قام حزب التحرير انطلاقًا من قوله تعالى(وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِِ…)، قام لكي يقيم الإسلام في حياة المسلمين بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة؛ وذلك كفرض لا يقام الإسلام إلا به. وهذا العمل فرض، ولا يقيمه إلا جماعة أو حزب، ولا يقيمه خلافةً راشدةً إلا بالسير على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقيام بنفس الأعمال التي قام بها صلى الله عليه وسلم بوصفها أحكامًا شرعية من شأنها أنها هي التي تقيم هذا الفرض، كإيجاد التكتل، والثقافة المركزة التي اتبعها في بناء من آمن معه من الصحابة، والثقافة الجماعية التي كان يغشى فيها مجالس الكفار ونواديهم من أجل تبليغ ما أنزل الله إليه والقيام بالصراع الفكري والكفاح السياسي في المجتمع الذي تنطلق فيه الدعوة…
وهذا الفرض اليوم، على كثرة الجماعات التي تدعي العمل للتغيير، لم يتجرأ أحد حتى الآن على تبنيه وإعلان أنه جماعة تريد إقامة هذا الفرض العظيم… والسبب واضح لا لبس به: هو شدة ملاحقة من يقوم بهذا الفرض العظيم من قبل دول الغرب الكافر التي تهيمن على بلاد المسلمين، مع أذنابهم من الحكام العملاء الذين لم يألوا جهدًا في محاربتهم، والتي كان عنوانها الأخير هو: «الحرب على الإرهاب»… وحده حزب التحرير هو من قام بهذا الفرض العظيم من أول يوم قام فيه؛ فكان بهذا مثال صدقه في الدعوة، وكان على صراط الله المستقيم في التأسي بعمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يطمع من الله أن يجعله طائفة الخير المنصورة والتي تأتي في آخر الزمان فيقيم الله بها الخلافة الراشدة الموعودة التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم أنها تكون بعد الحكم الجبري عندما قال: عن حذيفة بن اليمان: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ثُمَّ سَكَتَ».مسند أحمد… فمن هو حزب التحرير هذا الذي قام وحده في الأمة الإسلامية وعلى مدى سبعين عامًا في الدعوة لهذا الفرض العظيم؟
عندما يعرف حزب التحرير نفسه، يقول إنه: «حزب سياسي مبدؤه الإسلام. فالسياسة عمله، والإسلام مبدؤه، وهو يعمل بين الأمة ومعها لتتخذ الإسلام قضية لها، وليقودها لإعادة الخـلافة والحكم بما أنزل الله إلى الوجود.» فحـزب التحـرير هو تكتل سياسي، وليس تكتلًا روحيًا، ولا تكتلًا علميًا، ولا تعليميًا، ولا تكتلًا خيريًا، والفكرة الإسلامية هي الروح لجسمه، وهي نواته وسرّ حياته.والفكرة التي يقوم عليها حزب التحرير، وتتجسد في مجموعة أفراده، ويعمل لأن يصهر الأمة بها، ولأن تتخذها قضيتها… هي الفكرة الإسلامية، أي العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام، وما بني عليها من أفكار.وقد تبنى الحزب من هذه الفكرة القدر الذي يلزمه كحزب سياسي يعمل لإيجاد الإسلام في المجتمع، أي تجسيد الإسلام في الحكم والعلاقات وسائر شؤون الحياة، وقد وضّح الحزب كل ما تبناه بشكل تفصيلي في كتبه ونشراته التي أصدرها، مع بيان الأدلة التفصيلية لكل حكم، ولكل رأي، ولكل فكر، ولكل مفهوم.
-
أما عن طريقة السير التي سار عليها في حمل الدعوة فقد كانت أحكامًا شرعيةً، أخذها من طريقة سير الرسول صلى الله عليه وسلم في حمله الدعوة لأنها واجبة الاتباع، قال تعالى: (لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ لِّمَن كَانَ يَرۡجُواْ ٱللَّهَ وَٱلۡيَوۡمَ ٱلۡأٓخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا٢١) [الأحزاب: 21]، وقال تعالى: (قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ٣١) [آل عمران: 31]، وقال تعالى:(وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ) [الحشر: 7]. غيرها الكثير من الآيات الدالة على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والتأسي به والأخذ عنه. وبناء على ذلك حدّد الحزب طريقة سيره بثلاث مراحل: