العدد 450-451-452 -

السنة الثامنة والثلاثون، رجب – شعبان – رمضان 1445هـ الموافق شباط – آذار – نيسان 2024م

بين يدي العدد: (وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ )

 

تمر على الأمة الإسلامية اليوم فترة صعبة من مخاض عسير… وإننا لنرى أنه في كل سنة تقريبًا من هذه السنوات الأخيرة يمر في العالم حدث أو أكثر من الأحداث الثقيلة التي يريد الغرب بها أن يوهن المسلمين؛ ولكن الله العليم الخبير اللطيف يجعل فيها قوة للمسلمين، وإيقاظًا لهم، وستكون إن شاء الله سبحانه وتعالى حسرة على الكافرين…

وإننا في هذه السنة كنا أمام حدثين استراتيجيين يمكن اعتبارهما أنهما يندرجان في الصراع الدولي، خطط لهما الغرب، وأراد أن يعزز بهما باطله ويطفئ نور الحق، وهذا الحدثان يعطيان أشارة واضحة إلى أن الغرب ينحر بهما نفسه ويقبر حضارته، وهو يظن أنه يثبت بها نفسه ويحقق انتصارًا، وهما:

1- دعوته الإبليسية إلى الانحلال الخلقي عن طريق الدعوة إلى الجندرة والمثلية والشذوذ والدعوة إلى حرية التحوُّل من ذكر إلى أنثى أو العكس، وهذه الدعوة المستهترة تهدف إلى القضاء على الأسرة بالدعوة إلى العلاقات الجنسية المحرمة وإزالة القوانين التي تجرم ذلك… وفي هذا سقوط حضاري لهم سيكون مدويًّا، خاصة وأن الشعوب الغربية ترفضه؛ ما يعني أنه سقوط من داخل الأسوار.

2- نصرته لكيان يهود على قتل المسلمين في غزة بشكل تنقلب فيه حتى على أعرافها ومفاهيمها الكاذبة من مثل دعوى حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الطفل… فتبرر لليهود قتل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، والقضاء على كل معالم الحياة في غزة بما يسمى دوليًّا بجريمة الإبادة البشرية. وكذلك فإن رفض الشعوب الغربية لهذا الإجرام اليهودي المدعوم من أنظمة حكم دولهم، وانتباههم إلى التضليل الإعلامي والأكاذيب التي تمارسها وسائل الإعلام الموجَّهة والمأجورة في بلادهم، جعل هذه الشعوب تفتح قلبها للإسلام وتزداد دخولًا فيه… وهذا أيضًا سقوط حضاري آخر للغرب من داخل الأسوار… ويضاف إلى ذلك أن الصراعات الدولية التي تخوضها أمريكا ضد روسيا والصين، كل ذلك يجعل العالم مسرح أحداث كبيرة، الغلبة فيها سيكون للأصلح مبدأً، وليس للفاسد الأقوى…

ونحن قد تناولنا في الأعداد السابقة من الوعي تلك الدعوة الإبليسية بما يناسبها من مقالات تكشف أبعاد هذه الحملة القبيحة المتهتكة، ومن وراءها… أما في هذا العدد الخاص، فإننا سنعرض فيه مختلف الموضوعات التي تتعلق بتداعيات عملية (طوفان الأقصى). فموضوعه لا يتقدم عليه موضوع، وهو متعلق بعملية التغيير التي ينتظرها المسلمون منذ مئة سنة إذا لم نقل أكثر، وبعملية التجديد التي بشر بها رسول الله بقوله إنه ستكون هناك خلافة راشدة على منهاج النبوة في آخر الزمان!. ولعل هذا أوانها.

وعليه، فإننا نذكر أن هذا العدد يصدر ونحن على بعد مئة وثلاث سنوات هجرية، ومئة عام من السنوات الميلادية، من سقوط الخلافة. والمسلمون يعتبرون أنفسهم اليوم أنهم على موعد ربانيٍّ مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو داود في «سننه» عن أبي هريرة: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة، من يجدِّد لها دينها». وعند البيهقي: «من يجدِّد لها أمر دينها». ولسائل أن يسأل: بما أن العبرة عند المسلمين هو التقويم الهجري. فكيف ذلك وقد زاد عن القرن، من غير أن يحدث ما ذكر في الحديث، بل قد نكون أمام متسع من الوقت أكثر حتى يحدث…

ورفعًا لمثل هذا الظن نقول إن الأمة قد وضعها الله على سكة التجديد، قبل هذا التاريخ، وهي تخوض اليوم غمراته… فمن منا لا يلمس ويرى ويسمع، والعدو قبل الصديق، أن الأمة تسعى لإقامة الخلافة، ألم يصرح بذلك حكاَّم الغرب من أمثال بوش الابن ووزير دفاعه رامسفيلد، ورئيس فرنسا السابق ساركوزي، ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير، ووزير داخلية بريطانيا كلارك، وبوتين رئيس روسيا، ووزير خارجيته لافروف… والقائمة طويلة أن هناك توجهًا جادًّا عند المسلمين للعمل لإقامة دولة الخلافة؛ ولعل ما صرح به توني بلير في 16/07/2005م كان مختصرًا مفيدًا في هذا المجال؛ إذ قال: «إنا نجابه حركة تسعى إلى إزالة دولة إسرائيل، وإلى إخراج الغرب من العالم الإسلامي، وإلى إقامة دولة إسلامية واحدة تُحكِّم الشريعة الإسلامية في العالم الإسلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسلامية». وكذلك ما صرح به بوش الابن في 06/10/2005م عندما صرح، بعدما أشار إلى وجود اسراتيجية لدى المسلمين تهدف إلى إنهاء النفوذ الأمريكي والغربي في الشرق الأوسط، قائلًا: «إنه عند سيطرتهم على دولة واحدة سيستقطب هذا جموع المسلمين؛ ما يمكنهم من الإطاحة بجميع الأنظمة في المنطقة، وإقامة إمبراطورية أصولية إسلامية من إسبانيا وحتى إندونيسيا» فهل مثل هكذا تصريحات من مثل هكذا رؤساء تأتي من فراغ؟! كلا؛ وهذا ما يفسر تلك الحملة المسعورة العالمية على الإسلام ومشروعه في إقامة دولة الخلافة التي ستزيل حضارتهم من الوجود بعون الله الواحد القهار…

 ثم ألم تقم الأمة في العقد الماضي بثورات لم يتعامل معها الغرب إلا على أنها محاولة هادفة إلى إقامة دولة الخلافة، التي كانوا يحذِّرون منها منذ سنوات قليلة على ما أوردنا من قبل، ولنا على ذلك أوضح مثالين يؤكدان أن هذه الثورات بنظر الغرب وأنظمة الحكم العربية المرتبطة به كانت تهدف إلى إقامة دولة الخلافة. المثال الأول هو ما صدر من لافروف وزير خارجية روسيا، مبررًا التدخل الروسي العسكري في سوريا قائلًا: «لولا التدخل العسكري الروسي كانت دمشق ستصبح عاصمة لـ «دولة الخلافة»». أما المقبور وليد المعلم وزير خارجية النظام السوري المجرم فقد صرح هو الآخر بقوله: «مَن يتربصون بسورية ويريدون إقامة دولة الخلافة الإسلامية لن يتوقفوا عند حدود سورية، وما نقوم به هو دفاع عن لبنان والأردن والعراق». وكلنا رأى كيف تعامل الغرب وعلى رأسه أمريكا مع حَراك الأمة بتوتر بالغ وإجرام ليس له حدود وبشكل يشي بأنهم كانوا يدركون الخطورة البالغة من ورا هذه الثورات…

 ثم نحن اليوم أمام حدث مفصلي جاء مع (طوفان الأقصى)، ونرى معه كيف هبَّت دول العالم الغربي كلها لمواجهته رابطين ذلك بالخوف الشديد من أن يعقبه التغيير الذي يتحسبون منه كل التحسُّب…

 هذه الأحداث المتتالية تنبئ بأن الأمة قد أخذت قرارها بالتغيير، وقد بدأت بالتحرك تجاهه بإصرار، وبأن وراءه قرار ماضٍ لا يعرف الغرب كيف يوقفه. والمبادرة هي بيد المسلمين، والغرب قد فعل كل ما يمكن أن يفعله لمنع ذلك: من حرب عسكرية أوغل فيها بالقتل والتهجير وتدمير البلاد إلى حدود غير مسبوقة… ومن حرب فكرية اعتمد فيها على الافتراء والتشويه والتضليل واتهام الإسلام بالإرهاب… ومن حرب قانونية يقضي بتجريم كل من يحمل الدعوة إلى إسلام الحكم بما أنزل الله وإقامة الخلافة وملاحقته وقتله أو سجنه… ومن حرب إعلامية تقلب فيها الحقائق، وتصور الحق باطلًا والباطل حقًّا…

من هنا نقول إن التغيير قد فتحت صفحته عند الأمة، وهو يحتاج إلى وقت ليتحقق على أرض الواقع، وإن هذا أوانه، ولا يجادل فيه إلا من أصيب بسمعه وبصره وعقله؛ لذلك فإن وقتنا الحالي هو زمن التغيير، على صعيد المسلمين وعلى صعيد دول العالم… ومن هنا جاء ربطنا للتغيير بأن سيسفر عن إقامة دولة إسلامية عالمية منافسة لغيرها على مركز الدولة الأولى في العالم هي دول الخلافة، وستأخذ وقتها حتى تصل إلى أن يكون غيرها هو من ينافسها على هذا المركز.

في هذا الإطار، جاءت مقالات الوعي في هذا العدد الخاص لتركز على حدث الطوفان، وتركز على التآمر النصراني اليهودي المستمر على المسلمين، ولتطمئن المسلمين أن الأمور بخواتيمها، وأن الخلافة ستكون إن شاء الله تعالى هي مسك الختام… وفي هذا الإطار جاءت مقالات الوعي في هذا العدد الخاص تحت (أبواب غير ثابتة) ومقسَّمة على المحاور التالية، وعلى الشكل التالي:

أبواب غير ثابتة:

 المحور الأول: جاء بعنوان: (ثورة الشام وطوفان الأقصى… هل بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في إقامة الخلافة على منهاج النبوة والقضاء على كيان يهود… تقترب) ومن ثم جاءت مقالاته لتصبَّ في هذا الإطار، فكانت كلمة العدد بعنوان: (القراءة الشرعية لعملية (طوفان الأقصى) لتتبعها مقالتان عن ثورة الشام المضيئة إحداهما بعنوان: (ثورة الشام وطوفان الأقصى: مفتاح باب التغيير الرباني، بإذن الله تعالى)، والثانية بعنوان: (ثورة الشام: يا أهل الثورة متى يكون اتخاذ القرار الحاسم؟!)… ثم لتتلوهما قصيدة تجمع ما بين الطوفان والثورة من خير كونهما في عقر دار الإسلام (الشام) وكون المسجد الأقصى الذي سيكون عنوان تحرير الأرض من رجس يهود والقضاء على كيانهم… ثم ليكون مسك ختام هذا المحور مقالة يتناول موضوعها أن (غياب الخلافةِ هو أصلُ كُلِّ بلاء).

المحور الثاني: جاء بعنوان: (حزب التحرير… طائفة الخير التي ما زالت على العهد) وصبَّت مقالاته في مجرى هذا العنوان، فخُصص له مقال يتحدث فيه عن أن حزب التحرير هو رائد الدعوة لإقامة الخلافة، وأن طريقته هي طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ذاتها… ومن ثم كانت سائر مقالات هذا المحور متعلقة بمتممات عمله من طلب النصرة وهما عبارة عن مقالتين إحداهما تبين أنه فرض شرعي. وفي الأخرى يعرض ما يتعلق بالنصرة من حقائق وشبهات وعقبات… ومن ثم يعرض مقالًا فيه دعوة للعلماء أن يقوموا بواجبهم تجاه هذا الفرض العظيم… ثم مقالة تتناول أن الخليفة هو ظل الله سبحانه وتعالى في الأرض، وتتناول وجوب عودة الخلافة، وأن الأرض المباركة ستكون مسرحها وعقر دارها. بإذن الله تعالى.

المحور الثالث: جاء بعنوان: (قضية فلسطين هي قضية قضايا المسلمين… ولا مساومة عليها) وتعرضت مقالاته لعملية التطبيع التي تدعو لها أمريكا ودول أوروبا، والجارية على قدم وساق وتتصدر بالاستجابة لها دول الخليج… ومقالة تتناول عملية دمج كيان يهود في المنطقة، وكشف أن هذه الدعوة هي أخطر من الدعوة إلى التطبيع… ثم هناك مقالة بعنوان (خرافة الحصانة والردع لكيان يهود، وحتمية زواله) يبين أن مشروع كيان يهود مشروع غربي استعماري فاشل، لم يثبت على أرض الواقع ولم تنفع معه تلك الهالة التي أحيط بها من أن جيشها لا يقهر، ولن يحميه من السقوط ذلك السياج من الحكام… ثم تتبعها مقالة لنفس الكاتب بعنوان: (الأرض المباركة بين ضياع الخلافة، ووجوب عودتها) وفيها المبشرات الشرعية والواقعية لعودة الأرض المباركة إلى أهلها من المسلمين…. ثم يختم المحور بمقالتين، إحداهما تتناول أن حل قضية فلسطين يرتبط بتحرك الجيوش، والأخرى تتناول أنه قد آن الأوان لجيوش الأمة أن تتحرك لنصرة ربها ودينها وأمتها.                                             

المحور الرابع: جاء بعنوان: (الحكام الطواغيت هم العدو الأول للأمة، والسياج الحامي لكيان يهود… ولا خلاص إلا بالتخلُّص منهم). هذا وقد تناولت مقالاته موقف إيران، وكان بعنوان: (خذلان غزة وحقيقة إيران: تمني الجاهل بنصرة فلسطين) وموقف أردوغان، وكان بعنوان: (زرع الطواغيت أخطر من صنعهم… أردوغان مثلًا) ومواقف النظام المصري، وكان بعنوان: (النظام المصري… ضامن أمن يهود ومُجوِّع غزة) وموقف حكام السعودية، وعلى رأسهم ابن سلمان، وكان بعنوان: (خيانة الحكام في السعودية للمسلمين في فلسطين ليس وليد اللحظة) وموقف حكام الإمارات، وعلى رأسهم ابن زايد، وكان بعنوان: (الإمارات وغزة… دعم ليهود ورغبة بتصفية المجاهدين).                                       

المحور الخامس: جاء بعنوان: (كيف تنهض هذه الأمة من جديد؟!) وتدور مقالاته حول محاربة الغرب لمشروع الخلافة. ففيه مقال بعنوان: (دراسات غربية مُلوثّة تطعن في فكرة الدولة الإسلامية)، ومقال يبين مدى الرعب الذي ملأ قلوب قادة الغرب من طوفان الأقصى، وآخر يبين أن موقف الشعوب الغربية يختلف عن مواقف قادتها، ومقال يعتبر عمدة في هذا المحور وهو بعنوان: (أفول حضارة الغرب… ذلك قولهم بأفواههم) يعرض فيه عددًا من مؤلفات علماء في الغرب يحكمون على حضارتهم بالفساد والانكفاء والسير نحو نهاياتها، واللافت أن بعضهم من يجعل الإسلام هو الوريث الحضاري العالمي. وقد رأت المجلة أن تعرض المقال مختصرًا في هذا العدد الخاص، وأن تقدمه كاملًا في كتيب كهدية لهذا العدد الخاص… ومن ثم يعرض مقالًا هو بنفس عنوان المحور ليكون خاتمة هذا العدد الخاص.

أبواب ثابتة:

كما هو معتاد في هذا القسم، فإننا نعرض مقالات تقع تحت أبواب ثابتة نتناولها في كل عدد، وهي التالية: أخبار العالم الإسلامي… ومن ثم عرضنا موضوعين جعلناهما من ضمن هذه الباقة وهما بعنوان: (رمضان شهر العناوين الكبرى والمفاهيم العظمى) و (قبس من الحياة العلمية والفكرية في ظل دولة الخلافة الإسلامية)… ومن ثم جاء في باب  (مع القرآن الكريم) موضوعًا بعنوان (منزلة الحكم بما أنزل الله من الدين… الحكم بما أنزل الله والتحاكم إليه عبادة)… وفي باب (رياض الجنة)، جاء موضوع بعنوان: (أيها العلماء: لا تكونوا دعاة على أبواب جهنم)… ومن ثم في باب (حدائق ذات بهجة) عرضنا مقالًا عن سيرة الخليفة الراشد الأول سيدنا أبي بكر الصِّدِّيق في الدعوة والدولة… وكانت الخاتمة بكلمة الوعي الثانية بعنوان: (ماذا فقدت الأمة بفقدان الخلافة؟!).

هذا ونسأل الله أن يفتح العقول والقلوب لهذا الجهد المتواضع، وعلى الله قصد السبيل. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أسرة الوعي

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *