العدد 430 -

السنة السابعة والثلاثون، ذو القعدة 1443هـ، حزيران 2022م

أحاديث نبويَّة… مبشرات بالنصر والظهور وقيام الأمر… إلى يوم الدين (2)

 

عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ، قَالَ: وَعَرَضَ لَنَا صَخْرَةٌ فِي مَكَانٍ مِنَ الْخَنْدَقِ لَا تَأْخُذُ فِيهَا الْمَعَاوِلُ، قَالَ: فَشَكَوْهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووَضَعَ ثَوْبَهُ، ثُمَّ هَبَطَ إِلَى الصَّخْرَةِ، فَأَخَذ المِعول فقال: «بِاسْمِ اللَّهِ»، فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، وَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الشَّامِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ قُصُورَهَا الْحُمْرَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ» وَضَرَبَ أُخْرَى، فَكَسَرَ ثُلُثَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ فَارِسَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ الْمَدَائِنَ وَأُبْصِرُ قَصْرَهَا الْأَبْيَضَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللَّهِ» وَضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَقَلَعَ بَقِيَّةَ الْحَجَرِ، فَقَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ الْيَمَنِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُبْصِرُ أَبْوَابَ صَنْعَاءَ مِنْ مَكَانِي هَذَا» رواه أحمد. هذا الحديث فيه تبشير بفتوحات عظيمة للمسلمين مع الرسول صلى الله عليه وسلم عندما كانوا محاصرين في الخندق، وفيه بيان أن الله مظهر هذا الدين، وستصبح تلك الأمم الكبيرة منقادة لدين الله بأهلها وثرواتها، وفيه استحباب التبشير والتثبيت أيّام المحن والشدائد، وفيه مشاركة القائد أصحابه في العمل والمهام.

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: «بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَكْتُبُ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَىُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا». يَعْنِى قُسْطَنْطِينِيَّةَ» رواه أحمد. وفيه تبشير للمسلمين بالفتح. والقسطنطينية وروما هما عاصمتا النصرانية (الروم والكاثوليك) وفي هذا دلالة واستبشار على سيادة الإسلام، واتِّساع رقعته وهيمنته عالميًّا، وخاصة عندما يضم هذا الحديث إلى الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، ثم يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله» رواه البخاري. فهذه النصوص يتعامل معها المسلم بمقدار صحتها، فهي صحيحة، ومن المبشرات التي إن سمعها المسلم انكبَّ على أمور دينه يأخذ منها العمل لتحقيقها، ولا ينتظر مجيئها وهو من القاعدين. وهذه الأحاديث إذا ضمت إلى بعضها فإنما تفيد علوَّ الإسلام على الدين كل (النصرانية واليهودية)، وعلى الدول العظمى كلها، وتكون الكلمة العليا لله وحده.

عَنْ أبي هريرة رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَنتثِلونها- أي تستخرجونها. متفق عليه. في هذا الحديث بشرى أن الأمة من بعده ستسير على طريقه؛ ومن أجل ذلك سينصرها الله وستكون لها فتوحات تجعلها تنال من خيرها ما تنال.

عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يزال الإسلام يزيد، وينقص الشرك وأهله، حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جورًا، والذي نفسي بيده، لا تذهب الأيام والليالي، حتى يبلغ هذا الدين مبلغَ هذا النجم» أخرجه الطبراني في الكبير .وفيه دليل توهج الإسلام وارتفاع أمره كالنجم، وفيه بشارة باتساع أمره وانتشار نوره حتى يصبح كالنجم تهتدي به البشرية، وتقتدي بتعاليمه.

عَنْ عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: «لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ» رواه أحمد. وفيه دليل على مكانة جزيرة العرب حيث الحرمان الشريفان مهبط الوحي وبزوغ النور والآيات، ومهوى الأفئدة، والواجب حمايتها من دنس الكفر مهما كان. وحدودها كما قال في القاموس: (وجزيرة العرب ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات، أو ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولًا، ومن جدة إلى أطراف ريف العراق عرضًا) وهذا الحديث هو من الأحاديث التكليفية التي حققها المسلمون بالأمس، ويريد حكام هذا الزمان من الولدان أن يخلفوا الوعد فيها.

عن عبدالله بن حَوالة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ، وَأَهْلِهِ» رواه أحمد. وهو حديث صحيح. وفيه فضل بلاد الشام، وأنها تعظم أيام الفتن فِي آخر الزمان، وأن الله يرعاها ويحفظها. أن عمود الإسلام سيكون فيها في آخر الزمان. وفيه بشرى يحسُّ بها المسلمون اليوم ويرجون، منها النصر لكل المسلمين وخاصة عندما يسمعون حديثًا آخر للرسول ، وفيه صلى الله عليه وسلم: «وعقرُ دارِ المؤمنينَ الشَّامُ» وهذا أمر سيحدث إن شاء الله، وإن كان الواقع لا يؤيِّده اليوم، فسيؤيِّده غدًا، وإن غدًا لناظره قريب.

  عن نافع بن عتبة رضي الله عنه، قَالَ : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ، فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللَّهُ» رواه مسلم. وفيه تعزيز لإيمان المسلم بأنه لن يُغلب ما دام مع الله، وبما أن هذا الفتح المكرر أربع مرات في الحديث يشير إلى أن المسلمين سيكونون في كل فتح مع الله، وإلى أنهم سيكونون مع دينهم إلى آخر الزمان وذلك بالنصر على الدجًّال. وهذا من الأحاديث التي تكشف عن امتداد قوة الإسلام مساحةً وعلوًّا على سائر الأديان والحضارات والقيم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *