(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً)
1993/04/24م
المقالات
1,358 زيارة
أقام الرسول e الدولة الإسلامية في المدينة المنورة وبدأ يجهز الجيوش لإخراج الشعوب من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام. وسار على ذات الطريق من بعده الخلفاء الراشدون وكذلك الخلفاء من بعدهم حتى ظهر نور الإسلام على ظلمات الكفر. وصارت الدولة الإسلامية هي الدولة الأولى في العالم طيلة ثلاثة عشر قرنا. وتحكم من الصين شرقاً إلى الأطلسي غرباً ومن فينّا شمالاً إلى أواسط إفريقيا جنوباً.
إلّا أن المسلمين تركوا سبب عزهم وهو الإسلام حتى استطاع الكافر المستعمر القضاء على الخلافة في أوائل هذا القرن. وأقام على أنقاضها ما يزيد على أربعين دويلة، الولاءُ فيها للقوميات والوطنيات وليس للإسلام، وأقام عليها حكاما تابعين له يطبقون أنظمته الكافرة ويبذلون كل جهد في إبقاء التجزئة والتقسيم لهذه الأمة.
والآن وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي راحت أمريكا تثير الصراعات العرقية والقومية والحدودية بين الدول العالم كي تستنزف ثروتها وقوتها، وتبقى أمريكا متفردة في قيادة العالم، وقد ظهرتّ المشاكل الحدودية بشكل بارز في جميع دويلات الخليج العربي وبين مصر والسودان بعد انتهاء حرب الخليج. ونحن نعلم أن هذه المناطق وللأسف ساحة صراع ليس بين المسلمين وزعيمة الكفر أمريكا بل بين أمريكا وأوروبا ممثلة في بريطانيا صاحبة النفوذ القديم في الخليج. ولست بصد بحث هذا الصراع من ناحية سياسية. ولكن لا بد من أن يعي المسلمون الحكم الشرعي في تلك الصراعات الناشبة الآن بين المسلمين والتي وصلت إلى حد صدامات مسلحة يراق فيها الدم المسلم. ومن المعلوم أن هذه الدويلات القائمة في بلاد المسلمين ليست دولاً إسلامية. وذلك لأنها لا تطبق الإسلام، وأمان أهلها ليس بأمان المسلمين. إذ أن الدار حتى تعتبر دار إسلام لا بد من أن تحكم بالإسلام وأن يكون أمان أهلها بأمان المسلمين. وهذان الشرطان لا يتوفران في أي من هذه الدويلات، رغم ادعاء بعضها – زوراً وبهتاناً – أنها دول إسلامية. إذ أن الصحوة الإسلامية التي نراها الآن الحمد لله في جميع بلاد المسلمين أخذت تنذر باقتلاع عروش الحكام المتربعين على أنفاس الأمة، فأخذوا بتدعيم عروشهم عن طريق تطبيقٍ لبعض الحدود أو إظهارٍ لبعض علماء السلاطين وإعطائهم بعض المناصب. وادعاءاتُهم هذه لا تجعلهم دولاً إسلامية حتى لو أصبح كل وزرائهم من علماء السلاطين.
ولو كانت هناك دولة إسلامية لوجب على كل مسلم قادر على الهجرة ولم يتمكن من إظهار دينه ولا القيام بأحكام الإسلام المطلوبة منه أن يهجر دار الكفر التي يعيش فيها إلى تلك الدولة الإسلامية لقوله تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا( [الآية: 97/النساء].
والأصل في البلاد الإسلامية والشعوب الإسلامية أن تكون تحت قيادة خليفة واحد وعَلَمٍ واحد. يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان». لذلك وجب على المسلمين بدل أن ينجروا وراء حكامهم في نزاعات لا تخدم إلاّ مصالح دول الكفر أن يعملوا لتوحيد بلادهم في دولة واحدة تحت راية واحدة. فمنطقة حلايب سواء كانت جزءً من مصر أو السودان، وسواء كانت من قطر أو البحرين فكلها بلاد إسلامية ولا بد من عودة نور الحكم بالإسلام إلى هذه الدنيا ولا بد من زوال ظلمات الكفر وما ذلك على الله بعزيز□
علي محمد أبو قدوم
عمّان
1993-04-24