العدد 329 -

السنة الثامنة والعشرون جمادى الثاني 1435هـ – نيسان 2014م

جزائر «الاستقلال»: بين حقد جنرالات فرنسا وخبث عملاء الإنجليز (4) – الأخير

بسم الله الرحمن الرحيم

جزائر «الاستقلال»:

بين حقد جنرالات فرنسا وخبث عملاء الإنجليز (4) – الأخير

صالح عبد الرحيم – الجزائر

هذا هو واقع الجزائر اليومَ حتى هذه اللحظة – مع بداية أفول نجم عبد العزيز بوتفليقة. وهذه هي حصيلةُ ما ينبغي أن يُفهم على ضوئه التجاذبُ بين القوى السياسية أو بالأحرى السياسية والعسكرية الموجودة في الساحة، وبين الأطراف الفاعلة في مجتمع الجزائر المدجَّن والمشتت سياسياً، في غياب نفوذٍ قوي لطرفٍ دولي مناوئ للنفوذ الأوروبي على الصعيد السياسي. وفي ضوئه وبناءً عليه يمكن للمتتبع أن يفهم مآل الوضع السياسي في الجزائر وأن يتوقع ما يأتي، خصوصاً وأن الجزائر مقبلةٌ على استحقاقات هامة، منها تغييرات أو تعديلات في الدستور ربما قبل نهاية 2013م أو في بداية 2014م سوف يجري تمريرها عبر البرلمان (الجاهز دائماً لمثل هذا الدور)، قد يكون من ضمنها استحداثُ منصب نائب للرئيس (وأشياء أخرى)، ثم بعد ذلك انتخابات رئاسية في شهر 4 من سنة 2014م قد لا تقع بالمرة إذا ما تم التوافق على صيغةٍ معينة مبتكرةٍ (غير الانتخابات) لملء موقع الرئاسة بما يَضمنُ الاستمراريةَ للنظام القائم.

وفي هذا السياق تجدر الإشارةُ إلى أن أميركا لا تزال تلعب على ورقة وجود الإرهاب في الصحراء الأفريقية الكبرى من أجل الولوج إلى المنطقة من بوابة مواصلة مكافحة الإرهاب، ومن خلال المشاريع والاستثمار،   وعينُها على ثروات البلاد من نفط وغاز ومعادن منها الذهب واليورانيوم خاصة، وغيرها. وفي ذات الوقت نلاحظ في هذه الأيام مسارعةَ فرنسا المحمومة نحو استرجاع (أو المحافظة على) مصالحها الاقتصادية والسياسية والثقافية في منطقة الساحل وفي الجزائر، وهي في سباق مع الزمن لم نشهد له مثيلاً من قبل، من أجل ربح الوقت في ربط الجزائر مع فرنسا على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

ومع بداية الانتفاضات الشعبية والثورات التي تجتاح البلادَ العربية في هذه الآونة، بدت الجزائر كأنها تجاوزت خطرَ ثوراتِ الشعوب من أجل التغيير، على الأقل من منظور الرسميين، إلا أن النظام بات متخوفاً كغيره من الأنظمة في البلاد العربية خاصة، ويتوجس ويترقب الأسوأ بالنسبة له في كل حين، ما جعله يحاول استباقَ الوضع بمباشرة إصلاحاتٍ وتغييرات شكليةٍ عبر استشارات سياسية مسرحية مع منْ يختارهم هو مِن الشخصيات، ويسعى لتقديم تسهيلاتٍ مادية مغرية (رشوةً) للشباب في شكل قروض ووظائف وسكنات وغيرها، لعلها تمتص شيئاً من غضبِ الشارع وشيئاً من السخط الذي بات يتراكم يوماً بعد يوم.كما باشر النظام إعادةَ تشغيل بعض المؤسسات العمومية (أو بعث الحياة فيها) في محاولة لتخفيف البطالة، وشراء السلم الأهلي.

ستكشف الأيام المقبلةُ عما في جعبة الفريق الحاكم من قدرة على المناورة ومن أوراق سياسية وتدابير ستظهر بوادرها تباعاً، ومن قوى وشخصيات سياسية غير معروفة ولربما معروفة قد تطفو على السطح من جديد (يُلقي بها النظام في الوسط السياسي) مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في شهر أبريل (نيسان) 2014م (المفترض وقوعها) التي سوف يسفر الصراعُ على نتيجتها في غالب الظن على توافقٍ جديد، بدأ يظهر أن كلَّ طرف يسعى من الآن لتعزيز موقفِه وموقعِه فيه، بغض النظر عمن سيكون في الواجهة رئيساً.

والخلاصةُ أن الثابتَ في الجزائر منذ انتهاء ثورة التحرير في 1962م أن أمورَ الحكم في هذا البلد تسير بشكل توافقي بين أطراف النفوذ فيه. وليس هذا يعني أن السلطةَ تخرج أحياناً عن هيمنة الجيش ثم تعود إليه، إذ لم يكن العسكرُ في منأى عن دفة الحكم وشؤون السياسة يوماً في الجزائر منذ «الاستقلال»، بل من أيام الثورة (و هذا هو ضمانة أن يبقى البلد في يد المستعمِر ما بقيت الجمهورية !!!!…؟؟؟؟)، وبالأخص منذ مؤتمر طرابلس في 1959م، الذي تمخض عنه – كما أسلفنا – إنشاءُ هيئة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني (في يناير 1960م)، التي أُسندت قيادتها إلى العقيد هواري بومدين (بتأثير وتدبير خفي من الإنجليز).

ثم تعزز على أثر إنشائها دورُ جيش الحدود (المدرب والمسلح بشكل جيد) الذي ناهز تعداده الـ 35 ألفاً غداة 62م. وبعد الانقلاب على الحكومة المؤقتة (التي كانت تتهيأ لاستلام البلد من المستعمِر الفرنسي وتسييرِ مرحلة الاستقلال)، وبعد إبعاد رجالها فيما عُرف بانقلاب 62م، كان طبيعياً أن يكون قائد هيئةِ الأركان بومدين هو وزير الدفاع في مرحلة ما بعد 62 (مع بن بلا رئيساً للجمهورية في الواجهة لا غير، تماماً كما فُعل بمحمد نجيب بعد نجاح انقلاب الضباط الأحرار الذي أزاح الملكيةَ في مصر فيما سمي ثورة 23 يوليو 1952م، التي رسَّخت فيما بعد النفوذَ الأميركي هناك بمجيء عبد الناصر ومن بعده!!)، وكان طبيعياً أن يُصبح عبد العزيز بوتفليقة وزيراً للخارجية طوال فترة حكم بومدين أي في مرحلة ما بعد 65م (إلى نهاية 78م)، علماً أن ضباط فرنسا الذين زرعتْهم أيام ديغول في جيش التحرير – خاصة بين 1956م و1958م – لم يكونوا غائبين عن المشهد ولا عن ثكنات بومدين. وبهذا صار لـ «مجموعة وجدة» (وكان بوتفليقة ولا يزال من أهم وأبرز رجالاتها، وكانت تربطه علاقة جد خاصة مع بومدين) صار لها السطوة    والحظوة في الاستيلاء على مقاليد الحكم وقتها، مع جبهة التحرير الوطني –  بما لها من شرعيةٍ ثورية وكأداة لممارسة الحكم والسيطرةِ على المجتمع – في الواجهة.

وكان طبيعياً أيضاً أن يؤول جهاز المخابرات الذي كان يشرف عليه عبد الحفيظ بوصوف في الحكومة المؤقتة (تحت اسم وزارة الاستخبارات والتسليح) إلى حوزة وزارة الدفاع والهيئةِ العامة للأركان، ليكون تحت سلطة الجيش (علماً أنه كما أسلفنا كان لبومدين جهاز مواز للاستخبارات خاص به وبجماعته منذ نهاية الخمسينات مَكَّنه بدعم من الجهات الأجنبية التي كانت ترعاه، أي الإنجليز، من السطو على السلطة في البلد في اللحظة المناسبة، أي في حزيران 65م)، ليُسند -مُدمجاً بعد ذلك مع جهاز بومدين الخاص- إلى قاصدي مرباح تحت اسم «الأمن العسكري» لغاية 1979م، أي لغاية اللحظة التي تمكن فيها ضباطُ فرنسا في الجيش الجزائري من إبعاد بومدين، الذي كان كما هو معروف يسيطر في الوقت ذاته على الرئاسة  والجيش الشعبي الوطني (سليل جيش التحرير) بما فيه الاستخبارات، وكان هذا بلا شك هو سر قوته، تمكنوا من إبعاده ورجاله والبروز للسطح والمضي قدماً لأخذ ما أمكنهم من مقاليد الحكم منذ الأيام الأولى لمجيء بن جديد رئيساً، وكانت أول وأبرز خطوة قاموا بها آنذاك هي إعادة الهيكلة للجهاز المذكور بما يتفق وخطتهم مع مطلع الثمانينات (وإسناده إلى الضابط لكحل عياط في 1981م).

ولهذا فإن التوصيف الصحيح والدقيق لما يجري منذ «الاستقلال» في 1962م إلى الآن، هو أن الصراع على السلطة حقيقةً في هذا البلد – الممسوك أوروبياً – هو بين مجموعة وجدة التاريخية النافذة (المرتبطة بالإنجليز) من جهة، وضباط فرنسا في الجيش الجزائري (أصحاب انقلاب92م) من الجهة الأخرى، أي بين عملاء بريطانيا وعملاء فرنسا، وكل واحد من هذين الطرفين في الداخل يسعى لتكون له اليد الطولى – بدعم من الجهة الأجنبية التي تسنده- وتكون له اليد العليا والهيمنة الكاملة على أهم وأبرز مراكز اتخاذ القرار وممارسة الحكم الثلاثة في الجزائر وهي: هيئة أركان الجيش، وجهاز الاستخبارات، والرئاسة التي يقررها ويفرضها دائماً العسكر بتدبير من الخارج.

وإلا فإن جهاز الاستخبارات هذا منذ نشأته إلى الآن هو نفسه من قوام الجيش والعسكر، بدليل التسمية الأخيرة له عندما أعيدت هيكلتُه مرة أخرى تحت اسم جديد في يوم 4/9/1990م بقيادة العقيد محمد لمين مدين المدعو توفيق (الذي كان برتبة عقيد في ذلك الوقت)، وذلك بأمر من وزير الدفاع آنذاك الجنرال خالد نزار، وهو إلى اليوم – أي هذا الجهاز – قسمٌ من الجيش وبهذه التسمية، أي قسم أو جهاز الاستعلام والأمن.

إلا أن جهاز الاستعلامات هذا (العسكري في لباس مدني) يكتسي أهميته وتميزَه عن بقية الجيش من قوته التأثيرية في الشأن السياسي والحياة المجتمعية، أي من ميزته المتمثلة في أنه هو صاحب الذراع الطولى داخل الطرف المدني في المجتمع والعسكري معاً، أي في جميع المؤسسات في الدولة والمجتمع دون استثناء، وبالأخص: الإعلام والإدارة والقضاء والتعليم والشرطة والجيش، وحتى الهيئات التمثيلية والتشريعية والوزارات، بل وداخل السفارات والأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والمساجد والمؤسسات الاقتصادية وغيرها… وتتوفر له كل إمكانات الدولة والوسائل المادية، وله القدرة على تشكيل الوسط السياسي والإعلامي والذهاب بعيداً في أساليب الكبت والإخضاع إلى حد التصفية، فضلاً عن التحييد أو الإقصاء بالضغط السياسي والمعنوي وبالدعاية والتزوير والرقابة (المقص) والتجسس والملاحقة والتضييق والإغراء وغير ذلك. ولهذا بات ركيزةً أساسية في منظومة الحكم في الجزائر.

وبناء على ما سبق فإن دفةَ الحكم في الجزائر يُسيرُها كل هؤلاء – وهو ما يطلق عليه تسمية النظام – بتوافق أوروبي محكمٍ بعيداً لحد الساعة عن النفوذ السياسي الأميركي المباشر (خلافاً لما هو عليه الوضعُ الآن في مصرَ وسوريا)، وكل ما يظهر من صراع خاصةً في لحظات معينة من التجاذب على خلفية استحقاقاتٍ رئاسية مثلاً أو غيرها من المحطات المهمة، فإنه بلا شك صراع حقيقي على المواقع، كل زمرة تسعى لتعزيز نفوذها في المواقع الثلاثة المذكورة أعلاه للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب والمنافع، والجميع يعلم يقيناً أنه ليس بإمكانه إبعاد الطرف الآخر نهائياً. إلا أنه في لحظة معينة من تاريخ الصراع، قد تكون كل هذه الجهات الثلاثة أو بعضُها بيد هذا الطرف أو ذاك من هؤلاء العملاء – الذين اتخذوا الكفارَ من اليهود والنصارى أولياء – إلى حين. والله تعالى يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ )

والسؤال الجدير بأن يُطرح في النهاية هو: هل هؤلاء حكامٌ وساسة لشعوب مسلمة، أم أزلام للاستعمار البغيض الحاقد على الأمة الإسلامية في بيئة خبيثةٍ أوجدها المستعمِر في بلاد المسلمين على أنقاض الخلافةِ الإسلامية التي كانت تتمثل في الدولة العثمانية إلى غاية 3/3/1924م، يتصارعون فيها على المكاسب والمنافع كوحوش الغاب لصالح المستعمِر الأجنبي. ومن يطَّلعْ من قريب على أحوالهم وظروفهم الخاصة وفيما بينهم ووسط عائلاتهم وأذنابهم يجدْ عجاباً من سوء حالهم، أقلُّه أنهم ليسوا منا قلباً وقالباً، وأكثره نترفع عن ذكرها قال تعالى: ( وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ )

لذا وجب طرحُهم جميعاً جانباً وإعادةُ صرحِ الخلافة الشامخ في ربوع البلاد الإسلامية على أنقاضهم لكي تُستأنفَ الحياةُ الإسلامية من جديد، وإلا فلن تستقيم أمورُ الأمة كما يرضى رب العالمين، قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )

وإذا كان من البديهي أنه لا يتأتى للمسلمين أن يحملوا دعوتهم ويقيموا دولتَهم دون فهم واقع ما يجري محلياً ودولياً، فهل يرضى المسلمون بنقائهم وصفائهم – بعد أن حكموا الدنيا بالإسلام قروناً عديدة – أن يحكمهم في بلادهم أمثالُ هؤلاء ؟!

لقد كان لا بد من العودة إلى شيء من وقائع العقود الماضية لكي يُفهم على ضوئه ما يحدث الآن في «جزائر الاستقلال»، ما سيُمكِّن العاملين – بلا شك – من فهم وكشفِ حقيقة الصراعِ وطبيعة التحديات، في هذا الجزء من البلاد الإسلامية، ويمكُّنهم من معرفةِ أساليب العمل على أساس الإسلام الذي هو حصن الأمة المنيع، من أجل تغيير واقعها المرير، وقطع دابر العدو المستعمِر المتربص بها إلى غير رجعة. ولن يكون ذلك إلا بإقامة دولة الخلافة والسعي لبسط نفوذها على جميع أقطار البلاد الإسلامية على اتساعها، من أجل تحريرها كلها نهائياً، وحمل دعوة الإسلام إلى العالم، وهذا هو الهدف الذي من أجله وُجد وقام حزب التحرير.q

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *