العدد 326 -

السنة الثامنة والعشرون ربيع الأول 1435هـ – كانون الثاني 2014م

الخلافة هي نظام الحكم في الإسلام ولا عبرة فيما سواها

الخلافة هي نظام الحكم في الإسلام ولا عبرة فيما سواها

مع هبوب رياح التغيير في المنطقة، كثر الحديث عن النظام السياسي الذي يجب اعتماده في بلادنا. وبما أن الشريحة الواسعة من سكان هذه البلاد هم من المسلمين، فإن نجاح عملية التغيير فيها منوط بإقامة النموذج الإسلامي في الحكم، أي ببناء دولة الأمة والشريعة والرسالة، دولة الخلافة الراشدة على أنقاض الأنظمة القبيحة المتعفنة. فدولة الخلافة تتمايز عن غيرها من أنظمة الحكم المعروفة تمايزاً نوعياً شكلاً ومضموناً، سواء في كيفية تنظيم علاقات الأفراد والمجتمع والدولة ببعضهم البعض أم في علاقات الدولة بغيرها من الدول، تأسياً بالنموذج الذي أقامه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في دولة الإسلام الأولى، بوصف ما طبقه في هذا المجال أحكاماً شرعية تفصيلية مبينة لطريقة الإسلام في الحكم. وبالوقوف عند معالم هذا النموذج نجد:

– إنّ الخلافة ليست دولة إمبراطورية ولا ملكية ولا قومية ولا قبلية، إذ يسوي الإسلام بين الناس في رعاية شؤونهم، فلا يميز جنساً أو قوماً أو قبيلة على أخرى، ولا يجيز الاستئثار بثروات البلاد لصالح منطقة أو قوم أو قبيلة ما وإهمال غيرها، كذلك يخضع الخليفة لأحكام الشرع تماماً كسواه من المحكومين، ولا يحق له وراثة الحكم ولا توريثه لغيره.

– إنّ الخلافة ليست دولة ديمقراطية أو جمهورية، حيث إن السيادة لأحكام الإسلام وقيمه ومقدساته، ولا قيمة لأي استفتاء أو رأي يخالف أي حكم شرعي مهما بلغ عدد الجماهير المصوتة عليه أو المتعاطفة معه، ويقتصر دور الشعب على اختيار الخليفة ومحاسبته على أي تقصير أو انحراف عن تطبيق الشرع أو عدم رعاية مصالح الأمة بالشكل المناسب.

– إنّ الخلافة ليست دولة دينية لاهوتية، فالإسلام لا يضفي قداسة على الحاكم (الخليفة أو غيره من الولاة والأمراء)، فهو لا ينطق باسم الله ولا يمثل ظله على الأرض، إنما هو وكيل عن الأمة في تطبيق الإسلام ورعاية شؤونها بمقتضى مصالحها بحسب أحكام الشرع، وهو بشر يصيب ويخطئ، يُؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر ويُحاسَب على تقصيره، ويُخلَع إذا خان الأمانة أو فقد الأهلية أو أخل بشروط انعقاد البيعة له.

– إنّ الخلافة ليست دولة مدنية، إذ أن الدولة المدنية تنأى بنفسها عن هوية الأمة ومرجعية العقيدة والرسالة وأحكام الشريعة، بذريعة أنها تمثل الدولة الحديثة التي تمتاز بأنها كيان تنفيذي حيادي يرعى مصالح الناس بعيداً عن أية مقدسات، وفي هذا مغالطة بالغة، فكل دولة لها هوية وتخضع لمرجعية، إما أن تكون الإسلام أو غيره. وتقوم الدولة الإسلامية كأية دولة أخرى باعتماد أي من الأمور الفنية والإدارية المباحة التي تضمن يسر وفاعلية أداء أجهزتها في تنفيذ مهامها، بعيداً عن علمنة الدولة وإقصاء الدين عنها تحت مسمى الدولة المدنية.

– إنّ الخلافة هي نظام الحكم في الإسلام، وتقوم على أساس وحدة الدولة ووحدة الأمة واختيار خليفة واحد عليها بالشروط الشرعية المعتبرة، ترضاه الأمة وتبايعه حاكماً عليها بالكتاب والسنة وما أرشدا إليه من أحكام. وترعى دولة الخلافة كل من يحمل تابعيتها رعاية حقة بشكل لائق بحسب أحكام الشرع، بغض النظر عن عرقه أو لونه أو دينه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *