العدد 435 -

السنة السابعة والثلاثون – ربيع الآخر 1444هـ – تشرين الثاني 2022م

فعل الخير وقضاء حوائج الناس

إن فعل الخير وقضاء حوائج الناس من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى وينال رضاه في الدنيا والآخرة، فقد أمر الله جل شأنه المسلمين بأن يفعلوا الخير، والذي منه قضاء حوائج الناس، وربط الفلاح فيه، فقال: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ وَٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمۡ وَٱفۡعَلُواْ ٱلۡخَيۡرَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ۩٧٧) [الحج: 77] وجعل جلَّ وعلا ما يفعله المسلم من خير إنما يقدمه لنفسه من حسنات، كما هو يقدمه لغيره من فرجات، فقال سبحانه: (وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَيۡرٗا وَأَعۡظَمَ أَجۡرٗاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمُۢ) [المزمل: 20]. قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره: ما تقدمونه أيها المؤمنون لأنفسكم في دار الدنيا من صدقة أو نفقة تنفقونها في سبيل الله، أو غير ذلك من نفقة في وجوه الخير، أو عمل بطاعة الله من صلاة أو صيام أو حج، أو غير ذلك من أعمال الخير في طلب ما عند الله تَجدونه عند الله يوم القيامة في معادكم هو خيرًا لكم مما قدمتم في الدنيا، وأعظم منه ثوابًا؛ أي: ثوابه أعظم من ذلك الذي قدمتموه لو لم تكونوا قدَّمتموه. و قال الإمام ابن كثير رحمه الله: من سعى في أمر فترتَّب عليه خير، كان له نصيب من ذلك.

– روى جابر بن عبدالله  رضي الله عنهماعن النبي صلى الله عليه وسلم: «كل معروف صدقة» متفق عليه.

روى الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله عبادًا اختصَّهم بالنعم لمنافع العباد، يُقرهم فيها ما بذلوها، فإذا منَعوها نزعها منهم، فحوَّلها إلى غيرهم» حديث حسن.

روى ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس» حديث حسن.

روى ابن ماجة عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطُوبَى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه» حديث حسن.

– روى الطبراني عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن يَألف ويُؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخيرُ الناس أنفعهم للناس» حديث حسن.

– روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».

– روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المسلم أخو المسلم، لا يَظلمه ولا يُسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته».

– روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهم، قال: بينما نحن في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاء رجل على راحلة له، قال: فجعل يَصرِف بصرَه يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كان معه فضلُ ظهرٍ(دابة)، فليَعُد به على مَن لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد، فليَعُد به على مَن لا زاد له».

– روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه».

– روى مسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

– روى ابن أبي الدنيا والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد (يعني مسجد المدينة) شهرًا، ومن كفَّ غضبه، ستر الله عورته. ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنًا يوم القيامة. ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له، أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام. وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل» حديث حسن.

– روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

– روى مسلم عن أبي اليسر رضي الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنظَر معسرًا أو وضع عنه، أظلَّه الله في ظله».

– روى الترمذي عن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنهم أنه قال لمعاوية بن أبي سفيان: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخَلَّة والمسكنة، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خَلَّته وحاجته ومسكنته»، فجعل معاوية رجلًا على حوائج الناس؛ حديث صحيح.

– روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرِضتُ فلم تعدني (تَزُرْني) قال: يا ربِّ، كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرِض فلم تعده؟ أما علمتَ أنك لو عدته لوجدتني عنده؟. يا ابن آدم استطعمتُك فلم تطعمني، قال: يا ربِّ، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمتَ أنه استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي؟. يا ابن آدم استسقيتُك، فلم تسقِني، قال: يا ربِّ، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقِه، أما إنك لو سقيتَه لوجدتَ ذلك عندي».

– روى الشيخان عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طُلبت إليه حاجة، قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء». والشفاعة هنا تعني التوسط للغير بجلب منفعة مشروعة له، أو دفع مضرة عنه.

قال الطيبي رحمه الله: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا عرض المحتاج حاجته عليّ، فاشفعوا له إليّ؛ فإنكم إن شفعتم حصَل لكم الأجر؛ سواء قبِلت شفاعتكم أم لا، ويُجري الله على لسان نبيه ما شاء من موجبات قضاء الحاجة أو عدمها، فإن قضيتها أو لم أقضِها، فهو بتقدير الله تعالى وقضائه» (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني). وقال الإمام النووي رحمه الله: هذا الحديث فيه استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة؛ سواء كانت الشفاعة إلى سلطان ووالٍ ونحوهما، أم إلى واحد من الناس، وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كف ظلمٍ أم إسقاط تعزير، أم في تخليص عطاء لمحتاج أو نحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرام، وكذا الشفاعة في تتميم باطل أو إبطال حق ونحو ذلك، فهي حرام؛ (مسلم بشرح النووي).

روى البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني» (أي الأسير).

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *