الدَعوة إلى العَاميِّة نشأتهَا وأهدَافهَا
1987/12/30م
المقالات
4,020 زيارة
لم يواجه المسلمون دعوات أشد خطراً على دينهم من تلك التي استهدفت اللغة العربية، لما للغة العربية من أهمية ومكانة في الدين الإسلامي. فاللغة العربية لغة القرآن، والحديث، والفقه، ولغة كافة العلوم الشرعية واللسانية، وهي ضرورية لفهم أحكام الإسلام وتطبيقها.
وقد اتخذت هذه الدعوات أشكالاً مختلفة، كان أخطرها الدعوة إلى إقصاء اللغة العربية الفصحى وإبدالها بالعامية.
وحسبنا أن نذكر مصدر هذه الدعوات لندرك أهدافها ومراميها. فأول من تحدث عن هذا الموضوع كان الدكتور (ويلهلم سبتا) الألماني، الذي وضع كتاب (قواعد اللغة العامية في مصر). فمن هذا الكتاب انبثقت الدعوة الأولى إلى اتخاذ العامية لغة أدبية. وفي هذا الكتاب أيضاً، وضع أول اقتراح لاتخاذ اللاتيني في الكتابة بدل الحروف العربية.
وجاء بعد الألماني (كارل فولرس) (1890)، والإنجليزيان (سلدن ولمور) و(وليم لكوكس) وغيرهم كثيرون، وأخذ هؤلاء ينفثون سمومهم. وقد بلغ الحد بـ (وليم ولكوكس) هذا أن قال في إحدى محاضراته عام 1926: “إن أهم ما يمنع المصريين من الاختراع هو أنهم يكتبون ويؤلفون باللغة العربية الفصحى. ولو ألفوا وكتبوا بالعامية لأعان ذلك على إيجاد ملكة الابتكار وتنميتها”.
أما الدعوة إلى العامية في لبنان، وفقد تزعمها يوسف الخال وسعيد عقل ورشدي المعلوف وأنيس فريحة، وقد كانت صدى للدعوات الأجنبية، وسارت مسارها من حيث الأهداف والغايات.
ويكاد يجمع الباحثون على أن الدعوة إلى العامية هي دعوة استعمارية انساق وراءها الناس عن حسن نية عند بعضهم، وعن سوء نية عند البعض الآخر، وأن الأجانب هم الذين هيأوا لها المال والمنابر والعملاء.
وزعم المستشرقون وأعداء الإسلام لتأييد دعواهم أن اللغة العربية ضعيفة وعاجزة عن مجاراة الركب الحضاري، وأنها أرض صعبة ومعقدة، وأن أبناءها يجدون صعوبة في تعلمها وفهمها.
إن هذه الحركات لا يقصد منها سوى شيء واحد: هدم اللغة العربية لهدم ارتباط المسلمين بإسلامهم. فلا بد من العناية باللغة العربية ومصادرها، وذلك لإعادة النهضة الفكرية عند المسلمين، إذ إنه كلما انتشرت اللغة الفصحى، صار الناس أقرب إلى فهم الإسلام منهم اليوم.
نجيب حسام الدين