العدد 418 -

السنة السادسة والثلاثون، ذو القعدة 1442هـ الموافق حزيران 2021م

تركيا تبذل جهدًا للتطبيع مع (إسرائيل)… لكن لماذا يهاجمها أردوغان؟

استغلَّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصعيد (إسرائيل) الأخير على القدس والشيخ جراح وغزة لتقديم نفسه كزعيم للمسلمين ولتحقيق أهداف سياسية داخلية. فشن انتقادات لاذعة وبشكل يومي ضد (إسرائيل) ووصفها بأنها «دولة إرهاب» و«غير أخلاقية»؛ ولكن هناك وجه آخر لأردوغان لسياسته مع (إسرائيل)، وهو أنه وراء الكواليس يبذل جهدًا كبيرًا لتطبيع وتحسين علاقات بلاده مع الدولة العبرية، وتنامي التبادل التجاري والتعاون الاستخباري. يرى سنان أولجن رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول أن «التصعيد والتوتر في القدس الشرقية اندلع في الوقت السيئ بالنسبة لتركيا»، ويشير أولجن إلى أنه في الوقت الحالي، وفي ظل تصريحات أردوغان المعادية لـ (إسرائيل)، يصعب المضي قدمًا في عملية التقارب بين تركيا و(إسرائيل). ويقول يدين سيزر، المحلل السياسي التركي المختص في السياسات الخارجية، إنه كان يتعين على أردوغان وحزبه التصرف (فيما يتعلق بالتصعيد الدائر) بهذا الشكل لأسباب سياسية داخلية بشكل أساسي، مشيرًا إلى أن «قاعدة حزب العدالة والتنمية في تركيا لم تكن راضية بمسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل» ويستخدم الرئيس التركي غالبًا خطابه الديني أو القومي من أجل حشد أنصاره. تزامن هذا مع ما كشفت عنه استطلاعات الرأي من تدني شعبية أردوغان وحزبه، وبسبب فشله في حل المشاكل التي تواجها الحكومة كالفشل في إدارة جائحة كورونا، وأيضًا الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ وقت طويل… وهناك أمر آخر ذو صلة، وهو أن أنقرة تقوم بأعمال تسعى فيها إلى قيادة العالم الإسلامي. ففي خطابه أمام اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي والتي تضم في عضويتها 56 دولة إسلامية، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو إن «الأمة الإسلامية تنتظر منا لعب دور قيادي».

الوعي: إن موقف تركيا من مختلف قضايا المسلمين هي مواقف دعائية ومصلحية وقومية ووطنية مغلفة بغلاف الدين، فهي بالنسبة للقضية الفلسطينية، لا ترى بأسًا بالاحتلال (الإسرائيلي) ولا بالقرارات الدولية تجاهها، بل بسوء معاملة اليهود الإنسانية للفلسطينيين. ففي إحدى تصريحاته قال أردوغان: «من المستحيل أن نقبل السياسة الإسرائيلية تجاه فلسطين، تصرفاتهم التي تفتقر إلى الرحمة هناك غير مقبولة» ومضى يقول: «لو لم تكن هناك قضايا على أعلى المستويات لكانت علاقاتنا مختلفة تمامًا… نريد أن نصل بعلاقاتنا إلى نقطة أفضل»… إن سياسة أردوغان ملتبسة وبعيدة عن الفهم الصحيح للدين، وقريبة من نظرة الغرب للإسلام، فهو في الحكم علماني كما يصرح بنفسه؛ لأنه يؤمن بأن لا سياسة في الدين، بل يوجد إسلام فردي فقط… وقضية فلسطين تحلُّها المصالح، ونظرته إليها إنسانية أهلها مسلمون؛ لذلك لا نرى أي موقف إسلامي حقيقي تجاهها كما كانت لدى أسلافه من أمثال السلطان عبد الحميد الثاني… وعلاقاته الثنائية مع (إسرائيل) دليل على ذلك. والأوضح من ذلك هو أن قادة يهود أنفسهم لا يتهمون أردوغان بأي نزعة دينية تخيفهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *