المستقبل يؤذن بشروق شمس الخلافة على العالم
2011/08/12م
المقالات
1,771 زيارة
المستقبل يؤذن بشروق شمس الخلافة على العالم
أبو محمود الشامي
إن العالم اليوم يعيش في ظلام دامس، وظلم وشر عالمي سيطر على الأرض كلها بسبب الحضارة الرأسمالية الفاسدة المفسدة، أي طراز العيش الغربي النفعي المادي الأناني الظالم الذي يفصل الدين عن الحياة، ويسبب سيطرة الدول الرأسمالية الظالمة الشريرة على شعوب الأرض.
إن الرأسمالية الغريزية الحيوانية دمرت البشرية فكريًا وشعوريًا وعمليًا، وبسببها أفسد الإنسان والجو والبر والبحر، حتى أضحى الإنسان في الكرة الأرضية يعيش في بؤس وشقاء وقلق واضطراب ومشاكل يأخذ بعضها برقاب بعض. فأما الدول الرأسمالية التي تقوم على فكرة الرأسمالية الفاسدة المفسدة والتي تستغل كل شيء لصالح الرأسماليين ولصالح الدول الرأسمالية فتقع في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وتساندها فرنسا وبريطانيا وروسيا، أما الدول الأخرى فهي إما تابعة لهذه الدول أو عاجزة عن مص الدماء واستغلال الشعوب كما تفعل الدول الاستعمارية والطامعة.
إن شعوب الأرض تكابد وتعاني وتتألم من ظلم وظلام الرأسمالية والدول الرأسمالية الظالمة الطاغية، وهي تريد التحرر من هذه السيطرة الغاشمة لأنها تريد السعادة والهناء والطمأنينة وطراز العيش الكريم والأمن والأمان والعدل، وتريد الصلاح والخير والهدى والنور والنهضة الصحيحة، فالعالم كله بحاجة ماسة وصلت حد الجوع الملح للتخلص من الرأسمالية ومن دول الظلم والطغيان. فالرأسمالية بكل ما تفرع عنها من أفكار هي أفكار فاسدة ضالة مضلة كالديمقراطية والحرية الغربية والوطنية والقومية والمعارضة وحقوق الإنسان وما شاكل ذلك من الأفكار التي تصدر عن الدول الرأسمالية ومؤسساتها التابعة لها، وقد ظهر فسادها وبان عوارها وأضحت رائحتها النتنة تزكم الأنوف، والشعوب في العالم كله تبحث عن حضارة جديدة وطراز عيش للحياة يؤمن السعادة والطمأنينة والعدل والنهضة الصحيحة للإنسان، حضارة إنسانية عالمية خالدة بخلود الإنسان. حضارة تملأ العقل قناعةً والقلب طمأنينة وتعالج مشاكل الحياة معالجة صحيحة ولها طريقة مستقيمة تجسد العلاج عمليًا. حضارة فيها القيم المادية والإنسانية والروحية والخلقية. حضارة فيها الهدى والنور وتسودها المفاهيم الصادقة عن الحياة وما قبل الحياة وما بعدها، حضارة تصلح الإنسان والكون والحياة، ولا شك أن هذه الحضارة التي ينتظرها العالم بفارغ الصبر هي الحضارة الإسلامية التي سادت العالم وجلبت له الخير والسعادة والطمأنينة.
إن حقائق التاريخ تشهد بعدل الإسلام وصدق مفاهيمه وأنه الحق من عند الحق سبحانه، وأنه جلب الخير العميم للعالم، حضارة ومدنية، ثقافة وعلمًا، والحقائق الواقعية تشهد بصحة المبدأ الإسلامي
وإن أفكاره ومفاهيمه فيها الهدى والنور والعدل والخير والسعادة والقوة والمعالجة الصحيحة والطريقة المستقيمة للسير في هذه الحياة وخوض معتركها على بصيرة وهدى.
وحقائق التاريخ وحقائق الواقع تشهد بظلم الرأسمالية وكذب مفاهيمها وخداعها وتضليلها وأنها جلبت الشر على شعوب الأرض، وإنها تجعل الإنسان يسير في متاهات ودوامات من المشاكل وتضلله، وأنها لا تعرف إلا الاستغلال ومص دماء الشعوب حتى ضاقت الأرض وأهلها بها، وأضحى الإنسان يعيش في كابوسها وشبحها، وهو يريد التخلص منها بأسرع وقت ممكن، ولكن بعض شعوب الأرض لا تعرف سبيل الخلاص وطريق النجاة، وهي تدرك كما يدرك غيرها من الشعوب في العالم أن الرأسمالية تترنح، وأنها مقبلة على السقوط المؤدي بها إلى الفناء، ومن هنا كان الواجب على الأمة الإسلامية إنقاذ العالم من شرور وأمراض الرأسمالية لأن لديها المبدأ الذي يعالج مشاكل العالم وينقذه مما هو مقبل عليه من الهلاك والفناء، وها هي الأمة الإسلامية قد اندفعت وتحركت بثورات ضد الحكام العملاء الخونة الظالمين، وهي تريد أن يكون اتجاه حركتها نحو إقامة الخلافة فعليًا وتوحيد بلاد المسلمين عمليًا في أسرع وقت ممكن لتقوم بواجبها نحو العالم، فتقوده قيادة فكرية تتبعها قيادة عملية ليعم الإسلام وخيره الكرة الأرضية.
إن الرأسمالية قد خسرت حرب الأفكار مع الإسلام، ولن تصمد بإذن الله أمام الإسلام حين يكون حيًا في دولته، وما هي إلا جولة واحدة وبزمن قياسي حتى تسقط سقوطًا مذهلاً وكأن ما سيحصل من سقوطها وسرعته في عالم الخيال. يقول الله سبحانه وتعالى: ]بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ[.
والرأسمالية ودولها ستخسر بإذن الله الحرب المادية مع الإسلام وأمته ودولته. فالدولة الإسلامية تريد حكم الله وتريد الخلافة ووحدة الأمة وإنقاذ البشرية مما هي فيه، وعندها الاستعداد لمقاتلة الأحمر والأسود من الناس من أجل ذلك، وقد تجسد لديها الإحساس الفكري بمفاهيم الإسلام، وها هي تشاهد ضعف الرأسمالية وهشاشتها وأزماتها المتلاحقة التي أوشكت أن تطيح بها لولا مكرها وخبثها وحركتها الالتفافية، وتشاهد ضعف الرأسمالية في حربها مع جماعات إسلامية كما في أفغانستان والعراق وغيرها من بلاد الإسلام، وهي تدرك قوة الإسلام في الصراع كما أدرك ذلك الغرب الكافر، وتلمس هشاشة وضعف الدول العميلة في العالم الإسلامي وأنها دول كرتونية، وتدرك أن ما لديها من القوى والإمكانات والقدرات يؤهلها لقيادة العالم والتغلب على القوى المعادية مهما كانت ومهما كان وضع الصراع، وأن ما يجري من محاولات التفافية للخداع والتضليل والاحتواء لحركة الأمة هي محاولات فاشلة، وأن الزعم بأن حركة الأمة تسير باتجاه الديمقراطية والحرية الغربية ما هو إلا وهم وخيال في رؤوس دول الظلم والطغيان وإعلامهم المضلل المخادع. فالأمة واعية على ما تريد وعلى الطريق الموصل للغاية، فثورة الأمة تسير باتجاه إقامة الخلافة ووحدة الأمة بسرعة، فيجب أن تنصب الجهود وتوضع المخططات موضع التنفيذ من أجل إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فعليًا وعلى وحدة الأمة عمليًا بأسرع وقت ممكن، وعدم التلهي بالفئات المضبوعة أو الظلامية أو غيرها، فهي أضعف من أن تصمد أمام إعلان الخلافة، فيجب دفع الأمة الإسلامية باتجاه أهل القوة والمنعة للتحرك السريع نحو إقامة الخلافة ووحدة كيانها لتشمل العالم الإسلامي، فالوقت من ذهب بل أغلى من الذهب، والفرصة متاحة للأمة الإسلامية أن تزمجر فيخر الجبابرة مطأطئين.
فالواقع المرير والأليم الذي تعيشه الأمة والعالم لا علاج له إلا بإقامة الخلافة، فهي الطريق لتطبيق الإسلام وحمل دعوته للعالم، وهي سبيل إنقاذ الأمة والعالم، وهي التي تقضي على نفوذ وسيطرة الغرب، وتجتث الاستعمار بجميع أشكاله وأساليبه وأدواته الماكرة من جذوره، وتحرر بلاد المسلمين المغتصبة، وترفع مكانة الأمة بين الأمم والشعوب وتجعلها نموذجًا يحتذى به للتخلص من ربقة الاستعمار والنهوض نهضة صحيحة.
فالنظرة إلى العالم من زاوية العقيدة الإسلامية نظرة مستقبلية تشير بكل وضوح إلى الإيمان بإقامة الخلافة ووحدة الأمة وتحرير ما اغتصب من بلاد المسلمين وسيادة الإسلام على العالم كله، وانتصار الإسلام وأمته ودولته على الرأسمالية ودولها، وأن الخلافة التي ستسود العالم هي خلافة على منهاج النبوة
يرضى عنها ساكن السماء وساكن الأرض، وأن الأرض في ظلالها ستملأ عدلاً ونورًا كما ملئت ظلمًا وظلامًا، وأن الكنوز والخيرات والبركات ستملأ العالم بفضل الله سبحانه على أهل الأرض بإنزال البركات والخيرات عليهم من السماء وإخراجها من الأرض، كل ذلك بفضل تطبيق الإسلام وحمل دعوته إلى العالم بإحسان.
قال تعالى: ]وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ[.
وقال سبحانه: ]وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ[.
وقال: ]يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ[.
ويقول صلوات الله وسلامه عليه: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةٍ». ثُمَّ سَكَتَ أخرجه أحمد.
وقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اَللَّهَ زَوَى لِي اَلْأَرْضَ, فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا, وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» رواه مسلم.
وقال عليه الصلاة وأتم التسليم: «لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ» مسند أحمد.
وقال عليه الصلاة والسلام: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ، إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ» أخرجه مسلم والبخاري وغيرهما.
وغير ذلك من النصوص التي تبشر بفتح روما والانتصار على الروم ونحوها التي تدل على حقيقة سيادة الإسلام على الأرض جميعها.
والنظرة إلى العالم من زاوية واقعية عالمية تشير بكل وضوح إلى أن المستقبل للإسلام ودولته، وأنه الحضارة الإنسانية الوحيدة الصالحة لقيادة العالم عن طريق الخلافة، وهي قادمة بإذن الله تعالى في وقت قريب إن شاء الله، والعالم كله بانتظارها مسلمين وغير مسلمين لتنهض بواجبها في تخليص العالم من الحضارة الرأسمالية ومن الدول التي تقوم عليها، وإن هذه الحضارة تتهاوى، وأن الدول التي تقوم على هذه الحضارة ستسقط بسقوطها وستتغير طبيعة وأشكال الدول، وأن الحقائق التاريخية والفكرية وواقع الحال لكل من الإسلام والرأسمالية وللأمة وللشعوب تشير بكل وضوح إلى أن المستقبل للإسلام وأمته ودولته، وأنه القادر على قيادة العالم قيادة حكيمة، وأنه قوة لا تغلب، وأن الأمة بمجموعها قوة لا تغلب، وأن الإسلام قوة يتجاوز أثرها رؤية البصر والبصيرة، وأنه قادر على مواجهة أي فكر والتغلب عليه بسهولة ويسر، وأن الرأسمالية واهية، وأن الدول الرأسمالية بيتها أوهى من بيت العنكبوت، فعلى الأمة الإسلامية أن تبادر مع حزب التحرير بإقامة الخلافة وتسرع في ذلك دون تردد ودون وجل، فهي تملك من القوى ما يؤهلها لفتح العالم.
قال تعالى:
]إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ[.
2011-08-12