العدد 438-439-440 -

السنة السابعة والثلاثون، رجب – شعبان – رمضان 1444هـ الموافق شباط – آذار – نيسان 2023م

طريق الخلاص يكون بعودة الحكم بما أنزل الله بإقامة الخلافة الراشدة الثانية

حامد عبد العزيز

إن الكثير من أبناء الأمة يتوقون شوقًا لعودة الحكم بالإسلام، خاصة في ظل حالة التردي التي تعاني منها الأمة اليوم على يد حكام فاقوا من سبقهم خيانة وتفريطًا وذلًا وتنكيلًا بزهرة شباب الأمة، وحربًا على الإسلام عقيدةً ونظامًا ورموزًا؛ ولكن الكثير من أبناء الأمة لا يدرك جيدًا ما الطريق الذي يجب أن يسلكه حتى يعود الإسلام مرة أخرى للحكم والسلطان في بلاد المسلمين. ومن هنا كان لا بد من تبيان بعض القضايا المهمة لشباب الأمة حتى يتبيَّن لهم السبيل القويم لتغيير هذا الواقع الأليم الذي تعيشه الأمة اليوم.

ومن أهم ما يجب على العاملين للتغيير إدراكه هو ما يلي:

أولًا: يجب إدراك أن قضية المسلمين المصيرية التي يجب اتخاذ إجراء الحياة أو الموت تُجاهها، هي إعادة الحكم بما أنزل الله؛ بإقامة دولة الخـلافة الراشـدة. فالإسلام يجب أن يسود بلاد المسلمين، ولا يتم ذلك عبر المطالبة بتطبيق الشريعة في ظل وجود تلك الأنظمة العميلة لدول الغرب الكافر، بل بإزالتها وإقامة نظام الإسلام؛ وذلك لا يكون إلا ببيعة خليفة يحكمهم بما أنزل الله، ويجاهد بهم في سبيل الله، يقول الله عز وجل: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ) ولا يأمر الله بطاعة من لا وجود له، فدلَّ ذلك على أن إيجاد ولي الأمر أي الخليفة واجب. فالله تعالى حين أمر بطاعة ولي الأمر فإنّه يكون قد أمر بإيجاده. فإن وجود ولي الأمر يترتب عليه إقامة الإسلام، وترك إيجاده يترتب عليه تضييع الحكم بالإسلام، فيكون إيجاده واجبًا لما يترتب على عدم إيجاده من حُرمة، وهي تضييع الحكم بالإسلام.

روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله: «إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ»، فهذا الحديث فيه وصفٌ للخليفة بأنه جُنّة أي وقاية. فوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الإمام جُنّة هو إخبار عن فوائد وجود الإمام؛ فهو طلب؛ لأن الإخبار من الله ومن الرسول إن كان يتضمن الذم فهو طلب ترك أي نهي، وإن كان يتضمن المدح فهو طلب فعل. فإن كان الفعل المطلوب يترتب على فعله إقامة الحكم الشرعي أو يترتب على تركه تضييعه، كان ذلك الطلب جازمًا، أي فرض كما هو معمول به في أصول الفقه.

وعليه فإن دولة الخـلافة هي أهم أمر فَرَضَهُ رب العالمين، يضمن وحدة الأمة، ويرفع الغُمة، ويصون أعراض نساءِ الأمة، ويوفر الأمن والأمان للرعية في كل بلاد المسلمين. ودولة الخـلافة الراشدة ليست هي سبيل عز المسلمين ووحدتهم فحسب، بل هي فرض عظيم، وأيُّ فرض؛ هي تاج الفروض، لا مندوحة عنها. والقعود عنها إثم كبير، ومعصية عظيمة يعذِّب الله عليها أشد العذاب…

 

 إننا أيتها الأمة الكريمة ننصحكم نصيحة مخلصة ملؤها الحب في الله عملًا بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» رواه البخاري، إننا نخاطبكم بهذا الفرض العظيم الذي به تُحل كل قضايا المسلمين، بل كل القضايا والمشكلات لأمة صارت كالأيتام على مأدبة اللئام، فلا مناص في أن الحل يكمن في خـلافةٍ راشدة تحُطِّم الحدود الوهمية، وتحرك الجيوش الأبية للجهاد في سبيل الله، فحيّهلا حيَّهلا للعاملين لهذه الخـلافة… هذه هي نصيحتنا لكم ولسان حالنا قول نبي الله هود عليه السلام: (وَأَنَا۠ لَكُمۡ نَاصِحٌ أَمِينٌ).

ثانيًا: إن كثيرًا من أبناء الأمة يرى تكالب الأمم على الأمة الإسلامية، في فلسطين وكشمير والصين وبورما… وعندما يقرأ قوله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا٧١)، يفهم منه وجوب خروج الناس من بلد الكنانة مصر، وغيرها من بلاد المسلمين؛ أفرادًا أو جماعات للدفاع عن إخواننا في تلك البلاد؛ ولكنهم بهذا الفهم يكونون قد فهموا قوله سبحانه وتعالى فهمًا ناقصًا، والحقُ أن آي الذكر الحكيم وردت في سياق آياتٍ موضوعها اتباع حكم الشرع، وعدم اتخاذ الهوى حكمًا ودليلًا، ووجوب أخذ الطريقة من الشرع وحده، وطاعة الرسول وعدم التخلف عن الجهاد معه، فنص الآيات هو:(وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا ٦٤فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا ٦٥ وَلَوۡ أَنَّا كَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَنِ ٱقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ أَوِ ٱخۡرُجُواْ مِن دِيَٰرِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٞ مِّنۡهُمۡۖ وَلَوۡ أَنَّهُمۡ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِۦ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡ وَأَشَدَّ تَثۡبِيتٗا ٦٦ وَإِذٗا لَّأٓتَيۡنَٰهُم مِّن لَّدُنَّآ أَجۡرًا عَظِيمٗا ٦٧ وَلَهَدَيۡنَٰهُمۡ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا ٦٨ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا ٦٩ ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا ٧٠ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذۡرَكُمۡ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنفِرُواْ جَمِيعٗا ٧١ وَإِنَّ مِنكُمۡ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنۡ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَالَ قَدۡ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ إِذۡ لَمۡ أَكُن مَّعَهُمۡ شَهِيدٗا ٧٢). والفهم الصحيح لفقه آي الذكر الحكيم هذه، هو أن ينقاد المسلمون لخليفتهم وإمامهم إذا أمرهم بالخروج للجهاد في سبيل الله، وذلك يكون في حال وجود دولة وبقيادة إمام، انظروا لقول العلامة المفسر شيخ الإسلام ابن الجوزي في تفسيره (زاد المسير في التفسير): «والأمر في ذلك بحسب ما يراه الإِمام… أي إذا نفر نبي الله صلى الله عليه وسلم، فليس لأحد أن يتخلف عنه، وهو قول ابن عباس…».

فاستنادًا لفقه آي الذكر الحكيم هذه، فإنه من أحب طاعة الله وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، فعليه أن يعمل بجد واجتهاد لإقامة الخـلافة الراشدة وتنصيب إمامٍ يُقاتَل من ورائه ويتَّقى به؛ ليقود جحافل المؤمنين الصادقين للجهاد في سبيل الله: (فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ وَمَن يُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقۡتَلۡ أَوۡ يَغۡلِبۡ فَسَوۡفَ نُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا ٧٤)، فبالخــلافـة وحدها تَـنْـفِرون لقتال عدوّكم. خليفتُكم أمامَكم في القتال لا أمامكم في الفرار، تتقون به وتقاتلون من ورائه، فيقودكم من نصر إلى نصر، لا من هزيمة إلى هزيمة.

ثالثًا: نعلم أن الأمة تتشوق لعودة الحكم بالإسلام؛ ولكنّا نرى أن تبني العمل المادي المسلح للوصول لتلكم الغاية، خطأ مخالف لسيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام.

إن العمل بإخلاص ولكن دون وعي وبيِّنة شرعية، ودون اقتداءٍ بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، كالمسافر يملأ جيبه رملًا يثقله ولا ينفعه! فمن أحب العمل لإقامة الخلافة الراشدة، وعودة الحكم بالإسلام فلا بد له أن يمتثل الطريقة الشرعية في ذلك، ولا ينجذب فينجر وراء شعوره بالحرقة والغضب فيبحث عن المخرج السريع ليشفي غليله ويطفئ حرقته مقنعًا نفسه بأنه برَّأ ذمته، فليس الأمر هكذا، بل إن الإسلام كما حدَّد الهدف الذي على المسلم أن يسعى إليه بيَّن أيضًا طريقة الوصول إلى هذا الهدف، وألزم المسلم التَقَيُّدَ بها، فإن أحكام الشرع كما وردت فكرتها في الإسلام وردت كذلك طريقة تطبيقها، فالله تعالى حينما قال: (وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ)، لم يترك الأمر على إطلاقه ليصلي كلٌّ على شاكلته وكما يحلو له، بل بيَّن أيضًا الكيفية التي يريدنا أن نصلي ونتقرب إليه بها، بيَّنها لنا في عمل رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال لنا المصطفى عليه الصلاة والسلام: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي»، فكيف تُقام الخلافة دون اتباع الطريق التي رسمها لنا رسول الله عليه الصلاة والسلام في إقامتها؟!

وطريقة الرسول هذه في إقامة الدولة لم تكن الجهاد، نعم… الجهاد فرض على المسلمين، وهو ماضٍ إلى يوم القيامة، منذ أن بعث الله نبيه إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجَّال، ولا جدال في ذلك؛ ولكن الجهاد هو الطريقة الشرعية لدفع العدو عن احتلال أرض إسلامية، أو لفتح البلدان لنشر الإسلام فيها، وليس هو الطريقة الشرعية التي بيَّنها لنا الرسول لإقامة دولة الإسلام. فقد ورد في سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام بيان واضحٌ لطريقة إقامتها بإقامة حزب متفهم للإسلام، ثم مخاطبة المجتمع لإيجاد رأي عام فيه منبثق عن وعي عام على العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أحكام وأنظمة تفرض علينا إقامة دولة الخلافة التي تطبق الإسلام وتحمله رسالة إلى العالم بالدعوة والجهاد، ثم بطلب نصرة أهل القوة من القبائل ومن الأنصار في المدينة، فقد طلب رسول الله عليه الصلاة والسلام النصرة من القبائل (لأنهم أهل قوة) بضع عشرة مرة، ولم يستجيبوا، بل ردوه ردًّا سيئًا في بعضها، وأدمَوا قدميه في بعضها الآخر، واشترطوا عليه عليه الصلاة والسلام شروطًا لا تصح… ومع ذلك فلم يغير عليه الصلاة والسلام طريقته مع أن المشقة كانت تصاحبه، والمشقة والعذاب كانا يقعان عليه وعلى أصحابه، كبلال في رمضاء مكة وآل ياسر يقتلون، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في أمس الحاجة لاستخدام السلاح والقتال لرد الصاع صاعين، وكان قادرًا على ذلك بمن معه من الفرسان الأبطال كعمر وحمزة؛ ولكنه لم يفعل، بل منع المسلمين من القتال وردَّ عليهم حينما طلبوا منه ذلك: «لَمْ أُؤْمَرْ بِذَلِكَ، كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ»، وشبَّه الوحي حالهم بحال بني إسرائيل، وحذّرهم من عصيان أمره في جميع حاله، حال النهي عن القتال وحال فرضه، وحذّرهم من التخاذل كما تخاذلت بنو إسرائيل، قال تعالى: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡيَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡيَةٗۚ).

واستمر رسول الله عليه الصلاة والسلام على طريقته في طلب النصرة إلى أن شاء الله استجابةَ الأنصار فبايعوه العقبة الثانية، ومن ثَمّ أقيمت الدولة في المدينة المنورة. وكما هو في أصول الفقه، فإن استمرار الرسول عليه الصلاة والسلام على فعلٍ معينٍ مع المشقة فيه هو قرينة جازمة على وجوب اتباع هذا الفعل، وعليه فلا يجوز اتخاذ الأعمال المادية المسلحة طريقةً لإقامة الدولة… بهذا ينطق فعل النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فلنكن ممن يطيعون الله ورسوله فيحق عليهم قول الحق سبحانه وتعالى: (وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا ٦٩).

رابعًا: أيضًا هناك من أبناء الأمة من أصابه اليأس من عملية التغيير بالطريقة الشرعية، ورأى أن الحل هو السير على نهج الديمقراطية، فانخرط في اللعبة الديمقراطية علَّه يخدع الغرب بوسطيته واعتداله، فخاض الانتخابات وحصل على الأغلبية ووصل إلى الحكم، ثم قال بالتدرُّج في تطبيق الإسلام، ورغم انبطاحه وتخليه عن الكثير من الأحكام الشرعية، إلا أن الغرب وأزلامه في بلادنا لم يرضَوا عنه إلا أن يتبع ديمقراطيتهم حذو القذة بالقذة، وما كان من الغرب وأزلامه إلا أن انقلبوا عليه وأعادوا الحكم لهم بالقوة وألقوا بديمقراطيتهم التي كانوا يتغنَّون بها في واد سحيق؛ ولذا نحن ننصح من سلك هذا الطريق ومن ما زال يتأمل التغيير من هذا الباب أن يتوبوا إلى الله ويكفروا بالديمقراطية ويتبعوا سبيل المؤمنين، فللتغيير طريقته الشرعية التي بيَّـنَّـاها، فهي الطريقة الشرعية المستقيمة والعملية التي من شأنها أن تحدث التغيير الحقيقي على وجهه الصحيح. وإن لم تكفهم الأدلة التي نسردها لهم ليل نهار، فليتَّعظوا بمن قبلهم، فالكيِّس من اتَعظ بغيره. ولينظر هؤلاء إلى أين أدى طريق التنازل بأصحابه؟!

ولحبنا الخير للأمة، فقد أخرج البخاري عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُ لِنَفْسِهِ»، فنحن نحب أن يشاركنا هذا الفضل العظيم كل المخلصين من أبناء الأمة فضل العمل لإقامة الخـلافة الراشدة. فالخـلافة هي مبعث عزِّ الأمة الإسلامية، وقاهرة أعدائها، وصائنة أعراضها، ومحررة أرضها… فمن أولى منكم يا أبناء الأمة المخلصين لأداء هذا الفرض العظيم؟! فإن المؤمن التقي النقي هو أحقُّ بهذا الأمر وأهلُه، وموقعه أن يكون في الصفوف الأولى في كل مواقع الخير؛ ولذلك فإننا نقول لكل أبناء الأمة المخلصين وبكل ما في النفس من مشاعر أخوة وإخلاص: لا تجلسوا بلا عمل! بل اعملوا لنصرة المسلمين نصرةً حقيقيةً فاعلةً، بانضمامكم لركب الخير الواصل ليله بنهاره لإعادة الخـلافة الراشدة، فإننا مطمئنون إلى نصر الله وقرب بزوغ فجر الخلافة بعون الله، وإن هذا لكائن بجبروت الله: (وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَيَسۡتَخۡلِفَنَّهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ كَمَا ٱسۡتَخۡلَفَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمۡ دِينَهُمُ ٱلَّذِي ٱرۡتَضَىٰ لَهُمۡ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنۢ بَعۡدِ خَوۡفِهِمۡ أَمۡنٗاۚ يَعۡبُدُونَنِي لَا يُشۡرِكُونَ بِي شَيۡ‍ٔٗاۚ وَمَن كَفَرَ بَعۡدَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٥٥). ومن أصدق من الله قيلًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *