العدد 398 -

السنة الرابعة والثلاثون – ربيع الأول 1441هـ – ت2 2019م

خدعة «رفع السريّة المصرفيّة»: أموال السياسيين موجودة خارج لبنان

خدعة «رفع السريّة المصرفيّة»: أموال السياسيين موجودة خارج لبنان

 

جاء في جريدة «المدن» الإلكترونية أن الإشارة إلى رفع السريّة المصرفيّة تتكرر بوصفها حلًا سحريًا وفيه شفافية لمسألة الإثراء غير المشروع لدى السياسيّين في لبنان. إن رفع السرية المصرفية في لبنان لا يكشف فعليًّا الجزء الأكبر من الأموال السائلة الناتجة عن أنشطة الإثراء غير المشروع؛ لأنها تذهب عادةً إلى حسابات خاصّة في سويسرا والجنّات الضريبيّة حول العالم. وهذا ما كشفته في السنوات الماضية جميع التسريبات التي أظهرت كمًّا هائلًا من الأموال المملوكة من السياسيين اللبنانيّين في هذه الدول. فعلى سبيل المثال، تضمّنت تسريبات سويس ليكس عام 2015م قائمة بمئة ألف حساب مصرفي في الفرع السويسري لبنك «أتش أس بي سي»، يستعمل أصحابها نظام السريّة المصرفيّة المعمول به هناك للتهرّب الضريبي، وإخفاء مصادر الأموال المودعة. وفي هذه القائمة، حلّ لبنان في المرتبة 12، وقد تضمّنت اللائحة المذكورة أسماء كبيرة معروفة على الساحة اللبنانيّة مثل آل المر والوزير السابق محمد الصفدي والوزير السابق جورج أفرام والوزير سليم جريصاتي. فالتجربة تكشف أنّ كبار المسؤولين قلّما يقومون بإيداع الجزء الأكبر من الأموال الناتجة عن أنشطة غير مشروعة تحت أسمائهم الخاصّة؛ إذ يتم تنظيم هذه الأنشطة تحت أسماء شركات مملوكة من شركاء آخرين، بينما يتم تنظيم عمليّة التحكّم بها من خلال وكالات خاصّة غير قابلة للعزل. وفي هذه الحالات، لا يمكن لرفع السريّة المصرفيّة للحسابات المملوكة مباشرةً من السياسيين أن يكشف وجود هذه الأموال أو أن يتعقّب حركتها. وهكذا تبدو الأمور معقّدة أكثر على المستوى العملي؛ إذ يملك المستفيدون من الأنشطة غير المشروعة هامشًا واسعًا للمناورة وإخفاء الثروات. خصوصًا أن جزءًا كبيرًا من الأموال اللبنانيّة السائلة جرى نقلها خلال سنوات الأزمة الاقتصاديّة إلى مصارف في الخارج، خوفًا من الضغوط الماليّة القاسية التي تعرّض لها النظام المالي في لبنان خلال هذه السنوات. بينما قام جزء آخر من أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة بتحويل الأموال إلى استثمارات تجاريّة خارج النظام المصرفي وخارج لبنان للأسباب نفسها. في المحصّلة، يمكن القول إن هناك تبسيطًا كبيرًا لمسألة المحاسبة، حين يتم ربط استعادة الأموال المنهوبة بقانون يعالج الموضوع من زاوية رفع السريّة المصرفيّة، خصوصًا أن أقطاب السلطة السياسيّة القائمة والتي ستشرف على هذه العمليّة هم أنفسهم المستفيدون النهائيون من أنشطة الإثراء غير المشروع. وهكذا فإن أي جهد للمحاسبة لا بد أن يمر حكمًا بتحوّل على مستوى الممسكين بالقرار السياسي، قبل أن يتم تطبيق أي آليّة للمحاسبة وتتبّع أموال الإثراء غير المشروع.

الوعي: إن ما لوَّح به رئيس الجمهورية في لبنان ميشال عون من رفع السرية المصرفية عن حسابات السياسيين في لبنان، وما أظهره الرئيس ميقاتي من استعداده لكشف السرية المصرفية عن حساباته… لن يصل إلى نتيجة؛ لأنه كما يقال «حاميها حراميها» وأول المطر في هذا الموضوع حوارة وليس خير، فها هي القاضية غادة عون أصدرت لائحة بأسماء عدد من الشخصيات السياسية ليس فيها أحد من التيار الوطني الحر، ومن ضمن من فيها نجيب الميقاتي وأخوه طه الذي توجد مذكرة سورية بحقه واتهامه بسرقة الشعب السوري؛ ما يشير إلى وجود عدم نزاهة من أول الطريق، وأن الطبع يغلب التطبع. وكلامنا هذا لا يقصد منه تبرئة أحد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *