العدد 239 -

العدد 239 – السنة الواحدة والعشرون ، ذو الحجة 1427هـ، الموافق كانون الثاني 2007م

مشعل.. يحبط حزب التحرير…

مشعل.. يحبط حزب التحرير…

 

نشرت «آخر لحظة» السودانية في عددها الصادر في 29/11/2006م هذا المقال: ونحن ننشره لأن فيه وفي التعليق عليه إفادة، ومما جاء فيه:

«وأنا أحمل حباً دافقاً ووداً خالصاً لأحبتي في حزب التحرير… لا بل هو إعجاب يتطاول حتى حواف الكون… إعجاب مصدره تلك المثابرة وروح التحدي والجد والإخلاص للقضية والاستهانة بكل عائق أو معوق يعترض سبيل دعوتهم التي يخلصون لها في جسارة وبسالة… إعجاب يصل بي حدود الدهشة والعجب، وكيف أنهم يكادون يغطون الوطن، كل الوطن، بمطبوعاتهم وبياناتهم التي ما تركت شأناً صغر أو عظم إلا وكان لهم فيه رأي وإسهام… وأدهش وأعجب وأنا أكاد أجزم بأن لهم مكتب إعلام لا يكاد يغفو أو ينام… يفعلون كل ذلك ووسيلتهم «عربة تاكسي» متهالكة لا تترك داراً للنشر أو جماعة للفكر إلا وكانت هذه العربة تغشى الهدف، يترجل منها شابان لا أظن أن هناك مثلهما من نذر نفسه لقضية مثلهما… وأيضاً يعجبني فيهم سعة الصدر والاستعداد لسماع الرأي الآخر في سماحة وطيب خاطر… بل في حب وود وسمو أخلاق… هذا ما تفرضه علي أمانة الكلمة وأنا أكتب عنهم مستوحياً فقط رقابة ضميري والخالق…

ولكن لا يعني أنني أرى ما يرون أو أعتقد ما يعتقدون، نعم نحن نتلاقى في جل القضايا الوطنية والهم السوداني الصميم… بل نكاد نتطابق في كل أمر يهم السودان…

أما خلافي الجوهري والذي يجعلنا -وأنا وهم- خطان متوازيان لا يلتقيان إلا على كراسة «بليد»… إنهم يدعون إلى الخلافة الإسلامية… وأنا أيضاً «أتمنى»… و«أحلم» و«أشتهي» الخلافة الإسلامية…

ومن منا لا يتوق إلى تلك الأيام الحافلة بالألق والروعة والمجد؟!… من منا لا يتمنى أن نعود القهقرى إلى أيام دوحة النبوة وعطر التاريخ؟!… من منا لا يحلم بعودة العدل والرحمة والقوة ورايات الإسلام ترفرف عالية، وتحتها تمور الأمة، يمشي الورع و«يقدل» العدل، وتنتشر الرحمة، ويعم البلاد الاطمئنان والسلام؟!… من منا لا تدهشه تلك القصص والتي هي أشبه بالأساطير، وعلي ابن عم رسول الله وزوج فاطمة الزهراء يقف أمام «عمر» الفاروق، فقد قام بشكواه يهودي؟!… من منا لم تطفر الدموع من عينيه إعجاباً وحباً لذاك الموقف عندما رفض «علي» واحتج على أمير المؤمنين الذي خاطبه بـ(أبا الحسن)… فقد رأى «علي» في ذاك تمييزاً له على خصمه اليهودي؟!…

نعم نحن نحلم بالخلافة ولكنها أمانٍ في الصدور… ونسأل: هل يمكن أن تعود تلك الأيام؟.. فالزمان غير الزمان والمكان غير المكان… والمعطيات التي أمامنا وبين أيدينا تقول: إن الحرب صارت رقمية كل أسلحتها بيد الغرب… والثروات كل جداولها تصب في موانئ الغرب… والعقول التي تعكف على معاهد البحث العلمي غربية… والأمة الإسلامية تلهث في ذيل الركب… وحتى ذكرياتنا عن آخر خلافة إسلامية هي أيام ذاك «المسكين» عبد الحميد… وكيف كنّا نسخر وأستاذنا يسخر وهو ينشدنا قصيدة ذلك الشاعر وهو يسخر «قالوا اعتزل قلت اعتزلت الحكم لله القدير…».

أما آخر طعنة نجلاء أصابت حزب التحرير في مقتل، هو ما ورد بالأنباء فقط بالأمس، والسعودية تزمع إنشاء جدار خرصاني بطول تسعمائة كيلومتر ينجز في خمس سنوات بينها وبين العراق، وأحبتنا في التحرير ظلوا يقاتلون حتى آخر كلمة ضد الحدود الوهمية… أما الذي دلق جردل ماء مثلج على جذوة شعلة التحرير المتقدة هو ما صرح به «مشعل» وهو يوافق على قيام دولته دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران… وهذا آخر سهم ترمى به أحلام شباب التحرير… ليستقر تماماً في كلمة «المستحيل» والخلافة أمر مستحيل، ولن يكفي نبل مقصدكم».

الوعي: قرأنا الكلمة وأحببنا في الكاتب المؤمن الغالي حبه للخلافة وذكره العطر لأيامها، ولكننا نقول له بكل حب، حب المؤمن للمؤمن، إن ما تشكو منه ستكفيكه الخلافة الراشدة إن شاء الله تعالى. فلن يبقى بعدها حكام يقيمون السدود بين المسلمين بينما يفتحون الحدود مع يهود. ونقول أيضاً للمؤمن الغالي أن بشائر النصر قد آذنت وبدأت ملامحها على أرض الواقع لتتلاقى مع جميل وعد الله الصادق، المنقول عن نبي الرحمة فيما يعتبر من دلائل نبوته والقائل: «ثم تكون خلافة راشدة…» و«تقاتلكم يهود فتقتلونهم…» وإن غداً لناظره قريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *