العدد 402-403-404 -

السنة الرابعة والثلاثون – رجب – شعبان – رمضان 1441هـ – أذار – نيسان – أيار 2020م

بحجة كورونا يريدون تعطيل شعائر العبادة في رمضان

 

يأتي رمضان هذا العام على غير الوجه الذي اعتدنا أن نستقبله فيه، وعلى المسلمين أن يتنبَّهوا كثيرًا للأجواء الكئيبة التي يحاول من لا يريدون الخير لشهر الخير أن يكون المسلمون عليها، إنهم يحاولون أن يغيروا الوجه المألوف في عبادته بأن تكون مظاهر العبادة العامة الجماعية فيه خاوية: فتقوم وزارات الشؤون الدينية بأمر من حكوماتها في مختلف بلاد المسلمين بفتاوى معلَّبة، بالإضافة إلى استمرار إغلاق المساجد ومنع صلاة الجماعة فيها وتعطيل صلاة الجمعة من قبل… تقوم بحظر صلاة التراويح فيه التي كانت تضيق المساجد الكبرى عنها فتمتد صفوف الصلاة فيها إلى خارجها وتقفل لها الطرقات من حولها، وحظر الاعتكاف وجميع أشكال أنشطة الإفطار الجماعي، وحظر العمرة الخاصة في رمضان التي يحرص عليها المسلمون فيكون عديد المعتمرين أكثر من عديد الحجاج، لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً معي». بل أكثر من ذلك يأتي الإعلام التافه ليخترع جدلًا حول فريضة الصوم نفسها، وهي هل يجوز للمسلم أن يفطر بسبب فيروس كورونا باعتبار أن حفظ الأنفس وصيانتها مقدم على أداء العبادات… وهكذا يهدف من لا يريد الخير للمسلمين أن يزيلوا عن رمضان صفة العبادة الجماعية، والاستعاضة عنها بالانكفاء في البيوت والاستسلام للمسلسلات التافهة، وجعل الفنانين والفنانات هم نجوم هذا الشهر الكريم، وهذا المنع والحظر إنما  يخرج بقوانين من الدولة ويعطى صفة الإلزام… إن هؤلاء الذين بيدهم أمر المسلمين ويصدرون أوامر الحظر والمنع يسيرون دائمًا بالاتجاه المعاكس لما يشرعه الله، ولقد جاء هذا الفيروس وكأنه فرصة ينتظرونها ليأخذوا مثل هذه القرارات؛ حيث إن كل مظهر من مظاهر وحدة المسلمين كانت تؤرقهم، وكانوا لا يستطيعون أن يفعلوا شيئًا تجاهها حتى لا تكون الأمور مكشوفة ضدهم، كانوا يحاولون أن يلعبوا بميلاد القمر في أول كل رمضان من كل عام حتى لا يكون المسلمون على يوم صوم واحد ولا على يوم عيد واحد… إننا نذكر المسلمين أن دينهم دين أمة لا دين أفراد، ودين وحدة لا دين اختلاف، ودين دولة ودستور وقوانين ولا يجوز حصره بالعبادات ولا بالأخلاق…

 إن على المسلمين أن يعوا تمامًا أن حكامهم ذئاب، وأينما يوجهونهم لا يأتون بخير. إن جائحة كورونا مرت في عهد الخليفة الراشد سيدنا عمر بن الخطاب، وقد تعامل معها وكبارَ الصحابة تعاملًا إيمانيًا وملتزمًا بالأحكام الشرعية في الحجر الصحي… ولم يمنعهم هذا من إقامة كل شعائر العبادات ومنها الجهاد، على الوجه الذي لا يخالف أحكام الشرع… إن على المسلمين أن يأخذوا أمرهم بيدهم بحيث يكونون محتاطين من المرض، ولكن من غير أن تعطل لهم عبادة. وإذا كان للمرض ضرورات، فإن كل ضرورة تقدر بقدرها. فلا حظر عام، وفي الوقت نفسه لا إطلاق عام… وهنا ياتي دور العلماء الربانيين لا العلماء الرسميين علماء السلاطين…   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *