العدد 443 -

السنة الثامنة و الثلاثون، ذو الحجة 1444هـ الموافق تموز 2023م

الأسرة المسلمة ومطرقة الساحرات

أحمد حاج محمد

ليست كل بلاد المسلمين مستهدفة بحروب عسكرية كفلسطين وسوريا والعراق واليمن وأفغانستان وغيرها؛ لكن هذا لا يعني أن بقية البلاد في مأمن من حروب من نوع آخر. وإذا ظننت أن الحرب بين الكفر والإسلام تأخذ شكلًا واحدًا أي بالسيف والبندقية، فاحذر! غالبًا قد وقعت ضحية معركة من نوع آخر. فعندما يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «جَاهِدُوا الْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ». أخرجه أبو داود من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فهذا يعني أن أشكال الحرب متنوعة، بل إن أخطرها الحرب الفكرية العقدية التي تجعل ضحاياها جنودًا بيد العدو وخدمًا مخلصين لمشروعه، فيرتاح حينها معسكر الجاهلية ويوكل المهمة للمنضبعين بفكره والمتداولين لمصطلحاته.

قال تعالى: (فَوَسۡوَسَ إِلَيۡهِ ٱلشَّيۡطَٰنُ قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكٖ لَّا يَبۡلَىٰ١٢٠)، وقال في آية أخرى: (فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ ٢٠وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ٢١)، فإبليس أعطى الاسم الحسن الجذاب المغري على تلك الشجرة، فسماها «شجرة الخلد»، وأن لهم إن أكلوا منها ملكًا لا يبلى، أي لا يزول ولا ينقطع، بل فوق ذلك يعترف بأن الله قد نهاهما عن الأكل من هذه الشجرة: (مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ)! ولكنه يضفي على هذا النهي عبارات خلابة ليستميل بها آدم وزوجه، ويبعث في النفس أماني فطر الإنسان على حبها والتعلق بها – وهي حب الملك وطلب الخلود – فخلع على المعصية هذه الخلعة، ونمقها بتلك النعوت المغرية، وزعم لهما أن عاقبة الأكل من الشجرة (إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ)، وأضاف إلى هذا التزيين والتزييف أن (وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ).

فهذه هي أول سبيل سلكها إبليس – وهو المتمرس في الإغواء المختص به – للإيقاع في المعاصي؛ حيث تقمَّص لأجلها ثوب الناصح الصادق المشفق، وارتدى ثوب مريد الخير الحريص على إيصاله لآدم أو إيصال آدم إليه، ونجح اللعين بقلب الأسماء وتغيير الصفات.

وها هو الغرب الكافر المستعمر اليوم يلبس ثوب النصح الشيطاني ويردد أتباعه من المنظمات والأنظمة والتربية والإعلام مصطلحات خطيرة تحت زعم الحريات ورفض كل أشكال التمييز، وتحت مجموعة من العبارات الرنانة التي إن سمعها المظلوم ظنّ أنها ستخلصه وإن سمعتها المرأة شعرت أنها قضيتها.

تحت تلك الحجج يرددون مصطلح «جندر»، فما معناه ومتى بدأت القصة؟!

في سنة 1949م، صدر كتاب «الجنس الآخر» للكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار، الكتاب الذي يُعدُّ الدستورَ المؤسِّسَ للحركة النسوية في العالم.

المهم، رأت سيمون في كتابها أن الأنثى تتحوّل إلى امرأة ضمن واقع ذكوري وقالت: «إن الشخص لا يولد امرأة، بل يصبح امرأة». يعني بعد أن تكبر المرأة، مجتمعها الذي يجعلها امرأة وليس مجرد وجود أعضاء الأنثى لديها…»، وتكون بذلك أول من مهّد للتنظير في مفهوم «الجندر».

قد تعتبر الكلام تخريفًا وهراءً لكن تابع للنهاية لتجد أن أتباع هذا التخريف يكثرون والعياذ بالله. فقد ظهر المصطلح لأول مرة في وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان عام 1994م في 51 موضعًا، ثم أثير مرة ثانية ولكن بشرط واضح في مؤتمر بكين للمرأة عام 1995م، وقد شاع استخدامه في المؤتمرات الدولية، وإن النسخة الإنجليزية لمؤتمر بكين الدولي المشهور ذكرت المصطلح 254 مرة دون أن تعرّفه، وتحت ضغط الدول المحافظة تم تشكيل فرق عمل لتعريفه وخرجت لجنة التعريف بعدم تعريف المصطلح.

وهذا بالتالي يقودنا لنتعرف على الدلالة الحقيقية لهذا المصطلح (مصطلح الجندر)، فهو مصطلح مراوغ وفضفاض، وقد أثار الكثير من الجدل بشأن الأهداف الحقيقية من ورائه…!! ويمكننا أن نقول بأن مصطلح الجندر: يشير لجنس ثالث ليس بالذكر وليس بالأنثى، وإنما هو جنس ثالث تحدده الأعراف المجتمعية، والاختيارات الإنسانية، وليس هناك اعتبار لأعضائه الجنسية. فالإنسان كونه ذكرًا أو أنثى بالمعنى العضوي ليس له علاقة باختياره لأي نشاط جنسي قد يمارسه، فبحسب مصطلح الجندر يمكنه اختيار هويته الجنسية، الرجل الذكر قد يختار ليصير أنثى، والمرأة تصبح ذكرًا بناء على الرغبة الذاتية والاختيار الشخصي، فالمرأة ليست امرأة إلا لأن المجتمع أعطاها ذلك الدور، والرجل ليس رجلًا إلا لأن المجتمع أعطاه ذلك الدور، وهذا خلاف الأنوثة والذكورة كما جاءت في الخلق، والدين، والأعراف السوية، فالإنسان إما أنه ذكر أو أنه أنثى، وهذه إرادة إلهية، فالله خلق الإنسان إما ذكرًا أو أنثى، يقول تعالى: (وَأَنَّهُۥ خَلَقَ ٱلزَّوۡجَيۡنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلۡأُنثَىٰ٤٥)، فالذكورة والأنوثة هي إرادة إلهية، وهي من مستلزمات الفطرة. وبالتالي فإنه من الطبيعي أن ينتج من هذا المصطلح رجل متأنث أو يتوهم أنه امرأة، أو امرأة ذكورية ترى نفسها ذكرًا، وعليه فإن مفهوم الجندر هو أوضح صورة للحيوانية التي وصل إليها الغرب، وهو ليس إلاّ أداة لتمرير أهداف شديدة الخطورة على الأسرة.

بما أن الجميع جندر، وبالتالي فإن العلاقة الجنسية الشاذة المحرمة بين النساء أو بين الرجال مجرد جندر مع جندر، إذا فلماذا الاعتراض على مثل هذا النوع من العلاقات؟! الأمر الآخر: نشر المساواة التامة بين الرجال والنساء بحجة أن الجميع هم جندر، فلذلك طالبوا بأن يكون هناك جندرة سياسية، وجندرة اقتصادية، وجندرة اجتماعية، وغيرها من أنواع الجندر في مجالات الحياة. حتى إنهم طالبوا بالمساواة حتى في الألفاظ ما بين الذكر والأنثى، وقاموا بإصدار نسخة منقحة للعهد الجديد من الكتاب المقدس، قاموا بإلغاء ضمائر التذكير والتأنيث فيه، كما أقاموا مؤتمرًا في اليمن عام 1997مم بعنوان: جندرة اللغة.

إذا سمعتم عن مصطلح الجندر ومدلوله النتن، بالغالب ستقولون: أعوذ بالله، من يقبل هذه القذارة؟… المفاجأة، أن مصطلح الجندر والنسوية واستقلال الجسد وكل المصطلحات التي تهدم الأسرة ترجع في أصلها إلى فكرة واحدة وللأسف يرددها كثيرٌ من أبناء الأمة بلا وعي! فما هي الفكرة التي ارتكزوا عليها وإذا نقضناها نكون قد أتينا على خططهم من القواعد؟… إليك القصة من بدايتها:

في أوروبا، وفي ألمانيا تحديدًا سنة 1482م، ظهر كتاب غريب ورواية وحشية كتبها الراهبان هاينريش كريمر وجاكوب شبرينغر، واعتُمد هذا الكتاب كمرجع رسمي للكنيسة في التنكيل بالنساء على مدى قرنين من الزمن، تمت فيها إبادة عشرات الألوف من النساء البريئات حيث تتم شيطنتهن وإلصاق التهم الباطلة بهن، فلقد كانت تتعرض المرأة لأشد أنواع التعذيب والتنكيل من القبض عليها حتى قتلها؛ حيث تتم تعريتها والبحث في جسدها عن علامات، مثل وحمة أو شامة، تكون لها دلالة معينة، تكشف ما يدعونه اتصالًا بين الشيطان وهذه المرأة، التي تأتي مصفدة بالأغلال؛ حيث يحشر رأسها ويداها في قطعة من الخشب تحيط بعنقها، ويجب أن يكون ظهرها موجهًا نحو القضاة وليس وجهها. وقبل الحكم عليها، يختبرون مدى براءتها من المنسوب إليها؛ حيث يستعملون وسيلة الغرق، إذ تصفد يداها ورجلاها وتوصل أصفادها بأثقال وتلقى في النهر، فإذا طفت كانت بالتأكيد ساحرة ويتم قتلها على الفور بالإحراق بالنار، أي يتخلصون منها حتى قبل صدور الحكم ضدها، وإذا لم تطُف فالمصير واحد هو الموت.

ولا يزال صناع الأفلام والسينمائيون يعتمدون عليه في إخراج أفلام الرعب خصوصًا الفيلم الذي أنتج عام 2006م والذي يحمل اسم الكتاب نفسه «مطرقة الساحرات».

نعم هكذا ينظر الغربيون إلى المرأة، وحتى لا يدعي أحد أن هذه العادات كانت قبل خمسة قرون وهي قديمة أذكّر بالقانون المدني الذي اعتمد عام 1804م والمعروف باسم قانون نابليون الذي ينص على: «تعطى المرأة إلى الرجل بهدف إنجاب الأطفال، المرأة هي من ممتلكاتنا، ولسنا ملكًا لها». ولم يكن للمرأة المتزوجة أي وجود كفرد في التشريع، فإنها حرمت من جميع الحقوق القانونية كما كان الحال بالنسبة للقاصرين والمجرمين والمعاقين عقليًا!

ردًا على التراث الغربي الدموي والوحشي ونظرته الدونية للمرأة تشكلت ما تسمى بالحركة النسوية والتي نسمع عنها في بلادنا بمسميات عديدة؛ مراكز تحرير المرأة، ومنظمات تمكين المرأة، وجماعة سيداو، وغير ذلك… ويعود أصلها للقرن الثامن عشر حين طُرح مصطلح النسوية Feminism لأول مرة في عام 1880م من قبل الفرنسية إيبارتين أوكلار التي طالبت عبر جريدتها LaCitoyenne بتحرير المرأة وإعطائها حقوقها حسبما وعدت الثورة الفرنسية، وانتقدت السلطة الذكورية التي لم ترَ منها النسوة في ذلك الوقت سوى التحقير والتهميش وسوء الرعاية.

ومثل كثير من المصطلحات والأفكار الغربية التي تم استيرادها لبلاد المسلمين، فقد تم استيراد هذا المصطلح ابتداء إلى مصر في أوائل العشرينات من القرن الماضي تحت مسمى النسائية ثم انتشر لمناطق أخرى، ولم تراعِ الفروق بين تراث الغرب الذي تحدثنا عنه وبين تراث العرب وثقافة المسلمين، فنظرت الحركة النسوية إلى تاريخ المرأة من منظور غربي بحت؛ فأصبح تاريخ الغرب واضطهاده للمرأة وتصويرها على أنها منبع الشر ومصدر الرذيلة تاريخًا للبشرية. وكعادته همَّش الغرب بل ألغى أي تراث غير تراثه وأي ثقافة غير ثقافته، وتم ربط فترة ما قبل تحرير المرأة بعصر عبودية المرأة، وفترة ما بعد الحداثة بتحرير المرأة، واتخذوا هذا التحرير كأهم سمات تطور البشرية ومقياسًا لرقي الشعوب. وعمل الغرب المستعمر والحركات النسوية ما يعمله الضبع مع الإنسان في القصص الشعبية حيث يبول على ذيله ثم يرشق به الضحية فإذا به ينقاد وراءه بدون إدراك. والغرب هو الضبع الحقيقي فاحذروا أن يرشقكم بنجس الحركات النسوية فيهدم أسركم ويخطف بناتكم.

في عام 1919م، كانت هناك مظاهرات تطالب الإنجليز بالرحيل من مصر، واندلعت مظاهرة نسائية بقيادة صفية زغلول، وهتفت النسوة ضد الاحتلال أمام قصر النيل، وفجأة خلعن الحجاب وألقين به على الأرض وأشعلن النار به. ألم تكن تلك المظاهرة للتنديد بالاحتلال، فما دخل الحجاب إذًا؟! ولماذا أبرزت تلك الشخصيات كهدى شعراوي، وصفية زغلول كمناضلات، وطليعة وقدوة للجماهير؟! لا شك أنه تقف وراء هذه الأعمال خطط تغريب بلاد المسلمين وتوجيهات جلادستون فهو الذي قال: «إذا أردنا أن نقضي على الإسلام فلا بد أن ننزع حجاب المرأة المسلمة ونغطي به القرآن».

وعلى فكرة الضحية ليست فقط المرأة المسلمة بل نساء البشرية كلها تتلظَّى بنار الرأسمالية والديمقراطية التي تحكمنا. فبعد التاريخ الأسود الذي مرّت به نساء أوروبا، وبعد استغلال المرأة في انتفاضة الحركات النسوية التي تدعي تحصيل حقوقها من سلطة الذكور، أقنعوا المرأة المسكينة أنها لن تتحرر إلا إذا كانت هي وحدها صاحبة القرار في جسدها وحياتها؛ فمن حقها أن تعطيه لمن شاءت وتكون بذلك ذات استقلال جسدي، وتمنعه عمن شاءت حتى عن زوجها وتسجنه إن لم تكن راضية باقترابه منها بدعوى الاغتصاب الزوجي، وأقنعوا تلك المسكينة أن الحرية بأن ترتمي بين أحضان الرجال، وأن تصبح حقلًا للتجارب وهدفًا للمتعة المؤقتة مع قناعتها التامة أن حضارتها ودولتها قدمت لها كامل حقوقها؛ لتجد المسكينة نفسها بعد مرور السنوات فاقدة لنعمة الأمن واستقرار الأسرة التي ضمنها الإسلام لكل امرأة مسلمة مع الحفاظ على جميع حقوقها.

ففي هذا العصر ليست هناك جريمة بحق المرأة أكبر من ربط حريتها بالإباحية. فقد أوهموها أنها بزواجها ستكون في عبودية لرجل وفي قيود وضيق و»لازم تشوف حياتها بعيدًا عن الزواج».. وإذا بهم يريدون عبوديتها تكون لكل الرجال، ويريدونها رخيصة يستعملها الجميع.. تستخدم في محلات البيع والشراء لجلب الزبائن، وكمضيفة للطائرة، وفي الدعاية والإعلان، وفي الأفلام والمسلسلات، وفي الرقص وغيره، وهذه النظرة للمرأة منبثقة من النظام الرأسمالي؛ لذلك نجد الغرب يركز على المرأة المسلمة، ويدعي بأنها مظلومة، وأنها متخلفة، وأن حريتها غير مكفولة، ويزعم بأنه هو الذي يعطي المرأة حقها، وأن المرأة المسلمة متخلفة بلباسها الشرعي ومحرومةٌ من إبداء رأيها. والعجب ممن يصدقهم فيجعل من المرأة المسلمة التي هي أمه وأخته وابنته أضحوكة ولعبة لكل صاحب هوى ومجون، يريد للمرأة المسلمة أن تتبرج وتخلع حجابها وكأن الحضارة هي بالعري والتنقل بين أحضان الرجال!

فيا أختي المسلمة العفيفة الطاهرة، احذري ممن يدَّعي الخوف عليكِ، ولا تؤوي ثقافتهم في بيتك فتكوني كمثل مجير أم عامر؛ الذي أوى أم عامر، أي الضبع، إلى بيته هربًا من الصيادين فدافع عنها وآواها وسقاها اللبن فلما نام بقرت بطنه وأكلت أحشاءه وغدرت به… فالحذر الحذر من إدخال الضباع إلى بيوتكم. نعم فإن مخططهم خبيث وسياسي وإن ألبسوه لباس الإنسانية ومنظمات حقوق الإنسان.

في تقرير للخارجية الأمريكية عن ممارسة حقوق الإنسان في اليمن ١٩٩٨م، استغربوا من الأحكام الشرعية المتعلقة بالعلاقة بين الرجل والمرأة، وأخذوا يعيبون على هذه الأحكام، ويريدون تغييرها بحجة أنها قيود على المرأة المسلمة، وأنها مخالفة لحقوق الإنسان، فيقول التقرير: تتعرض المرأة لكثير من القيود التي يفرضها القانون والتقاليد الاجتماعية والدين، فالرجال مصرح لهم بالزواج من أربع زوجات، ويشترط القانون «طاعة» المرأة لزوجها، وعليها أن تعيش معه في المكان المذكور في العقد وإكمال واجبات الزوجية، وعدم مغادرة البيت دون إذنه… ويقول التقرير: يسمح القانون الإسلامي للرجل بالزواج من المسيحية أو اليهودية، ولكن لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من خارج الإسلام. وهنا يظهر ما تريده أمريكا لنساء المسلمين، تريد «متطلبات مماثلة للرجال كما للنساء». أي أن تتزوج المرأة بأربعة، وتتزوج بالكافر، وأن تسافر بدون إذن أو بدون محرم كما يفعل الرجل، على أساس (المساواة بين الرجل والمرأة)، هذه هي حرية المرأة التي يريدونها لنسائنا، والتي يدعون لها، لأنها من صلب حضارتهم العفنة.

أما حضارتنا الإسلامية فلا تعترف بمصطلحاتهم القذرة بتاتًا ولم تبحث موضوع المساواة مطلقًا، فالإسلام جاء ليعالج مشاكل الإنسان بصفته إنسانًا، والمرأة إنسان كما الرجل إنسان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصّحيح: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». قال الإمام الخطابي معلقًا على الحديث في «معالم السنن»: «أي نظائرهم، وأمثالهم فكأنّهن شققن من الرّجال». وأعطى الإسلام دورًا حقيقيًّا وفعالًا للمرأة ليس ترضية لها بل لأنه لم يفرقها عن الرجل، فقد وجدناها في تاريخ الإسلام في بداية الدعوة وفي بناء الدولة وفي الجهاد والعلم والسياسة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وربما لا تعلم أن مجموع من لهن روايات من الصحابيات في الكتب الستة بشكل مباشر أو غير مباشر، بلغ حوالي مائة وخمس عشرة صحابية… وقد لا تعلم أن أقدم جامعة في العالم (حسب تصنيف موسوعة جينيس) والتي تأسست عام 859م في المغرب قد أسستها امرأة وهي فاطمة بنت محمد بن عبد الله الفهرية القيروانية مؤسسة جامعة القريوين.

 أختي الكريمة، أخي الكريم، لو تصفحنا في كتب ومواقع التاريخ لنقرأ عن سيدة الشام راعية العلم وبانية المدارس الخاتون فاطمة بنت نجم الدين أيوب، وعن عائشة الباعونية الأديبة وشيخة دمشق التي ألفت العديد من الكتب والدواوين أشهرها «الفتح المبين في مدح الأمين»، وعن لبنى القرطبية عالمة الرياضيات النحوية والشاعرة التي عدّها السيوطي في طبقات النحاة واللغويين، وكانت كاتبة الخليفة الحكم المستنصر بالله وكان يثق بها كثيرًا. ولو أردنا الحديث أكثر وبالتفصيل لاحتجنا إلى عشرات أو مئات المقالات. ولا تزال المسلمة ذات دور حقيقي حتى أيامنا هذه، وانظر إلى مشاركتها في الأعمال السياسية والرأي العام في ثورتنا وفي كل بلاد المسلمين.

الخلاصة: لا يحرس الأسرة المسلمة من كيد الغرب المستعمر ومخططات هدم الأسرة إلا دولة الإسلام وحضارة المسلمين… ونسأل الله أن تكون عاجلة قريبة بإذن الله.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *