العدد 385 -

السنة الثالثة والثلاثون – صفر 1440هـ – ت1 / أكتوبر 2018 م

مواقف العلماء الربانيين من الحكام، وتحذيرهم من مواقف السوء

مواقف العلماء الربانيين من الحكام، وتحذيرهم من مواقف السوء

 

كانت حياة الصحابة والسلف الصالح من بعدهم نبراسًا في طاعة الله ورسوله، وأولهم العلماء، فقد أخذوا كلام رسولهم على محمل الجد والالتزام حتى استطاعوا أن يكونوا استمرارًا لعهد الرسول من بعده، واستحقوا وصفه لهم بأنهم خير القرون، وأنهم من التابعين له بإحسان، ولعل موقف العلماء من الحكام يجب أن يكون من أهم أعمالهم، فالمنكِــــر منهم على الحاكم الظالم ظلمه هو من أعلى درجات الشهداء عند الله، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: “سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله” وفي رواية: “أفضل الجهاد كلمة (عدل) حق عند سلطان جائر”

وهذه طائفة من الآثار الطيبة، من الصحابة ومن بعدهم ممن على دربهم مشى، وآثارهم اقتفى، واتخذهم نجومًا بها يهتدى، وهي آثار تحذر كل الحذر العلماء من الخروج عن هذه الجادة، بالدخول على السلطان، وتحذر من علماء السلاطين والذين كثروا في أيامنا هذه إلا من رحم الله.

– أخرج الدارمي في مسنده، عن ابن مسعود، رضي الله عنه قال: «من أراد أن يكرم دينه، فلا يدخل على السلطان».

–  وأخرج البيهقي، عن ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: «إن على أبواب السلطان فتنًا كمبارك الإبل، لا تصيبون من دنياهم شيئًا إلا أصابوا من دينكم مثله».

– وأخرج البخاري في تاريخه وابن سعد في «الطبقات» عن ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: «يدخل الرجل على السلطان ومعه دينه، فيخرج وما معه شيء».

– قال عبد الله بن المبارك (رحمه الله): “من بخل بالعلم ابتلي بثلاث: إما موت يذهب علمه، وإما ينسى، وإما يلزم السلطان فيذهب علمه”.

– وقال أبو حازم، سلمة بن دينار: “إن خير الأمراء من أحب العلماء، وإن شر العلماء من أحب الأمراء”.

– قال أبو الأسود الدؤلي: “ليس شيء أعز من العلم، الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك”.

  • قال سليمان بن مهران الأعمش (رحمه الله): “شر الأمراء أبعدهم من العلماء، وشر العلماء أقربهم من الأمراء

“.

  • قال ابن الجوزي (رحمه الله): “ومن صفات علماء الآخرة أن يكونوا منقبضين على السلاطين، محترزين عن مخالطتهم. قال حذيفة رضي الله عنه: “إياكم ومواقف الفتن، قيل: وما هي؟ قال: أبواب الأمراء، يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه”.

  • جاء في إحياء علوم الدين للإمام الغزالي: فساد الرعايا بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه، ومن استولى عليه حب الدنيا؛ لم يقدر على الحسبة على الأراذل، فكيف على الملوك والأكابر”

  • ، ويقول الغزالي (رحمه الله) كذلك: “فهذه كانت سيرة العلماء وعادتهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقلة مبالاتهم بسطوة السلاطين؛ لكونهم اتكلوا على فضل الله تعالى أن يحرسهم، ورضوا بحكم الله تعالى أن يرزقهم الشهادة، فلما أخلصوا لله النية؛ أثَّر كلامهم في القلوب القاسية فليَّنها وأزال قساوتها”.

 

 

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: «إنَّ أولَ الناسِ يُقضى يومَ القيامَةِ عليه، رجُلٌ استُشهِد، فأتى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: قاتَلتُ فِيكَ حتى استُشهِدتُ، قال: كذَبتَ، ولكنَّكَ قاتَلتَ لِأَنْ يُقالَ جَريءٌ، فقد قيل، ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه حتى أُلقِيَ في النارِ. ورجُلٌ تعلَّم العِلمَ وعلَّمه وقرَأ القرآنَ. فأُتِي به، فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه وقرَأتُ فيكَ القرآنَ، قال: كذَبتَ، ولكنَّكَ تعلَّمتَ العِلمَ لِيُقالَ عالِمٌ، وقرَأتُ القُرآنَ لِيُقالَ هو قارِئٌ، فقد قيل، ثم أمَر به فسُحِبَ على وجهِه حتى أُلقِي في النارِ. ورجُلٌ وسَّع اللهُ عليه وأعطاه مِن أصنافِ المالِ كلِّه، فأتَى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها، قال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: ما ترَكتُ مِن سبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنفَقَ فيها إلَّا أنفَقتُ فيها لكَ، قال: كذَبتَ، ولكنَّكَ فعَلتَ لِيُقالَ هو جَوَادٌ، فقد قيل، ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه، ثم أُلقِي في النارِ».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *