العدد 338 -

السنة التاسعة والعشرون ربيع الأول 1436هـ – كانون الثاني 2015م

حدائق ذات بهجة

بسم الله الرحمن الرحيم

حدائق ذات بهجة

– لما حضر الموتُ الخليفةَ العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) قال لبنيه، وكان مسلمة بن عبدالملك حاضراً: يا بني، إني قد تركت لكم خيراً  كثيراً، لا تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقاً.

يا بني، إني قد خُيرت بين أمرين، إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي، قوموا عصمكم الله، قوموا رزقكم الله. قوموا عني، فإني أرى خلقاً ما يزدادون إلا كثرة، ما هم بجن ولا إنس. قال مسلمة: فقمنا وتركناه وتنحينا عنه فسمعنا قائلاً يقول: ]تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ[ ثم خفتَ الصوتُ، فقمنا فدخلنا، فإذا هو ميت مغمض مسجى!

 – حينما حضر الخليفة المأمون أمير المؤمنين رحمه الله قال :أنزلوني من على السرير. فأنزلوه على الأرض، فوضع خده على التراب وقال  يا من لا يزول ملكه، إرحم من قد زال ملكه.

– دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه فقال له: كيف أصبحت يا أبا عبدالله؟! فقال الشافعي :أصبحت من الدنيا راحلاً، وللإخوان مفارقاً، ولسوء عملي ملاقياً، ولكأس المنية شارباً، وعلى الله وارداً، ولا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها، ثم أنشأ يقول:

جعلت الرجا مني لعفوك سلما

بعفوك ربي كان عفوك أعظما

تجود وتعفو منة وتكرما

فيكف وقد اغوى صفيك آدما

تفيض لفرط الوجد أجفانه دما

على نفسه من شدة الخوف مأتما

وفي ما سواه في الورى كان أعجما

وما كان فيها بالجهالة أجرما

أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما

كفى بك للراجين سؤلاً ومغنما

ولازلت مناناً علي ومنعما

ويستر أوزاري وما قد تقدما

ولما قسا قلبي ، وضاقت مذاهبي

تعاظمني ذنبي فلما قرنته

فما زلت ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل

فلولاك لم يصمد لابليس عابد

فلله در العارف الندب أنه

يقيم إذا ما الليل مد ظلامه

فصيحاً إذا ما كان في ذكر به

ويذكر أياماً مضت من شبابه

فصار قرين الهم طول نهاره

يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي

ألست الذي عديتني وهديتني

عسى من له الإحسان يغفر زلتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *