الدول إلى مراجعة ونقض القوانين التي تعتبر الشذوذ الجنسي جريمة. وطالب بإلغاء التحفظات التي أبدتها بعض الدول (الإسلامية) على وثيقة مؤتمر بكين ١٩٩٥م.
وأعقبت مؤتمرات الأمم المتحدة الرئيسية الأربعة المعنية بالمرأة سلسلة من الاستعراضات كل خمس سنوات، حيث عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة جلسات في (2005، 2010، 2015، 2020)م خصصت لمناقشة مدى تنفيذ مقررات هذه المؤتمرات ووضع المبادرات والإجراءات لضمان تنفيذ التزامات الدول في تلك المؤتمرات.
وبالإضافة إلى هذه المؤتمرات الخاصة بالمرأة فقد حرصت الأمم المتحدة على مناقشة القضايا والأفكار النسوية ومفهوم الجندر والنوع الاجتماعي في معظم المؤتمرات الخاصة بالقضايا الأخرى، وخاصة المؤتمرات الخاصة بالسكان والبيئة والتنمية، وأدرجت ما أمكن من التوصيات النسوية في مقررات هذه المؤتمرات، ومن هذه المؤتمرات:
المؤتمر العالمي الأول للسكان في رومانيا عام ١٩٧٤م: وقد اعتمدت في هذا المؤتمر خطة عمل عالمية، جاء فيها الدعوة إلى تحسين دور المرأة ودمجها الكامل في المجتمع، والدعوة إلى إعطاء المرأة حقوقها المساوية لحقوق الرجل في جميع مجالات الحياة، والدعوة إلى تحديد النسل، وتخفيض المرأة لمستوى خصوبتها.
المؤتمر الدولي المعني بالسكان في المكسيك عام ١٩٨٤م: وقد جاء في هذا المؤتمر دعوات لأهم الأفكار النسوية والشذوذ، وهي المساواة التامة بين المرأة بالرجل، والدعوة إلى رفع سن الزواج، وتشجيع التأخر في الإنجاب، وإشراك الأب في الأعباء المنزلية، وإشراك المرأة في المسؤولية على الأسرة، والإقرار بأشكال مختلفة ومتعددة للأسرة، والدعوة إلى التثقيف الجنسي للمراهقين والمراهقات، والإقرار بالعلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة مع تقديم الدعم المالي وتوفير السكن المناسب لهم.
مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل في نيويورك عام١٩٩٠م: ناقش اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٨٩م وأكد على لزوم تطبيقها. ومن ذلك: حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين، والدعوة إلى سلب ولاية الآباء على الأبناء؛ والدعوة إلى توفير الثقافة الجندرية وثقافة الشذوذ للمراهقين من خلال توفير التدريب والتعليم على ما يسمى الصحة الإنجابية والصحة التناسلية.
المؤتمر العالمي للبيئة والتنمية في ريودي جانيرو (البرازيل) عام ١٩٩٢م: ورغم أنه أصلًا متعلق بالبيئة والمناخ والتنمية المستدامة؛ إلا أنه خصص جزءًا كبيرًا لمناقشة حقوق النساء وأهمية تطبيق مفاهيم النوع الاجتماعي وتحسين مركز النساء الاجتماعي والاقتصادي في تحقيق التنمية، ودعا إلى إنشاء مرافق صحية وقائية وعلاجية للرعاية الصحية التناسلية تكون مأمونة وفعالة، ودعا إلى تحديد النسل، ودعا إلى وضع استراتيجيات للقضاء على العقبات الدستورية والقانونية والإدارية والثقافية والسلوكية والاجتماعية والاقتصادية التي تحول دون مساواة المرأة بالرجل. وبعد هذا المؤتمر أصبحت هذه القضايا النسوية وأجندات الجندر والنوع الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من مفاهيم التنمية المستدامة، وأصبحت تحتل جزءًا من نشاط أي مؤتمر دولي أو إقليمي في مجال البيئة والتنمية المستدامة مثل مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة في جوهانسبرغ 2002م، ومؤتمر الأمم المتحدة للتغيُّر المناخي 2022م في شرم الشيخ وغيرها.
المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في فيينا عام ١٩٩٣م: وقد حثَّ هذا المؤتمر على تمتُّع المرأة تمتعًا كاملًا وعلى قدم المساواة بجميع حقوق الإنسان السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الحقوق بالمفهوم الغربي لهذه الحقوق، وأن يكون هذا الأمر أولوية من أولويات الحكومات. وكذلك أكد على قضايا تخص المرأة مثل قضية المساواة التامة مع الرجل، وأهمية إدماج المرأة في عملية التنمية بوصفها فاعلة ومستفيدة من هذه العملية. وكذلك حثَّ هذا المؤتمر على استئصال جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الخفية منها والعلنية على السواء، وطالب هذا المؤتمر بالتصديق العالمي من قبل جميع الدول على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بحلول عام ٢٠٠٠م.
المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة عام ١٩٩٤م: وقد نوقشت في هذا المؤتمر قضايا شبيهة تمامًا بالقضايا التي سبق ذكرها في المؤتمر الرابع للمرأة ببكين، وأدرجت فكرة الجندر كجزء من متطلبات التنمية.
مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية في كوبنهاجن عام١٩٩٥م: وتم فيه الإقرار بأشكال الأسرة المختلفة، والدعوة إلى المساواة بين المرأة والرجل، ومن ذلك إسقاط قوامة الرجل على المرأة داخل الأسرة، ودعوة الرجل لتحمل الأعباء المنزلية، ودعوة المرأة للخروج للمساهمة في سوق العمل.
مؤتمر الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل الثاني) في تركيا عام ١٩٩٦م: ودعا إلى كفالة مشاركة النساء مشاركة تامة وعلى قدم المساواة مع الرجال في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والالتزام بهدف المساواة بين الجنسين في تنمية المستوطنات البشرية، والالتزام بإدماج الاعتبارات المتعلقة بنوع الجنس (الجندر) في التشريعات والبرامج والمشاريع المتصلة بالمستوطنات البشرية، وأكد على الاعتراف بالأشكال المختلفة للأسرة.
وبعد كل من المؤتمرات التي عقدتها الأمم المتحدة يأتي عادة دور وكالات الأمم المتحدة ودور المنظمات غير الحكومية لمتابعة تطبيق توصيات تلك المؤتمرات من خلال عقد المؤتمرات الإقليمية. فقد نظمت المنظمات الإقليمية عددًا من المؤتمرات الإقليمية، نذكر أهم المؤتمرات الإقليمية التي عقدت في الدول العربية:
مؤتمر المرأة الخليجية والألفية الثالثة في البحرين في 2000م، تحت شعار (الفرص والمعوقات والأدوار المطلوبة) الذي نظمته جمعية فتاة البحرين، وشارك فيه عدد من الشخصيات النسائية والرجالية من كل دول الخليج.
المؤتمر النسائي الأفريقي السادس في ١٩٩٩م في أديس أبابا، نظمه المركز الأفريقي التابع للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية.
مؤتمر «المرأة في مفهوم وقضايا أمن الانسان: المنظور العربي والدولي» في أبو ظبي 2008م، والذي عقد بتنظيم من منظمة المرأة العربية، وحضره ممثلون من معظم الدول العربية.
مؤتمر «المرأة والأمن والسلام: قياس التقدم المحرز ومعالجة الفجوات» 2019م في عمان، وعقدته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) بالشراكة مع جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والمعهد العربي للمرأة في الجامعة اللبنانية الأميركية. وشارك في هذا المؤتمر العديد من صانعي القرار وكبار المسؤولين المعنيين بقضايا المرأة في دول المنطقة، بالإضافة إلى عدد من منظمات المجتمع المدني.
المؤتمر الأول لقمة المرأة العربية في نوفمبر 2000م في القاهرة.
مؤتمر المرأة الثاني للمسؤولية المجتمعية لعام 2017م الذي نظمه مركز المرأة للمسؤولية المجتمعية التابع للشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية.
المؤتمر الدولي السادس للنساء الأفريقيات في الإعلام في 2022م في فاس / المغرب.
مؤتمر المرأة والمسؤولية المجتمعية السابع بالدول العربية لعام 2023م: وكذلك أطلقت في المؤتمر فعاليات «ملتقى النساء العربيات المهنيات في مجال المسؤولية المجتمعية لعام 2023م» بمشاركة عربية ونسائية واسعة ومتعددة.
دور المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في نشر النسوية وثقافة الشذوذ
لقد نجحت منظمة اليونسكو (وهي منظمة دولية حكومية) في إدخال مفاهيم الجندر والنوع الاجتماعي في مناهج التعليم في معظم الأقطار. ونجحت الأمم المتحدة في إلزام معظم الدول على التوقيع على اتفاقية سيداو. وتعمل منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا المرأة والطفل بنشر ثقافة النسوية والجندر والنوع الاجتماعي والشذوذ من خلال دورين متكاملين؛ الأول متعلق بالجماهير والثاني متعلق بالحكومات.
أما دورها في الجماهير فتقوم بمتابعة تدريس مفاهيم الجندر في المدارس بحسب المفاهيم التي تتبناها الأمم المتحدة من خلال توزيع نشرات على طلاب وطالبات المدارس تشرح مفاهيم الجندر الموجودة في المناهج، وتنفِّر من الزواج ومسؤولياته وخاصة الزواج المبكر، وتقوم بتوزيع وسائل منع الحمل والواقيات الذكرية وتعرض تقديم خدمة الإجهاض للمحتاجات لها. وتقوم بعقد لقاءات إرشادية في المدارس في هذه المواضيع. وتقوم بعقد دورات تدريبية للمرشدين التربويين بالإضافة لعيِّنات مختارة من المعلمين الذين يمكن أن يتقبَّلوا هذه المفاهيم أو ممكن أن تؤثر فيهم، وتُعِدُ لهم منشورات إرشادية لتدربهم على كيفية إيصال مفاهيم الجندر إلى الطلاب بشكل مؤثر. وتقوم منظمات المجتمع المدني المعنية بقضايا المرأة والطفل بعقد الندوات وورشات العمل للفئات المختلفة في المجتمع. وأكثر المجتمعات استهدافًا هي المجتمعات الفقيرة، وأكثر الفئات التي تستهدف هي النساء، وتطرح عليهم الثقافة النسوية كأنها جزء طبيعي في حياتهم اليومية أو فكر عالمي يجب أن يلحقوا به وجزء من حقوق الإنسان، ويمارسون التضليل والخداع بإيهام المسلمات بأن النساء في الغرب تقدمن وأنهن سعداء بسبب هذه الأفكار والسلوك التحريري، رغم أن الحقيقة أنهن يبكين دمًا بسببه. ويمارسون الإرهاب الفكري على المسلمات العفيفات لإجبارهن على القبول بالفكر والسلوك الغربي التحرري.
وتقوم هذه المنظمات بجمع الفتيان والفتيات في نشاطات تهدف إلى إزالة الحواجز بين الرجال والنساء وضرب مفاهيم الحياء وجعل اختلاط الرجال بالنساء أمرًا عاديًا من خلال القيام بتدريبات تستدعي تشارك الذكور والإناث لتأجيج النظرة الذكورية والأنثوية، وأحيانًا يتم تسويغ هذا الاختلاط بالمشاركة في الأعمال التطوُّعية مثل مشاركة الناس في قطف الزيتون وتنظيف بعض الأماكن العامة. وتستغل حالة الفقر لاستمالة الناس عن طريق تقديم بعض المحفِّزات المادية لضمان استمرار التعاون من الفئات المستهدفة.
وكما ذكرنا سابقًا، تحاول الأمم المتحدة استغلال المداخل المختلفة لنشر الثقافة النسوية والجندرية، ومن هذه المداخل أن تسخر بعض منظمات المجتمع المدني الإغاثية وبعض المنظمات الدولية لتقوم بهذه النشاطات المشبوهة، فمثلًا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا، وهي منظمة دولية إغاثية تابعة للأمم المتحدة، وعملها الأصلي أن تقدم المعونات الإنسانية للاجئين؛ ولكنها تستغل حاجة الناس لترويج الثقافة الجندرية، ففي شهر 9أيلول/سبتمبر 2023م قامت بنشر ما يسمى مدونة قواعد السلوك في 69 صفحة، وعملت على توزيعها بين العاملين فيها، جاء فيها الدعوة لمخالفات عميقة للأخلاق والقيم الإسلامية؛ حيث جاءت الدعوة صريحة لاحترام وتقبُّل الشـذوذ وحق الشُّواذ في الوجود استنادًا إلى آراء وأنظمة وقواعد الأمم المتحدة كمرجعية، ورفض أي مرجعية أخرى في ضرب واضح ورفض للأحكام الشرعية الإسلامية، وقد جاء في مدونة السلوك التي نشرتها الأونروا النص التالي: «تنظر الأونروا إلى المساواة بين الجنسين وفقًا لآراء الأمم المتحدة، ونتيجة لذلك تتصف المساواة بين الجنسين بشمول الزملاء والمستفيدين من المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وأحرار الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين وأفراد الفئات الجنسانية الأخرى (LGBT)، وفي حال تعارض ذلك مع الأعراف الثقافية المحلية يجب أن تسترشد سلوكياتنا معايير السلوك للخدمة المدنية الدولية وغيرها من الأنظمة والقواعد التابعة للأمم المتحدة».
وأما دور منظمات المجتمع المدني القوي في التأثير على الحكومات فقد بيَّنه تقرير المؤتمر الرابع للمرأة (بكين 1995م)؛ حيث نصَّ بيان المؤتمر على ما يلي: «وكانت القوة المتنامية لقطاع المنظمات غير الحكومية لا سيما منظمات المرأة والجماعات المنادية بالمساواة بين الجنسين واحدة من القوى الدافعة للتغيير، فقد لعبت المنظمات غير الحكومية دورًا بالغ الأهمية في مجال الدعوة لتنفيذ التشريعات أو إنشاء الآليات التي تكفل تقدم المرأة، وأصبحت هذه المنظمات أيضًا جهات حافزة لاتباع نهج جديد للتنمية… وقد تسنى للمرأة من خلال المنظمات غير الحكومية تقديم مساهمات مهمة وممارسة تأثير قوي في المحافل الأهلية والوطنية والإقليمية والعالمية وفي المناقشات الدولية»[2].
وكذلك لخص الأمين للأمم المتحدة الدورَ الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني في تقريره المقدم لاجتماع لجنة وضع المرأة 2016م، وجاء فيه: «سيصبح التعاون القوي مع منظمات المجتمع المدني ولا سيما الجماعات المدافعة عن المرأة وحقوق الإنسان شرطًا لا غنى عنه لتنفيذ خطة عام 2030م بطريقة تراعي المنظور الجنساني (gender perspective). بالنظر إلى الدور الذي تؤديه هذه المنظمات في الترويج للإصلاح والتأثير في السياسات العامة والمشاركة في الرصد وإعمال المحاسبة»[3].
وترسم الوكالات التابعة للأمم المتحدة طريقة عمل منظمات المجتمع المدني وعناصرها ليكونوا أذرعًا قوية لها في بلدان العالم. وتقوم هذه الوكالات بتدريب كوادر منظمات المجتمع المدني الوطنية والإقليمية لتشكيل شبكات ضغط من عناصرها وبالتنسيق بين المنظمات الأخرى ذات العلاقة لتكون أكثر قوة وتأثيرًا وقدرة على الضغط على الحكومات، وتدربهم على تحريك الجماهير والتأثير في الرأي العام، وتزودهم بالدعم اللازم المادي والإعلامي. ويمكن تلخيص طريقتهم بالعمل في الخطوات الآتية:
ممارسة الضغوط على الحكومات لتنضم أو تصدق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بقضايا المرأة، وعندما يريدون تمرير قانون معين مثل قانون حماية الأسرة، أو قانون رفع سن الزواج، أو العنف الأسري، أو إعطاء حقوق للشواذ وغيرها. فإذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم تبدأ بشن حملات إعلامية لإيجاد رأي عام وحشد الجماهير لتأييد تلك القوانين لتظهر كأنها مطالب شعبية.
في حال لم تتعاون الحكومات، تقوم منظمات المجتمع المدني النسوية بجمع المعلومات عن عدم تطبيق الحكومات للمعاهدات والاتفاقيات، وتحاول أن تقدم الأدلة على ذلك وتعرض حالات من الواقع – سواء حالات حقيقية أم بصورة مبالغة – وبالتالي تحرج الحكومات أمام وكالات الأمم المتحدة لتجبرها على الامتثال والتطبيق الكامل للاتفاقيات.
تجعل عناصر المجتمع المدني النسوية سيوفًا مسلطة على الحكومات، ويفتح لها المجال للمشاركة كمراقبين في جلسات متابعة تطبيق المعاهدات مع الحكومات. وهذا يعطيهم مزيدًا من القوة ويحيطهم علمًا بتقارير الحكومات، ليقوموا بعد ذلك بالبحث عن مواطن الضعف في تقارير الحكومة وتجهيز المعلومات التي لم ترد في تقارير الحكومة وإمداد الأمم المتحدة بها.
تقوم عناصر المجتمع المدني النسوية بدور الوسيط بين الأفراد ولجان الأمم المتحدة المختلفة، وتشجع الأفراد على تقديم الشكاوى ضد حكوماتهم في حال عدم تطبيقها الاتفاقيات الدولية، فمثلًا تشجع المرأة على تقديم شكوى بأنها أخذت نصف ميراث أخيها، أو أن زوجها منعها من العمل وغير ذلك من الأمور التي تخالف الشريعة الإسلامية ولكنها توافق اتفاقية سيداو التي أقرتها الحكومة. وتستخدم هذه الشكاوى للضغط على الحكومات لتطبيق الاتفاقية.
وحتى لو لم تصدق حكومة ما على اتفاقية معينة فقد ابتكرت الأمم المتحدة آلية تسمى «الإجراءات الخاصة» التي تتيح لها التدخل في البلاد التي لم تصدق حكوماتهم على الاتفاقية، وتمكنها من القيام بزيارات خاصة لرفع التقارير عن الواقع، وتقوم عناصر المجتمع المدني بالتنسيق لها قبل الزيارة والعمل معها ميدانيًا. فتجعل عناصر المجتمع المدني جواسيس لصالح الأمم المتحدة على أوطانهم وحكوماتهم.
موقف الإسلام من هذه المنظمات
إن الوعي بأهداف المنظمات التي تدعو إلى النسوية والجندرية، ومعرفة كيفية قيامها بالإفساد، ومن يقف وراءها يبين كيف تكون مواجهتها. فيجب كشف سوءاتها وعوارها للجمهور، وبيان دعواتها ونشاطاتها وجهة مخالفتها لأحكام الشريعة، ويجب فضح ارتباطها بالمنظمات الدولية الأجنبية، وتنفيذهم لأجنداتها وتلقيهم الدعم المادي مقابل قيامهم بدعواتها الباطلة، ونعيقهم بدعوات الأمم المتحدة الضالة. ويجب تحفيز العلماء والقضاة والدعاة للمشاركة في هذه المواجهة لأنهم جزء من محاربة أفكار الكفر والضلال، ويجب تحميلهم المسؤولية في منع تنفيذ برامج المنظمات النسوية وبث الوعي العام ضد الثقافة النسوية حتى يتحقق فيهم قول الله تعالى: ]إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ
أَمۡوَٰلَهُمۡ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحۡشَرُونَ ٣٦[.
وفي الختام، لابد من أن نبيِّن أن منظمات المجتمع المدني بشكل عام تقوم أصلًا بنشاطات في ظاهرها خدماتي، والمنظمات النسوية منها تستغل بعض الأعمال الخدماتية لتمرير الأجندات النسوية التي تحارب الإسلام؛ ولكن الأعمال الخدماتية في الإسلام يجب أن تقوم بها الدولة؛ لأن الخدمات العامة هي جزء من رعاية الشؤون الواجبة على الدولة، ولا يجوز أن تتولى هذه الخدمات بشكل دائم إلا الدولة، أما أن تتولى جهات أخرى غير الدولة هذه الخدمات فهو مزاحمة للدولة في عملها ولا يجوز، فكيف لو كانت الجهات التي تتولى عمل هذه الخدمات مرتبطة بأجندات خارجية؟! وفوق ذلك فإن قيام منظمات المجتمع المدني بنشاطاتها بالتنسيق مع منظمات خارجية وحكومات لدول أخرى يعني تدخلهم في العلاقات الدولية مع أن العلاقات الدولية يجب أن تحصر في الدولة، وكذلك فإن تقديم هذه الخدمات بالاعتماد على الدعم الخارجي ينتقص من سيادة الدولة ويجعلها عرضة للابتزاز؛ ولذلك تكون وسيلة للحرام فلا تجوز شرعًا؛ ولذلك يمنع في الدولة الإسلامية وجود ما يسمَّى منظمات المجتمع المدني عمومًا حتى لو كانت محلية ولا ارتباط لها بالخارج.
[1] مقررات هذا المؤتمر منشورة على موقع الأمم المتحدة على النت (https://www.un.org/ar/conferences/women/mexico-city1975).
[2] تقرير المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة – بيجين 4-15 أيلول / سبتمبر 1995. البند 26 ص 16.
[3]تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى لجنة وضع المرأة الدورة الستون (14-24 آذار / مارس 2016) وهو بعنوان تمكين المرأة وصلته بالتنمية المستدامة. البند 39 ص 20.