العدد 414-415-416 -

السنة الخامسة والثلاثون – رجب وشعبان ورمضان 1442هـ – شباط وآذار ونيسان 2021م

الإسلاموية هي نموذج الغرب لإبعاد المسلمين عن إقامة الخلافة والحكم بما أنزل الله

الكاتب: محمد طرموش – اليمن

بعد عقود من الزمن على سقوط الخلافة العثمانية آخر دولة إسلامية كانت توحِّد المسلمين وتطبِّق شرع رب العالمين، وبعد تشتُّت المسلمين وتفرُّقهم إلى دويلات كرتونية هزيلة وعقائد وطنية وقومية نتنة، وبعد ضياع وذلٍّ وانحطاطٍ استمر لعقود… وعى المسلمون على حقيقة الأمر، وبدؤوا يدركون أهمية الخلافة والعودة للعيش تحت ظل حكم الإسلام ونظامه العادل؛ ولكن ذلك لم يرُق لأعداء الإسلام ولم يعجبهم، فالخلافة هي الهاجس الذي يخيفهم ويقطع أيديهم عن استعمار ثروات المسلمين وبلادهم، فبدؤوا حربهم القذرة والحاقدة على الإسلام والمسلمين تحت شعارات كاذبة ومضلِّلة لتخويفهم وإبعادهم عن الإسلام والعمل لإقامة الخلافة، ومن أخطر شعاراتهم التي يرفعونها اليوم في حربهم على الإسلام هو شعار «محاربة الإسلاموية».

تعريف الإسلاموية حسب موسوعه لاروس الفرنسية :

هي اعتبار الشريعة المصدر الوحيد للقانون وإدارة المجتمع، مع السعي لإقامة دولة إسلامية. يقول وزير داخلية فرنسا: «نحارب الأيديولوجيا (الإسلاموية) وليس الإسلام» ويقول أيضًا: «فرنسا بحاجة إلى قانون لمحاربة «الإسلاموية» وليس الإرهاب». ويستخدم الغرب وعملاؤه الحكام والمضبوعون بثقافة الغرب الكافر هذه الشعارات في حربهم على الإسلام لخداع المسلمين وإيهامهم بأنهم لا يحاربون الإسلام، بل الإسلام السياسي فقط، إنها إسطوانة مشروخة تلك التي يردِّدها أعداء الإسلام وتنطلي على المغفَّلين من أبناء الإسلام، إنها شعارات خادعة وتقسيمات للمسلمين إلى معتدلين ومتشدِّدين وأصوليين وغيرها من المسمَّيات والوسائل والأساليب التي يستخدمها الغرب في حربه على الإسلام ليتمكن من الوصول إلى هدفه وهو القضاء على الإسلام كحضارة وتذويبهم في حضارته الشيطانية، وإلا فهي حرب شاملة على الإسلام والمسلمين لا تستثني أحدًا، ومخطئ من عموم المسلمين أو بعض نخبها _ إن صح التعبير _ من يظن أنه يسلم من هذه الحرب القذرة إن أعلن انتماءه  لما يسمِّيه الغرب «الإسلام المعتدل» أو تبرَّأ من الإسلام (المتشدِّد) كما يسمِّيه الغرب، والذي أصبح يافطة يطلقها الغرب على كل مسلم لا يرضخ لأجندتهم، ولا يقبل بحضارتهم، وكل من يسعى لكشف خبثهم وحقدهم وأطماعهم… إنها حرب شاملة على دين الله وعباده المؤمنين، ولمنع المسلمين من تحرُّرهم وإقامة دولتهم، دولة الخلافة، ولن تستثني هذه الحرب أحدًا من المسلمين الرافضين لقيم الغرب وأنظمته وحضارته. والأدلة على ذلك كثيرة جدًا: 

فالفرنسيون الذين قتلوا الملايين من الجزائريين لم يستثنوا أحدًا من المسلمين، سواء أكان صوفيًا أو سلفيًا أو أشعريًا أو ماتريديًا.

والمجرمون الروس: الذين يبيدون إخوتنا المسلمين من أهل سورية ويقصفونهم بالبراميل وبمختلف أنواع الصواريخ، لا يقتصرون على أحد دون الآخر، بل يطالون الجميع، فهم يطلقون مسمَّيات الإرهاب على كل من يقاوم الاحتلال الروسي وطاغية الشام دون النظر إلى مذهبه في العقيدة أو الفقه.

وإذا انتقلنا إلى واقع المسلمين في أصقاع الأرض، فإننا نرى أنَّ هناك حربًا تبدو شاملةً على جميع المسلمين، وكل من يؤمن بأن الإسلام جاء لينظم الحياة ويسيرها وَفق هدي رب العالمين. ولا تختلف هذه الحرب أو تتغيَّر بين بلد وبلد، ومسلمين ومسلمين، فالمسلمون الروهينجا يُقتلون ويُعذَّبون وتتم سرقة أعضائهم وينكَّل بهم ليس لأنهم يؤمنون بالإسلام السياسي أو ينادون جميعهم بإقامة الخلافة، بل إن أغلبهم في الواقع بسطاء؛ ولكن بساطتهم لم تشفع لهم بعدم التعامل معهم بإجرام كما يتعاملون مع من يتهمونهم بالتشدُّد، بل نحن نراهم يعذَّبون لأنهم مسلمون ولم يتقبلوا فكرة التخلي عن الإسلام وأفكاره، ولم يقبلوا أن يذوبوا في حضارة الصين الشيوعية وقوانينها وقيمها. ومسلمو بورما يُقتَلون ويُعذَّبون وتُغتصَب نساؤهم ويُنكَّل بهم ليس بسبب (الإسلاموية) كما يقول إعلام الغرب المنافق الذي يرفع مثل هذه الشعارات عند كل حرب يقوم بها ومجزرة يرتكبها بحق المسلمين ،بل حقدهم الدفين يطال كل ما له علاقة بالإسلام ولو كانت الصلاة والحجاب. وفي فرنسا وبقية دول الغرب الكافر تسنُّ عدد من القوانين التي يكيدون فيها للإسلام ككل، وإن كان ظاهرها الهجوم على ما يسمَّى «الإسلاموية»، إنهم لن يرضوا عن المسلمين إلا إذا فهموا دينهم على الطريقة الغربية، أي «الإسلام المعدل» أو «الإسلام  المدجَّن»، وليس الإسلام الصحيح.

 وتقوم الحكومات الغربية بعدة أعمال لمحاربة الإسلام والتضييق على المسلمين بغية تذويبهم في حضارة أعور الدجَّال. ومن هذه الأعمال والقوانين حظر الحجاب وإغلاق الكثير من المساجد والمراكز الإسلامية والعمل على فرض القيم العلمانية بالإجبار وغيرها من وسائل الصدَّ التي تستخدم لإبعاد المسلمين عن دينهم وهويتهم، ويحارب السياسيين وغير السياسيين من المسلمين. فعندما يتعلق الأمر بالإسلام، فإن الغرب يتخلَّى عن شعارات الحرية وحقوق الإنسان ويدوسها بأقدامه، كل ذلك ليتخلى المسلمون عن دينهم وأفكار الإسلام، وليتقبلوا حرية الغرب وشذوذه ومجونه، فما دام المسلم يؤمن بالإسلام ويسعى لإقامة دولة الإسلام فهو خطر على الغرب ومصالحه ويجب القضاء عليه… وتبقى شعاراتهم هي مجرد شعارات براقة لخداع البسطاء والمغفلين.

فيا أيها المسلمون، لا يخدعنَّكم  الكافرون وأعداء الإسلام بشعاراتهم وأقوالهم بادِّعائهم أنهم يحاربون (الإرهاب الإسلامي) أو (الانعزالية الإسلامية ) بل هي مجرد شعارات يطلقها الغرب الكافر الحاقد، ويروِّج لها في بلداننا المضبوعون بثقافته، بل هو في حرب شاملة على كل المسلمين للتخلي عن دينهم وهدي ربهم، وعن الإسلام الشامل الذي  لا يتقبله الغرب والشرق، والذي منه  (الإسلاموية) أو الإسلام السياسي، والذي يسعَى جاهدًا للقضاء عليه، أو على الأقل حصره في زوايا المسجد كما فعلوا طيلة مائة عام خلت. 

إن ما يغيظ الغرب أكثر من أي شيء آخر هو تمسك المسلمين بدينهم وهويتهم والعمل لإقامة دولة الإسلام (الخلافة) والتي بها عزهم وقطع دابر عدِّوهم، والتي آن أوانها وأظلَّ زمانها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْ ۚ﴾ وقال تعالى: ﴿ وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ﴾ صدق الله العظيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *