العدد 335 - 336 -

السنة التاسعة والعشرون ذو الحجة 1435هـ – محرم 1436هـ / تشرين الأول – تشرين الثاني 2014

(عدالة الإسلام في توزيع الثروة) (3) «تحديد مصادر الثروة وبيان كيفية حيازتها للجميع»

بسم الله الرحمن الرحيم

(عدالة الإسلام في توزيع الثروة) (3)

«تحديد مصادر الثروة وبيان كيفية حيازتها للجميع»

حمد طبيب – بيت المقدس

الإنسان بطبيعته وصفاته الغرائزية -وخاصة غريزة حب البقاء-، يحب المال حباً جماً، ويحب حيازة الثروة بكافة أشكالها بشكل متزايد ، وهذا مظهر من مظاهر غريزة حب البقاء في أي إنسان على وجه الأرض، فإذا ترك المجال للإنسان ولغرائزه ومظاهرها، فإنه يحب أن يحوز جميع الثروات وحده، أو يستحوذ على أكبر قدر مستطاع منها، ويحرم الآخرين من هذه الثروات، قال تعالى: (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا )، وقال: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ).

وقال عليه الصلاة والسلام: «لو أن لابن آدم مثل وادٍ مالاً، لأحب أن له إليه مثله، ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب» رواه البخاري، وكما أنه يحبّ أن يحوز أكبر قدر من الثروات والأموال، فإنه أيضاً لا يبالي _ إذا ترك له المجال _ أيّاً من الأموال حاز، وبأي كيفية حازها، فيجمع الخمر ولحم الخنزير والأفيون والحشيش… ويتعامل بالربا وبالغش والسرقات؛ وغير ذلك من كيفيات الحيازة!! فالإسلام بأحكامه الهادية العادلة المستقيمة حدد:

 أولاً: مصادر الثروة التي يمكن أن يحوزها الإنسان تحديداً دقيقاً؛ بالوصف والأحوال والأعداد والأماكن وغير ذلك، فذكر الإسلام أن الأرض هي مصدر من مصادر حيازة الثروة للجميع، وهي المصدر الرئيس والمهم، ولا يختص بها أحد دون الآخر- إلا ما خصه الشرع-  وذك كما هو الحال في نظم أخرى مثل النظام الرأسمالي. قال عليه السلام: «عَادِيُّ الأَرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ثُمَّ لَكُمْ مِنْ بَعْدُ، فَمَنْ أَحْيَا شَيْئًا مِنْ مَوَتَانِ الأَرْضِ فَلَهُ رَقَبَتُهَا» (السنن الكبرى مرفوعاً) ، وقال صلى الله عليه وسلم: «المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار» (سلسلة الصحيحة الألباني).

ثانياً: حدد كيفية الحيازة لهذا المصدر من مصادر الثروة (الأرض) بالتملك والزراعة والتجارة والصناعة والجهد والمبادلة وغير ذلك من أنواع الحيازة المتعلقة بهذا المصدر الواسع والكبير من مصادر الثروة. قال عليه الصلاة والسلام: «العباد عباد الله، والبلاد بلاد الله، فمن أحيا من موات الأرض شيئاً فهو له، وليس لعرق ظالم حق» (البيهقي في السنن) وقال تعالى: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ). وقد قسم الخلفاء الراشدون الأرض المفتوحة على المسلمين بطرق معينة تحقق المنفعة للجميع دون اختصاص أحد دون الآخر، واصطفوا قسماً منها لمصالح الدولة، فقد روى أبو يوسف في الخراج عن اجتهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرض السواد؛ بحيث تعود منفعتها على الجميع: «وقد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها واضعاً عليهم فيها الخراج، وفي رقابهم الجزية يؤدونها، فتكون فيئاً للمسلمين، المقاتلة والذرية، ولمن يأتي من بعدهم.أرأيتم هذه الثغور، لا بد لها من رجال يلزمونها. أرأيتم هذه المدن العظام لا بد لها من أن تشحن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم فمن أين يُعطى هؤلاء إذا قسمت الأرض والعلوج؟، فقالوا جميعاً: الرأي رأيك، فنعم ما قلت ورأيت، إن لم تشحن هذه الثغور وهذه المدن بالرجال وتجري عليهم ما يَتَقَوَّوْن به رجع أهل الكفر إلى مدنهم. وقد قال عمر فيما قاله: لو قسمتها بينهم لصارت دولة بين الأغنياء منكم، ولم يكن لمن جاء بعدهم من المسلمين شيء، وقد جعل الله لهم فيها الحق بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ) ،ثم قال: فاستوعبت الآية الناس إلى يوم القيامة، وبعد ذلك استقر رأي عمر وكبار الصحابة رضي الله عنهم على عدم قسمة الأرض».

ثالثاً: حدّد الإسلام كذلك تحديداً دقيقاً ينفي الجهالة عن مادة الثروة، ويمكّن الناس من الانتفاع بالثروات العامة التي تعود منافعها للجميع، ولا يجوز لأحد التملك الخاص فيها لعينها؛ كشواطئ البحار والأنهار والممرات المائية والساحات العامة والمراعي… كما حدد الإسلام أنواع هذه الثروة العامة، بأوصافها وأحوالها، فقد ورد في كتاب النظام الاقتصادي (الشيخ تقي الدين النبهاني): «الملكية العامة هي: إذن الشارع للجماعة بالاشتراك في الانتفاع بالعين. والأعيان التي تتحقق فيها الملكية العامة؛ هي الأعيان التي نص الشارع على أنها للجماعة مشتركة بينهم، ومنع من أن يحوزها الفرد وحده. وهذا يتحقق في ثلاثة أنواع هي:

1- ما هو من مرافق الجماعة ، بحيث إذا لم تتوفر لبلدة أو جماعة تفرقوا في طلبها.

2- المعادن التي لا تنقطع .

3- الأشياء التي من طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الفرد من حيازتها».

رابعاً: كما حدد الإسلام تحديداً دقيقاً طرق حيازة الثروة بالجهد والعمل؛ فذكر الأعمال التي يمكن أن يحوز الإنسان الثروة عن طريقها، والكيفية التي يعمل بها الإنسان في هذه الأصناف والمصادر، فذكر العمل والاستصناع والإجارة بأنواعها وأحكام الأجير، قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)، وقال عليه الصلاة والسلام: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه». [وفي رواية: حقه بدل أجره])رواه ابن ماجة، وصححه الألباني) وقال: «التاجر الصَّدوق الأمين مع النبيّين والصدّيقين والشهداء»(الدرّ المنثور)، وقال تعالى: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ).

خامساً: كما حدد الإسلام أيضاً ما يمتلك به الإنسان من مصادر الثروة دون جهد من غير الملكيات العامة، ومن غير الأراضي، وذلك مثل الميراث والأعطيات، والزكاوات… وغير ذلك مما يحوزه الإنسان من أنواع الثروات دون جهد. قال تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ، وقال: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ). وقالB: «‏سوُّوا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثراً لأحد لآثرت النساء على الرجال‏»‏ رواه سعيد في ‏سننه.

والحقيقة أن هذا التحديد المنضبط بوصف الأنواع وبيان كيفية حيازتها، قد جعل الثروة تتفتت بين الناس ولا يستأثر بها أحد دون الآخرين … وجعل هذا التوزيع والتفتيت عاماً لكل فرد دون تمييز، حتى إنه يشمل أهل الذمة من غير المسلمين… وهذا الأمر غير موجود بهذه الطريقة الصحيحة المنضبطة إلا في أحكام الإسلام، فلو نظرنا إلى النظم الرأسمالية المتعلقة بتحديد الثروات وكيفية حيازتها لرأينا أن هذه النظم قد جاءت بأحكام عامة غير مفهمة، ولا تنضوي تحتها جميع أنواع الحيازة للثروة، ولا تحدد ما يمكن حيازته مما لا يمكن حيازته من الأمور العامة، وإذا استثنيَ أمر من الأمور فإنه يحتاج إلى نص قانوني وحده يستثنيه أو يخرجه من العموميات. فمثلاً، اعتبر النظام الرأسمالي  كل شيء مرغوب فيه مادة للثروة يمكن حيازتها والانتفاع بها وبيعها وشراؤها، واعتبر الثمن هو المنظم للتوزيع الحافز على الإنتاج وحده دون أي أمر آخر، ولم يحدد النظام الرأسمالي أحكام الأرض بشكل مفصل بحيث تبين جميع أنواعها وأوصافها، ولا طرق الانتفاع بها تحديداً دقيقاً مفهماً، ينفي الجهالة والاختلاف في طريقة حيازتها والانتفاع بها، ولم يحدد الثروات العامة في باطن الأرض وخارجها، ولا في الغلاف الجوي ولا طرق توزيعها على الناس بوصفها تخص الجميع من أبناء المجتمع… وهذا بالتالي جعل موضوع حيازة الثروة ليس فيه أي وجه من أوجه العدل من حيث التوزيع، فترى الرأسمالي يحوز أكبر قدر من الثروات الطبيعية في باطن الأرض والتي تقدر بالمليارات عن طريق الشركات الخاصة، مقابل ما يدفعه للدولة من ضريبة، وباقي الناس محرومون من هذا المصدر الطبيعي الذي خلقه الله للجميع دون تمييز…

وزاد الطين بلة ما سنَّه قانون الغرب من كيفية الحيازة للثروات عن طريق جهاز الثمن، حيث جعل هذا الأمر منحصراً فيمن يستطيعون الحيازة، ولا يمكّن غيرهم من هذا الأمر، فلا يستطيع الفرد في أميركا أو أوروبا تملك قطعة أرض للزراعة أو للبناء إلا عن طريق الثمن، ولم يعالج النظام الرأسمالي الطرق المعوجة في الحيازة كالغش والسلب والنهب -كأصل من أصول المنع أو الحرمة-  إنما جعل ذلك لمن يقع تحت طائلة القانون، وإذا لم يقع تحت طائلة القانون، فإن المال الذي حازه حتى عن طريق السرقة عندهم محترم، وهو طريق صحيح من طرق التملك والحيازة ما دام القانون لم يضبطه!!.

والنظام الاشتراكي كان أسوأ من النظام الرأسمالي في تحديد مصادر الثروة وطريقة حيازتها حيث جعل المال جميعاً في (سلة واحدة)؛ وهو ملك مشاع تشرف عليه الدولة، وألغى كل الطرق في الحيازة إلا من بعض الأمور الخاصة الفردية الضيقة والمحدودة.

وهذا الأمر -في ترك الأمور هكذا على عموميتها- في النظام الاشتراكي- جعل الدولة تتحكم في كل شي، وأُلغي كل أنواع  التحفيز والإبداع الفردي، مما جعل الصناعة والزراعة والتجارة  في هبوط وتأخر عن  ركب الرأسماليين، وجعل الإنسان خاملاً لا يبدي أيّ رغبة ولا اهتمام في الإبداع والعمل، وقد أدى كل ذلك إلى تهاوي هذا النظام وسقوطه بغير رجعة.

فتحديد أنواع الثروات ومصادرها بشكل منضبط  تميَّز به الإسلام عن النظامين اللذين سادا وجه الأرض في العصر الحديث، وهذا بالتالي جعل الثروة تذهب إلى جميع الناس دون تمييز، وجعل الإنسان قادراً على الانتفاع بمادة الثروة حتى و لو لم يكن غنياً رأسمالياً -كما هو عند الغرب- لأن المال يمكن أن يصل إليه بعدة طرق أخرى مثل توزيع الثروة العامة أو الأعطيات أو غير ذلك…كما أن تحديد الثروة وضبطها قد منع الأنواع الضارة من الحيازة لدى الناس؛ مثل المخدرات والخمور وغير ذلك من كل ألوان الضرر على المجتمع وعلى الفرد، وحافظ في نفس الوقت على ثروات الناس من الاعتداء والسرقات وغير ذلك من طرق حرمها الإسلام ديانة وعقوبة.

وهذا كله من رعاية المولى عز وجل للناس ومن عدله في كل شيء، وإحاطته بكل شي، فهو أعلم من الإنسان بنفسه، ومحيط بكل أمر يجلب الخير لهذا الإنسان ويدفع عنه الشر، قال تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ )، وقال: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ )، وهذا بعكس هذه النظم الوضعية التي أرهقت الناس، وجلبت عليهم الشقاء والضنك وأحدثت بينهم المشاكل والعداء والبغضاء… وهذا مصدقاً لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) وقال: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ). وقوله عليه الصلاة والسلام: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلْنَا: لَا وَاللَّهِ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لَا تَطْرَحَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ B: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» أخرجه البخاري

نسأله تعالى أن يكرمنا عما قريب بتطبيق هذه الرحمة والعدل ليعمَّ الخير كل ربوع المسلمين، ويرتفع من أرضهم الذل والحرمان… آمين.    (يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *